عالم يتغير
فوزية رشيد
الجنود الصهاينة يحملون خريطة «إسرائيل الكبرى» على أكتافهم!
{ لكل من يتوهم أن هذا العدو الصهيوني قابل للترويض أو التعايش، أو الانزواء في حطام الجغرافيا الفلسطينية التي احتلوها اليوم كلها، لولا مقاومة الشعب الفلسطيني لهم، فلينظروا فقط إلى الصورة المتداولة على ملابس جندي «إسرائيلي»، وتم تصويره خلال العمليات العسكرية مؤخرًا في غزة، وعلى زيه وزي أمثاله من الجنود بالطبع خريطة تصوّر «إسرائيل الكبرى»! ولم تشتمل الخريطة المعروضة على ذراع الجندي «فلسطين» التي أسموها «إسرائيل» فقط، وإنما شملت مساحات واسعة من الأراضي في الدول المجاورة، بما في ذلك كل فلسطين والأردن ولبنان وأجزاء من سوريا والعراق ومصر والسعودية! وهذا ما تعرفه أصلاً الشعوب العربية منذ عقود!
{ ولأن الصورة على مواقع التواصل الاجتماعي أشعلت عاصفة من ردود الفعل خاصة في مصر، فإن من الواضح للجميع أن الخريطة تعكس (الأجندة التوسعية) للكيان الصهيوني، والتي لطالما امتلأت بها أدبياتهم ومعتقداتهم الصهيونية! وحيث مفهوم «إسرائيل الكبرى» لا تذكرنا فقط بالطموحات الإمبراطورية مثل التي كانت لدى «ألمانيا النازية»، وإنما تؤكد أن هذا «المفهوم التوسعي العدواني» ضد سيادة الدول العربية، إنما هي (متجذرة) وحتى اللحظة في أدبيات «الأيديولوجية الصهيونية» التي بنت نفسها على خرافة «الأرض الموعودة» في الكتاب التلمودي «المحرّف» لتمتد من النيل إلى الفرات وما بينهما وحولهما!
{ وهم يبيدون في غزة، ويريدون القضاء على كل أشكال المقاومة في فلسطين وليس في غزة وحدها، أو ضد «حماس» وحدها، أو ضد «حماس» وحدها، فإن (حلم التوسع الإقليمي) يحمله جنود الكيان على أكتافهم! مما يثير لدى كل «المتشككين» في قابلية هذا الكيان الصهيوني للسلام، مزيداً من مصداقية الشكوك، ومزيداً من احتمالات الفوضى الفكرية التي تحيط بكل من يثق بهذا الكيان، وقابليته للاندماج السلمي في المنطقة في حدود حل الدولتين!
{ هذا الكيان الذي هو (رأس الحربة الاستعمارية) في المنطقة العربية كلها، لم يتوان منذ تأسيسه غربيًا على يد الاستعمار البريطاني، في العمل الدؤوب على صناعة الأزمات والصراعات والفتن لإضعاف العرب، خاصة الدول التي تشكل جزءاً من طموحه التوسعي إقليمياً! بل إنه يشارك بمخابراته «الموساد» و«المخابرات البريطانية» «MI6» والمخابرات الأمريكية الـ «C.I.A» في صناعة الكثير من أزمات ومشاكل العالم ككل! وحيث «الصهيونية العالمية» تبدأ بطموح وأطماع «إسرائيل الكبرى» لتصل إلى طموح (الحكومة التلمودية العالمية) التي يحكم من خلالها «الدجال» العالم كله! (هذا يقع في صلب المعتقد الصهيوني) و«المسحية الصهيونية» وليس مجرد كلام نظري أو تأويلي يتم طرحه! ومن يشكك في ذلك فليقرأ «الأدبيات الصهيونية والاستعمارية» التي تحفل بها منظماتهم السرية والعلنية، ولينظر إلى تلك الخارطة التي يضعها الجندي الصهيوني على كتفه، وهو يمارس حرب الإبادة في غزة، وأبشع أشكال الاحتلال في الضفة الغربية!
{ إن المقاومة الفلسطينية (أيًّا كان الرأي حول بعض فصائلها)، هي وحدها التي استطاعت اليوم، في ظل تضحيات الشعب الفلسطيني الفادحة، أن تضع هذا الكيان والأيديولوجية الصهيونية التي يستند عليها، في مأزق «تاريخي» منذ نشوئه و(على كل المستويات العسكرية والقانونية والأخلاقية والإنسانية والسياسية)! ولذلك فإن من يراهن على زوال هذه المقاومة التي تتنوع عناصرها ولا تقتصر على «حماس» وحدها، فإنه يرتكب أكبر «خطأ استراتيجي» على المستوى، «الجيوسياسي»، لأن زوال المقاومة الفلسطينية، تعني فتح الباب أمام (التوسع الإقليمي) الذي يحمله الجنود الصهاينة على أكتافهم حتى هذه اللحظة! ويعني أن إدارة المعركة في الصراع لا بد أن يعود إلى جذوره الحقيقية، التي لا يزال الصهاينة متشبثين بها وهي أنه صراع «عربي صهيوني» وليس كما يتم اختزاله بإسفاف اليوم باعتباره نزاعاً بين الكيان وحماس!
{ من هذا المنطلق فإنه (من المفيد للعرب جميعاً أن تنهزم الصهيونية على «المستوى العالمي» وأن يسهم العرب في ذلك)، وأن يدركوا أن المقاومة الفلسطينية للاحتلال الصهيوني، هي الحائط الأخير، بعد أن تم إسقاط دول مثل العراق وسوريا ولبنان في حضن الفوضى والفشل وبعد أن تخلى العرب عن الخيار العسكري! وأن انتزاع هذه المقاومة من «الحضن الإيراني» الذي يتاجر بها بعد أن تخلى العرب عنها ضرورة لتكون مقاومة بوجه عربي خالص وهو المأمن والملاذ من (أطماع الكيان التوسعية في البلاد العربية المرسومة خارطتها على أكتاف الجنود الصهاينة)! ونعيد ونكرر أن هذا الكيان غير قابل للتعايش أو السلام، فأطماعه أكبر من ذلك بكثير، ولذلك يتعطل «الحل السلمي» و«المبادرة العربية» وتتم إعاقة كل محاولات الحل والسلام منذ عقود طويلة، رغم الاتفاقيات والمفاوضات وفتح الباب للعلاقات مع هذا الكيان المغتصب»!
مأزق الكيان الصهيوني يجب أن يعمقه العرب لا أن يحاولوا انتشاله منه! لأن نهاية الصهيونية العالمية التي تترنح اليوم في العالم كله! هي وحدها المدخل للأمن والاستقرار في المنطقة العربية، وغير ذلك مجرد أوهام على المستوى الاستراتيجي، وكل الشعوب العربية تدرك هذه الحقيقة، وعلى الأنظمة العربية أن تدركها أيضاً!
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك