العدد : ١٦٩٧٠ - الأحد ٠٨ سبتمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٠٥ ربيع الأول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٦٩٧٠ - الأحد ٠٨ سبتمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٠٥ ربيع الأول ١٤٤٦هـ

مقال رئيس التحرير

أنـــور عبدالرحمــــــن

حديثُ قائد أمة

‭ ‬عكست‭ ‬كلمات‭ ‬حضرة‭ ‬صاحب‭ ‬الجلالة‭ ‬الملك‭ ‬حمد‭ ‬بن‭ ‬عيسى‭ ‬آل‭ ‬خليفة‭ ‬ملك‭ ‬البلاد‭ ‬المعظم‭ ‬خلال‭ ‬لقائه‭ ‬الرئيس‭ ‬فلاديمير‭ ‬بوتين‭ ‬رئيس‭ ‬جمهورية‭ ‬روسيا‭ ‬الاتحادية،‭ ‬أثناء‭ ‬الزيارة‭ ‬الرسمية‭ ‬التي‭ ‬قام‭ ‬بها‭ ‬جلالته‭ ‬لموسكو‭ ‬خلال‭ ‬اليومين‭ ‬الماضيين،‭ ‬مكانة‭ ‬القائد‭ ‬المهموم‭ ‬بقضايا‭ ‬أمته‭ ‬العربية،‭ ‬التي‭ ‬يحملها‭ ‬على‭ ‬عاتقه‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬جولاته‭ ‬الخارجية،‭ ‬وهذا‭ ‬أمر‭ ‬ليس‭ ‬بغريب‭ ‬على‭ ‬جلالته،‭ ‬لذا‭ ‬فإن‭ ‬هناك‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬المعاني‭ ‬التي‭ ‬تستحق‭ ‬التوقف‭ ‬والنظر‭ ‬إليها‭ ‬بتمعن‭ ‬وعمق‭ ‬يتناسب‭ ‬مع‭ ‬قيمة‭ ‬كل‭ ‬عبارة‭ ‬وردت‭ ‬فيها‭.‬

إن‭ ‬هذه‭ ‬الزيارة‭ ‬جاءت‭ ‬بعد‭ ‬أيام‭ ‬قليلة‭ ‬من‭ ‬انتهاء‭ ‬أعمال‭ ‬القمة‭ ‬العربية‭ ‬التي‭ ‬استضافتها‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭ ‬بنجاح،‭ ‬ويتجسد‭ ‬من‭ ‬خلالها‭ ‬حرص‭ ‬جلالة‭ ‬الملك‭ ‬المعظم‭ ‬رئيس‭ ‬الدورة‭ ‬الحالية‭ ‬للقمة‭ ‬العربية‭ ‬على‭ ‬المسارعة‭ ‬بتفعيل‭ ‬مخرجات‭ ‬القمة‭ ‬التي‭ ‬توافق‭ ‬عليها‭ ‬القادة‭ ‬العرب،‭ ‬كما‭ ‬تؤكد‭ ‬أن‭ ‬البحرين‭ ‬تسخر‭ ‬كل‭ ‬إمكاناتها‭ ‬الدبلوماسية‭ ‬لتحقيق‭ ‬التطلعات‭ ‬العربية‭ ‬المنشودة‭ ‬في‭ ‬إنهاء‭ ‬الأزمات‭ ‬الإقليمية‭ ‬التي‭ ‬تضرب‭ ‬في‭ ‬خاصرة‭ ‬الأمة‭.‬

جلالة‭ ‬الملك‭ ‬المعظم‭ ‬تحدث‭ ‬بصوت‭ ‬كل‭ ‬مواطن‭ ‬عربي‭ ‬حينما‭ ‬قال‭: ‬‮«‬إن‭ ‬غزة‭ ‬هي‭ ‬إحدى‭ ‬النقاط‭ ‬المؤلمة،‭ ‬وإن‭ ‬الجميع‭ ‬يأمل‭ ‬أن‭ ‬تتوقف‭ ‬هذه‭ ‬الحرب‭ ‬في‭ ‬أقرب‭ ‬وقت،‭ ‬حفاظًا‭ ‬على‭ ‬الأبرياء‭ ‬الذين‭ ‬تأثروا‭ ‬كثيرًا‭ ‬ونزوح‭ ‬مئات‭ ‬الألوف‭ ‬من‭ ‬بيوتهم‭ ‬ومن‭ ‬مناطقهم‭ ‬وهم‭ ‬يبحثون‭ ‬في‭ ‬بلادهم‭ ‬التي‭ ‬يبلغ‭ ‬طولها‭ ‬40‭ ‬كيلومترًا‭ ‬تقريبًا‭ ‬وعرضها‭ ‬12‭ ‬كيلومترًا،‭ ‬بينما‭ ‬القصف‭ ‬مستمر‮»‬،‭ ‬وتلك‭ ‬العبارات‭ ‬الواضحة‭ ‬تؤكد‭ ‬أن‭ ‬وقف‭ ‬نزيف‭ ‬الدم‭ ‬الفلسطيني‭ ‬هو‭ ‬أولوية‭ ‬بحرينية‭ ‬تحرص‭ ‬عليها‭ ‬مرارا‭ ‬وتبذل‭ ‬لأجلها‭ ‬كل‭ ‬الجهود‭ ‬الممكنة‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬مساعدة‭ ‬الأبرياء‭ ‬ومساعدتهم‭ ‬إنسانيا‭.‬

كما‭ ‬جاء‭ ‬حديث‭ ‬القائد‭ ‬مؤكدا‭ ‬الإجماع‭ ‬العربي‭ ‬على‭ ‬المبادرة‭ ‬البحرينية‭ ‬بالدعوة‭ ‬إلى‭ ‬عقد‭ ‬مؤتمر‭ ‬دولي‭ ‬للسلام‭ ‬والتوصل‭ ‬إلى‭ ‬حل‭ ‬للقضية‭ ‬الفلسطينية‭ ‬ذلك‭ ‬الخلاف‭ ‬التاريخي،‭ ‬في‭ ‬تأكيد‭ ‬جديد‭ ‬لحرص‭ ‬العرب‭ ‬على‭ ‬تحقيق‭ ‬السلام‭ ‬العادل‭ ‬والشامل‭ ‬لهذا‭ ‬الصراع،‭ ‬وجاءت‭ ‬دعوة‭ ‬الملك‭ ‬للرئيس‭ ‬الروسي‭ ‬بدعم‭ ‬هذا‭ ‬المؤتمر‭ ‬إدراكا‭ ‬بحرينيا‭ ‬جليا‭ ‬بأنه‭ ‬يجب‭ ‬اضطلاع‭ ‬كل‭ ‬القوى‭ ‬الدولية‭ ‬الفاعلة‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬بمسؤولياتها‭ ‬للعمل‭ ‬المشترك‭ ‬لوضع‭ ‬حد‭ ‬لهذه‭ ‬المعاناة‭ ‬الإنسانية‭.‬

وكانت‭ ‬كل‭ ‬كلمات‭ ‬الملك‭ ‬القائد‭ ‬رسائل‭ ‬واضحة‭ ‬للجميع‭ ‬عندما‭ ‬قال‭ ‬للرئيس‭ ‬الروسي‭: ‬‮«‬أصدقاؤكم‭ ‬العرب‭ ‬يكنون‭ ‬لكم‭ ‬كل‭ ‬المحبة‭ ‬والتقدير‭ ‬لدور‭ ‬روسيا‭ ‬في‭ ‬تعاطفها‭ ‬مع‭ ‬القضايا‭ ‬العربية‭ ‬العادلة‭.. ‬وقد‭ ‬كان‭ ‬هناك‭ ‬اتفاق‭ ‬تام‭ ‬بأن‭ ‬ندعو‭ ‬من‭ ‬قمة‭ ‬البحرين‭ ‬إلى‭ ‬مؤتمر‭ ‬دولي‭ ‬للسلام،‭ ‬وروسيا‭ ‬هي‭ ‬أول‭ ‬دولة‭ ‬أتوجه‭ ‬إليها‭ ‬بطلب‭ ‬دعم‭ ‬هذا‭ ‬المؤتمر،‭ ‬لأنه‭ ‬لا‭ ‬قيمة‭ ‬لهذا‭ ‬المؤتمر‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬دعم‭ ‬روسيا‭ ‬والدول‭ ‬العالمية‭ ‬المؤثرة،‭ ‬لذا‭ ‬نأمل‭ ‬بإذن‭ ‬الله‭ ‬أن‭ ‬نتوفق‭ ‬في‭ ‬تحقيق‭ ‬هذا‭ ‬المؤتمر‭ ‬في‭ ‬البحرين‮»‬‭.‬

ومن‭ ‬منطلق‭ ‬المسؤولية‭ ‬التاريخية‭ ‬لقائد‭ ‬يقود‭ ‬سفينة‭ ‬العمل‭ ‬العربي‭ ‬المشترك‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬أتون‭ ‬أمواج‭ ‬عاتية‭ ‬من‭ ‬الصراعات‭ ‬الإقليمية‭ ‬والدولية،‭ ‬أطلق‭ ‬جلالة‭ ‬الملك‭ ‬المعظم‭ ‬دعوة‭ ‬مخلصة‭ ‬لإقامة‭ ‬علاقات‭ ‬طبيعية‭ ‬مع‭ ‬الجمهورية‭ ‬الإسلامية‭ ‬الإيرانية‭ ‬على‭ ‬أسس‭ ‬ومبادئ‭ ‬حُسن‭ ‬الجوار،‭ ‬حينما‭ ‬بادر‭ ‬جلالته‭ ‬بالتعبير‭ ‬عن‭ ‬تطلع‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭ ‬إلى‭ ‬تحسين‭ ‬علاقاتها‭ ‬مع‭ ‬إيران،‭ ‬تلك‭ ‬الدعوة‭ ‬التي‭ ‬جاءت‭ ‬في‭ ‬قلب‭ ‬الكرملين‭ ‬أحد‭ ‬الحلفاء‭ ‬المقربين‭ ‬من‭ ‬طهران‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬الراهن،‭ ‬وتؤكد‭ ‬هذه‭ ‬الدعوة‭ ‬أيضا‭ ‬حرص‭ ‬القائد‭ ‬على‭ ‬تكريس‭ ‬قيم‭ ‬التسامح‭ ‬وتؤكد‭ ‬النهج‭ ‬الدبلوماسي‭ ‬الحكيم‭ ‬لجلالة‭ ‬الملك‭ ‬في‭ ‬الحرص‭ ‬على‭ ‬تعزيز‭ ‬السلام‭ ‬والعيش‭ ‬المشترك‭ ‬وتبادل‭ ‬المصالح‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬آمنة‭ ‬ومستقرة‭ ‬ومزدهرة‭.‬

هذه‭ ‬المبادرة‭ ‬الشجاعة‭ ‬من‭ ‬قائد‭ ‬الأمة‭ ‬تؤكد‭ ‬السعي‭ ‬البحريني‭ ‬الجاد‭ ‬نحو‭ ‬نزع‭ ‬فتيل‭ ‬التصعيد‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط،‭ ‬والتطلع‭ ‬إلى‭ ‬تصفير‭ ‬أزمات‭ ‬هذه‭ ‬المنطقة،‭ ‬وتأتي‭ ‬هذه‭ ‬الدعوة‭ ‬المخلصة‭ ‬لتؤكد‭ ‬لإيران‭ ‬الحرص‭ ‬العربي‭ ‬على‭ ‬السلام‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬الخليج،‭ ‬وعلى‭ ‬طهران‭ ‬أن‭ ‬تتقبل‭ ‬اليد‭ ‬الممدودة‭ ‬بالسلام‭ ‬وأن‭ ‬تجنح‭ ‬للسلم‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬مصالح‭ ‬شعوب‭ ‬المنطقة‭.‬

وقد‭ ‬أظهرت‭ ‬كل‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬تعاطفا‭ ‬واضحا‭ ‬مع‭ ‬إيران‭ ‬في‭ ‬مصابها‭ ‬بوفاة‭ ‬الرئيس‭ ‬الإيراني‭ ‬إبراهيم‭ ‬رئيسي‭ ‬في‭ ‬حادث‭ ‬سقوط‭ ‬المروحية‭ ‬مؤخرا،‭ ‬وأرسلت‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬كبار‭ ‬المسؤولين‭ ‬ووزراء‭ ‬الخارجية‭ ‬العرب‭ ‬لتقديم‭ ‬واجب‭ ‬التعازي‭ ‬للشعب‭ ‬الإيراني‭.‬

وتجسد‭ ‬المبادرة‭ ‬البحرينية‭ ‬حسن‭ ‬النوايا‭ ‬وانفتاح‭ ‬المنامة‭ ‬تجاه‭ ‬غلق‭ ‬صفحات‭ ‬الماضي‭ ‬والتجاوز‭ ‬عن‭ ‬الممارسات‭ ‬الإيرانية،‭ ‬حينما‭ ‬قال‭ ‬القائد‭ ‬والزعيم‭ ‬البحريني‭: ‬‮«‬لا‭ ‬يوجد‭ ‬سبب‭ ‬لتأجيل‭ ‬عودة‭ ‬العلاقات‭ ‬بين‭ ‬البلدين‮»‬،‭ ‬مع‭ ‬تأكيد‭ ‬أهمية‭ ‬احترام‭ ‬قيم‭ ‬حسن‭ ‬الجوار‭ ‬والالتزام‭ ‬بمبدأ‭ ‬عدم‭ ‬التدخل‭ ‬في‭ ‬شؤون‭ ‬الدول‭.‬

زيارة‭ ‬جلالة‭ ‬الملك‭ ‬المعظم‭ ‬لروسيا‭ ‬كشفت‭ ‬المكانة‭ ‬الرفيعة‭ ‬التي‭ ‬تتمتع‭ ‬بها‭ ‬البحرين‭ ‬بين‭ ‬مختلف‭ ‬دول‭ ‬العالم،‭ ‬لأن‭ ‬العالم‭ ‬بحاجة‭ ‬إلى‭ ‬صوت‭ ‬الحكمة‭ ‬التي‭ ‬تتمثل‭ ‬في‭ ‬كلمات‭ ‬القائد‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬تسوية‭ ‬وإنهاء‭ ‬الصراعات‭ ‬والنزاعات‭ ‬العالمية،‭ ‬والعمل‭ ‬على‭ ‬تسويتها‭ ‬وفق‭ ‬قواعد‭ ‬القانون‭ ‬الدولي‭ ‬وميثاق‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬الحفاظ‭ ‬على‭ ‬الأمن‭ ‬والسلم‭ ‬الدوليين،‭ ‬وتسخير‭ ‬الجهود‭ ‬الدولية‭ ‬لتكريس‭ ‬الاستقرار‭ ‬العالمي،‭ ‬ودعم‭ ‬التنمية‭ ‬المستدامة‭ ‬لما‭ ‬فيه‭ ‬الخير‭ ‬والنماء‭ ‬والازدهار‭ ‬لشعوب‭ ‬العالم‭ ‬أجمع‭.‬

والنتائج‭ ‬الطيبة‭ ‬التي‭ ‬تحققت‭ ‬من‭ ‬الزيارة‭ ‬ترسخ‭ ‬الإسهامات‭ ‬القيّمة‭ ‬لجلالة‭ ‬الملك‭ ‬المعظم‭ ‬في‭ ‬دعم‭ ‬القضايا‭ ‬العربية،‭ ‬والحرص‭ ‬على‭ ‬الدفاع‭ ‬المستمر‭ ‬عن‭ ‬الأمن‭ ‬القومي‭ ‬العربي،‭ ‬وأنه‭ ‬من‭ ‬المأمول‭ ‬أن‭ ‬تشهد‭ ‬رئاسة‭ ‬البحرين‭ ‬الرصينة‭ ‬للقمة‭ ‬العربية‭ ‬خطوات‭ ‬مشهودة‭ ‬نحو‭ ‬تعزيز‭ ‬وحدة‭ ‬الصف‭ ‬العربي،‭ ‬وهي‭ ‬النتائج‭ ‬التي‭ ‬يتوق‭ ‬إليها‭ ‬المواطن‭ ‬العربي‭ ‬لتجاوز‭ ‬التحديات‭ ‬التي‭ ‬تعرقل‭ ‬مسيرة‭ ‬هذه‭ ‬المنطقة‭ ‬من‭ ‬العالم‭.‬

إقرأ أيضا لـ"أنـــور عبدالرحمــــــن"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا