عالم يتغير
فوزية رشيد
الحج عبادة وليس سياسة!
{ حين يدعو خامنئي قبل يوم عرفات بساعات إلى حج البراءة واجتياح شوارع مكة، فإنه بذلك يعلن بشكل واضح وغريب إقحام السياسة والشعارات والفوضى في أعظم أركان الإسلام وهو الحج! يقول خامنئي بالصوت والصورة (منذ بداية الثورة كانت البراءة موجودة في الحج ويجب أن تبقى وتستمر)! وبذلك هو يوجه رسالة إلى الحجاج، بل إنه في رسالته قال «يجب أن تتواصل البراءة هذا العام بنحو يتخطى موسم الحج وميقاته، إلى الدول والمدن التي يقطنها المسلمون في أرجاء العالم كله!»، وهذا تحريض واضح وخطير في تغريدة بالطبع لمن يوالي نظام الولي الفقيه ومرشده الأعلى!
{ والبراءة هو التبرؤ من عدو أهل البيت ونفيه من الإسلام، كما يراه نظام الولي الفقيه! وفي ظل الحج وشعائره ومناسكه يعني الخروج في مظاهرات والانتشار في شوارع مكة ورفع الشعارات السياسية التي هي في النهاية تصب في (تسييس الحج) بشكل صارخ! وهو ما رد عليه أمير سعودي بأنه (لوي لعنق الحقيقة ويدعو إلى باطل! وأن تعكير صف الحج والحجيج يُدرج تحت تصنيف الفسوق) وذلك بحسب فيديو مطول نشره على صفحته على «إكس» تويتر!
{ لذلك جاءت الإجراءات الأمنية المشددة طبيعية لعدم تكرار ما حدث في عام 1987! لدرجة اكتشاف متفجرات في حقائب الحجاج الإيرانيين آنذاك! وهي قصة معروفة لكل من عايشها أو قرأ عنها بعد ذلك! حيث أسفرت المظاهرات السياسية في مكة عن مقتل 402 حاج، بينهم 275 إيرانيا متظاهرا! ولذلك أكد المتحدث الأمني لوزارة الداخلية السعودية العقيد طلال الشلهوب «أن الجهات الأمنية تواصل فرض طوق أمني محكم حول المشاعر المقدسة حتى نهاية موسم الحج، مشيرا إلى أنه تم إخراج وإعادة 256,481 زائرا من حاملي تأشيرات الزيارة لغرض مختلف عن تأشيرة الحج»! وشدد المتحدث الأمني بأن «المملكة لن تسمح بتحويل المشاعر المقدسة إلى ساحات للهتافات البعيدة عن مقاصد الشريعة الإسلامية، موضحا أن الجهات الأمنية ستقف بحزم ضد كل محاولات التأثير على أمن الحجيج بأي شكل كان، وستتعامل بقوة مع كل من يخالف ذلك، فأمن وسلامة ضيوف الرحمن خط أحمر لا تهاون فيها».
{ إذا تخيلنا أن عدد الحملات الوهمية التي تم ضبطها بلغ (160 حملة) إلى جانب ضبط (6135 مخالفا لأنظمة الإقامة والعمل وأمن الحدود في مدينة مكة المكرمة)، كما قال المتحدث الأمني! فإننا ندرك أن هناك من يترصد هذا الركن العظيم، الذي هو أعظم أركان الإسلام، وحيث الحجاج من كافة بلدان العالم يجتمعون لأداء هذا الركن العظيم ومناسكه، وهذا الترصد يسعى في النهاية لكسر (المناخ الأمني المعتاد) في مكة أثناء أداء الشعائر والمناسك! والتسبب بالفوضى والمخاطر الأمنية وبدعوة من المرشد الأعلى الإيراني!
{ إن هذا الالتفاف الخطابي الذي يسعى لكسر هيبة أعظم أركان الإسلام، هو يصب في النهاية إلى زرع الفرقة وتسييس الحج بما لا يتلاءم إطلاقا مع التشريعات الدينية! إلى جانب التسبب في القلق الأمني في الوقت الذي يحتاج فيه الحجاج إلى الصفاء الروحي والذهني وهم يتوجهون إلى أداء مناسكهم، التي لطالما حافظت بلاد الحرمين على الأمن والأمان في الحج، واعتبرت أي إخلال بنظامه الديني والأمني هو خط أحمر!
{ من الواضح أن هناك بعض الجهات التي سعت وتسعى للإخلال بنظام الضيافة الدينية التي تقوم بها السعودية في موسم الحج لأغراض خارجة تماما عن الدين وأركانه ونسكه وكامتداد لمحاولات «تدويل الحج» كما يتكرر المطلب، رغم أن الأراضي المقدسة هي أراضٍ في السعودية ولم تقصر قط في تلبية كل احتياجات الوافدين إلى الحج، بل إنها على المستوى العالمي تفوقت بكل الأشكال في كيفية إدارة الأعداد المليونية في رقعة صغيرة جغرافيا في النهاية، ما بين بيت الله الحرام ومنى وعرفات والمزدلفة ورمي الجمرات! ولذلك فإن مثل هذه الدعوات تنبع من طموحات خارج إطار الدين، ليدخل التسييس بانشقاقاته واختلافاته في صلب الركن الأعظم والأركان الأخرى، بما لا يمكن وصفه إلا بالإفساد وتوجيه الحجاج إلى مآرب أخرى لا صلة لها بالدين وبالحج!
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك