عالم يتغير
فوزية رشيد
غزة وتحرير العالم... أين العرب؟!
{ في عالم يمور بالمتناقضات والانتكاسات والانكشافات، فإن «ضميرًا شعبيًّا عالميًّا» رافضًا لما آل إليه المصير العالمي، من فقدان العدالة وفداحة الظلم وسيطرة «نخبة شريرة» على المؤسسات الدولية، إلى حدّ إفراغها من المحتوى والمضمون، هذا الضمير بدأ بالتحرك والغليان بفورة طلابية آخذة في الاتساع والسخونة على نيران ما يحدث في «غزة»!
ورغم أن «غزة» قطاع في الأرض الفلسطينية، التي تم استلاب جغرافيتها إما بالاحتلال أو التسلط والقمع، وهي عربية، فإن العرب سواء بالجهود الرسمية أو الجهود الشعبية والأهلية والمدنية، لم يكونوا في مستوى الحدث المأساوي والمتواصل منذ «7 أشهر»! رغم أن القضية الفلسطينية هي «القضية المركزية» بالنسبة إلى كل العرب.
{ حراكات الشباب والطلاب في الغرب وفي العالم وبكل أساليب الاحتجاج، يبدو أن الشعوب العربية لا تزال بعيدة عن مغزاها وأهدافها! وحيث «الوعي الغربي» على المستوى الشعبي الذي يقوده طلاب الجامعات، لم يحركهم فقط «الضمير الإنساني» تجاه حرب الإبادة، بل الوعي بأن صمود أهل «غزة» في مواجهة مآسي وكوارث الحرب الجائرة عليهم، بدأت في تحريرهم!، وهم يعملون على نقل مفاهيم ذلك التحررّ على المستوى الإنساني والسياسي والقيمي، إلى حكامهم وأنظمتهم التي أصابتهم بالخذلان تجاه مواقفهم من «غزة» وإبادة شعبها، وبما كشف حقيقة «الادعاءات الغربية» في كل المؤسسات الدولية التي تهيمن عليها!
{ العرب وحدهم تخلفوا كثيرًا عن إدراك سيرورة الأحداث المؤلمة في «غزة» التي هي وأحداثها منذ سبعة أشهر امتداد لقهر تاريخي امتد عبر (76 عامًا) وكان الصوت الفلسطيني والعربي وحيدًا طوال تلك العقود في الدفاع عن القضية الفلسطينية، بدءًا بالحروب منذ 1948، وبنضالات الشعب الفلسطيني، والتأييد الشعبي العربي والرسمي أيضًا، حتى إذا ما تحرك العالم كله اليوم على وقع ما أعقب 7 أكتوبر 2023 وتحولت حرية فلسطين إلى أيقونة عالمية، لم يقم العرب بالدور المطلوب، بل تركوا (التحرك العملي) على عاتق دول أخرى! واكتفى العرب بالمناصرة الدبلوماسية وبعض الحراكات الشعبية المتفاوتة على المستوى الشعبي من بلد عربي إلى آخر! ولكأن ما يحدث في غزة لا صلة له بالاتفاقيات المختلفة التي تتم إبرامها (جماعيا) في الجامعة العربية، المتعلقة جميعها بمستوجبات «الأمن القومي العربي» المدونة في وثائق الجامعة!
{ وبعد انعقاد القمة العربية «33» في البحرين التي فتحت أبوابها للعرب لتدارس الوضع العربي والتحديات والتهديدات المستمرة منذ عقود، حتى أصبح تعبير «الظروف الاستثنائية» هو القاعدة فيما الظروف الطبيعية في المنطقة العربية هي «الاستثناء»! فإن تراكم الملفات العربية تضع العرب عمومًا أمام عبء حملها وقد ثقلت كثيرًا، خاصة مع «الحرب الصهيونية» على غزة وأهلها! وما استجدّ خلال الأعوام الماضية من مقاربات ورؤى جديدة مختلفة حول القضية الفلسطينية!، ومحاولات «الصهاينة» محوها من ملفات «الأمن القومي العربي»! حتى جاءت أحداث غزة وقلبت الوضع لتعود القضية الفلسطينية هذه المرة كأيقونة عالمية وكشعلة تحرير للعالم كله من القبضة الصهيونية «العالمية»!
في ظل تراجع فحوى الاتفاقيات العربية حول «الأمن القومي العربي»! خاصة مع عدم فاعلية الدور العربي والإسلامي في هذا الشأن! بل وعدم استخدام كل «أوراق الضغط العربية» لإيقاف المجازر العبثية، التي يرتكبها الكيان الصهيوني ضدّ شعب عربي وآلاف من الأطفال والنساء والمرضى! وأمام التراجع العربي في اتخاذ الدور الفاعل والملموس لحماية «الأمن القومي العربي» وما يجري في فلسطين المحتلة أخطر ملف فيه، فإن دول وشعوب أخرى في العالم حملت اليوم راية الدفاع عن هذه القضية، وإن من «الباب الإنساني والأخلاقي» لدى الشعوب، ولكن بربطها هذه المرة بأن غزة التي وضعتهم أمام الحقائق البشعة، فإنهم هم الذين يتحررون! وصراخ ضميرهم من أجل غزة وفلسطين وشعبها، هو صراخ من أجل أنفسهم أيضًا! في وجه «الصهيونية العالمية»، التي اكتشفوا مدى تسلطها عليهم وعلى دولهم!
{ كانت «القمة 33» فرصة للعرب جميعًا ومن أرض البحرين، لمراجعة الرؤى حول ملفات «الأمن القومي العربي» كأولوية تبدأ من فلسطين، لتشمل السودان واليمن ودولا عربية أخرى، كأساس لمنطلقات مهمة على المستوى الاقتصادي والتجاري العربي الذي يستوجب الأمن والاستقرار، ولكن بعد مواجهة الأزمات المستفحلة، برؤية عربية جديدة، تؤكد مفاهيم التضامن العربي واتفاقية «الدفاع العربي المشترك» وتفعيل المنظمات والمجالس العربية التي أقامتها منذ عقود جامعة الدول العربية!
إن الأمة العربية أمام (حدث نوعي) يدور اليوم في فلسطين (غزة والضفة) وهذا الحدث فرصة (لفعاليات عربية ضاغطة) لوقف حرب الإبادة والتطهير العِرقي والمجازر، خاصة بعد مرور أشهر طويلة كان الجميع يتساءل فيها: أين العرب؟!
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك