عالم يتغير
فوزية رشيد
صهاينة الغرب وانعدام الاتزان الأخلاقي والفكري!
{ حين كتبت صحيفة «الجارديان» البريطانية في مقال بعنوان (بريطانيا غير متزنة أخلاقيا) لأنها ترسل الأسلحة إلى الكيان الصهيوني وفي الوقت ذاته تقول إنها تقدم المساعدات الإنسانية لغزة! فإن هذا أمر غير متزن فكريا وأخلاقيا كما وصفه الكاتب البريطاني «هارون صديق»، فيما وصفت حليمة بيجوم الرئيس التنفيذي لمنظمة «أوكسفام» البريطانية، موقف بريطانيا بأنه غير منطقي! وبتلك الأسلحة يتم قتل الأبرياء والأطفال، فكيف يستقيم ذلك مع ادعاءات تقديم المساعدات الإنسانية لهم! المنطق يقول توقفوا عن الدعم بالسلاح لكي لا يتم قتلهم كمدنيين وأبرياء! كيف تتحدث بريطانيا عن تطلعاتها إلى السلام في المنطقة وفي الوقت نفسه تقوم بشحن القنابل والأسلحة الفتاكة إلى الكيان الصهيوني، هذا أمر غير متزن من الناحية الفكرية والأخلاقية، كما أكد الصحفي البريطاني!
{ ولكن ليست بريطانيا وحدها هي التي تتسم بانعدام الاتزان الأخلاقي والفكري بل والإنساني، وهي تزود العدو الصهيوني بكل أسلحة الفتك في حرب الإبادة التي تقوم بها، والمستمرة منذ 8 أشهر! إنما كل الحكام والحكومات التي تتحكم فيها الصهيونية في الغرب كأمريكا وألمانيا وفرنسا وغيرها من داعمي حرب الإبادة بالسلاح، ينطبق عليها هذا الاختلال الأخلاقي والفكري والإنساني، وهو ما عرفته اليوم الشعوب في الغرب عن حكوماتها! وتظاهرت ضده وضد توريد السلاح إلى الكيان وإيقاف حرب الإبادة الهمجية! بل إن في بريطانيا هاجم ناشطون بريطانيون مؤخرا معملا لصناعة السلاح في بريطانيا، والذي يتم تصديره إلى الكيان الصهيوني تعبيرا عن احتجاجهم ضد الموقف المخزي لحكومتهم البريطانية!
{ الكل الآن وبعد ثمانية أشهر يدرك حجم الخسائر والهزائم المعنوية والأخلاقية والإنسانية التي يعايشها الكيان الصهيوني والغرب الداعم له بالسلاح والموقف! حتى وصف الناشطون والمفكرون ضد الحرب وعلى مستويات مختلفة بأن العدوان الصهيوني هو حرب أمريكا ودول غربية أخرى على الشعوب الفلسطيني في غزة والضفة الغربية! وفيما العدو الصهيوني يعيش أعمق أزماته الداخلية والخارجية وعلى مختلف المستويات ويقوم نتنياهو بـ(حل مجلس الحرب) ليوقع نفسه في قبضة «اليمين الصهيوني المتطرف» الأكثر تطرفا منه مثل (بن غفير) و(سيموريتش) فإن المظاهرات حول منزله تتواصل! بعد أن أدرك صهاينة الكيان نتيجة تحرير 4 من الأسرى مؤخرا، بقتل ثلاثة منهم، ومقتل عدد من جنود الكيان وضباطه!
{ الأزمة الأخلاقية والإنسانية والفكرية تتفاقم اليوم في الكيان وفي الغرب وتتساقط المبادئ والقيم الغربية (المدعاة) سواء في المنظمات والمؤسسات أو حتى على المستوى القانوني! ودول الغرب تمتنع عن تطبيق قرارات محكمة العدل الدولية والجنائية الدولية، لأن مجرمي حرب الإبادة هذه المرة، لا تنال فقط «الكيان الصهيوني» وحده وقادته، وإنما كل الدول الغربية الداعمة والمتماهية مع العدوان وحرب الإبادة، وقادة تلك الدول بدءا من الولايات المتحدة تعمل على فرض عقوبات على مؤسسات القانون الدولي!
{ لذلك هم يتخبطون حتى على المستوى الدبلوماسي ويعلنون شيئا ويقومون بنقيضه على أرض الواقع! يتحدثون عن السلام في المنطقة، فيما هم يستمرون في تصدير كل أشكال الأسلحة، وتقديم كل أشكال الدعم للكيان الصهيوني! إنهم يعيشون حالة (انفصام متعددة المستويات)! وما السقوط المدوي في هاوية الجنون اللاأخلاقي واللاإنساني إلا أحد تجليات انفضاح كل المبادئ والقيم الغربية، التي طالما ضحكوا بها على العالم، باعتبارهم الأرقى في حفظها وصونها، فإذا بهم ينكشفون أمام شعوبهم وشعوب العالم كلها بأنهم مخادعون وكاذبون ويستخدمون الشعارات لدعم منهجهم الاستعماري في العالم وإحداث الإرباكات والقلاقل في دوله باسم حقوق الإنسان والاتفاقيات الدولية والحريات، التي هم أكثر من يفتقدها في التعامل مع شعوب ودول العالم الأخرى! وما الكيان الصهيوني إلا بقعة السواد المدلهم في ظلمة اللوحة التي يرسمونها للعالم!
{ من الواضح أن الغرب ككل وليس بريطانيا وحدها إذًا فقد كل مصداقيته بالكامل وبالتمام في فقدان القيم والمبادئ، التي ادعوا أنها تمثل الحضارة الغربية! فيما كانت تلك القيم والمبادئ بما يتعلق تحديدا بالشعوب الأخرى مجرد واجهة مزركشة للمنظومة الاستعمارية والعولمية الشرسة!
ولأن غزة بكل تضحياتها الفادحة كشفت الستار عن حقيقة تلك القيم والبادئ، وقع قادتها في فلك التناقضات وعدم الاتزان الأخلاقي والفكري والإنساني! وأصبح العالم بشعوبه يراهم كأراجوزات مضحكة بخطابات زائفة ومتناقضة ومنافقة! ورغم ذلك هم لايزالون يراهنون على إمكانية الضحك على شعوبهم وشعوب العالم! فهل هناك من لايزال يصدقهم؟!
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك