زاوية غائمة
جعفـــــــر عبــــــــاس
jafasid09@hotmail.com
صج هندي شاطر
كان المعلق الرياضي يقدم وصفا لمباراة كرة قدم كان الحكم فيها هنديا، وفي منعطف معين هلل المعلق: ضربة جزاء وهادي فرصة يا فريقنا... ثم صمت برهة وقال: الحكم يقول ما فيها شي واللعب يستمر.. صج (فعلا) هندي، و«تحسبني هندي» عبارة تتردد على أفواه الكثيرين، وخاصة في منطقة الخليج، نفيا للغباء، وليس مرد ذلك ان هؤلاء يعتبرون الهنود أغبياء، بل نشأت العبارة وولدت من رحم السينما الهندية، التي اشتهرت بالمبالغات التي لا تحترم العقل، فبوليوود وهي المقابل الهندي لهوليوود تنتج في شهر واحد أفلاما أكثر مما تنتجه الدول الأوروبية مجتمعة في سنة كاملة، وأفلام كهذه لا بد ان تكون بطريقة سلق البيض أي لا تحتاج إلى أي مهارة: بطل الفيلم يكتشف أن خطيبته أمه وأن أباه أخوه في الرضاع.. وقس على ذلك.
ومن يعيشون في منطقة الخليج أو يتابعون الطفرات الهائلة التي تشهدها الهند يعرفون ان الهنود أبعد ما يكونون عن الغباء، بل يمتازون بالشطارة التي تصل إلى حد الفهلوة في كثير من الأحيان. وأقدم اليكم اليوم –نقلا عن صحيفة هندستان تايمز- نموذجا لهندي جدير بالإعجاب والاحترام على مستوى الكرة الأرضية، فقد أعلن الرجل عبر الإنترنت بيع منزل فخم في نيودلهي يتألف من عشرات الغرف والصالات والحدائق والنوافير والنواعير، وطلب ثمنا له مبلغا يزيد قليلا على 800 ألف دولار، فاطلع على الاعلان مليونير أمريكي وقال بالإنجليزية بلهجة خليجية: صج هندي: هذا بيت لا تقل قيمته عن خمسة ملايين دولار، ولا بد من التحرك الفوري لشرائه قبل ان ينتبه صاحبه المغفل العبيط ويرفع السعر! وهكذا بادر الامريكاني بالاتصال بصاحب العقار المغفل، ثم امتطى طائرة عابرة للمحيطات والقارات، حتى وصل إلى نيودلهي حيث عاين مستندات الملكية، واطمأن إلى أنها في السليم، واستعجل اجراءات الشراء، ودفع الثمن المطلوب كاش داون.. عدا نقدا.. وتسلم الأوراق الخاصة بالملكية موثقة عند محام بارع، وقضى بضع ساعات منتشيا لأنه ضحك على الهندي العبيط الذي لا يعرف قيمة بيته الفاره.
ثم تحرك عبقرينو الأمريكاني في رتل من السيارات مع أصدقائه، لمعاينة البيت على الطبيعة، توطئة لإعادة طرحه في السوق لتحقيق ربح فوري يفوق أربعة ملايين دولار، وحاول الاقتراب من البيت ولكن رجال الشرطة أوقفوه، وعندما عاندهم شهروا السلاح في وجهه، فحسب انهم «يتفهلوون» للحصول على بقشيش من المالك الجديد للبيت الفخم، ومد يده إليهم بحفنة من الدولارات ولكنه فوجئ بغضبهم وتهديدهم له بالاعتقال بل والضرب إذا لم يبتعد عن البيت. هنا اتصل الرجل بشرطة النجدة وأبلغهم أن هناك من يمنعه من دخول بيته، فهرعت الشرطة الى حيث كان يقف وبعد سين وجيم كاد الرجل يفقد عقله لأن رجال شرطة النجدة طفقوا يضحكون ثم اقتادوه مخفورا إلى مركزهم، ولاحظ الرجل أن الشرطة تعامله كمعتوه فأخرج من جيبه الأوراق التي تثبت ملكيته للبيت وسندات الشراء وتسجيل العقار، فما زاد ذلك ضحكات الشرطة إلا ارتفاعا وصخبا. كي لا أطيل عليكم الفيلم غير الهندي فقد كان البيت الذي اشتراه هو مقر رئيس الوزراء الهندي، وأدرك المليونير الأمريكي أنه دخل التاريخ كما الصعيدي الذي اشترى الترام في القاهرة.
الأمريكان اعتادوا الضحك على الشعوب ومن ثم فإن كل من يضحك على الامريكان يستحق الثناء والتقدير. أحد أسخف بجاحات الأمريكان هو القانون الذي أصدروه بمحاكمة الدول المصدرة للبترول من أعضاء أوبك إذا ارتفع سعر البترول، يعني قد نقرأ قريبا أخبارا من شاكلة: صدور أمر باعتقال نيجيريا بتهمة خفض انتاجها من النفط لأن ذلك أدى إلى ارتفاع أسعاره.. الإفراج عن فنزويلا بضمان عنوانها الجغرافي بعد احتجاز دام شهرا بسبب ارتفاع أسعار النفط نتيجة لإضراب عمال قطاع النفط ما تسبب في قلة المعروض من تلك السلعة.. ويا صاحبي الذي باع بيت رئيس الوزراء أنت صج هندي.. يعني ذكي... برافو.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك