زاوية غائمة
جعفـــــــر عبــــــــاس
jafasid09@hotmail.com
عن السكري والضغط
كتبت قبل شهور قليلة عن أن الطب أفتى بأنني مرشح لمرض السكري، أي أنني أقف على أعتاب ذلك المرض الشرس، الذي لن يحرمني فقط من تناول الأطعمة والمشروبات الحلوة، بل ستتعرض عيني وكليتي للخطر، فكان ان خضت تجربة غريبة وهي شرب كوب شاي بدون فتفوتة سكر! وقبل ان تتفلسف وتقول: وش فيها؟ أقول لك: تذكر أنني سوداني. والسوداني المصاب بالسكري يشرب كوب الشاي العادي مضافا إليه أربع ملاعق سكر، أما الزول الخالي من ذلك المرض فإنه يضع السكر في كوب الشاي بمغرفة الطبخ، ومن ثم فإن الشاي الأحمر السوداني أقرب الى «المربى»، أو عسل النحل المغشوش، وقد جربت القهوة العربية مرة واحدة في حياتي، وشفطت منها جرعة وبصقتها في ورقة كلينيكس، والسبب في ذلك إنها كانت ولا تزال خالية من السكر! وأنا من محبي الشاي خاصة بالنعناع، ولم أكن أتخيل انه سيأتي يوم تحرمني فيه الظروف من شرب الشاي المشبع بالسكر، ومنشأ بعض مخاوفي الصحية هو أنني أهوى قراءة الموضوعات العلمية المتعلقة بالصحة العامة، وتعلمت منها الكثير عن ضرورة سد الباب الذي يأتي منه الريح، بالابتعاد عن ممارسات وعادات قد تؤدي الى الاصابة بالأمراض ومن بينها السكري، وعرفت منها مضار السكر الأبيض، وعرفت أيضا ان بدائل ذلك السكر ليست آمنة أو مأمونة، فقلت: يا ابو الجعافر ما بدهاش.. بلاش سكر أبيض او اصطناعي، وخاصة أنني ظللت وعلى مدى سنوات أتعاطى ما هو أكثر من حاجتي من السكريات من التمر، وصرت مدمنا للتمر السكري الذي تشتهر به منطقة القصيم في السعودية، وأدعو الله ألا يحرمني منه، وهكذا جعلت مع دعائي شيئا من القطران، بأن قررت الابتعاد عن الأطعمة التي تحوي سكرا كثيرا!
والشاهد في كل ذلك هو أنني ما كنت أحسب أنني سأطيق شرب نقطة صغيرة من الشاي بدون كميات تجارية من السكر، وبعد أن أنهيت الجملة الأخيرة هذه بدأت في شرب ثاني كوب شاي بدون سكر (في حياتي)، ووجدت طعم الشاي هو، هو.. سيم سيم، يعني المسألة تتعلق بالاعتياد على الشيء، وقبل سنوات عانيت من ارتفاع في ضغط الدم وطلب مني الطبيب وقف التدخين، وكشخص مشبع بالثقافة العربية، فقد تجاهلت توجيهات الطبيب متعللا بكلام سمعته من مدخنين بأن التوقف النهائي عن تعاطي التبغ يؤدي إلى ارتفاع ضغط الدم عند المدخن المحترف، وهكذا واصل ضغط الدم عندي ارتفاعه، فطبقت نصيحة الطبيب جزئيا، فقد كنت أدخن نحو ستين سيجارة في اليوم فأجريت «تنزيلات» وجعلتها 40 سيجارة في اليوم، ولكن أوعيتي الدموية السخيفة لم تتجاوب مع ذلك التنازل، فقمت بخفض عدد سيجاراتي اليومية إلى عشرين، ولكن بلا طائل، وهكذا انهزمت واتخذت قرارا بالإقلاع عن التدخين، وكنت متأكدا أن ذلك سيؤدي إما إلى وفاتي، وإما طلاقي من زوجتي بسبب النرفزة والتوتر، والحمد لله ما زلت حيا ومتزوجا بأم الجعافر
ولكن ما قرأته في الصحف السعودية مؤخرا أصابني بارتفاع شديد في ضغط الدم، فقد نشرت جمعية خيرية معنية بمكافحة التدخين والمخدرات تقريرا جاء فيه ان السعوديين يحرقون سجائر بقيمة 15 مليار ريال سنويا. تخيل لو ان كل مدخن في السعودية تنازل عن ثلاث سيجارات شهريا، أي قام بتوفير ريال واحد ووضعه في صندوق يحمل اسمي (السعودية تأتي في المرتبة الثالثة عالميا من حيث عدد المدخنين)، ولنفترض ان بها 3 ملايين دخاخنجي أي شارب سجائر، سيصير عندي شهريا ثلاثة ملايين ريال، وفي سنة واحدة 36 مليون ريال، وهو مبلغ يعادل ما تنفقه بعض الدول على الصحة والتعليم والخدمات في سنة كاملة، وأرجو ان تستغل «أخبار الخليج» عضويتها في مجلس التعاون الخليجي، وتتبنى هذا المشروع الجعفري وبعد أن أصبح مليونيرا، سأشتري كل يوم 100 نسخة من الصحيفة، وسأقيم معاهد ومطاعم ومراكز طبية مجانية لكل الناس.. ما عدا المدخنين «المفترين».
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك