عالم يتغير
فوزية رشيد
بأي حق هذا التسلط الأمريكي على المؤسسات الأممية؟!
{ الولايات المتحدة التي أقامت الحروب والصراعات وقتلت وأبادت في الشعوب، وهي ترتكز تاريخيًّا على حرب الإبادة ضد الهنود الحمر أو السكان الطبيعيين للجغرافيا الأمريكية، وفعلت في العالم ما لم تفعله أية دولة أو قوة أو إمبراطورية، وتسلطت على البشرية! هذه الـ«أمريكا» وبعد أن انكشف وتعرى وجه النظام الدولي الذي تقوده! لم يبق لها من أوراق تسلط أخيرة إلا (التسلط المكشوف) هذه المرة على المؤسسات الأممية والدولية! بل والتهديد باتخاذ إجراءات عقابية ضدها إذا تجرأت تلك المؤسسات الدولية، على اتخاذ أي إجراء يلمس طرف «كيانها الصهيوني» المزروع في المنطقة والعالم!
{ هددت الولايات المتحدة «محكمة الجنايات الدولية» إن هي اتخذت أية إجراءات عقابية ضد مسؤولين في «الكيان الصهيوني» على خلفية حرب الإبادة التي يقوم بها في غزة! وهددت الأمم المتحدة بوقف التمويل تماماً، إذا هي قبلت بمنح فلسطين عضوية الأمم المتحدة الكاملة في الجمعية العامة لها! وهددت «اليونيسف» وهددت «الأونروا» وقطعت عنها التمويل، وهددت وعاقبت كل من يقف في وجه «الكيان الصهيوني» وجرائمه! أو يقف في وجه أجندتها الإمبريالية في العالم! وبات اللعب في التسلط على المكشوف وبشكل مباشر، خاصة منذ بداية العدوان على غزة، رغم أن المؤسسات الدولية والأممية تضم كل دول العالم، ومن المفترض أن تعبر عن المصالح الأممية، وليس مصالح أو أجندات قوى متسلطة عليها كأمريكا وكيانها «المدلل» الذي أصبح منبوذًا من كل شعوب العالم، بل وحتى دوله ومنها دول لا تجرؤ على التعبير عن حقيقة كراهتيها لسلوكيات هذا الكيان الإرهابي في فلسطين والعالم!
{ رغم التهديدات الأمريكية وضغوطها وتسلطها فقد صوتت الجمعية العامة للأمم المتحدة (10 مايو الحالي) بغالبية واضحة على قرار ينص على وجوب، «انضمام فلسطين إلى المنظمة الأممية»، مع منحهم حقوقاً إضافية كدولة مراقب، بتأييد (143 دولة) مقابل اعتراض 9 دول على رأسها أمريكا، وامتناع 25 دولة عن التصويت! وأوصت الجمعية العامة «مجلس الأمن بمنح الفلسطينيين العضوية الكاملة في الأمم المتحدة، وهو ما يعني التوصية بعدم إعادة الولايات المتحدة استخدام الفيتو ضد تلك العضوية الكاملة في مجلس الأمن كما فعلت في الشهر الماضي!
{ إن المشهد يأخذ أبعاده السريالية، حين يجسد مندوب الكيان الصهيوني «جلعاد أردان» التسلط الأمريكي الذي يتماهى مع كل جرائمه، وهو يمزق ميثاق الأمم المتحدة، بعد التصويت لصالح عضوية فلسطين في الهيئة الأممية! وبذلك يكتمل سيناريو «المسرحية الدولية العجائبية» حين يقف هذا الكيان ووكيله الأمريكي في جهة، فيما العالم كله يقف في جهة أخرى، وحيث الدول الأخرى القليلة التي اعترضت أو امتنعت عن التصويت، لا تمثل إرادة شعوبها «النابذة» لجرائم الكيان الصهيوني بل النابذة له ولكل ممارساته! وباحتجاجات لم يشهدها العالم من قبل ضد الكيان باعتباره تجسيداً للصهيونية العالمية!
{ حين تحولت غزة إلى «رمال متحركة» يغرق فيها الكيان والغرب الرسمي الداعم لكل جرائمه، رغم خطابات التمويه السياسية للاستخدام الإعلامي! فإنها جعلت العالم كله وشعوبه يقفان اليوم أمام الحقيقة العارية، وإدراك حجم التسلط الأمريكي حتى على مؤسسات أممية تمثل إرادة دول وشعوب العالم! بحيث يمارس العرّاب الأمريكي والدولة العميقة التي تحكمه! دوراً إجرامياً مكشوفاً بإعطاء نفسه (حق إفراغ المؤسسات الدولية من محتواها الأممي) بل تسليط سوط العقوبات عليها، إن هي رفضت في غالبيتها محتوى هذا التسلط الأمريكي الصهيوني على رقابها وعلى «النظام الدولي» الذي تستند عليه عبر الاستناد على مؤسساته الدولية الكبرى! والتلاعب الصهيوني الفج بدهاليز السياسة الدولية والدبلوماسية والمبادئ الدولية والإنسانية والحقوقية والقانونية بات اليوم على المكشوف! وكل ذلك ويوما بعد يوم ومع استمرار جرائم الحرب في غزة، يزداد ويتسع التورط الأمريكي والغربي فيه، رغم كل الانكشاف والهزائم المعنوية والسياسية التي تلحقها شعوب العالم به!
{ للطرافة يقول الخطاب الإعلامي والسياسي الصهيوني للكيان إن الاعتراف بالعضوية الكاملة لفلسطين يعني التمهيد لدولة فلسطينية، لا توجد مقومات لها كدولة! هذا الخطاب الفج يتجاسر على السياسة الدولية المؤيدة لقيام دولة فلسطينية وعلى التاريخ وعلى الحقائق التي تقول إن (قبل 1948 أي قبل تأسيس ونشوء الكيان استعماريا كانت فلسطين دولة موجودة، وذات نهضة، وكانت لها كل مقومات أية دولة قائمة تاريخياً من مطار ووزارات وجواز سفر، وطابع بريد ومراكز اتصال وقطار وغيره من كل مقومات دولة ناهضة وذات عمق تاريخي وجغرافي معروف)! وإن الكيان حين تم جلب عناصره من شتات العالم ومن مليشيات صهيونية إرهابية، أقام نفسه على أرض فلسطين بقوة الاستعمار البريطاني الغربي وبسيف الإرهاب (الإبادة والمجازر)! فهل كان الصهاينة المجلوبون من شتات العالم يمثلون حينها دولة أم أنهم اغتصبوا الوطن الفلسطيني وشردوا شعبه ليحلوا محله؟! فلسطين كانت دولة وعلى العالم أن يساند استعادتها لما كانت عليه قبل الاغتصاب!
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك