العدد : ١٦٩٧٠ - الأحد ٠٨ سبتمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٠٥ ربيع الأول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٦٩٧٠ - الأحد ٠٨ سبتمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٠٥ ربيع الأول ١٤٤٦هـ

عالم يتغير

فوزية رشيد

تمخض الجبل فولد فأرًا

{‭ ‬منذ‭ ‬الساعات‭ ‬الأولى‭ ‬التي‭ ‬تواصلت‭ ‬فيها‭ ‬المشاهد‭ ‬للعدوان‭ ‬الصهيوني‭ ‬على‭ ‬النصيرات‭ ‬ثم‭ ‬إعلان‭ ‬تحرير‭ ‬أربعة‭ ‬أسرى‭ ‬بمساعدة‭ ‬أمريكية،‭ ‬كان‭ ‬واضحا‭ ‬حجم‭ ‬المجزرة‭ ‬الجديدة‭ ‬التي‭ ‬أدت‭ ‬إلى‭ ‬استشهاد‭ ‬274‭ ‬شهيدا‭ ‬ومئات‭ ‬المصابين‭ (‬698‭ ‬مصابا‭) ‬والتسبب‭ ‬بالمزيد‭ ‬من‭ ‬الكوارث‭ ‬الإنسانية‭ ‬للنازحين‭ ‬عدة‭ ‬مرات‭ ‬من‭ ‬مكان‭ ‬إلى‭ ‬آخر،‭ ‬ليواجهوا‭ ‬في‭ ‬النهاية‭ ‬ذات‭ ‬المجازر‭ ‬المروعة،‭ ‬بل‭ ‬الأكثر‭ ‬ترويعا‭! ‬ورغم‭ ‬ذلك‭ ‬فإن‭ ‬الكيان‭ ‬الصهيوني‭ ‬أعلن‭ ‬انتصارا‭ ‬تاريخيا‭! ‬وكأن‭ ‬من‭ ‬قتلهم‭ ‬بالمئات‭ ‬وأصاب‭ ‬أكثر‭ ‬منهم‭ ‬مجرد‭ ‬قرابين‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬عيون‭ ‬الأسرى‭ ‬الأربعة‭ ‬بعد‭ ‬حرب‭ ‬إبادة‭ ‬استمرت‭ ‬ثمانية‭ ‬أشهر‭ ‬لم‭ ‬تحرر‭ ‬فيها‭ ‬إلا‭ ‬أسيرين‭ ‬سابقا،‭ ‬ضاربا‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬ذاته‭ ‬بعرض‭ ‬الحائط‭ ‬كل‭ ‬المواثيق‭ ‬الحقوقية‭ ‬والاتفاقيات‭ ‬الدولية‭ ‬وقواعد‭ ‬القانون‭ ‬الدولي‭ ‬الإنساني‭ ‬وكل‭ ‬القيم‭ ‬والأعراف‭ ‬حول‭ ‬حماية‭ ‬المدنيين،‭ ‬فإذا‭ ‬بجرائمه‭ ‬الإرهابية‭ ‬تتصاعد‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬وضعت‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬الكيان‭ ‬الصهيوني‭ ‬في‭ ‬قائمة‭ ‬العار‭! ‬وليصرح‭ ‬المتحدث‭ ‬باسم‭ ‬كتائب‭ ‬القسام‭ ‬‮«‬بأن‭ ‬الجيش‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬تمكن‭ ‬اليوم‭ (‬السبت‭ ‬الماضي‭)‬،‭ ‬عبر‭ ‬ارتكاب‭ ‬مجازر‭ ‬مروعة،‭ ‬من‭ ‬استعادة‭ ‬بعض‭ ‬من‭ ‬أسراه‭ ‬في‭ ‬قطاع‭ ‬غزة،‭ ‬لكنه‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬نفسه‭ ‬قتل‭ ‬بعضهم‭ ‬خلال‭ ‬العملية‮»‬‭ ‬أي‭ ‬أن‭ ‬الكيان‭ ‬قتل‭ ‬أيضا‭ ‬بعض‭ ‬أسراه‭! ‬

{‭ ‬ثمانية‭ ‬أشهر‭ ‬والكيان‭ ‬بكامل‭ ‬عتاده‭ ‬وعدته‭ ‬والدعم‭ ‬الأمريكي‭ ‬والغرب‭ ‬المتماهي‭ ‬معه‭ ‬في‭ ‬العدوان‭ ‬الهمجي‭ ‬أسفرت‭ ‬عن‭ ‬تحرير‭ ‬4‭ ‬أسرى‭ ‬وبمشاركة‭ ‬أمريكية‭ ‬كشفت‭ ‬حقيقة‭ ‬دور‭ (‬ميناء‭ ‬بايدن‭ ‬العائم‭) ‬وأنها‭ ‬ليست‭ ‬للمساعدات‭ ‬كما‭ ‬الادعاء،‭ ‬وإنما‭ ‬هو‭ ‬قاعدة‭ ‬تجسس‭ ‬متقدمة‭! ‬ولهذا‭ ‬الميناء‭ ‬قصة‭ ‬أخرى‭ ‬أكبر‭! ‬ولكنه‭ ‬في‭ ‬مجزرة‭ ‬النصيرات‭ ‬كان‭ ‬مشاركا‭ ‬مع‭ ‬ست‭ ‬دول‭ ‬عظمى‭ ‬تبحث‭ ‬معا‭ ‬في‭ ‬قاعدة‭ ‬الميناء‭ ‬عن‭ ‬سر‭ ‬صمود‭ ‬المقاومة‭ ‬وكيفية‭ ‬النيل‭ ‬منها‭! ‬

{‭ ‬ورغم‭ ‬كل‭ ‬التقنيات‭ ‬والتكنولوجيا‭ ‬المتقدمة‭ ‬التي‭ ‬أسهمت‭ ‬بها‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬ودول‭ ‬غربية‭ ‬أخرى‭ ‬بقي‭ ‬لغز‭ ‬صمود‭ ‬المقاومة‭ ‬يؤرق‭ ‬الكيان‭ ‬ومعاونيه،‭ ‬حتى‭ ‬جاءت‭ ‬تلك‭ ‬العملية‭ ‬التي‭ ‬تم‭ ‬وصفها‭ ‬بالمركبة‭ ‬والمعقدة‭ ‬لتسفر‭ ‬فقط‭ ‬عن‭ ‬تحرير‭ ‬أربعة‭ ‬أسرى‭ ‬وسط‭ ‬مئات‭ ‬الذين‭ ‬استشهدوا،‭ ‬وأضعاف‭ ‬مضاعفة‭ ‬من‭ ‬المصابين‭! ‬لكأن‭ ‬الجبل‭ ‬تمخض‭ ‬فولد‭ ‬فأرا،‭ ‬ولكنه‭ ‬الفأر‭ ‬المعجزة‭ ‬الذي‭ ‬تم‭ ‬الاحتفاء‭ ‬به‭ ‬احتفاء‭ ‬تاريخيا‭ ‬باعتباره‭ ‬النصر‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬مثيل‭ ‬له‭ ‬على‭ ‬المقاومة‭! ‬تلك‭ ‬المقاومة‭ ‬التي‭ ‬يخرج‭ ‬شبابها‭ ‬حفاة‭ ‬أو‭ ‬بنعال‭ ‬ليضعوا‭ ‬القنابل‭ ‬من‭ ‬مسافة‭ ‬صفر‭ ‬على‭ ‬الدبابات‭ ‬الإسرائيلية‭! ‬تلك‭ ‬المقاومة‭ ‬التي‭ ‬تسببت‭ ‬خلال‭ ‬ثمانية‭ ‬أشهر‭ ‬في‭ ‬قتل‭ ‬الآلاف‭ ‬من‭ ‬ضباط‭ ‬العدو‭ ‬الصهيوني‭ ‬وجنوده،‭ ‬وقامت‭ ‬بتصوير‭ ‬الكمائن‭ ‬والكثير‭ ‬من‭ ‬عملياتها‭ ‬البطولية‭! ‬حتى‭ ‬أصابت‭ ‬عناصر‭ ‬الجيش‭ ‬الصهيوني‭ ‬بالهزيمة‭ ‬النفسية‭ ‬والمعنوية‭ ‬لتفجر‭ ‬غضبها‭ ‬في‭ ‬المعتقلين‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬في‭ ‬سجونها‭! ‬ولتقتل‭ ‬الأطفال‭ ‬عن‭ ‬عمد‭ ‬في‭ ‬غزة‭! ‬وما‭ ‬تفعله‭ ‬في‭ ‬السجون،‭ ‬وبحسب‭ ‬تقارير‭ ‬في‭ ‬صحف‭ ‬غربية،‭ ‬يفوق‭ ‬تلك‭ ‬الوحشية‭ ‬التي‭ ‬قام‭ ‬بها‭ ‬الصهاينة‭ ‬الأمريكان‭ ‬في‭ ‬سجن‭ ‬أبوغريب‭ ‬وفي‭ ‬جوانتنامو‭! ‬بل‭ ‬إن‭ ‬الأسرى‭ ‬الصهاينة‭ ‬حين‭ ‬يخرجون‭ ‬وهم‭ ‬في‭ ‬أفضل‭ ‬وضع‭ ‬صحي‭ ‬جسديا‭ ‬ونفسيا‭! ‬يضع‭ ‬المقارنة‭ ‬بين‭ ‬سلوكيات‭ ‬المقاومة‭ ‬وسلوكيات‭ ‬الكيان‭ ‬مع‭ ‬الأسرى‭ ‬وبسببه‭ ‬تم‭ ‬طرد‭ ‬مذيعة‭ ‬إسرائيلية‭ ‬من‭ ‬القناة‭ ‬12‭ ‬لأنها‭ ‬تحدثت‭ ‬عن‭ ‬الأسيرة‭ ‬المحررة‭ ‬بين‭ ‬الثلاثة‭ ‬الآخرين‭ ‬والشكل‭ ‬الزاهي‭ ‬الذي‭ ‬خرجت‭ ‬به‭ ‬من‭ ‬الأسر‭! ‬

{‭ ‬لو‭ ‬عدنا‭ ‬قليلا‭ ‬بالذاكرة‭ ‬منذ‭ ‬بدء‭ ‬العدوان‭ ‬على‭ ‬غزة‭ ‬لوجدنا‭ ‬كيف‭ ‬كان‭ ‬ولا‭ ‬يزال‭ ‬الاستنفار‭ ‬الأمريكي‭ ‬والغربي‭ ‬عموما‭ ‬لدعم‭ ‬الكيان‭ ‬عسكريا‭ ‬وماليا‭ ‬واستخباراتيا‭ ‬وإعلاميا‭! ‬كيف‭ ‬دخلت‭ ‬البارجات‭ ‬الحربية‭ ‬النووية‭ ‬اثنتين‭ ‬لأمريكا‭ ‬وواحدة‭ ‬لبريطانيا‭ ‬المياه‭ ‬القريبة‭ ‬من‭ ‬فلسطين‭! ‬كيف‭ ‬تحولت‭ ‬إحدى‭ ‬البارجات‭ ‬الأمريكية‭ ‬إلى‭ ‬المشاركة‭ ‬الفعلية‭ ‬في‭ ‬إدارة‭ ‬الحرب‭ ‬ولا‭ ‬تزال‭ ‬إدارة‭ ‬عسكرية‭ ‬ويضاف‭ ‬إليها‭ ‬بعد‭ ‬ذلك‭ ‬ميناء‭ ‬بايدن‭ ‬العائم‭! ‬كيف‭ ‬جند‭ ‬الإعلام‭ ‬الغربي‭ ‬وإعلام‭ ‬الكيان‭ ‬نفسه‭ ‬للتلفيق‭ ‬والكذب‭ ‬والتزوير‭ ‬ونشر‭ ‬الشهادات‭ ‬الكاذبة‭ ‬عن‭ ‬7‭ ‬أكتوبر،‭ ‬حتى‭ ‬انزاح‭ ‬الستار‭ ‬وانكشف‭ ‬الغطاء‭ ‬عن‭ ‬الوجه‭ ‬الحقيقي‭ ‬للكيان‭ ‬وللغرب‭ ‬ولكل‭ ‬مؤسسات‭ ‬ومنظمات‭ ‬النظام‭ ‬الدولي‭ ‬الغربي‭!‬

{‭ ‬رغم‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬كشفته‭ ‬شعوب‭ ‬العالم‭ ‬من‭ ‬أكاذيب‭ ‬الصهاينة‭ ‬وهمجية‭ ‬العدوان‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬سابقة‭ ‬له‭ ‬في‭ ‬التاريخ،‭ ‬فإن‭ ‬هذا‭ ‬الكيان‭ ‬طار‭ ‬فرحا‭ ‬لقتل‭ ‬المئات‭ ‬وإصابة‭ ‬المئات‭ ‬في‭ ‬النصيرات‭ ‬إحدى‭ ‬أبشع‭ ‬مجازره‭ ‬وكلها‭ ‬تتفوق‭ ‬في‭ ‬البشاعة‭ ‬على‭ ‬نفسها،‭ ‬لأنه‭ ‬وبمساعدة‭ ‬أمريكية‭ ‬حرر‭ ‬أربعة‭ ‬فيما‭ ‬بقي‭ ‬120‭ ‬أسيرا‭ ‬في‭ ‬يد‭ ‬المقاومة‭ ‬حتى‭ ‬الآن‭! ‬أيُّ‭ ‬نصر‭ ‬هذا؟‭! ‬

{‭ ‬المقاومة‭ ‬منذ‭ ‬ثمانية‭ ‬أشهر‭ ‬دخلت‭ ‬في‭ ‬مقاومة‭ ‬عدوان‭ ‬همجي‭ ‬تم‭ ‬فيه‭ ‬استخدام‭ ‬كل‭ ‬التقنيات‭ ‬العسكرية‭ ‬والمدنية‭ ‬الحديثة‭ ‬برا‭ ‬وجوا‭ ‬وبحرا‭! ‬وواجهت‭ ‬أمريكا‭ ‬ودولا‭ ‬غربية‭ ‬كبرى‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬اختلال‭ ‬موازين‭ ‬القوة،‭ ‬ورغم‭ ‬ذلك‭ ‬لا‭ ‬تزال‭ ‬تلك‭ ‬المقاومة‭ ‬صامدة‭! ‬وتكبّد‭ ‬العدو‭ ‬خسائر‭ ‬فادحة،‭ ‬سواء‭ ‬على‭ ‬المستوى‭ ‬العسكري‭ ‬في‭ ‬جنوده‭ ‬وضباطه‭ ‬وألويته‭ ‬أو‭ ‬على‭ ‬المستوى‭ ‬الإعلامي‭ ‬أو‭ ‬النفسي‭ ‬والمعنوي‭ ‬والأخلاقي‭! ‬أو‭ ‬حتى‭ ‬على‭ ‬المستوى‭ ‬السياسي‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬اعتراف‭ ‬بعض‭ ‬دول‭ ‬الغرب‭ ‬بالدولة‭ ‬الفلسطينية،‭ ‬وما‭ ‬قامت‭ ‬به‭ ‬جنوب‭ ‬إفريقيا‭ ‬في‭ ‬محكمة‭ ‬العدل‭ ‬الدولية‭ ‬ووضع‭ ‬الكيان‭ ‬على‭ ‬قائمة‭ ‬العار‭ ‬السوداء‭.. ‬وغير‭ ‬ذلك‭!‬

{‭ ‬فشل‭ ‬الكيان‭ ‬وفشل‭ ‬الغرب‭ ‬بزعامة‭ ‬أمريكا،‭ ‬ورغم‭ ‬كل‭ ‬حرب‭ ‬الإبادة‭ ‬والتطهير‭ ‬العرقي‭ ‬والمجازر،‭ ‬في‭ ‬أن‭ ‬يحقق‭ ‬انتصارا‭ ‬عسكريا‭ ‬حقيقيا،‭ ‬حتى‭ ‬خرج‭ ‬الفأر‭ ‬المعجزة‭ ‬من‭ ‬بطن‭ ‬الجبل‭ ‬ليطل‭ ‬مزهوا‭ ‬بخروجه‭ (‬خروج‭ ‬4‭ ‬أسرى‭) ‬وليسجل‭ ‬نفسه‭ ‬في‭ ‬سجل‭ ‬الانتصار‭ ‬الصهيوني‭ ‬الساحق،‭ ‬كما‭ ‬قال‭ ‬الكيان‭! ‬ولتتضح‭ ‬حقيقة‭ ‬الجيش‭ ‬الصهيوني‭ ‬على‭ ‬النطاق‭ ‬العسكري‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬انكشفت‭ ‬حقيقة‭ ‬الكيان‭ ‬أخلاقيا‭ ‬وإنسانيا‭ ‬ومعنويا،‭ ‬وسجل‭ ‬له‭ ‬التاريخ‭ ‬السقوط‭ ‬المدوي‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬ذلك‭! ‬ويا‭ ‬له‭ ‬من‭ ‬فأر‭ ‬معجزة‭!‬

إقرأ أيضا لـ"فوزية رشيد"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا