العدد : ١٧٠٤٥ - الجمعة ٢٢ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٠ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٥ - الجمعة ٢٢ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٠ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

زاوية غائمة

جعفـــــــر عبــــــــاس

jafasid09@hotmail.com

عن حيتان اليمن

اجتاحت‭ ‬العالم‭ ‬العربي‭ ‬موجة‭ ‬غباء‭ ‬خلال‭ ‬وقبل‭ ‬وبعد‭ ‬عام‭ ‬2011‭ ‬الذي‭ ‬شهد‭ ‬ما‭ ‬يسمى‭ ‬الربيع‭ ‬العربي،‭ ‬وكان‭ ‬شيخ‭ ‬الاغبياء‭ ‬هو‭ ‬رئيس‭ ‬وزراء‭ ‬العراق‭ ‬الأسبق‭ ‬نوري‭ ‬المالكي،‭ ‬الذي‭ ‬سلمه‭ ‬الامريكان‭ ‬كرسي‭ ‬الرئاسة،‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬وضعوا‭ ‬قوانين‭ ‬لعبة‭ ‬الحكم‭ ‬في‭ ‬بغداد،‭ ‬بحيث‭ ‬يكون‭ ‬من‭ ‬حق‭ ‬المالكي‭ ‬وحده‭ ‬تسديد‭ ‬ضربات‭ ‬الجزاء،‭ ‬وتسجيل‭ ‬الأهداف،‭ ‬وهي‭ ‬ضربات‭ ‬نتائجها‭ ‬شبه‭ ‬مضمونة،‭ ‬وقد‭ ‬يطيش‭ ‬بعضها،‭ ‬ولكن‭ ‬معظمها‭ ‬يجد‭ ‬طريقه‭ ‬الى‭ ‬المرمى،‭ ‬وأذكر‭ ‬يوم‭ ‬أضاع‭ ‬عبقري‭ ‬الكرة‭ ‬وحبيب‭ ‬الجماهير‭ ‬العربية،‭ ‬الأرجنتيني‭ ‬ليونيل‭ ‬ميسي،‭ ‬ضربة‭ ‬جزاء،‭ ‬كانت‭ ‬لصالح‭ ‬فريقه‭ ‬وقتذاك‭ ‬برشلونة‭ ‬الاسباني،‭ ‬فأصيب‭ ‬باكتئاب،‭ ‬أقعده‭ ‬عن‭ ‬اللعب‭ ‬بضعة‭ ‬أسابيع،‭ ‬يعني‭ ‬حتى‭ ‬اللاعب‭ ‬الحاذق‭ ‬قد‭ ‬يضيع‭ ‬ضربة‭ ‬جزاء،‭ ‬ولكنه‭ ‬يحاسب‭ ‬نفسه‭ ‬ويحسّ‭ ‬بالتقصير‭ ‬وبأنه‭ ‬‮«‬فشّل‮»‬‭ ‬أي‭ ‬خذل‭ ‬فريقه‭ ‬وجمهوره،‭ ‬بينما‭ ‬كان‭ ‬نوري‭ ‬المالكي‭ ‬لا‭ ‬ينظر‭ ‬الى‭ ‬المرمى‭ ‬ولا‭ ‬يأبه‭ ‬بالجمهور،‭ ‬بل‭ ‬أثبت‭ ‬أنه‭ ‬فلتة‭ ‬وكان‭ ‬يسجل‭ ‬الأهداف‭ ‬في‭ ‬مرماه،‭ ‬حتى‭ ‬خسر‭ ‬كل‭ ‬المباريات‭ ‬وانتهى‭ ‬به‭ ‬الأمر‭ ‬في‭ ‬دكة‭ ‬الاحتياطي،‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬تسبب‭ ‬في‭ ‬تأهل‭ ‬داعش‭ ‬في‭ ‬بطولة‭ ‬الدوري‭ ‬العراقي

ثم‭ ‬ظهر‭ ‬الحوثيون‭ ‬في‭ ‬اليمن،‭ ‬وكانوا‭ ‬يشكون‭ ‬لسنوات‭ ‬من‭ ‬أنهم‭ ‬مهمشون‭ ‬وأن‭ ‬مناطقهم‭ ‬لا‭ ‬تحظى‭ ‬باهتمام‭ ‬الدولة،‭ ‬وحملوا‭ ‬السلاح‭ ‬و«هيا‭ ‬إلى‭ ‬الكفاح‮»‬،‭ ‬ثم‭ ‬هب‭ ‬الشعب‭ ‬اليمني‭ ‬وصمد‭ ‬حتى‭ ‬أطاح‭ ‬بدكتاتورية‭ ‬الشاويش‭ (‬الرقيب‭) ‬علي‭ ‬عبدالله‭ ‬صالح‭ (‬قال‭ ‬تقرير‭ ‬صدر‭ ‬عن‭ ‬الامم‭ ‬المتحدة‭ ‬بعد‭ ‬خروج‭ ‬صالح‭ ‬من‭ ‬السلطة‭ ‬إنه‭ ‬اختلس‭ ‬من‭ ‬خزينة‭ ‬بلاده‭ ‬60‭ ‬بليون‭ -‬بالباء‭- ‬دولار‭.. ‬يا‭ ‬مفتري،‭ ‬هذا‭ ‬المبلغ‭ ‬كان‭ ‬كفيلا‭ ‬بجعل‭ ‬اليمن‭ ‬قوة‭ ‬عظمى‭ ‬وليس‭ ‬‮«‬هيكلا‭ ‬عظميا‮»‬‭ ‬كما‭ ‬تركته‭).‬

المهم‭ ‬ما‭ ‬ان‭ ‬سقط‭ ‬صالح‭ ‬الطالح،‭ ‬وحدثت‭ ‬فجوة‭ ‬سياسية‭ ‬ودستورية‭ ‬كما‭ ‬يحدث‭ ‬بعد‭ ‬كل‭ ‬ثورة‭ ‬وانتفاضة‭ ‬شعبية،‭ ‬حتى‭ ‬تحرك‭ ‬الحوثيون‭ ‬لملء‭ ‬الفجوة،‭ ‬ومع‭ ‬أنهم‭ ‬لم‭ ‬يشاركوا‭ ‬في‭ ‬الفعل‭ ‬الثوري‭ ‬الذي‭ ‬أسقط‭ ‬حكم‭ ‬طالح،‭ ‬فقد‭ ‬قرروا‭ ‬أن‭ ‬يستفردوا‭ ‬بما‭ ‬تبقى‭ ‬من‭ ‬كعكة‭ ‬اليمن،‭ ‬وقاموا‭ ‬بغزو‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬أقاليم‭ ‬البلاد‭ ‬واحتلالها،‭ ‬ومن‭ ‬فرط‭ ‬غبائهم‭ ‬تحالفوا‭ ‬مع‭ ‬الدكتاتور‭ ‬الذي‭ ‬رفضه‭ ‬الشعب‭ ‬في‭ ‬تلك‭ ‬الغزوة‭ ‬النزوة،‭ ‬وهكذا‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬مستغربا‭ ‬أن‭ ‬ترفضهم‭ ‬غالبية‭ ‬الشعب‭ ‬اليمني‭.‬

وبعد‭ ‬أن‭ ‬دخل‭ ‬الحوثيون‭ ‬صنعاء،‭ ‬أصدروا‭ ‬ما‭ ‬اسموه‭ ‬الإعلان‭ ‬الدستوري‭! ‬كيف‭ ‬يصدر‭ ‬قرار‭ ‬يتعلق‭ ‬بالدستور‭ ‬ممن‭ ‬انقلبوا‭ ‬على‭ ‬الدستور؟‭ ‬أليس‭ ‬من‭ ‬الغباء‭ ‬أن‭ ‬تحسب‭ ‬أقلية‭ ‬طائفية‭ ‬أنها‭ ‬قادرة‭ ‬على‭ ‬فرض‭ ‬أجندتها‭ ‬السياسية‭ ‬على‭ ‬الأغلبية‭ ‬بقوة‭ ‬السلاح،‭ ‬في‭ ‬بلد‭ ‬لم‭ ‬يعد‭ ‬فيه‭ ‬بيت‭ ‬يملك‭ ‬شيئا‭ ‬سوى‭ ‬السلاح؟‭ ‬وبالتحالف‭ ‬مع‭ ‬لص‭ ‬غبيّ‭ ‬طرده‭ ‬الشعب‭ ‬ورفضته‭ ‬القوى‭ ‬الاقليمية‭ ‬وحسب‭ ‬أنه‭ ‬قادر‭ ‬على‭ ‬التسلل‭ ‬الى‭ ‬قصر‭ ‬الرئاسة‭ ‬عبر‭ ‬شُبَّاك‭ ‬الحوثيين؟‭ ‬ومهما‭ ‬كانت‭ ‬درجة‭ ‬غباء‭ ‬الحوثيين‭ ‬فإنهم‭ ‬قطعا‭ ‬لم‭ ‬يكونوا‭ ‬من‭ ‬البله‭ ‬بحيث‭ ‬يجهزون‭ ‬الكرة‭ ‬لصالح‭ ‬في‭ ‬خط‭ ‬الجزاء‭ ‬ليسجل‭ ‬أهدافا‭ ‬لصالح‭ ‬نفسه‭ ‬الأمارة‭ ‬بالتسلط،‭ ‬ولهذا‭ -‬كما‭ ‬كان‭ ‬متوقعا‭- ‬فقد‭ ‬قاموا‭ ‬بتصفية‭ ‬صالح‭ ‬جسديا‭ ‬بعد‭ ‬ان‭ ‬استنفد‭ ‬غرض‭ ‬التحالف‭ ‬معه‭ ‬وبعد‭ ‬ان‭ ‬استبان‭ ‬للحوثيين‭ ‬أنه‭ ‬يريد‭ ‬أن‭ ‬‮«‬يتغدى‭ ‬بهم‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬يتعشوا‭ ‬به‮»‬‭.‬

وكما‭ ‬أن‭ ‬داعش‭ -‬ومن‭ ‬حيث‭ ‬لا‭ ‬تدري‭- ‬ساعدت‭ ‬أكراد‭ ‬العراق‭ ‬في‭ ‬الاستحواذ‭ ‬على‭ ‬مناطق‭ ‬ظلوا‭ ‬يطالبون‭ ‬بضمها‭ ‬إلى‭ ‬إقليمهم،‭ ‬بعد‭ ‬فرار‭ ‬جيش‭ ‬المالكي‭ ‬المتألف‭ ‬من‭ ‬جنود‭ ‬فضائيين‭ (‬وهميين،‭ ‬بلغ‭ ‬عددهم‭ ‬المائة‭ ‬ألف‭ ‬كان‭ ‬مسؤولون‭ ‬في‭ ‬وزارة‭ ‬الدفاع‭ ‬يتقاضون‭ ‬رواتبهم‭)‬،‭ ‬فإن‭ ‬الحوتيين‭ (‬بالتاء،‭ ‬لأن‭ ‬سلوكهم‭ ‬لا‭ ‬يختلف‭ ‬عن‭ ‬سلوك‭ ‬الحوت‭ ‬الذي‭ ‬قد‭ ‬يهشم‭ ‬زورقا‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬يدري‭ ‬أنه‭ ‬لو‭ ‬ابتلع‭ ‬جزءا‭ ‬من‭ ‬جسم‭ ‬الزورق‭ ‬فإن‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬هلاكه‭) ‬يساعدون‭ ‬الحراك‭ ‬الجنوبي‭ ‬في‭ ‬المحافظات‭ ‬الجنوبية‭ ‬في‭ ‬تحقيق‭ ‬حلمه‭ ‬باسترداد‭ ‬جمهورية‭ ‬اليمن‭ ‬الجنوبي‭.‬

وهكذا‭ ‬زاد‭ ‬الحوتيون‭ ‬اليمن‭ ‬تعاسة،‭ ‬وكما‭ ‬داعش‭ ‬فإن‭ ‬أفعالهم‭ ‬ستكون‭ ‬وبالا‭ ‬عليهم‭ ‬على‭ ‬المدى‭ ‬البعيد،‭ ‬وسيجدون‭ ‬أنفسهم‭ ‬مضطرين‭ ‬الى‭ ‬قبول‭ ‬أن‭ ‬يتمتعوا‭ ‬بدرجة‭ ‬من‭ ‬الحكم‭ ‬الذاتي‭ ‬في‭ ‬مناطق‭ ‬نفوذهم‭ ‬في‭ ‬شمال‭ ‬البلاد،‭ ‬ولكن‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬يهلك‭ ‬الزرع‭ ‬والضرع‭ ‬والعباد‭.‬

إقرأ أيضا لـ"جعفـــــــر عبــــــــاس"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا