العدد : ١٧٠٤٥ - الجمعة ٢٢ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٠ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٥ - الجمعة ٢٢ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٠ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

زاوية غائمة

جعفـــــــر عبــــــــاس

jafasid09@hotmail.com

تبريرا للخلع والطلاق

كتبت‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬متعاطفا‭ ‬مع‭ ‬الرجل‭ ‬الإيراني‭ ‬الذي‭ ‬قرر‭ ‬تطليق‭ ‬زوجته‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬ظلا‭ ‬سويا‭ ‬65‭ ‬سنة،‭ ‬معلنا‭ ‬أنه‭ ‬لا‭ ‬يرغب‭ ‬في‭ ‬الزواج‭ ‬بأخرى‭ ‬وكل‭ ‬ما‭ ‬هناك‭ ‬هو‭ ‬أنه‭ ‬صار‭ ‬يحس‭ ‬بالملل‭ ‬من‭ ‬الجلوس‭ ‬مع‭ ‬الشخص‭ ‬نفسه‭ (‬لماذا‭ ‬تتمتع‭ ‬النساء‭ ‬بمعاملة‭ ‬لغوية‭ ‬خاصة؟‭ ‬لماذا‭ ‬لا‭ ‬توجد‭ ‬صيغة‭ ‬تأنيث‭ ‬لشخص‭ ‬ونقول‭ ‬شخصة‭ ‬عن‭ ‬المرأة؟‭ ‬ولماذا‭ ‬لا‭ ‬توجد‭ ‬صيغة‭ ‬جمع‭ ‬لكلمة‭ ‬امرأة،‭ ‬ولا‭ ‬صيغة‭ ‬مفرد‭ ‬لكلمة‭ ‬نساء؟‭ ‬ثم‭ ‬انظروا‭ ‬كيف‭ ‬تجعل‭ ‬نون‭ ‬النسوة‭ ‬قواعد‭ ‬اللغة‭ ‬في‭ ‬تعقيد‭ ‬جداول‭ ‬اللوغريثمات‭)‬،‭ ‬ولما‭ ‬قلت‭ ‬لزوجتي‭: ‬دعيني‭ ‬أفعل‭ ‬ما‭ ‬فعله‭ ‬ذلك‭ ‬الإيراني‭ ‬الذي‭ ‬دام‭ ‬زواجنا‭ ‬65‭ ‬سنة‭. ‬فصفعتني‭ ‬بقولها‭: ‬خليها‭ ‬55‭ ‬سنة‭.‬

قرأت‭ ‬في‭ ‬موقع‭ ‬إلكتروني‭ ‬مصري،‭ ‬تقريرا‭ ‬عن‭ ‬أداء‭ ‬القضاء‭ ‬المصري‭ ‬معززا‭ ‬بالإحصاءات،‭ ‬وكان‭ ‬من‭ ‬عجيب‭ ‬ما‭ ‬فيه‭ ‬أن‭ ‬محكمة‭ ‬الأسرة‭ ‬بمدينة‭ ‬نصر‭ ‬والنزهة‭ ‬تقضي‭ ‬بالخلع‭ ‬لصالح‭ ‬60‭ ‬امرأة‭ ‬شهريا،‭ ‬ومن‭ ‬بين‭ ‬القضايا‭ ‬التي‭ ‬أوردت‭ ‬الصحيفة‭ ‬بعض‭ ‬تفاصيلها،‭ ‬ما‭ ‬يتعلق‭ ‬بمهندسة‭ ‬قالت‭ ‬في‭ ‬دعواها‭ ‬إنها‭ ‬قدمت‭ ‬المال‭ ‬بسخاء‭ ‬لزوجها‭ ‬كي‭ ‬يدخل‭ ‬مجال‭ ‬العمل‭ ‬الحر،‭ ‬بل‭ ‬وساهمت‭ ‬معه‭ ‬بالجهد‭ ‬الشخصي‭ ‬في‭ ‬العمل،‭ ‬ولما‭ ‬أحس‭ ‬صاحبنا‭ ‬بالانتعاش‭ ‬والفرفشة‭ ‬المالية‭ ‬تفرغ‭ ‬لشؤون‭ ‬العمل‭ ‬وأهمل‭ ‬أمر‭ ‬الزوجة‭ ‬فكان‭ ‬أن‭ ‬تقدمت‭ ‬بدعوى‭ ‬الخلع،‭ ‬مما‭ ‬يعني‭ ‬أنه‭ ‬ومن‭ ‬شدة‭ ‬‮«‬قرفها‮»‬‭ ‬من‭ ‬مسلك‭ ‬الزوج‭ ‬أبدت‭ ‬استعدادها‭ ‬ليس‭ ‬فقط‭ ‬التنازل‭ ‬عن‭ ‬حقوقها‭ ‬المالية‭ ‬لديه‭ ‬بل‭ ‬رد‭ ‬القليل‭ ‬الذي‭ ‬قدمه‭ ‬لها‭ ‬عند‭ ‬الزواج‭.‬

أما‭ ‬قضية‭ ‬الخلع‭ ‬التي‭ ‬توقفت‭ ‬عندها‭ ‬طويلا،‭ ‬فكانت‭ ‬مقدمة‭ ‬من‭ ‬سيدة‭ ‬في‭ ‬الستين‭ ‬تطلب‭ ‬فراق‭ ‬زوجها‭ ‬البالغ‭ ‬من‭ ‬العمر‭ ‬65‭ ‬سنة،‭ ‬بعد‭ ‬اقتران‭ ‬دام‭ ‬38‭ ‬سنة،‭ ‬أسفر‭ ‬عن‭ ‬ثلاثة‭ ‬أبناء‭ ‬جميعهم‭ ‬تزوجوا‭ ‬واستقلوا‭ ‬بحياتهم‭. ‬وحسب‭ ‬دعواها‭ ‬فإنها‭ ‬وجدت‭ ‬نفسها‭ ‬وحيدة‭ ‬بين‭ ‬جدران‭ ‬البيت‭ ‬بعد‭ ‬زواج‭ ‬أبنائها،‭ ‬لأن‭ ‬الزوج‭ ‬بات‭ ‬يقضي‭ ‬معظم‭ ‬ساعات‭ ‬الليل‭ ‬والنهار‭ ‬خارج‭ ‬البيت‭. ‬حاول‭ ‬القاضي‭ ‬إثناءها‭ ‬عن‭ ‬قرارها‭ ‬بكلام‭ ‬من‭ ‬نوع‭: ‬دي‭ ‬عشرة‭ ‬عمر‭ ‬يا‭ ‬ست‭ ‬هانم‭.. ‬فات‭ ‬الكتير‭ ‬وبقي‭ ‬القليل‭. ‬ولكن‭ ‬الست‭ ‬هانم‭ ‬تمسكت‭ ‬بمطلبها‭: ‬حتى‭ ‬وعمري‭ ‬ستون‭ ‬سنة‭ ‬فأنا‭ ‬امرأة،‭ ‬وقبل‭ ‬أن‭ ‬أكون‭ ‬امرأة‭ ‬فإنني‭ ‬بنت‭ ‬آدم‭ ‬وحواء،‭ ‬ولن‭ ‬أقبل‭ ‬لنفسي‭ ‬أن‭ ‬أظل‭ ‬حبيسة‭ ‬بيت‭ ‬ينفر‭ ‬منه‭ ‬من‭ ‬كان‭ ‬شريك‭ ‬حياتي‭ ‬طوال‭ ‬38‭ ‬سنة‭.. ‬وعلى‭ ‬فكرة‭ ‬يا‭ ‬حضرة‭ ‬القاضي‭ ‬أنا‭ ‬جايبة‭ ‬معاي‭ ‬المهر‭ ‬اللي‭ ‬دفعهولي‭ ‬كاش‭ ‬لأني‭ ‬في‭ ‬حالة‭ ‬المطالبة‭ ‬بالخلع‭ ‬مطالبة‭ ‬برد‭ ‬المهر‭. ‬وقدمت‭ ‬للقاضي‭ ‬قيمة‭ ‬المهر‭ ‬عدا‭ ‬نقدا‭ ‬وليس‭ ‬شيكا‭ ‬أو‭ ‬كمبيالة‭!! ‬سلمت‭ ‬القاضي‭ ‬المهر‭ ‬حسبما‭ ‬هو‭ ‬مكتوب‭ ‬في‭ ‬عقد‭ ‬الزواج‭ ‬وكان‭ ‬قدره‭ ‬25‭ ‬قرشا‭ ‬أي‭ ‬ربع‭ ‬جنيه‭ ‬مصري‭ (‬تبقى‭ ‬فضيحة‭ ‬لو‭ ‬خلعتني‭ ‬زوجتي‭ ‬لأن‭ ‬المهر‭ ‬الذي‭ ‬قدمته‭ ‬لها‭ ‬يساوي‭ ‬بأسعار‭ ‬صرف‭ ‬العملة‭ ‬حاليا‭ ‬واحدا‭ ‬على‭ ‬عشرة‭ ‬من‭ ‬الدولار‭.. ‬تخيل‭ ‬–لا‭ ‬قدر‭ ‬الله–‭ ‬ونحن‭ ‬الآن‭ ‬نعيش‭ ‬في‭ ‬دولة‭ ‬قطر‭ ‬أن‭ ‬تقدم‭ ‬للقاضي‭ ‬نصف‭ ‬ريال‭ ‬قطري‭ ‬ثم‭ ‬تقول‭ ‬لي‭: ‬خلي‭ ‬الباقي‭ ‬عشانك‭).‬

نعم‭ ‬تلك‭ ‬السيدة‭ ‬أم‭ ‬60‭ ‬سنة‭ ‬بنت‭ ‬آدم‭ ‬وحواء‭ ‬وامرأة،‭ ‬ومن‭ ‬حقها‭ ‬أن‭ ‬تنعم‭ ‬بصحبة‭ ‬طيبة،‭ ‬ومن‭ ‬حقها‭ ‬أن‭ ‬تتألم‭ ‬لأن‭ ‬من‭ ‬ظلت‭ ‬زوجة‭ ‬له‭ ‬طوال‭ ‬38‭ ‬سنة‭ ‬‮«‬اعتبر‮»‬‭ ‬أن‭ ‬دورها‭ ‬في‭ ‬حياته‭ ‬انتهى‭ ‬لأن‭ ‬العيال‭ ‬كبرت‭ ‬وكل‭ ‬واحد‭ ‬راح‭ ‬لحاله،‭ ‬وتفرغ‭ ‬لتسلية‭ ‬نفسه‭ ‬في‭ ‬المقاهي‭ ‬وبيوت‭ ‬الأقارب‭ ‬والأصدقاء‭.‬

اخلعيه‭ ‬يا‭ ‬ستي‭ ‬وروحي‭ ‬لأهلك‭ ‬وحبايبك‭ ‬ويمكن‭ ‬تلاقي‭ ‬واحد‭ ‬يستأهلك‭ ‬وتستأهليه‭!! ‬عيب‭ ‬أن‭ ‬تبتسم‭ ‬أيها‭ ‬القارئ‭ ‬ابتسامة‭ ‬سخرية‭ ‬واستخفاف‭. ‬ابن‭ ‬آدم‭ ‬لا‭ ‬يفقد‭ ‬عواطفه‭ ‬وحاجته‭ ‬للحب‭ ‬والحنان‭ ‬لأن‭ ‬عمره‭ ‬70‭ ‬أو‭ ‬83‭ ‬سنة‭. ‬ومن‭ ‬يعرف‭ ‬‮«‬الأصول‮»‬‭ ‬رجلا‭ ‬كان‭ ‬أم‭ ‬امرأة،‭ ‬يعرف‭ ‬أن‭ ‬الإنسان‭ ‬وكلما‭ ‬تقدم‭ ‬في‭ ‬السن‭ ‬كان‭ ‬أحوج‭ ‬للأنيس‭ ‬والرفقة‭ ‬الطيبة‭. ‬وكون‭ ‬العيال‭ ‬كبرت‭ ‬لا‭ ‬يعني‭ ‬أن‭ ‬العواطف‭ ‬بين‭ ‬الأبوين‭ ‬تصاب‭ ‬بالشيخوخة،‭ ‬ولا‭ ‬يعطي‭ ‬أي‭ ‬طرف‭ ‬في‭ ‬العلاقة‭ ‬الزوجية‭ ‬التصرف‭ ‬وكأن‭ ‬الزواج‭ ‬الذي‭ ‬نجم‭ ‬عنه‭ ‬العيال‭ ‬الذين‭ ‬كبروا‭ ‬كان‭ ‬حكما‭ ‬بالسجن‭ ‬انتهى‭ ‬بخروج‭ ‬العيال‭ ‬إلى‭ ‬بيوتهم‭ ‬الخاصة‭.‬

إقرأ أيضا لـ"جعفـــــــر عبــــــــاس"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا