عالم يتغير
فوزية رشيد
معاداة السامية أم معاداة الصهيونية؟!
اليوم والحركات الاحتجاجية تزداد وتتسع سواء في الجامعات أو في المدن، فإن تلك الاحتجاجات ليست فقط تنتمي إلى المشهد الكارثي في غزة، وإنما (هي بداية لحركة تغيير) بدأت تستوعبه الشعوب خاصة في أمريكا وأوروبا حول حجم (التحكم الصهيوني في المنظومة السياسية والاقتصادية والإعلامية) وباعتبار «الظاهرة الصهيونية» مرتبطة ارتباطاً وظيفياً بكل الآليات التي تمارسها «الإمبريالية الغربية» سواء في العالم أو حتى في التعامل مع شعوبها في أمريكا وأوروبا! وبالتالي فإن الاحتجاجات الطلابية في جامعات الغرب هو تعبير لرفض هذا التحكم الصهيوني الإمبريالي باعتباره الفكري والسياسي، وليس باعتبار يهوديته، أو أنه تعبير عن الدين أو العرق! وبالتالي أيضاً تنتفي صفة معاداة السامية، لأن (المعاداة الشعبية) في المنطقة والعالم كله اليوم هو (للصهيونية التي ارتبطت بظهور الإمبريالية كرؤية معرفية وحركة سياسية اكتسحت العالم بأسره) كما يقول «عبد الوهاب المسيري».
{ هذا الارتباط بين النزعات الصهيونية في البداية، ثم في مرحلتها اللاحقة والإمبريالية الغربية، هو ما يجعلها عنواناً أساسياً اليوم لحركة الاحتجاجات الطلابية والشعبية في العالم في وتحديداً في الغرب، الذي وجد محتجوه أن كل نظامه المعرفي والفلسفي والثقافي والسياسي والفكري في الغرب (أخذ في التساقط) بسبب السلوكيات الصهيونية اللاإنسانية واللا أخلاقية، في فلسطين منذ 75 عاماً! وقد أعادت المجازر وجرائم الحرب «الوعي الشعبي الغربي» إلى دراسة وقراءة الظاهرة الصهيونية «بدءاً على بدء، وقراءة جذور القضية الفلسطينية» أو مراجعة المقولات الصهيونية حول فلسطين كأرض الميعاد أو أرض بلا شعب. وغيرها من المقولات التي أسست لاغتصاب فلسطين!، وجعلت من «الغرب الاستعماري» مطية لها، حتى تداخل (الاستخدام الوظيفي) من الإمبريالية للصهيونية ومن الصهيونية للإمبريالية!، ليعكس التداخل أكبر فشل لكل الادعاءات باعتبار الغرب حامل مشعل الحضارة الإنسانية الراهنة والعالم الحرّ!، فإذا بالغرب هو، الحامي لكل الممارسات البشعة للكيان الصهيوني، بما يجعل هذا الغرب ساقطا اليوم في نظر شعوبه وفي العبودية للصهيونية وبما يستدعي معاداتها على المستوى الشعبي الغربي والعالمي! وحيث هناك «طلبة يهود» في الجامعات الأمريكية والأوروبية! بدورهم يعادون الممارسات الصهيونية، ويطالبون بوقف العدوان وجرائم الحرب، بما يثبت أن (الاحتجاجات سياسية سلمية) وليست معاداة لليهود كيهود، وإنما للصهيونية كآلية سياسية وفكرية!
{ الوعي العام الغربي يبحث اليوم عن حريته وحضارته التي تساقطت تحت أقدام «التوظيف الصهيوني» لها! وتبحث عن القيم التي تغنت بها، وعن الإنسانية التي رفعت لواء الدفاع عنها! وعن حق الرأي وحرية التعبير ضد الكيان الصهيوني دون تعرضها للقمع كما يحدث، ودون الخلط بين الموقف السياسي من هذا الكيان والسامية التي يتم إسكات الأصوات من خلال التهمة الجائرة بمعاداتها، فيما الحقيقة هي الاحتجاج السياسي ضد «الظاهرة الصهيونية» والتي تجلت في أبشع صورها اليوم في أحداث غزة، وفي القمع الممارس ضد الاحتجاجات من الحكومات الغربية المرتهنة للمنظور الصهيوني وسطوته عليها!
{ من الواضح أن (حركة التغيير في العالم) في مواجهة النظام الدولي الاستعماري القائم اليوم، سيدخل فيه عنصر (الوعي الشعبي العام) في الغرب، بعد أن وعت الشعوب الغربية أنها بدورها (مأسورة ومقموعة) حين يتعلق الأمر بالموقف السياسي من الكيان الصهيوني أو من الممارسات الصهيونية في بلادها! هذا الوعي الذي يأخذ في التصاعد، من الصعب احتواؤه بعد الآن! لأنه انفجر من غضب عارم على مشهد كارثي ودموي، أسقط كل الأقنعة الكاذبة! ليأتي البحث عن الحقيقة وعن الذات وعن ماهية الحضارة الراهنة في الغرب وإن كانت حرة أو مقيدة، وعن ماهية الصهيونية التي تمارس في فلسطين كل هذه البشاعات التي لا يمكن قبولها أو السكوت عنها أو التواطؤ معها! بل إن معاداة الصهيونية في الغرب وفي العالم هي أحد أهم أسس الحريات والقيم والاستقلال!
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك