العدد : ١٦٩٧٠ - الأحد ٠٨ سبتمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٠٥ ربيع الأول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٦٩٧٠ - الأحد ٠٨ سبتمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٠٥ ربيع الأول ١٤٤٦هـ

عالم يتغير

فوزية رشيد

هل تتغير الرؤية الأمريكية بتغير رؤسائها؟!

{‭ ‬المناظرة‭ ‬بين‭ ‬بايدن‭ ‬وترامب‭ ‬الخميس‭ ‬الماضي‭ ‬حظيت‭ ‬باهتمام‭ ‬دولي،‭ ‬بل‭ ‬ببحث‭ ‬كبير‭ ‬على‭ ‬وسائل‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي‭ ‬رغم‭ ‬أن‭ ‬أي‭ ‬رئيس‭ ‬أمريكي‭ ‬هو‭ ‬في‭ ‬النهاية‭ ‬أداة‭ ‬تنفيذية‭ ‬لرؤية‭ ‬أصحاب‭ ‬القرار،‭ ‬أو‭ ‬النخبة‭ ‬التي‭ ‬تتحكم‭ ‬برؤاها‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬الرؤساء‭ ‬الأمريكيين‭! ‬وإن‭ ‬اختلفت‭ ‬اللمسة‭ ‬الشخصية‭ ‬في‭ ‬التنفيذ‭ ‬لأحدهم‭ ‬عن‭ ‬الآخر‭!‬

بل‭ ‬إن‭ ‬المناظرة‭ ‬التي‭ ‬استغرقت‭ ‬90‭ ‬دقيقة‭ ‬وتم‭ ‬بثها‭ ‬على‭ ‬محطة‭ ‬الـ‭(‬C‭.‬N‭.‬N‭) ‬الأمريكية‭ ‬وعنها‭ ‬إلى‭ ‬كل‭ ‬محطات‭ ‬وقنوات‭ ‬العالم‭ ‬بحسب‭ ‬درجة‭ ‬الاهتمام‭ ‬وكان‭ ‬الإعلام‭ ‬العربي‭ ‬من‭ ‬المهتمين‭ ‬بالمناظرة‭ ‬كثيرا‭ ‬إلا‭ ‬أنها‭ ‬حفلت‭ ‬بدورها‭ ‬بمن‭ ‬رجح‭ ‬تفوق‭ ‬ترامب‭ ‬على‭ ‬بايدن‭ ‬وقد‭ ‬حصل‭ ‬على‭ ‬67%‭ ‬من‭ ‬أصوات‭ ‬استفتاء‭ ‬القناة‭ ‬الأمريكية‭ ‬ذاتها‭.‬

{‭ ‬ورغم‭ ‬ذلك‭ ‬فإن‭ ‬الرئيسين‭ ‬بما‭ ‬يهم‭ ‬القضايا‭ ‬الإقليمية‭ ‬والعربية‭ ‬والدولية‭ ‬بدا‭ ‬كل‭ ‬منهما‭ ‬يتنافس‭ ‬على‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬التشدد‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬القضايا‭ ‬والتخفيف‭ ‬منه‭ ‬في‭ ‬قضايا‭ ‬أخرى،‭ ‬ومن‭ ‬الـ90‭ ‬دقيقة‭ ‬تم‭ ‬تخصيص‭ ‬4‭ ‬دقائق‭ ‬لغزة‭! ‬وبايدن‭ ‬أيد‭ ‬القضاء‭ ‬على‭ ‬حماس‭ ‬مع‭ ‬عدم‭ ‬استخدام‭ ‬الأسلحة‭ ‬الفتاكة‭ ‬في‭ ‬الأماكن‭ ‬الآهلة‭ ‬بالسكان‭! ‬وغير‭ ‬مفهوم‭ ‬بعد‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬قام‭ ‬به‭ ‬الكيان‭ ‬ما‭ ‬المقصود‭ ‬بذلك‭ ‬والأسلحة‭ ‬هي‭ ‬أمريكية‭ ‬في‭ ‬النهاية،‭ ‬والمجازر‭ ‬وحرب‭ ‬الإبادة‭ ‬تمت‭ ‬من‭ ‬خلالها؟‭! ‬بينما‭ ‬ترامب‭ ‬اعتبر‭ ‬كلام‭ ‬بايدن‭ ‬أنه‭ ‬يجعله‭ ‬فلسطينيا‭ ‬ولكنه‭ ‬سيء‭! ‬ومن‭ ‬حق‭ ‬الكيان‭ (‬أن‭ ‬يقوم‭ ‬بكل‭ ‬ما‭ ‬يريده‭ ‬حتى‭ ‬يحقق‭ ‬القضاء‭ ‬على‭ ‬حماس‭)! ‬فهل‭ ‬هناك‭ ‬من‭ ‬فرق‭ ‬بين‭ ‬الاثنين؟‭! ‬أم‭ ‬أنهما‭ ‬بشكل‭ ‬عام‭ ‬هما‭ ‬في‭ ‬النهاية‭ ‬وجهان‭ ‬لعملة‭ ‬واحدة‭ ‬بما‭ ‬يخص‭ ‬أهم‭ ‬قضية‭ ‬عربية‭ ‬حاليا‭ ‬وهي‭ ‬قضية‭ ‬غزة‭ ‬وفلسطين؟‭! ‬وهذا‭ ‬هو‭ ‬الأصل‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬ألاعيب‭ ‬الرئاسة‭ ‬الأمريكية‭ ‬وانتخاباتها‭ ‬الديمقراطية‭! ‬أنها‭ ‬تأتي‭ ‬برؤساء‭ ‬لابد‭ ‬أن‭ ‬يسيروا‭ ‬في‭ ‬النهاية‭ ‬على‭ ‬طريق‭ ‬استرضاء‭ ‬النخبة‭ ‬الصهيونية‭ ‬والماسونية‭ ‬التي‭ ‬تملك‭ ‬بيدها‭ ‬مفاتيح‭ ‬القرار‭ ‬الاستراتيجي‭ ‬فإن‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬كما‭ ‬تريد‭ ‬تفعل‭ ‬معه‭ ‬ما‭ ‬فعلته‭ ‬مع‭ ‬ترامب‭ ‬نفسه‭ ‬الذي‭ ‬أراد‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬الحقول‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬له‭ ‬بصمة‭ ‬خاصة‭ ‬غير‭ ‬مسموح‭ ‬بها‭ ‬من‭ ‬النخبة‭!‬

{‭ ‬إن‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬التي‭ ‬ورثت‭ ‬الهيمنة‭ ‬من‭ ‬تراجع‭ ‬الإمبراطورية‭ ‬الاستعمارية‭ ‬البريطانية‭ ‬تمادت‭ ‬منذ‭ ‬دخولها‭ ‬ساحة‭ ‬الشطرنج‭ ‬الدولي‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬أشكال‭ ‬الحروب‭ ‬والجرائم‭ ‬والقتل‭ ‬وصناعة‭ ‬الأزمات‭ ‬ليبقى‭ ‬المهم‭ ‬حولها‭ ‬ليس‭ ‬من‭ ‬يجلس‭ ‬على‭ ‬كرسي‭ ‬رئاستها،‭ ‬وإنما‭ ‬إن‭ ‬كان‭ ‬هناك‭ ‬أي‭ ‬تغيير‭ ‬إيجابي‭ ‬في‭ ‬الرؤية‭ ‬لمن‭ ‬يحكمها‭ ‬في‭ ‬الخفاء‭ ‬أو‭ ‬وراء‭ ‬الستار‭ ‬من‭ ‬المعسكر‭ ‬الصناعي‭ ‬العسكري‭ ‬تجاه‭ ‬الكيفية‭ ‬التي‭ ‬يدير‭ ‬بها‭ ‬العالم‭! ‬وفي‭ ‬هذا‭ ‬مثلا‭ ‬غير‭ ‬مسموح‭ ‬للعالم‭ ‬أن‭ ‬ينال‭ ‬قانونيا‭ ‬من‭ ‬الكيان‭ ‬الصهيوني‭ (‬رأس‭ ‬الحربة‭ ‬الاستعمارية‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭) ‬أو‭ ‬أن‭ ‬تنهزم‭ ‬أمام‭ ‬أية‭ ‬مقاومة‭ ‬لاحتلاله‭ ‬الممتد‭ (‬75‭ ‬عاما‭) ‬وعلى‭ ‬المستوى‭ ‬الدولي‭ ‬ليس‭ ‬من‭ ‬حق‭ ‬الدول‭ ‬أو‭ ‬القوى‭ ‬أن‭ ‬تنافس‭ ‬الهيمنة‭ ‬الأمريكية‭ ‬مثل‭ ‬الصين‭ ‬وروسيا‭ ‬وغيرهما‭! ‬وليس‭ ‬من‭ ‬حق‭ ‬العالم‭ ‬أن‭ ‬يشهد‭ ‬تعددية‭ ‬القوى‭ ‬أو‭ ‬القطبية‭ ‬المتعددة‭! ‬ولذلك‭ ‬فلابد‭ ‬لهذا‭ ‬العالم‭ ‬ولهذه‭ ‬القوى‭ ‬أن‭ ‬تدفع‭ ‬ثمن‭ ‬تنافسيتها‭ ‬بالحروب‭ ‬الخطيرة‭ ‬مهما‭ ‬بلغ‭ ‬التراجع‭ ‬الأمريكي‭ ‬في‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬نواحي‭ ‬القوة‭ ‬سواء‭ ‬العسكرية‭ ‬أو‭ ‬الاقتصادية‭ ‬أو‭ ‬الإعلامية‭ ‬أو‭ ‬الأخلاقية‭ ‬أو‭ ‬الإنسانية‭ ‬حتى‭ ‬باتت‭ ‬شعوب‭ ‬العالم‭ ‬في‭ ‬غالبيتها‭ ‬ترى‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬والكيان‭ ‬الصهيوني‭ ‬وبعض‭ ‬القوى‭ ‬الغربية‭ ‬مصدر‭ ‬الشرور‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬العالم‭ ‬المتهافت‭ ‬إنسانيا‭ ‬وأخلاقيا‭ ‬وقيميا‭! ‬والبشرية‭ ‬هي‭ ‬التي‭ ‬تدفع‭ ‬ثمن‭ ‬الحرب‭ ‬الثالثة‭ ‬إن‭ ‬حدثت‭!‬

{‭ ‬جاء‭ ‬ترامب‭ ‬وذهب‭ ‬والآن‭ ‬يريد‭ ‬العودة‭ ‬أو‭ ‬جاء‭ ‬بايدن‭ ‬ورحل‭ ‬وربما‭ ‬سيفوز‭ ‬بالرئاسة‭ ‬في‭ ‬أكتوبر‭ ‬القادم‭ ‬فلا‭ ‬فارق‭ ‬كبير‭ ‬بين‭ ‬من‭ ‬يأتي‭ ‬ومن‭ ‬يرحل‭ ‬لأن‭ ‬مؤسسات‭ ‬الحكم‭ ‬والقرار‭ ‬في‭ ‬الدولة‭ ‬العميقة‭ ‬ليست‭ ‬في‭ ‬يد‭ ‬أي‭ ‬من‭ ‬الذي‭ ‬يأتي‭ ‬بعد‭ ‬رحيل‭ ‬الآخر‭ ‬وإنما‭ ‬السياسات‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬والجوهرية‭ ‬يتم‭ ‬رسمها‭ ‬من‭ ‬النخبة‭ ‬الحاكمة‭ ‬في‭ ‬تلك‭ ‬الدولة‭ ‬العميقة‭ ‬مع‭ ‬ترك‭ ‬بعض‭ ‬المساحات‭ ‬الصغيرة‭ ‬ليضفي‭ ‬أي‭ ‬رئيس‭ ‬أمريكي‭ ‬قادم‭ ‬أو‭ ‬راحل‭ ‬لمسته‭ ‬الخاصة‭ ‬في‭ ‬كيفية‭ ‬تنفيذ‭ ‬تلك‭ ‬السياسات‭! ‬هذا‭ ‬هو‭ ‬جوهر‭ ‬الديمقراطية‭ ‬الأمريكية‭ ‬المحكومة‭ ‬في‭ ‬النهاية‭ ‬برؤى‭ ‬استبدادية‭ ‬وعنصرية‭ ‬تجاه‭ ‬العالم‭ ‬ودوله‭! ‬فهل‭ ‬من‭ ‬فارق‭ ‬ينتظره‭ ‬أحد‭ ‬في‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬ومنها؟‭! ‬ولماذا‭ ‬كل‭ ‬هذا‭ ‬التجييش‭ ‬الإعلامي‭ ‬للمناظرات‭ ‬أو‭ ‬للتنافس‭ ‬الانتخابي‭ ‬وجوهر‭ ‬اللعبة‭ ‬الأمريكية‭ ‬هي‭ ‬واحدة‭ ‬ولم‭ ‬تتغير‭ ‬كثيرا‭ ‬منذ‭ ‬الحرب‭ ‬العالمية‭ ‬الثانية‭! ‬ومن‭ ‬حاول‭ ‬التمرد‭ ‬تم‭ ‬قتله‭ ‬ولنا‭ ‬في‭ ‬كيندي‭ ‬الرئيس‭ ‬الأمريكي‭ ‬الراحل‭ ‬نموذج‭ ‬لذلك‭!‬

إقرأ أيضا لـ"فوزية رشيد"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا