الرأي الثالث
محميد المحميد
malmahmeed7@gmail.com
المؤسف والمخزي.. في حادثة حريق «اللوزي»
يقول العرب: «ما ضرب عبد بعقوبة أعظم من قسوة القلب والبعد عن الله.. وقسوة القلب تكمن من أربعة أشياء، إذا جاوزت قدر الحاجة في: الأكل، والنّوم، والكلام، والمخالطة».
رحم الله من توفي في حادثة الحريق في عمارة بمنطقة اللوزي.. حادثة مؤلمة وفاجعة كبيرة، راح ضحيتها أب وأم، وابنه وحفيدة.. وأهل البحرين الكرام، وأصحاب القلوب الرحيمة، ومن لديه ذرة من إنسانية، تألم وتعاطف مع المتوفين والمصابين والمتضررين، والجهات المسؤولة في البلاد بادرت مشكورة بتقديم كل الرعاية والدعم والاهتمام.
ولكن للأسف الشديد -ولنتكلم بصراحة- خرجت علينا «بعض» أصوات نشاز شيطانية، حاقدة قاسية، متحجرة القلوب والعقول، لا تمت بأي صلة للثقافة البحرينية، ولا للقيم الإسلامية، ولا للمبادئ الإنسانية.. لا كي تترحم على المتوفين، وتسأل الشفاء العاجل للمصابين، وأن تبادر بمساعدة المتضررين، والدعوة إلى مراجعة أسباب الواقعة من الناحية الإنشائية والتصميم، ولكن لتتحدث عن أصول وجنسية وانتماء من توفي، وعن الوظيفة والعمل، وعن الإسكان والسكن.. وعمن لهم «أحقية» في الخدمات التي تقدمها الدولة.
للأسف وللأسف الشديد، قرأنا ذلك في تعليقات «منصات إلكترونية»، وبث البعض سمومه وأحقاده التي خرجت عن الضمير الإنساني، لتكيل بالتعليقات المسيئة في واقعة تأثر معها كل من لديه إحساس وشعور إنساني، وأصبح التوحش في الحديث عن حقوق «الشعوب الأصلية» في السكن والعمل هو أساس الموضوع، متغافلين عن عمد وقصد أن «الجنسية» تمنح الحقوق والواجبات للجميع، بكل عدالة ومساواة، وأن حادثة الحريق تستلزم التعاطف الإنساني أولا.
الأدهى والأمر، أن تلك المنصات المشبعة بالعنصرية، والبعيدة عن المهنية والأمانة والموضوعية، تعمدت نشر الخبر وفق صياغة و«بوست»، يحرض على ادعاء المظلومية، وبث التحلطم والمقارنة، وتركت الحبل على الغارب لأصحاب الضمائر الميتة، ولم تقم بمسح أي تعليق مسيء، ولم تحذر أصحاب التعليقات الخائبة من تلك النوعية من الكتابة، ولم يقم أصحاب تلك المنصات بمسؤوليتهم المهنية ولا حتى الإنسانية، وكأنها تأنس وتفرح وتسعد بمثل تلك التعليقات المسيئة والكتابات العنصرية.. لأسباب وغايات معروفة ومفضوحة ومكشوفة.
تلك المنصات المحرضة، وتلك التعليقات المنفلتة، لو وقع الحادثة -لا سمح الله- لأشخاص من «مواليد» هذا الوطن في أي مكان، قامت قيامتهم، وطالبوا بالفزعة والمحاسبة، ويدعون إلى التكاتف والتضامن، وأصبحت تعليقاتهم وكلامهم وحديثهم منصبة على الرحمة والعدالة والتعويضات، ولكن الأمر هنا في حادثة حريق عمارة «منطقة اللوزي» انقلبت الآية، إنسانيا ومهنيا.
تلك المنصات والتعليقات، لا تمثل أهل البحرين الكرام، ولا تنتمي إلى المهنة الإعلامية، ولا تعرف شيئا عن المسؤولية الإنسانية والمجتمعية، فأهل البحرين الكرام الأفاضل، جميعهم أعلنوا تعاطفهم وتضامنهم في واقعة حريق عمارة «منطقة اللوزي»، بدءا من مسؤولي الدولة، ومرورا بممثلي الشعب، والإعلام الوطني، وأصحاب المنصات الالكترونية المسؤولة والمهنية، وهناك من طالب بإعادة دراسة البناء والتصميم الهندسي، في البنايات والمشاريع الإسكانية، وتطوير المنافذ وتوسعة المخارج، وتوفير متطلبات الأمن والسلامة، والاشتراطات الخاصة بمعدات الإطفاء والإنذار المبكر وغيرها، من أجل ضمان عدم تكرار الواقعة.
لا أدري أين هي مسؤولية ومتابعة ورصد الجهات المختصة في محاسبة وتقويم مسار المنصات الالكترونية، وتعليقات القاسية قلوبهم.. لأننا تابعنا وقرأنا المؤسف والمخزي في واقعة حريق عمارة اللوزي؟
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك