زاوية غائمة
جعفـــــــر عبــــــــاس
jafasid09@hotmail.com
وصفات كذوبة
الصرصار كائن قذر يعادل الخنزير في عالم الحيوانات لكونه يسعد بالعيش في الأماكن القذرة، كما أن الصراصير قبيحة بدرجة ان الكثير من النساء يخفن من الصراصير أكثر من خوفهن من أزواجهن مهما كانت درجة شراسة أولئك الأزواج، وزوجتي من هذه الفئة من النساء، فهي من النوع الذي يعتقد انه ليس هناك ما يشين في أن تصرخ بأعلى صوتها في السوق او المستشفى إذا رأت صرصورا على بعد عشرين مترا، وهي لا تكف عن انتقادي لأنني «دوغري» في تعاملي مع الآخرين، فإذا كنت ضيفا في بيت ما وقدموا لي مشروبا غازيا فإنني لا أتردد في تقديم الشكر لهم ورفض المشروب، وزوجتي تعتقد أنه ليس من حسن الذوق رفض الشراب او الطعام الذي يُعرض عليك في بيوت الآخرين، وأنا لست مستعدا لتناول مشروب يشعل النار في صدري والحموضة في معدتي استجابة لأعراف اجتماعية سخيفة، ولكنني وفي نفس الوقت، لا أتحرج في تحديد المشروب أو الأكل الذي أشتهيه والذي أعرف ان إعداده لا يكلف من أزورهم شططا!! وبالمقابل فإن زوجتي تعطي نفسها حق رفض تناول أي شيء في أي بيت سبق لها ان رأت فيه صرصورا، وإذا زرنا واحدا من تلك البيوت فإنها تعلن مقدما ان الطبيب منعها من تناول المشروبات الساخنة والباردة، ولو كانت صائمة يومين متتاليين ولم يكن الطعام متوفرا إلا في البيت الذي سبق لها ان رأت فيه صرصورا، فإنها تواصل الصوم لليوم الثالث، ومن ثم فإنني شخصية معروفة لدى دوائر مكافحة الحشرات والقوارض في القطاعين العام والخاص، وكنت أقوم بنفسي بعمليات رش مبيدات الصرصار إلى أن علمت ان استنشاقها يؤدي الى إبادة الجهاز التنفسي عند الانسان.
على كل حال فإنني مهتم بأخبار الصراصير وطرق مكافحتها، وهكذا سعدت كثيرا عندما تداولت الصحف وصفة عبقرية لباحث عربي، قال ان خلطة السكر بالفانيلا (وليس الفانيليا كما ينطقها الكثيرون) كفيلة بالقضاء على الصراصير، (ثم نصدرها الى كوريا حيث يأكلونها مقرمشة) وقياسا على تلك الخلطة العبقرية فإنني أعتقد انه من الممكن القضاء على الفئران بخلطة من أم علي والفراولة. أما البعوض فيمكن القضاء عليه برش المستنقعات بعصير المانجو وعطور شانيل. قال اقتل الصراصير بالسكر والفانيلا قال!
هناك استخفاف بالعقل وقواعد البحث العلمي في العالم العربي ومن ثم لا يمر يوم دون ان يعلن أحدهم عن اكتشاف علاج ناجع لمرض ما او حل ناجز لمشكلة ما، قبل سنوات كان هناك معرض للمستحضرات الطبية في قاعة الصداقة في الخرطوم، وفي كشك صغير وجدت لافتة كبيرة تقول: جهاز الساموراي لعلاج الضعف الجنسي عند الرجال، وركبتني العفاريت عندما اكتشفت ان المكلف ببيع ذلك الجهاز فتاة، وبلؤم متعمد وقفت أمامها وسألتها: كيف يعمل الجهاز. فمدت لي ورقة لأقرأ طريقة استخدامه، فقلت لها: أنا أمي لا أقرأ ولا أكتب وأريد منك شرحا يقنعني بشراء الجهاز، وكادت المسكينة أن تدخل في غيبوبة، فقلت لها: أنا لا أريد شراء الجهاز بل أعرف أنه «كلام فارغ» لأنه لو كان فيه رجاء لسمع به كل العالم ثم أضفت: يا بنت الناس لا تقبلي تسويق بضاعة ينبغي حتى للرجال ان يخجلوا من الحديث عنها في مكان عام.. وكتبت مقالا عن تلك الواقعة في جريدة سودانية، فوصلتني رسالة إيميل يتهمني صاحبها بالجهل والغباء لأنني لا أفهم في «الطب»، وأوضح في الرسالة أنه أخصائي طب بديل وذكر اسمه، ولسوء حظه استضافتني إذاعة محلية في نفس ذلك اليوم فقلت على الهواء: يا فلان الفلاني الذي يقوم بتسويق الساموراي أنت مستهبل وبلطجي وعديم الضمير وأنا أتحداك علنا أن ترفع دعوى قضائية ضدي بإشانة السمعة. ولم أسمع منه بعدها لا خيرا ولا شراً.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك