العدد : ١٧٠٤٥ - الجمعة ٢٢ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٠ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٥ - الجمعة ٢٢ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٠ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

عالم يتغير

فوزية رشيد

الحج عبادة وليس سياسة!

{‭ ‬حين‭ ‬يدعو‭ ‬خامنئي‭ ‬قبل‭ ‬يوم‭ ‬عرفات‭ ‬بساعات‭ ‬إلى‭ ‬حج‭ ‬البراءة‭ ‬واجتياح‭ ‬شوارع‭ ‬مكة،‭ ‬فإنه‭ ‬بذلك‭ ‬يعلن‭ ‬بشكل‭ ‬واضح‭ ‬وغريب‭ ‬إقحام‭ ‬السياسة‭ ‬والشعارات‭ ‬والفوضى‭ ‬في‭ ‬أعظم‭ ‬أركان‭ ‬الإسلام‭ ‬وهو‭ ‬الحج‭! ‬يقول‭ ‬خامنئي‭ ‬بالصوت‭ ‬والصورة‭ (‬منذ‭ ‬بداية‭ ‬الثورة‭ ‬كانت‭ ‬البراءة‭ ‬موجودة‭ ‬في‭ ‬الحج‭ ‬ويجب‭ ‬أن‭ ‬تبقى‭ ‬وتستمر‭)! ‬وبذلك‭ ‬هو‭ ‬يوجه‭ ‬رسالة‭ ‬إلى‭ ‬الحجاج،‭ ‬بل‭ ‬إنه‭ ‬في‭ ‬رسالته‭ ‬قال‭ ‬‮«‬يجب‭ ‬أن‭ ‬تتواصل‭ ‬البراءة‭ ‬هذا‭ ‬العام‭  ‬بنحو‭ ‬يتخطى‭ ‬موسم‭ ‬الحج‭ ‬وميقاته،‭ ‬إلى‭ ‬الدول‭ ‬والمدن‭ ‬التي‭ ‬يقطنها‭ ‬المسلمون‭ ‬في‭ ‬أرجاء‭ ‬العالم‭ ‬كله‭!‬‮»‬،‭ ‬وهذا‭ ‬تحريض‭ ‬واضح‭ ‬وخطير‭ ‬في‭ ‬تغريدة‭ ‬بالطبع‭ ‬لمن‭ ‬يوالي‭ ‬نظام‭ ‬الولي‭ ‬الفقيه‭ ‬ومرشده‭ ‬الأعلى‭!‬

{‭ ‬والبراءة‭ ‬هو‭ ‬التبرؤ‭ ‬من‭ ‬عدو‭ ‬أهل‭ ‬البيت‭ ‬ونفيه‭ ‬من‭ ‬الإسلام،‭ ‬كما‭ ‬يراه‭ ‬نظام‭ ‬الولي‭ ‬الفقيه‭! ‬وفي‭ ‬ظل‭ ‬الحج‭ ‬وشعائره‭ ‬ومناسكه‭ ‬يعني‭ ‬الخروج‭ ‬في‭ ‬مظاهرات‭ ‬والانتشار‭ ‬في‭ ‬شوارع‭ ‬مكة‭ ‬ورفع‭ ‬الشعارات‭ ‬السياسية‭ ‬التي‭ ‬هي‭ ‬في‭ ‬النهاية‭ ‬تصب‭ ‬في‭ (‬تسييس‭ ‬الحج‭) ‬بشكل‭ ‬صارخ‭! ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬رد‭ ‬عليه‭ ‬أمير‭ ‬سعودي‭ ‬بأنه‭ (‬لوي‭ ‬لعنق‭ ‬الحقيقة‭ ‬ويدعو‭ ‬إلى‭ ‬باطل‭! ‬وأن‭ ‬تعكير‭ ‬صف‭ ‬الحج‭ ‬والحجيج‭ ‬يُدرج‭ ‬تحت‭ ‬تصنيف‭ ‬الفسوق‭) ‬وذلك‭ ‬بحسب‭ ‬فيديو‭ ‬مطول‭ ‬نشره‭ ‬على‭ ‬صفحته‭ ‬على‭ ‬‮«‬إكس‮»‬‭ ‬تويتر‭!‬

{‭ ‬لذلك‭ ‬جاءت‭ ‬الإجراءات‭ ‬الأمنية‭ ‬المشددة‭ ‬طبيعية‭ ‬لعدم‭ ‬تكرار‭ ‬ما‭ ‬حدث‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬1987‭! ‬لدرجة‭ ‬اكتشاف‭ ‬متفجرات‭ ‬في‭ ‬حقائب‭ ‬الحجاج‭ ‬الإيرانيين‭ ‬آنذاك‭! ‬وهي‭ ‬قصة‭ ‬معروفة‭ ‬لكل‭ ‬من‭ ‬عايشها‭ ‬أو‭ ‬قرأ‭ ‬عنها‭ ‬بعد‭ ‬ذلك‭! ‬حيث‭ ‬أسفرت‭ ‬المظاهرات‭ ‬السياسية‭ ‬في‭ ‬مكة‭ ‬عن‭ ‬مقتل‭ ‬402‭ ‬حاج،‭ ‬بينهم‭ ‬275‭ ‬إيرانيا‭ ‬متظاهرا‭! ‬ولذلك‭ ‬أكد‭ ‬المتحدث‭ ‬الأمني‭ ‬لوزارة‭ ‬الداخلية‭ ‬السعودية‭ ‬العقيد‭ ‬طلال‭ ‬الشلهوب‭ ‬‮«‬أن‭ ‬الجهات‭ ‬الأمنية‭ ‬تواصل‭ ‬فرض‭ ‬طوق‭ ‬أمني‭ ‬محكم‭ ‬حول‭ ‬المشاعر‭ ‬المقدسة‭ ‬حتى‭ ‬نهاية‭ ‬موسم‭ ‬الحج،‭ ‬مشيرا‭ ‬إلى‭ ‬أنه‭ ‬تم‭ ‬إخراج‭ ‬وإعادة‭ ‬256,481‭ ‬زائرا‭ ‬من‭ ‬حاملي‭ ‬تأشيرات‭ ‬الزيارة‭ ‬لغرض‭ ‬مختلف‭ ‬عن‭ ‬تأشيرة‭ ‬الحج‮»‬‭! ‬وشدد‭ ‬المتحدث‭ ‬الأمني‭ ‬بأن‭ ‬‮«‬المملكة‭ ‬لن‭ ‬تسمح‭ ‬بتحويل‭ ‬المشاعر‭ ‬المقدسة‭ ‬إلى‭ ‬ساحات‭ ‬للهتافات‭ ‬البعيدة‭ ‬عن‭ ‬مقاصد‭ ‬الشريعة‭ ‬الإسلامية،‭ ‬موضحا‭ ‬أن‭ ‬الجهات‭ ‬الأمنية‭ ‬ستقف‭ ‬بحزم‭ ‬ضد‭ ‬كل‭ ‬محاولات‭ ‬التأثير‭ ‬على‭ ‬أمن‭ ‬الحجيج‭ ‬بأي‭ ‬شكل‭ ‬كان،‭ ‬وستتعامل‭ ‬بقوة‭ ‬مع‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬يخالف‭ ‬ذلك،‭ ‬فأمن‭ ‬وسلامة‭ ‬ضيوف‭ ‬الرحمن‭ ‬خط‭ ‬أحمر‭ ‬لا‭ ‬تهاون‭ ‬فيها‮»‬‭.‬

{‭ ‬إذا‭ ‬تخيلنا‭ ‬أن‭ ‬عدد‭ ‬الحملات‭ ‬الوهمية‭ ‬التي‭ ‬تم‭ ‬ضبطها‭ ‬بلغ‭ (‬160‭ ‬حملة‭) ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬ضبط‭ (‬6135‭ ‬مخالفا‭ ‬لأنظمة‭ ‬الإقامة‭ ‬والعمل‭ ‬وأمن‭ ‬الحدود‭ ‬في‭ ‬مدينة‭ ‬مكة‭ ‬المكرمة‭)‬،‭ ‬كما‭ ‬قال‭ ‬المتحدث‭ ‬الأمني‭! ‬فإننا‭ ‬ندرك‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬من‭ ‬يترصد‭ ‬هذا‭ ‬الركن‭ ‬العظيم،‭ ‬الذي‭ ‬هو‭ ‬أعظم‭ ‬أركان‭ ‬الإسلام،‭ ‬وحيث‭ ‬الحجاج‭ ‬من‭ ‬كافة‭ ‬بلدان‭ ‬العالم‭ ‬يجتمعون‭ ‬لأداء‭ ‬هذا‭ ‬الركن‭ ‬العظيم‭ ‬ومناسكه،‭ ‬وهذا‭ ‬الترصد‭ ‬يسعى‭ ‬في‭ ‬النهاية‭ ‬لكسر‭ (‬المناخ‭ ‬الأمني‭ ‬المعتاد‭) ‬في‭ ‬مكة‭ ‬أثناء‭ ‬أداء‭ ‬الشعائر‭ ‬والمناسك‭! ‬والتسبب‭ ‬بالفوضى‭ ‬والمخاطر‭ ‬الأمنية‭ ‬وبدعوة‭ ‬من‭ ‬المرشد‭ ‬الأعلى‭ ‬الإيراني‭!‬

{‭ ‬إن‭ ‬هذا‭ ‬الالتفاف‭ ‬الخطابي‭ ‬الذي‭ ‬يسعى‭ ‬لكسر‭ ‬هيبة‭ ‬أعظم‭ ‬أركان‭ ‬الإسلام،‭ ‬هو‭ ‬يصب‭ ‬في‭ ‬النهاية‭ ‬إلى‭ ‬زرع‭ ‬الفرقة‭ ‬وتسييس‭ ‬الحج‭ ‬بما‭ ‬لا‭ ‬يتلاءم‭ ‬إطلاقا‭ ‬مع‭ ‬التشريعات‭ ‬الدينية‭! ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬التسبب‭ ‬في‭ ‬القلق‭ ‬الأمني‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬الذي‭ ‬يحتاج‭ ‬فيه‭ ‬الحجاج‭ ‬إلى‭ ‬الصفاء‭ ‬الروحي‭ ‬والذهني‭ ‬وهم‭ ‬يتوجهون‭ ‬إلى‭ ‬أداء‭ ‬مناسكهم،‭ ‬التي‭ ‬لطالما‭ ‬حافظت‭ ‬بلاد‭ ‬الحرمين‭ ‬على‭ ‬الأمن‭ ‬والأمان‭ ‬في‭ ‬الحج،‭ ‬واعتبرت‭ ‬أي‭ ‬إخلال‭ ‬بنظامه‭ ‬الديني‭ ‬والأمني‭ ‬هو‭ ‬خط‭ ‬أحمر‭!     ‬

{‭ ‬من‭ ‬الواضح‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬بعض‭ ‬الجهات‭ ‬التي‭ ‬سعت‭ ‬وتسعى‭ ‬للإخلال‭ ‬بنظام‭ ‬الضيافة‭ ‬الدينية‭ ‬التي‭ ‬تقوم‭ ‬بها‭ ‬السعودية‭ ‬في‭ ‬موسم‭ ‬الحج‭ ‬لأغراض‭ ‬خارجة‭ ‬تماما‭ ‬عن‭ ‬الدين‭ ‬وأركانه‭ ‬ونسكه‭ ‬وكامتداد‭ ‬لمحاولات‭ ‬‮«‬تدويل‭ ‬الحج‮»‬‭ ‬كما‭ ‬يتكرر‭ ‬المطلب،‭ ‬رغم‭ ‬أن‭ ‬الأراضي‭ ‬المقدسة‭ ‬هي‭ ‬أراضٍ‭ ‬في‭ ‬السعودية‭ ‬ولم‭ ‬تقصر‭ ‬قط‭ ‬في‭ ‬تلبية‭ ‬كل‭ ‬احتياجات‭ ‬الوافدين‭ ‬إلى‭ ‬الحج،‭ ‬بل‭ ‬إنها‭ ‬على‭ ‬المستوى‭ ‬العالمي‭ ‬تفوقت‭ ‬بكل‭ ‬الأشكال‭ ‬في‭ ‬كيفية‭ ‬إدارة‭ ‬الأعداد‭ ‬المليونية‭ ‬في‭ ‬رقعة‭ ‬صغيرة‭ ‬جغرافيا‭ ‬في‭ ‬النهاية،‭ ‬ما‭ ‬بين‭ ‬بيت‭ ‬الله‭ ‬الحرام‭ ‬ومنى‭ ‬وعرفات‭ ‬والمزدلفة‭ ‬ورمي‭ ‬الجمرات‭! ‬ولذلك‭ ‬فإن‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬الدعوات‭ ‬تنبع‭ ‬من‭ ‬طموحات‭ ‬خارج‭ ‬إطار‭ ‬الدين،‭ ‬ليدخل‭ ‬التسييس‭ ‬بانشقاقاته‭ ‬واختلافاته‭ ‬في‭ ‬صلب‭ ‬الركن‭ ‬الأعظم‭ ‬والأركان‭ ‬الأخرى،‭ ‬بما‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬وصفه‭ ‬إلا‭ ‬بالإفساد‭ ‬وتوجيه‭ ‬الحجاج‭ ‬إلى‭ ‬مآرب‭ ‬أخرى‭ ‬لا‭ ‬صلة‭ ‬لها‭ ‬بالدين‭ ‬وبالحج‭!‬

إقرأ أيضا لـ"فوزية رشيد"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا