زاوية غائمة
جعفـــــــر عبــــــــاس
jafasid09@hotmail.com
شهادات زور أكاديمية
تم قفش علي كردان وزير الداخلية في حكومة الرئيس الإيراني الأسبق محمود أحمدي نجاد، بعد أن قدم في سيرته الذاتية ما يفيد بأنه نال الدكتوراه من جامعة أكسفورد البريطانية واتضح انه لم يزر الجامعة أو حتى موقعها على النت، وبعد أن تسلطن بعض القادة الفلسطينيين، بموجب معادلة غزة–أريحا، وصاروا وزراء ومديرين واستشاريين وغيرها من «ألقاب مملكة في غير موضعها»، تفشى بينهم وباء التمجستر والتدكتر (الإصابة بالماجستير والدكتوراه على التوالي)، فبأسلوب أولمبي قفز بعضهم من الشهادة الإعدادية إلى الماجستير، والبعض الآخر من الثانوية إلى الدكتوراه، وإذا قال لك أحدهم إنه حصل على مؤهله فوق الجامعي من رومانيا بالتحديد فاعلم ان شهادته «تايوان»، وقبل سنوات قلائل انفضح حال نحو 12 مسؤولا عربيا بعد انكشاف أنهم يحملون درجات فوق الجامعية من مؤسسات تعليمية شبحية (يذكرني هذا بإبداع حقبة نوري المالكي الكالحة في العراق حيث كان أكثر من 100 ألف جندي في الجيش «فضائيين»، ويتقاضى رواتبهم ضباط ومسؤولون في وزارة الدفاع، والأشباح لا تحارب، وما إن قرأ تنظيم الدولة الاسلامية سورة الناس في مناطق في غرب وشمال العراق حتى طارت الأشباح، لأنهم وسواس خناس).
وفي بريطانيا أقام المدعي العام دعوى على أشخاص يعلنون استعدادهم لتزويد كل من يرغب بشهادة مزورة بإتقان، في أي مجال، ولمن يدفع الحق في اختيار الجامعة التي يريد حمل شهادتها، ورمى القاضي بالقضية في الزبالة، لأنه لا يوجد في القانون البريطاني ما يجرِّم ويحرِّم تزوير الشهادات، إذا كان المزور يعلن ويعترف بأن الشهادات مزورة، ومن يشترونها يعرفون أيضا أنها مزورة.
جامعة وهمية اسمها روتشفيل تقول صراحة: هل تريد شهادات جامعية أو فوق الجامعية؟ أنت تأمر يا جميل، ولا حاجة بك إلى الدراسة أو الجلوس لامتحان، طالما عندك بعض الخبرة العملية في أي مجال، وتستطيع أن تدفع الرسوم، فالشهادة ستكون عندك خلال 5 أيام: أنت –مثلا– حارس في مدرسة، هذا يجعلك مؤهلا للحصول على دكتوراه في الأمن القومي، أو علم النفس التربوي! جهة أخرى تسمي نفسها جامعة بلفورد تطرح ما تسميه درجات فورية إنستانت دِقْريز instant degrees يعني كما ان هناك جهازا كهربائيا لإعداد إنستانت كوفي، أي القهوة الفورية، فإنها تعطي الزبائن درجات جامعية طازة طالعة من الفرن. وإذا أردت الاستوثاق من صحة ما أقول فاكتب في محرك البحث قوقل بالإنجليزية forged certificates ومعناها شهادات مزورة، وستجد قائمة بسماسرة الدرجات الأكاديمية، وبعدها ستكتشف كم من ذوي الألقاب الطنانة شغل أونطة.
لسنا وحدنا من يسقط ضحية الاستعباط من قبل الحاصلين على شهادات مزورة، ففي ولاية مشيجان الأمريكية تم إلقاء القبض على رجل ظل لعشر سنوات يجري مختلف أنواع الجراحة بما فيها القلب المفتوح وربط الرحم للنساء غير الراغبات في الحمل، وفي ولاية كاليفورنيا ضبطوا إداريا في مدرسة ابتدائية وفي حوزته دكتوراه من جامعة ستانفورد، وهي واحدة من أفضل سبع جامعات أمريكية، وعملت بها الآنسة كوندليسا رايس محاضرة ومديرة قبل ان تصبح وزيرة لخارجية بلادها، وفي ولاية فلوريدا قبضوا على رجل أجرى عدة جراحات تجميل تسببت في تشوه عشرات النساء وكلفت المستشفى غرامات بعشرات الملايين، ولم يكن يحمل سوى الشهادة الثانوية.
المهم، أنا كشفت لك كيف تحصل على شهادة لا تستحقها، ولكنني اقترح عليك مشاركتي في وضع خطة لكشف الأونطجية والبلطجية الذين حصلوا على مناصب لا يستحقونها بالشهادات المزورة. تجسس عليهم واعرف أسماء الجامعات التي يفترض انهم تخرجوا فيها، ثم أرسل تلك الأسماء إلى موقع في الانترنت يحمل اسم Inline reference check وسيكشف لك الموقع ما إذا كانت الشهادة هوائية أو أصلية، والموقع مهم أيضا للباحثين بجدية عن جامعات معترف بها: تدخل اسم الجامعة التي سمعت بها في الموقع لتتأكد مما إذا كانت حقيقية أو بقالة مثل بعض العيادات الطبية في بلداننا.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك