عالم يتغير
فوزية رشيد
هل تتغير الرؤية الأمريكية بتغير رؤسائها؟!
{ المناظرة بين بايدن وترامب الخميس الماضي حظيت باهتمام دولي، بل ببحث كبير على وسائل التواصل الاجتماعي رغم أن أي رئيس أمريكي هو في النهاية أداة تنفيذية لرؤية أصحاب القرار، أو النخبة التي تتحكم برؤاها في كل الرؤساء الأمريكيين! وإن اختلفت اللمسة الشخصية في التنفيذ لأحدهم عن الآخر!
بل إن المناظرة التي استغرقت 90 دقيقة وتم بثها على محطة الـ(C.N.N) الأمريكية وعنها إلى كل محطات وقنوات العالم بحسب درجة الاهتمام وكان الإعلام العربي من المهتمين بالمناظرة كثيرا إلا أنها حفلت بدورها بمن رجح تفوق ترامب على بايدن وقد حصل على 67% من أصوات استفتاء القناة الأمريكية ذاتها.
{ ورغم ذلك فإن الرئيسين بما يهم القضايا الإقليمية والعربية والدولية بدا كل منهما يتنافس على المزيد من التشدد في بعض القضايا والتخفيف منه في قضايا أخرى، ومن الـ90 دقيقة تم تخصيص 4 دقائق لغزة! وبايدن أيد القضاء على حماس مع عدم استخدام الأسلحة الفتاكة في الأماكن الآهلة بالسكان! وغير مفهوم بعد كل ما قام به الكيان ما المقصود بذلك والأسلحة هي أمريكية في النهاية، والمجازر وحرب الإبادة تمت من خلالها؟! بينما ترامب اعتبر كلام بايدن أنه يجعله فلسطينيا ولكنه سيء! ومن حق الكيان (أن يقوم بكل ما يريده حتى يحقق القضاء على حماس)! فهل هناك من فرق بين الاثنين؟! أم أنهما بشكل عام هما في النهاية وجهان لعملة واحدة بما يخص أهم قضية عربية حاليا وهي قضية غزة وفلسطين؟! وهذا هو الأصل في كل ألاعيب الرئاسة الأمريكية وانتخاباتها الديمقراطية! أنها تأتي برؤساء لابد أن يسيروا في النهاية على طريق استرضاء النخبة الصهيونية والماسونية التي تملك بيدها مفاتيح القرار الاستراتيجي فإن لم يكن كما تريد تفعل معه ما فعلته مع ترامب نفسه الذي أراد في بعض الحقول أن تكون له بصمة خاصة غير مسموح بها من النخبة!
{ إن الولايات المتحدة التي ورثت الهيمنة من تراجع الإمبراطورية الاستعمارية البريطانية تمادت منذ دخولها ساحة الشطرنج الدولي في كل أشكال الحروب والجرائم والقتل وصناعة الأزمات ليبقى المهم حولها ليس من يجلس على كرسي رئاستها، وإنما إن كان هناك أي تغيير إيجابي في الرؤية لمن يحكمها في الخفاء أو وراء الستار من المعسكر الصناعي العسكري تجاه الكيفية التي يدير بها العالم! وفي هذا مثلا غير مسموح للعالم أن ينال قانونيا من الكيان الصهيوني (رأس الحربة الاستعمارية في المنطقة) أو أن تنهزم أمام أية مقاومة لاحتلاله الممتد (75 عاما) وعلى المستوى الدولي ليس من حق الدول أو القوى أن تنافس الهيمنة الأمريكية مثل الصين وروسيا وغيرهما! وليس من حق العالم أن يشهد تعددية القوى أو القطبية المتعددة! ولذلك فلابد لهذا العالم ولهذه القوى أن تدفع ثمن تنافسيتها بالحروب الخطيرة مهما بلغ التراجع الأمريكي في كثير من نواحي القوة سواء العسكرية أو الاقتصادية أو الإعلامية أو الأخلاقية أو الإنسانية حتى باتت شعوب العالم في غالبيتها ترى الولايات المتحدة والكيان الصهيوني وبعض القوى الغربية مصدر الشرور في هذا العالم المتهافت إنسانيا وأخلاقيا وقيميا! والبشرية هي التي تدفع ثمن الحرب الثالثة إن حدثت!
{ جاء ترامب وذهب والآن يريد العودة أو جاء بايدن ورحل وربما سيفوز بالرئاسة في أكتوبر القادم فلا فارق كبير بين من يأتي ومن يرحل لأن مؤسسات الحكم والقرار في الدولة العميقة ليست في يد أي من الذي يأتي بعد رحيل الآخر وإنما السياسات الاستراتيجية والجوهرية يتم رسمها من النخبة الحاكمة في تلك الدولة العميقة مع ترك بعض المساحات الصغيرة ليضفي أي رئيس أمريكي قادم أو راحل لمسته الخاصة في كيفية تنفيذ تلك السياسات! هذا هو جوهر الديمقراطية الأمريكية المحكومة في النهاية برؤى استبدادية وعنصرية تجاه العالم ودوله! فهل من فارق ينتظره أحد في الولايات المتحدة ومنها؟! ولماذا كل هذا التجييش الإعلامي للمناظرات أو للتنافس الانتخابي وجوهر اللعبة الأمريكية هي واحدة ولم تتغير كثيرا منذ الحرب العالمية الثانية! ومن حاول التمرد تم قتله ولنا في كيندي الرئيس الأمريكي الراحل نموذج لذلك!
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك