العدد : ١٧٠٤٥ - الجمعة ٢٢ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٠ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٥ - الجمعة ٢٢ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٠ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

عالم يتغير

فوزية رشيد

أزمة الديمقراطية وحكومات الظل!

{‭ ‬من‭ ‬أمريكا‭ ‬إلى‭ ‬فرنسا‭ ‬إلى‭ ‬بريطانيا‭ ‬إلى‭ ‬إيران،‭ ‬يتناوب‭ ‬الإعلام‭ ‬شرقا‭ ‬وغربا،‭ ‬مآلات‭ ‬الانتخابات‭ ‬في‭ ‬تلك‭ ‬الدول‭ ‬وفي‭ ‬وقت‭ ‬متزامن‭ ‬ما‭ ‬بين‭ ‬صيف‭ ‬يونيو‭ ‬وشتاء‭ ‬نوفمبر‭ ‬المقبل‭ ‬في‭ ‬أمريكا‭! ‬لتكون‭ ‬الحصيلة‭ ‬وكأن‭ ‬سراب‭ ‬الديمقراطية‭ ‬يطل‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬مكان،‭ ‬لأنها‭ ‬في‭ ‬الواقع‭ ‬تنتج‭ ‬أزمات‭ ‬مختلفة‭ ‬رغم‭ ‬أن‭ ‬البعض‭ ‬لا‭ ‬يزال‭ ‬يرى‭ ‬أنها‭ ‬النمط‭ ‬الأنجح‭ ‬للحكم‭! ‬ففي‭ ‬أمريكا‭ ‬ما‭ ‬بين‭ ‬الديمقراطيين‭ ‬والجمهوريين‭ ‬يبدي‭ ‬الشعب‭ ‬الأمريكي‭ ‬قلقه‭ ‬على‭ ‬مستقبل‭ ‬البلاد،‭ ‬إن‭ ‬وقعت‭ ‬مجددا‭ ‬في‭ ‬يد‭ ‬بايدن‭ ‬الذي‭ ‬ترفضه‭ ‬الغالبية‭ ‬الشعبية‭ ‬حاليا،‭ ‬بعد‭ ‬مناظرته‭ ‬مع‭ ‬منافسه‭ ‬ترامب‭ ‬وأدائه‭ ‬الكارثي‭ ‬في‭ ‬تلك‭ ‬المناظرة‭! ‬فيما‭ ‬أيضا‭ ‬يرفض‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬نصف‭ ‬الشعب‭ ‬ترامب‭ ‬لأسباب‭ ‬مختلفة‭! ‬والنتيجة‭ ‬أن‭ ‬يعود‭ ‬الجميع‭ ‬إلى‭ ‬ترك‭ ‬الأمر‭ ‬في‭ ‬يد‭ ‬عائلة‭ ‬بايدن‭ ‬التي‭ ‬لجأ‭ ‬إليها‭ ‬بنفسه‭ ‬لتقرر‭ ‬بقاءه‭ ‬أو‭ ‬انسحابه‭ ‬من‭ ‬الانتخابات‭ ‬الرئاسية‭ ‬القادمة‭! ‬لتصعد‭ ‬توقعات‭ ‬ليلى‭ ‬عبداللطيف‭ ‬إلى‭ ‬الواجهة‭! ‬بأن‭ ‬الرئيس‭ ‬القادم‭ ‬ليس‭ ‬بايدن‭ ‬وليس‭ ‬ترامب‭ ‬إنما‭ ‬من‭ ‬سيحكم‭ ‬البيت‭ ‬الأبيض‭ ‬هي‭ ‬امرأة‭! ‬فهل‭ ‬هي‭ ‬كاميلا‭ ‬هاريس؟‭! ‬لا‭ ‬يهم،‭ ‬وكما‭ ‬نعرف‭ ‬فإن‭ ‬حكام‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬هم‭ ‬النخبة‭ ‬في‭ ‬الدولة‭ ‬العميقة‭ ‬أو‭ ‬في‭ ‬حكومة‭ ‬الظل‭ ‬الداخلية‭! ‬وهكذا‭ ‬تتبدى‭ ‬الديمقراطية‭ ‬الأمريكية‭ ‬عن‭ ‬ديكور‭ ‬انتخابي‭ ‬شكلي،‭ ‬فيما‭ ‬الجوهر‭ ‬تحركه‭ ‬النخبة‭ ‬الخفية‭!‬

{‭ ‬من‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬نرتحل‭ ‬إلى‭ ‬الانتخابات‭ ‬التشريعية‭ ‬في‭ ‬فرنسا‭ ‬يوم‭ ‬الأحد‭ ‬الماضي،‭ ‬والتي‭ ‬جاءت‭ ‬نتائج‭ ‬دورتها‭ ‬الأولى‭ ‬بتصدر‭ ‬اليمين‭ ‬المتطرف‭ ‬متقدما‭ ‬على‭ ‬اليسار‭ ‬وعلى‭ ‬تكتل‭ ‬الرئيس‭ ‬ماكرون‭ ‬وشارك‭ ‬فيها‭ ‬ما‭ ‬يقارب‭ ‬الـ70%‭ ‬من‭ ‬الناخبين،‭ ‬وهي‭ ‬المشاركة‭ ‬الشعبية‭ ‬الأكثر‭ ‬كثافة‭ ‬منذ‭ ‬الثمانينيات‭ ‬بسبب‭ ‬القلق‭ ‬الشعبي‭ ‬في‭ ‬تيار‭ ‬اليسار‭ ‬من‭ ‬صعود‭ ‬اليمين‭ ‬المتطرف‭! ‬والقلق‭ ‬الأكبر‭ ‬لدى‭ ‬الجاليات‭ ‬والمهاجرين‭ ‬إلى‭ ‬فرنسا،‭ ‬الذين‭ ‬يعيشون‭ ‬أزمة‭ ‬داخلية‭ ‬إن‭ ‬حقق‭ ‬اليمين‭ ‬المتطرف‭ ‬تهديداته‭ ‬بما‭ ‬يخص‭ ‬الهجرة‭ ‬وغيرها‭! ‬وما‭ ‬بين‭ ‬يسار‭ ‬ويمين‭ ‬فإن‭ ‬الديمقراطية‭ ‬في‭ ‬فرنسا‭ ‬في‭ ‬نمطها‭ ‬الجمهوري‭ ‬لا‭ ‬تستقر‭ ‬بدورها‭ ‬في‭ ‬الحكم‭! ‬فكل‭ ‬عدة‭ ‬سنوات‭ ‬بالإمكان‭ ‬أن‭ ‬تتغير‭ ‬الواجهة‭ ‬النيابية‭ ‬ومعها‭ ‬الواجهة‭ ‬الرئاسية‭ ‬رغم‭ ‬النمط‭ ‬المؤسساتي‭ ‬الذي‭ ‬يدبر‭ ‬دفة‭ ‬البلاد،‭ ‬ولكنه‭ ‬بدوره‭ ‬خاضع‭ ‬لتغيّر‭ ‬الواجهات‭ ‬التشريعية‭ ‬والتنفيذية‭ ‬بين‭ ‬فترة‭ ‬وأخرى‭! ‬

{‭ ‬وفوز‭ ‬اليمين‭ ‬المتطرف‭ ‬في‭ ‬فرنسا‭ ‬على‭ ‬خلفية‭ ‬فوز‭ ‬اليمين‭ ‬المتطرف‭ ‬في‭ ‬الانتخابات‭ ‬الأوروبية،‭ ‬ينبئ‭ ‬بدوره‭ ‬عن‭ ‬التخوف‭ ‬الشعبي‭ ‬اليساري‭ ‬من‭ ‬نتائج‭ ‬الانتخابات‭ ‬القريبة‭ ‬في‭ ‬بريطانيا‭! ‬وأن‭ ‬يصعد‭ ‬اليمين‭ ‬المتطرف‭ ‬هذا‭ ‬إلى‭ ‬الواجهة،‭ ‬كما‭ ‬حدث‭ ‬سابقا‭ ‬في‭ ‬إيطاليا‭ ‬والآن‭ ‬في‭ ‬فرنسا‭ ‬ثم‭ ‬في‭ ‬دول‭ ‬أوروبية‭ ‬أخرى،‭ ‬ليكون‭ ‬الملمح‭ ‬العام‭ ‬للغرب‭ ‬بعدها‭ ‬هو‭ ‬التطرف‭ ‬اليميني‭ ‬بتأثيراته‭ ‬المختلفة‭ ‬داخليا‭ ‬وخارجيا‭! ‬ولتتحول‭ ‬الجمهوريات‭ ‬الأوروبية‭ ‬إلى‭ ‬وعاء‭ ‬ديمقراطي‭ ‬يحتضن‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬أي‭ ‬وقت‭ ‬مضى‭ ‬اليمين‭ ‬وتطرفه‭ ‬وتأثيراته‭ ‬المتداخلة‭ ‬بين‭ ‬الفكر‭ ‬والفلسفة‭ ‬اليمينية‭! ‬والتخلي‭ ‬أكثر‭ ‬فأكثر‭ ‬عن‭ ‬استقرار‭ ‬النسيج‭ ‬الاجتماعي‭ ‬الذي‭ ‬يحوي‭ ‬في‭ ‬داخله‭ ‬جاليات‭ ‬ومهاجرين‭ ‬ومتطلعين‭ ‬إلى‭ ‬الجنسية‭!‬

{‭ ‬من‭ ‬جانب‭ ‬آخر‭ ‬وعلى‭ ‬الضفة‭ ‬الشرقية‭ ‬من‭ ‬العالم،‭ ‬كانت‭ ‬إيران‭ ‬وما‭ ‬تسميه‭ ‬بالديمقراطية‭ ‬الدينية‭ ‬على‭ ‬محك‭ ‬الكيفية‭ ‬في‭ ‬التلاعب‭ ‬بالواجهة‭ ‬الديمقراطية‭! ‬في‭ ‬حين‭ ‬أن‭ ‬زمام‭ ‬الأمور‭ ‬كما‭ ‬يعرف‭ ‬الجميع‭ ‬هي‭ ‬في‭ ‬جوهرها‭ ‬في‭ ‬يد‭ ‬المرشد‭ ‬الأعلى‭ ‬والحرس‭ ‬الثوري‭ ‬وبكامل‭ ‬العدة‭ ‬الثيوقراطية‭ ‬وأطماع‭ ‬إيران‭ ‬التوسعية‭ ‬إقليميا‭! ‬أي‭ ‬أن‭ ‬حكومة‭ ‬الظل‭ ‬الداخلية‭ ‬وهنا‭ ‬المعلنة‭ ‬وليست‭ ‬الخفية‭! ‬هي‭ ‬من‭ ‬تقود‭ ‬الحكم‭ ‬رغم‭ ‬كل‭ ‬المؤسسات‭ ‬الموجودة،‭ ‬والتي‭ ‬يراها‭ ‬كثيرون‭ ‬مجرد‭ ‬ديكورات‭ ‬ديمقراطية،‭ ‬لذر‭ ‬الرماد‭ ‬في‭ ‬العيون‭! ‬وربما‭ ‬لهذا‭ ‬السبب‭ ‬حفلت‭ ‬انتخابات‭ ‬الرئاسة‭ ‬في‭ ‬إيران‭ ‬بمقاطعة‭ ‬واسعة،‭ ‬ولتكون‭ ‬نتيجتها‭ ‬جولة‭ ‬ثانية‭ ‬بين‭ ‬الإصلاحي‭ (‬بزشكيان‭) ‬والمتشدد‭ (‬جليلي‭) ‬الجمعة‭ ‬القادمة،‭ ‬فالشعب‭ ‬الذي‭ ‬قام‭ ‬بعدة‭ ‬انتفاضات‭ ‬لتغيير‭ ‬جذري‭ ‬في‭ ‬نمط‭ ‬الحكم‭ ‬وسياساته‭ ‬الداخلية‭ ‬والخارجية‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬متحمسا‭ ‬رغم‭ ‬دعوات‭ ‬خامنئي‭ ‬بالمشاركة‭ ‬الكثيفة،‭ ‬فجاءت‭ ‬المشاركة‭ ‬لتكون‭ ‬هي‭ ‬الأضعف‭ ‬منذ‭ ‬ثورة‭ ‬عام‭ ‬1979‭ ‬التي‭ ‬جرت‭ ‬فيها‭ ‬14‭ ‬انتخابات‭ ‬رئاسية،‭ ‬حيث‭ ‬أدرك‭ ‬الشعب‭ ‬الإيراني‭ ‬من‭ ‬خلالها‭ ‬أن‭ ‬لا‭ ‬شيء‭ ‬يتغير‭ ‬إلا‭ ‬الديكورات‭ ‬الديمقراطية،‭ ‬ولكأن‭ ‬الجميع‭ ‬يتشابهون‭ ‬في‭ ‬النهاية،‭ ‬وإن‭ ‬اختلفت‭ ‬مسمياتهم‭ ‬بين‭ ‬إصلاحيين‭ ‬أو‭ ‬متشددين‭! ‬فمن‭ ‬يمسك‭ ‬الحبال‭ ‬ويؤرجح‭ ‬عليها‭ ‬الجميع‭ ‬هو‭ ‬المرشد‭ ‬الأعلى‭ ‬الثابت‭ ‬على‭ ‬كرسي‭ ‬الحكم‭ ‬حتى‭ ‬الآن‭ ‬بعد‭ ‬رحيل‭ ‬الخميني‭! ‬وبها‭ ‬تضيع‭ ‬الهيبة‭ ‬الديمقراطية‭ ‬المدعاة‭ ‬ومعها‭ ‬يضيع‭ ‬الأمل‭ ‬في‭ ‬التغيير‭ ‬الجذري‭!‬

إقرأ أيضا لـ"فوزية رشيد"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا