عالم يتغير
فوزية رشيد
عيدنا المبارك وفرحة لم تكتمل!
{ اليوم يوم العيد المبارك. هما عيدان: عيد رمضان وعيد الأضحى تخللهما هذا العام الأحداث الكارثية في غزة ونحن نرى أخوة لنا في الدين والعروبة يتعرضون لكل تلك المآسي من حرب الإبادة والتطهير العرقي حتى أصبحت الإنسانية وكأنها في محفل غياب والبشرية تئن مما تراه وكأننا أيضا نحن المسلمين والعرب نمر في مسارات التزييف العميق للحياة! حتى أصبحت سيول الوحشية تحاصرنا من غزة ولا نملك لها حجرا يعيقها! ورغم ذلك ولأن عيد الأضحى مناسبة احتفاء واحتفال وتواصل أسري واجتماعي فإن حتى أهل غزة أنفسهم وهم في ممرات الانتظار ينتظرون الفرج القادم فإنهم في الوقت ذاته لا يتوانون عن الفرح بالعيد لأن فرحته طقس ديني وهم أكثر من أثبتوا للعالم صلابة إيمانهم بدينهم وقوة عزيمتهم وصمودهم الذي أبهر العالم لأنهم في اختبار اليقين والتوكل على الله واحتساب شهدائهم في الجنة أحياء يرزقون وما الابتلاء الكبير الذي يمرون به إلا ابتلاء تأتي قوته من قوة إيمانهم ولكأنهم يرسلون إلى العالم رسالة دينية قبل أن تكون دنيوية بأنهم يستمدون صمودهم الأسطوري من عمق إيمانهم وأنهم هم من دون غيرهم من اختارهم الله ليوصلوا رسالة اليقظة إلى العالم كله! وهذا ما يقولونه بأنفسهم.
{ رغم ذلك ونحن ندرك كل أشكال الابتلاءات التي ابتلى بها الله نبيه محمد عليه الصلاة والسلام وهو نبي الرحمة ورسول البشرية وكل أنبيائه الآخرين فإننا ندرك في الوقت ذاته أن أصعب الابتلاءات لمن يحبهم الله لحكمة إلهية فائقة في أن كل عذابات هذه الدنيا الفانية والقصيرة يعقبها خلود الراحة الأبدية لمن أثبتوا تزكية أنفسهم وصبروا وكابدوا وهم لا يفقدون إيمانهم ولا حقيقة أرواحهم الطاهرة فيما الظالم مهما تمادى فله عقاب الدنيا والخلود في عقاب الآخرة، وقد فقد إنسانيته وطهارته الروحية واعتقد أن انتصاره هو انتصار القوى الظلامية ليبقى متخبطا فيها فاقدا لبراءته الإنسانية التي فطره الله عليها ولا يدرك حجم خسارته الحقيقية!
{ هو عيدنا القدسي الثاني هذا العام تتناوبنا الحيرة الروحية بين الفرح والإيمان والتوكل والألم القاسي الذي ينتابنا منذ شهور طويلة ونحن نرى ما نرى من كل ألوان الفجائع التي مر ويمر بها أهل غزة وفلسطين العربية كلها منذ 76 عاما! هذه المرة بلغت الظلامية الغربية والصهيونية مبالغ خطرة بحاجة إلى من يفرمل جنونها ضد البشرية ككل وليس فقط ضد الشعب الفلسطيني الذي عانى ويعاني من أفدح أشكال الظلم منذ بدأت السردية الصهيونية بأكاذيبها! الإنسانية كلها تبحث عن الخلاص.
{ هو عيد كنا نتمنى لتكتمل الفرحة فيه، أن يستعيد الشعب الفلسطيني في غزة شيئا من أمنه وسلامته وفرحة أطفاله في عيد هو لهم قبل أن يكون لبقية المسلمين فقد دفعوا أثمانا باهظة ولم ينسوا لحظة صلتهم بالدين وبرب العالمين، فيما أضاع آخرون إنسانيتهم ليقفوا بعدها في يوم الغيب القادم في الآخرة أمام محكمة العدالة الإلهية لا غيرها!
{ هو عيد نؤمن بأهميته وقيمته بعد يوم عرفة والأيام العشرة المباركة وبعد وقوف الحجاج في عرفة وقوف المتيقن بصلته بخالق الكون ودعاءه ورجاءه في أن يعم الخير أمة الإسلام وأن يكون الفرج قريبا لقضية المسلمين والعالم كله اليوم وهي القضية الفلسطينية التي لن يستقر فرح المسلمين وأحرار العالم على شاطئه إلا حين يتم إنصاف هذه القضية بحل شامل وعادل! حتى اقتران الفرج فيها بالفرج في روح كل المسلمين والمؤمنين بالعدالة بعد أن أضاءوا العالم كله بنور قلوبهم!
نتمنى أن يكون العام القادم عام الفرج وانحسار الظلامية عن العالم كله! وأن يكتمل الفرح المقدس في أعيادنا المقدسة وكل عام وأنت بخير.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك