زاوية غائمة
جعفـــــــر عبــــــــاس
jafasid09@hotmail.com
عن حيتان اليمن
اجتاحت العالم العربي موجة غباء خلال وقبل وبعد عام 2011 الذي شهد ما يسمى الربيع العربي، وكان شيخ الاغبياء هو رئيس وزراء العراق الأسبق نوري المالكي، الذي سلمه الامريكان كرسي الرئاسة، بعد أن وضعوا قوانين لعبة الحكم في بغداد، بحيث يكون من حق المالكي وحده تسديد ضربات الجزاء، وتسجيل الأهداف، وهي ضربات نتائجها شبه مضمونة، وقد يطيش بعضها، ولكن معظمها يجد طريقه الى المرمى، وأذكر يوم أضاع عبقري الكرة وحبيب الجماهير العربية، الأرجنتيني ليونيل ميسي، ضربة جزاء، كانت لصالح فريقه وقتذاك برشلونة الاسباني، فأصيب باكتئاب، أقعده عن اللعب بضعة أسابيع، يعني حتى اللاعب الحاذق قد يضيع ضربة جزاء، ولكنه يحاسب نفسه ويحسّ بالتقصير وبأنه «فشّل» أي خذل فريقه وجمهوره، بينما كان نوري المالكي لا ينظر الى المرمى ولا يأبه بالجمهور، بل أثبت أنه فلتة وكان يسجل الأهداف في مرماه، حتى خسر كل المباريات وانتهى به الأمر في دكة الاحتياطي، بعد أن تسبب في تأهل داعش في بطولة الدوري العراقي
ثم ظهر الحوثيون في اليمن، وكانوا يشكون لسنوات من أنهم مهمشون وأن مناطقهم لا تحظى باهتمام الدولة، وحملوا السلاح و«هيا إلى الكفاح»، ثم هب الشعب اليمني وصمد حتى أطاح بدكتاتورية الشاويش (الرقيب) علي عبدالله صالح (قال تقرير صدر عن الامم المتحدة بعد خروج صالح من السلطة إنه اختلس من خزينة بلاده 60 بليون -بالباء- دولار.. يا مفتري، هذا المبلغ كان كفيلا بجعل اليمن قوة عظمى وليس «هيكلا عظميا» كما تركته).
المهم ما ان سقط صالح الطالح، وحدثت فجوة سياسية ودستورية كما يحدث بعد كل ثورة وانتفاضة شعبية، حتى تحرك الحوثيون لملء الفجوة، ومع أنهم لم يشاركوا في الفعل الثوري الذي أسقط حكم طالح، فقد قرروا أن يستفردوا بما تبقى من كعكة اليمن، وقاموا بغزو عدد من أقاليم البلاد واحتلالها، ومن فرط غبائهم تحالفوا مع الدكتاتور الذي رفضه الشعب في تلك الغزوة النزوة، وهكذا لم يكن مستغربا أن ترفضهم غالبية الشعب اليمني.
وبعد أن دخل الحوثيون صنعاء، أصدروا ما اسموه الإعلان الدستوري! كيف يصدر قرار يتعلق بالدستور ممن انقلبوا على الدستور؟ أليس من الغباء أن تحسب أقلية طائفية أنها قادرة على فرض أجندتها السياسية على الأغلبية بقوة السلاح، في بلد لم يعد فيه بيت يملك شيئا سوى السلاح؟ وبالتحالف مع لص غبيّ طرده الشعب ورفضته القوى الاقليمية وحسب أنه قادر على التسلل الى قصر الرئاسة عبر شُبَّاك الحوثيين؟ ومهما كانت درجة غباء الحوثيين فإنهم قطعا لم يكونوا من البله بحيث يجهزون الكرة لصالح في خط الجزاء ليسجل أهدافا لصالح نفسه الأمارة بالتسلط، ولهذا -كما كان متوقعا- فقد قاموا بتصفية صالح جسديا بعد ان استنفد غرض التحالف معه وبعد ان استبان للحوثيين أنه يريد أن «يتغدى بهم قبل أن يتعشوا به».
وكما أن داعش -ومن حيث لا تدري- ساعدت أكراد العراق في الاستحواذ على مناطق ظلوا يطالبون بضمها إلى إقليمهم، بعد فرار جيش المالكي المتألف من جنود فضائيين (وهميين، بلغ عددهم المائة ألف كان مسؤولون في وزارة الدفاع يتقاضون رواتبهم)، فإن الحوتيين (بالتاء، لأن سلوكهم لا يختلف عن سلوك الحوت الذي قد يهشم زورقا دون أن يدري أنه لو ابتلع جزءا من جسم الزورق فإن في ذلك هلاكه) يساعدون الحراك الجنوبي في المحافظات الجنوبية في تحقيق حلمه باسترداد جمهورية اليمن الجنوبي.
وهكذا زاد الحوتيون اليمن تعاسة، وكما داعش فإن أفعالهم ستكون وبالا عليهم على المدى البعيد، وسيجدون أنفسهم مضطرين الى قبول أن يتمتعوا بدرجة من الحكم الذاتي في مناطق نفوذهم في شمال البلاد، ولكن بعد أن يهلك الزرع والضرع والعباد.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك