العدد : ١٧٠٤٥ - الجمعة ٢٢ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٠ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٥ - الجمعة ٢٢ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٠ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

عالم يتغير

فوزية رشيد

معاداة السامية أم معاداة الصهيونية؟!

اليوم‭ ‬والحركات‭ ‬الاحتجاجية‭ ‬تزداد‭ ‬وتتسع‭ ‬سواء‭ ‬في‭ ‬الجامعات‭ ‬أو‭ ‬في‭ ‬المدن،‭ ‬فإن‭ ‬تلك‭ ‬الاحتجاجات‭ ‬ليست‭ ‬فقط‭ ‬تنتمي‭ ‬إلى‭ ‬المشهد‭ ‬الكارثي‭ ‬في‭ ‬غزة،‭ ‬وإنما‭ (‬هي‭ ‬بداية‭ ‬لحركة‭ ‬تغيير‭) ‬بدأت‭ ‬تستوعبه‭ ‬الشعوب‭ ‬خاصة‭ ‬في‭ ‬أمريكا‭ ‬وأوروبا‭ ‬حول‭ ‬حجم‭ (‬التحكم‭ ‬الصهيوني‭ ‬في‭ ‬المنظومة‭ ‬السياسية‭ ‬والاقتصادية‭ ‬والإعلامية‭) ‬وباعتبار‭ ‬‮«‬الظاهرة‭ ‬الصهيونية‮»‬‭ ‬مرتبطة‭ ‬ارتباطاً‭ ‬وظيفياً‭ ‬بكل‭ ‬الآليات‭ ‬التي‭ ‬تمارسها‭ ‬‮«‬الإمبريالية‭ ‬الغربية‮»‬‭ ‬سواء‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬أو‭ ‬حتى‭ ‬في‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬شعوبها‭ ‬في‭ ‬أمريكا‭ ‬وأوروبا‭! ‬وبالتالي‭ ‬فإن‭ ‬الاحتجاجات‭ ‬الطلابية‭ ‬في‭ ‬جامعات‭ ‬الغرب‭ ‬هو‭ ‬تعبير‭ ‬لرفض‭ ‬هذا‭ ‬التحكم‭ ‬الصهيوني‭ ‬الإمبريالي‭ ‬باعتباره‭ ‬الفكري‭ ‬والسياسي،‭ ‬وليس‭ ‬باعتبار‭ ‬يهوديته،‭ ‬أو‭ ‬أنه‭ ‬تعبير‭ ‬عن‭ ‬الدين‭ ‬أو‭ ‬العرق‭! ‬وبالتالي‭ ‬أيضاً‭ ‬تنتفي‭ ‬صفة‭ ‬معاداة‭ ‬السامية،‭ ‬لأن‭ (‬المعاداة‭ ‬الشعبية‭) ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬والعالم‭ ‬كله‭ ‬اليوم‭ ‬هو‭ (‬للصهيونية‭ ‬التي‭ ‬ارتبطت‭ ‬بظهور‭ ‬الإمبريالية‭ ‬كرؤية‭ ‬معرفية‭ ‬وحركة‭ ‬سياسية‭ ‬اكتسحت‭ ‬العالم‭ ‬بأسره‭) ‬كما‭ ‬يقول‭ ‬‮«‬عبد‭ ‬الوهاب‭ ‬المسيري‮»‬‭.‬

{ هذا‭ ‬الارتباط‭ ‬بين‭ ‬النزعات‭ ‬الصهيونية‭ ‬في‭ ‬البداية،‭ ‬ثم‭ ‬في‭ ‬مرحلتها‭ ‬اللاحقة‭ ‬والإمبريالية‭ ‬الغربية،‭ ‬هو‭ ‬ما‭ ‬يجعلها‭ ‬عنواناً‭ ‬أساسياً‭ ‬اليوم‭ ‬لحركة‭ ‬الاحتجاجات‭ ‬الطلابية‭ ‬والشعبية‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬في‭ ‬وتحديداً‭ ‬في‭ ‬الغرب،‭ ‬الذي‭ ‬وجد‭ ‬محتجوه‭ ‬أن‭ ‬كل‭ ‬نظامه‭ ‬المعرفي‭ ‬والفلسفي‭ ‬والثقافي‭ ‬والسياسي‭ ‬والفكري‭ ‬في‭ ‬الغرب‭ (‬أخذ‭ ‬في‭ ‬التساقط‭) ‬بسبب‭ ‬السلوكيات‭ ‬الصهيونية‭ ‬اللاإنسانية‭ ‬واللا‭ ‬أخلاقية،‭ ‬في‭ ‬فلسطين‭ ‬منذ‭ ‬75‭ ‬عاماً‭! ‬وقد‭ ‬أعادت‭ ‬المجازر‭ ‬وجرائم‭ ‬الحرب‭ ‬‮«‬الوعي‭ ‬الشعبي‭ ‬الغربي‮»‬‭ ‬إلى‭ ‬دراسة‭ ‬وقراءة‭ ‬الظاهرة‭ ‬الصهيونية‭ ‬‮«‬بدءاً‭ ‬على‭ ‬بدء،‭ ‬وقراءة‭ ‬جذور‭ ‬القضية‭ ‬الفلسطينية‮»‬‭ ‬أو‭ ‬مراجعة‭ ‬المقولات‭ ‬الصهيونية‭ ‬حول‭ ‬فلسطين‭ ‬كأرض‭ ‬الميعاد‭ ‬أو‭ ‬أرض‭ ‬بلا‭ ‬شعب‭. ‬وغيرها‭ ‬من‭ ‬المقولات‭ ‬التي‭ ‬أسست‭ ‬لاغتصاب‭ ‬فلسطين‭!‬،‭ ‬وجعلت‭ ‬من‭ ‬‮«‬الغرب‭ ‬الاستعماري‮»‬‭ ‬مطية‭ ‬لها،‭ ‬حتى‭ ‬تداخل‭ (‬الاستخدام‭ ‬الوظيفي‭) ‬من‭ ‬الإمبريالية‭ ‬للصهيونية‭ ‬ومن‭ ‬الصهيونية‭ ‬للإمبريالية‭!‬،‭ ‬ليعكس‭ ‬التداخل‭ ‬أكبر‭ ‬فشل‭ ‬لكل‭ ‬الادعاءات‭ ‬باعتبار‭ ‬الغرب‭ ‬حامل‭ ‬مشعل‭ ‬الحضارة‭ ‬الإنسانية‭ ‬الراهنة‭ ‬والعالم‭ ‬الحرّ‭!‬،‭ ‬فإذا‭ ‬بالغرب‭ ‬هو،‭ ‬الحامي‭ ‬لكل‭ ‬الممارسات‭ ‬البشعة‭ ‬للكيان‭ ‬الصهيوني،‭ ‬بما‭ ‬يجعل‭ ‬هذا‭ ‬الغرب‭ ‬ساقطا‭ ‬اليوم‭ ‬في‭ ‬نظر‭ ‬شعوبه‭ ‬وفي‭ ‬العبودية‭ ‬للصهيونية‭ ‬وبما‭ ‬يستدعي‭ ‬معاداتها‭ ‬على‭ ‬المستوى‭ ‬الشعبي‭ ‬الغربي‭ ‬والعالمي‭! ‬وحيث‭ ‬هناك‭ ‬‮«‬طلبة‭ ‬يهود‮»‬‭ ‬في‭ ‬الجامعات‭ ‬الأمريكية‭ ‬والأوروبية‭! ‬بدورهم‭ ‬يعادون‭ ‬الممارسات‭ ‬الصهيونية،‭ ‬ويطالبون‭ ‬بوقف‭ ‬العدوان‭ ‬وجرائم‭ ‬الحرب،‭ ‬بما‭ ‬يثبت‭ ‬أن‭ (‬الاحتجاجات‭ ‬سياسية‭ ‬سلمية‭) ‬وليست‭ ‬معاداة‭ ‬لليهود‭ ‬كيهود،‭ ‬وإنما‭ ‬للصهيونية‭ ‬كآلية‭ ‬سياسية‭ ‬وفكرية‭! ‬

{ الوعي‭ ‬العام‭ ‬الغربي‭ ‬يبحث‭ ‬اليوم‭ ‬عن‭ ‬حريته‭ ‬وحضارته‭ ‬التي‭ ‬تساقطت‭ ‬تحت‭ ‬أقدام‭ ‬‮«‬التوظيف‭ ‬الصهيوني‮»‬‭ ‬لها‭! ‬وتبحث‭ ‬عن‭ ‬القيم‭ ‬التي‭ ‬تغنت‭ ‬بها،‭ ‬وعن‭ ‬الإنسانية‭ ‬التي‭ ‬رفعت‭ ‬لواء‭ ‬الدفاع‭ ‬عنها‭! ‬وعن‭ ‬حق‭ ‬الرأي‭ ‬وحرية‭ ‬التعبير‭ ‬ضد‭ ‬الكيان‭ ‬الصهيوني‭ ‬دون‭ ‬تعرضها‭ ‬للقمع‭ ‬كما‭ ‬يحدث،‭ ‬ودون‭ ‬الخلط‭ ‬بين‭ ‬الموقف‭ ‬السياسي‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬الكيان‭ ‬والسامية‭ ‬التي‭ ‬يتم‭ ‬إسكات‭ ‬الأصوات‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬التهمة‭ ‬الجائرة‭ ‬بمعاداتها،‭ ‬فيما‭ ‬الحقيقة‭ ‬هي‭ ‬الاحتجاج‭ ‬السياسي‭ ‬ضد‭ ‬‮«‬الظاهرة‭ ‬الصهيونية‮»‬‭ ‬والتي‭ ‬تجلت‭ ‬في‭ ‬أبشع‭ ‬صورها‭ ‬اليوم‭ ‬في‭ ‬أحداث‭ ‬غزة،‭ ‬وفي‭ ‬القمع‭ ‬الممارس‭ ‬ضد‭ ‬الاحتجاجات‭ ‬من‭ ‬الحكومات‭ ‬الغربية‭ ‬المرتهنة‭ ‬للمنظور‭ ‬الصهيوني‭ ‬وسطوته‭ ‬عليها‭! ‬

{ من‭ ‬الواضح‭ ‬أن‭ (‬حركة‭ ‬التغيير‭ ‬في‭ ‬العالم‭) ‬في‭ ‬مواجهة‭ ‬النظام‭ ‬الدولي‭ ‬الاستعماري‭ ‬القائم‭ ‬اليوم،‭ ‬سيدخل‭ ‬فيه‭ ‬عنصر‭ (‬الوعي‭ ‬الشعبي‭ ‬العام‭) ‬في‭ ‬الغرب،‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬وعت‭ ‬الشعوب‭ ‬الغربية‭ ‬أنها‭ ‬بدورها‭ (‬مأسورة‭ ‬ومقموعة‭) ‬حين‭ ‬يتعلق‭ ‬الأمر‭ ‬بالموقف‭ ‬السياسي‭ ‬من‭ ‬الكيان‭ ‬الصهيوني‭ ‬أو‭ ‬من‭ ‬الممارسات‭ ‬الصهيونية‭ ‬في‭ ‬بلادها‭! ‬هذا‭ ‬الوعي‭ ‬الذي‭ ‬يأخذ‭ ‬في‭ ‬التصاعد،‭ ‬من‭ ‬الصعب‭ ‬احتواؤه‭ ‬بعد‭ ‬الآن‭! ‬لأنه‭ ‬انفجر‭ ‬من‭ ‬غضب‭ ‬عارم‭ ‬على‭ ‬مشهد‭ ‬كارثي‭ ‬ودموي،‭ ‬أسقط‭ ‬كل‭ ‬الأقنعة‭ ‬الكاذبة‭! ‬ليأتي‭ ‬البحث‭ ‬عن‭ ‬الحقيقة‭ ‬وعن‭ ‬الذات‭ ‬وعن‭ ‬ماهية‭ ‬الحضارة‭ ‬الراهنة‭ ‬في‭ ‬الغرب‭ ‬وإن‭ ‬كانت‭ ‬حرة‭ ‬أو‭ ‬مقيدة،‭ ‬وعن‭ ‬ماهية‭ ‬الصهيونية‭ ‬التي‭ ‬تمارس‭ ‬في‭ ‬فلسطين‭ ‬كل‭ ‬هذه‭ ‬البشاعات‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬قبولها‭ ‬أو‭ ‬السكوت‭ ‬عنها‭ ‬أو‭ ‬التواطؤ‭ ‬معها‭! ‬بل‭ ‬إن‭ ‬معاداة‭ ‬الصهيونية‭ ‬في‭ ‬الغرب‭ ‬وفي‭ ‬العالم‭ ‬هي‭ ‬أحد‭ ‬أهم‭ ‬أسس‭ ‬الحريات‭ ‬والقيم‭ ‬والاستقلال‭!‬

إقرأ أيضا لـ"فوزية رشيد"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا