العدد : ١٦٩٧٠ - الأحد ٠٨ سبتمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٠٥ ربيع الأول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٦٩٧٠ - الأحد ٠٨ سبتمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٠٥ ربيع الأول ١٤٤٦هـ

الرأي الثالث

محميد المحميد

malmahmeed7@gmail.com

«طب وإحنا مالنا .. إن شاء الله ما حضروا»

في‭ ‬الفيلم‭ ‬المصري‭ ‬القديم‭ ‬‮«‬غزل‭ ‬البنات‮»‬،‭ ‬هناك‭ ‬أغنية‭ ‬شهيرة‭ ‬اسمها‭: ‬‮«‬أبجد‭ ‬هوز‮»‬،‭ ‬للفنانة‭ ‬الراحلة‭ ‬ليلى‭ ‬مراد،‭ ‬والفنان‭ ‬الراحل‭ ‬‮«‬نجيب‭ ‬الريحاني‮»‬،‭ ‬يقولان‭ ‬فيها‭: (‬إن‭ ‬جاء‭ ‬زيد‭ .. ‬أو‭ ‬حضر‭ ‬عمرٌ‭ .. ‬طب‭ ‬وإحنا‭ ‬مالنا‭ .. ‬إن‭ ‬شاالله‭ ‬ماحضروا‭) .. ‬تذكرت‭ ‬هذه‭ ‬الأغنية،‭ ‬وأنا‭ ‬أقرأ‭ ‬تخوفات‭ ‬وهواجس‭ ‬بعض‭ ‬السياسيين‭ ‬والمحللين‭ ‬العرب،‭ ‬من‭ ‬نتائج‭ ‬الانتخابات‭ ‬التي‭ ‬تجرى‭ ‬في‭ ‬البلاد‭ ‬الغربية‭ ‬خلال‭ ‬هذه‭ ‬الفترة‭.‬

الانتخابات‭ ‬البريطانية‭ ‬القادمة‭ ‬تشير‭ ‬إلى‭ ‬احتمالية‭ ‬فوز‭ ‬حزب‭ ‬العمال،‭ ‬بعد‭ ‬سيطرة‭ ‬حزب‭ ‬المحافظين‭ ‬لسنوات‭ ‬طويلة،‭ ‬وفي‭ ‬فرنسا‭ ‬يلوح‭ ‬شبح‭ ‬تشكيل‭ ‬أول‭ ‬حكومة‭ ‬يمينية‭ ‬متطرفة‭ ‬في‭ ‬تاريخها،‭ ‬ونتائج‭ ‬انتخابات‭ ‬الاتحاد‭ ‬الأوروبي‭ ‬تشير‭ ‬إلى‭ ‬سيطرة‭ ‬أحزاب‭ ‬اليمين،‭ ‬وفي‭ ‬نوفمبر‭ ‬المقبل‭ ‬ستجرى‭ ‬الانتخابات‭ ‬الرئاسية‭ ‬الأمريكية‭.. ‬وغيرها‭ ‬في‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الدول‭.‬

لم‭ ‬تعد‭ ‬السياسة‭ ‬العربية،‭ ‬ولا‭ ‬شعوبها‭ ‬اليوم،‭ ‬تخشى‭ ‬من‭ ‬فوز‭ ‬أي‭ ‬حزب‭ ‬أجنبي‭ ‬وسيطرته‭ ‬على‭ ‬القرار‭ ‬في‭ ‬بلاده،‭ ‬ومستقبل‭ ‬طبيعة‭ ‬العلاقة‭ ‬الثنائية‭.. ‬هذا‭ ‬زمان‭ ‬ولى‭ ‬وراح‭.. ‬فقد‭ ‬بدأت‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬تهتم‭ ‬بمصالحها‭ ‬الداخلية‭ ‬أكثر،‭ ‬وتنوع‭ ‬في‭ ‬شراكاتها‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬وتحالفاتها‭ ‬الجماعية‭ ‬بين‭ ‬الشرق‭ ‬والغرب‭ ‬بصورة‭ ‬أكثر،‭ ‬وتقرأ‭ ‬جيدا‭ ‬ملامح‭ ‬نشأة‭ ‬نظام‭ ‬عالمي‭ ‬جديد‭ ‬بعيدا‭ ‬عن‭ ‬الاستقطاب‭.. ‬وتضع‭ ‬مصلحتها‭ ‬العليا‭ ‬فوق‭ ‬كل‭ ‬اعتبار‭.‬

لقد‭ ‬قالت‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬لراعي‭ ‬القطب‭ ‬العالمي‭ ‬كلمة‭ (‬لا‭) ‬مرات‭ ‬عديدة،‭ ‬واضعة‭ ‬مسافة‭ ‬سياسية‭ ‬واضحة،‭ ‬بين‭ ‬العلاقات‭ ‬التاريخية‭ ‬والمصالح‭ ‬الثنائية،‭ ‬وبين‭ ‬استقلالية‭ ‬القرار‭ ‬ورفض‭ ‬التبعية،‭ ‬مع‭ ‬إعلاء‭ ‬المصلحة‭ ‬الوطنية‭.. ‬والشواهد‭ ‬كثيرة‭ ‬والمواقف‭ ‬عديدة‭.  ‬

هذه‭ ‬حقائق‭ ‬سياسية‭ ‬واقعية‭ ‬يعرفها‭ ‬الغرب‭ ‬جيدا‭ ‬اليوم‭.. ‬فلم‭ ‬تعد‭ ‬‮«‬الازدواجية‮»‬‭ ‬في‭ ‬ملف‭ ‬حقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬أداة‭ ‬ضغط‭ ‬على‭ ‬الدول،‭ ‬وليس‭ ‬للتهديدات‭ ‬الاقتصادية‭ ‬أي‭ ‬أثر،‭ ‬وأدركت‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬وشعوبها،‭ ‬مبررات‭ ‬التصريحات‭ ‬الانتخابية‭ ‬التي‭ ‬يطلقها‭ ‬المرشحون‭ ‬الغرب‭ ‬ضد‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬خلال‭ ‬الحملات‭ ‬الانتخابية،‭ ‬ثم‭ ‬تغيب‭ ‬وتختفي‭ ‬تلك‭ ‬التصريحات‭ ‬ليحل‭ ‬مكانها‭ ‬المصالح‭ ‬الثنائية‭.‬

الفهم‭ ‬العربي‭ ‬السياسي‭ ‬اليوم،‭ ‬يدرك‭ ‬جيدا‭ ‬أن‭ ‬الثوابت‭ ‬الغربية‭ ‬لا‭ ‬تتغير‭ ‬بتغير‭ ‬الأحزاب‭ ‬الحاكمة‭.. ‬لا‭ ‬بوصول‭ (‬أ‭)‬،‭ ‬ولا‭ ‬بخروج‭ (‬ب‭) .. ‬لا‭ ‬بصعود‭ (‬ج‭)‬،‭ ‬ولا‭ ‬بتراجع‭ (‬د‭).. ‬قد‭ ‬يتبدل‭ ‬موقع‭ ‬أولويات‭ ‬الأحزاب‭ ‬هناك،‭ ‬ولكن‭ ‬مرتكزات‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬الغربية‭ ‬ثابتة،‭ ‬والملامح‭ ‬والأهداف‭ ‬العامة‭ ‬كما‭ ‬هي‭ ‬لا‭ ‬تمس،‭ ‬خاصة‭ ‬في‭ ‬دعم‭ ‬‮«‬إسرائيل‮»‬،‭ ‬وموضوع‭ ‬‮«‬الهجرة‭ ‬واللجوء‮»‬،‭ ‬وقضية‭ ‬‮«‬المثليين‭ ‬وحقوقهم‮»‬،‭ ‬ومسألة‭ ‬‮«‬زيادة‭ ‬الضرائب‭ ‬على‭ ‬البضائع‭ ‬المستوردة‮»‬‭ ‬من‭ ‬الصين‭ ‬خصوصا،‭ ‬بجانب‭ ‬تعزيز‭ ‬‮«‬الخلافات‭ ‬بين‭ ‬شعوب‭ ‬المنطقة‮»‬‭ ‬من‭ ‬منطلق‭ ‬فكري‭ ‬وديني‭.‬

لدى‭ ‬السياسة‭ ‬العربية‭ ‬أداة‭ ‬ضغط‭ ‬وتفاوض‭ ‬كبيرة،‭ ‬تتمثل‭ ‬في‭ ‬الشأن‭ ‬الاقتصادي‭ ‬والثروات‭ ‬الطبيعية‭ ‬والقدرات‭ ‬البشرية،‭ ‬التي‭ ‬تشكل‭ ‬ثقلا‭ ‬داعما‭ ‬للموقف‭ ‬السياسي‭ ‬في‭ ‬المحافل‭ ‬الخارجية،‭ ‬وفي‭ ‬تحديد‭ ‬طبيعة‭ ‬مسار‭ ‬العلاقات‭ ‬الثنائية‭ ‬المشتركة،‭ ‬بجانب‭ ‬الاستمرار‭ ‬في‭ ‬العلاقات‭ ‬الوثيقة‭ ‬مع‭ ‬الدول‭ ‬الكبرى‭ ‬في‭ ‬مجلس‭ ‬الأمن‭ ‬كالصين‭ ‬وروسيا‭.‬

مستقبل‭ ‬السياسة‭ ‬العربية‭ ‬لا‭ ‬يرسمه‭ ‬حزب‭ ‬متطرف‭ ‬غربي،‭ ‬ولا‭ ‬يشكله‭ ‬وصول‭ ‬زعيم‭ ‬أجنبي‭ ‬متشدد‭.. ‬مستقبل‭ ‬السياسة‭ ‬العربية‭ ‬بيد‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬وحدها،‭ ‬والشعوب‭ ‬أصبحت‭ ‬تدرك‭ ‬ذلك،‭ ‬ولا‭ ‬يعنيها‭ ‬اليوم‭ ‬فوز‭ ‬أو‭ ‬خسارة‭ ‬أي‭ ‬حزب‭ ‬هناك‭. ‬

إن‭ ‬خسر‭ ‬بايدن‭ ‬أو‭ ‬فاز‭ ‬حزب‭ ‬العمال‭.. ‬وإن‭ ‬غاب‭ ‬المحافظون‭ ‬أو‭ ‬جاء‭ ‬المتشددون‭.. ‬‮«‬طب‭ ‬وإحنا‭ ‬مالنا‭.. ‬إن‭ ‬شالله‭ ‬ما‭ ‬فازوا‭ ‬ولا‭ ‬حضروا‮»‬‭..!!‬

إقرأ أيضا لـ"محميد المحميد"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا