العدد : ١٧٠٤٥ - الجمعة ٢٢ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٠ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٥ - الجمعة ٢٢ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٠ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

زاوية غائمة

جعفـــــــر عبــــــــاس

jafasid09@hotmail.com

وصفات كذوبة

الصرصار‭ ‬كائن‭ ‬قذر‭ ‬يعادل‭ ‬الخنزير‭ ‬في‭ ‬عالم‭ ‬الحيوانات‭ ‬لكونه‭ ‬يسعد‭ ‬بالعيش‭ ‬في‭ ‬الأماكن‭ ‬القذرة،‭ ‬كما‭ ‬أن‭ ‬الصراصير‭ ‬قبيحة‭ ‬بدرجة‭ ‬ان‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬النساء‭ ‬يخفن‭ ‬من‭ ‬الصراصير‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬خوفهن‭ ‬من‭ ‬أزواجهن‭ ‬مهما‭ ‬كانت‭ ‬درجة‭ ‬شراسة‭ ‬أولئك‭ ‬الأزواج،‭ ‬وزوجتي‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬الفئة‭ ‬من‭ ‬النساء،‭ ‬فهي‭ ‬من‭ ‬النوع‭ ‬الذي‭ ‬يعتقد‭ ‬انه‭ ‬ليس‭ ‬هناك‭ ‬ما‭ ‬يشين‭ ‬في‭ ‬أن‭ ‬تصرخ‭ ‬بأعلى‭  ‬صوتها‭ ‬في‭ ‬السوق‭ ‬او‭ ‬المستشفى‭ ‬إذا‭ ‬رأت‭ ‬صرصورا‭ ‬على‭ ‬بعد‭ ‬عشرين‭ ‬مترا،‭ ‬وهي‭ ‬لا‭ ‬تكف‭ ‬عن‭ ‬انتقادي‭ ‬لأنني‭ ‬‮«‬دوغري‮»‬‭ ‬في‭ ‬تعاملي‭ ‬مع‭ ‬الآخرين،‭ ‬فإذا‭ ‬كنت‭ ‬ضيفا‭ ‬في‭ ‬بيت‭ ‬ما‭ ‬وقدموا‭ ‬لي‭ ‬مشروبا‭ ‬غازيا‭ ‬فإنني‭ ‬لا‭ ‬أتردد‭ ‬في‭ ‬تقديم‭ ‬الشكر‭ ‬لهم‭ ‬ورفض‭ ‬المشروب،‭ ‬وزوجتي‭ ‬تعتقد‭ ‬أنه‭ ‬ليس‭ ‬من‭ ‬حسن‭ ‬الذوق‭ ‬رفض‭ ‬الشراب‭ ‬او‭ ‬الطعام‭ ‬الذي‭ ‬يُعرض‭ ‬عليك‭ ‬في‭ ‬بيوت‭ ‬الآخرين،‭ ‬وأنا‭ ‬لست‭ ‬مستعدا‭ ‬لتناول‭ ‬مشروب‭ ‬يشعل‭ ‬النار‭ ‬في‭ ‬صدري‭ ‬والحموضة‭ ‬في‭ ‬معدتي‭ ‬استجابة‭ ‬لأعراف‭ ‬اجتماعية‭ ‬سخيفة،‭ ‬ولكنني‭ ‬وفي‭ ‬نفس‭ ‬الوقت،‭ ‬لا‭ ‬أتحرج‭ ‬في‭ ‬تحديد‭ ‬المشروب‭ ‬أو‭ ‬الأكل‭ ‬الذي‭ ‬أشتهيه‭ ‬والذي‭ ‬أعرف‭ ‬ان‭ ‬إعداده‭ ‬لا‭ ‬يكلف‭ ‬من‭ ‬أزورهم‭ ‬شططا‭!! ‬وبالمقابل‭ ‬فإن‭ ‬زوجتي‭ ‬تعطي‭ ‬نفسها‭ ‬حق‭ ‬رفض‭ ‬تناول‭ ‬أي‭ ‬شيء‭ ‬في‭ ‬أي‭ ‬بيت‭ ‬سبق‭ ‬لها‭ ‬ان‭ ‬رأت‭ ‬فيه‭ ‬صرصورا،‭ ‬وإذا‭ ‬زرنا‭ ‬واحدا‭ ‬من‭ ‬تلك‭ ‬البيوت‭ ‬فإنها‭ ‬تعلن‭ ‬مقدما‭ ‬ان‭ ‬الطبيب‭ ‬منعها‭ ‬من‭ ‬تناول‭ ‬المشروبات‭ ‬الساخنة‭ ‬والباردة،‭ ‬ولو‭ ‬كانت‭ ‬صائمة‭ ‬يومين‭ ‬متتاليين‭ ‬ولم‭ ‬يكن‭ ‬الطعام‭ ‬متوفرا‭ ‬إلا‭ ‬في‭ ‬البيت‭ ‬الذي‭ ‬سبق‭ ‬لها‭ ‬ان‭ ‬رأت‭ ‬فيه‭ ‬صرصورا،‭ ‬فإنها‭ ‬تواصل‭ ‬الصوم‭ ‬لليوم‭ ‬الثالث،‭ ‬ومن‭ ‬ثم‭ ‬فإنني‭ ‬شخصية‭ ‬معروفة‭ ‬لدى‭ ‬دوائر‭ ‬مكافحة‭ ‬الحشرات‭ ‬والقوارض‭ ‬في‭ ‬القطاعين‭ ‬العام‭ ‬والخاص،‭ ‬وكنت‭ ‬أقوم‭ ‬بنفسي‭ ‬بعمليات‭ ‬رش‭ ‬مبيدات‭ ‬الصرصار‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬علمت‭ ‬ان‭ ‬استنشاقها‭ ‬يؤدي‭ ‬الى‭ ‬إبادة‭ ‬الجهاز‭ ‬التنفسي‭ ‬عند‭ ‬الانسان‭.‬

على‭ ‬كل‭ ‬حال‭ ‬فإنني‭ ‬مهتم‭ ‬بأخبار‭ ‬الصراصير‭ ‬وطرق‭ ‬مكافحتها،‭ ‬وهكذا‭ ‬سعدت‭ ‬كثيرا‭ ‬عندما‭ ‬تداولت‭ ‬الصحف‭ ‬وصفة‭ ‬عبقرية‭ ‬لباحث‭ ‬عربي،‭ ‬قال‭ ‬ان‭ ‬خلطة‭ ‬السكر‭ ‬بالفانيلا‭ (‬وليس‭ ‬الفانيليا‭ ‬كما‭ ‬ينطقها‭ ‬الكثيرون‭) ‬كفيلة‭ ‬بالقضاء‭ ‬على‭ ‬الصراصير،‭ (‬ثم‭ ‬نصدرها‭ ‬الى‭ ‬كوريا‭ ‬حيث‭ ‬يأكلونها‭ ‬مقرمشة‭) ‬وقياسا‭ ‬على‭ ‬تلك‭ ‬الخلطة‭ ‬العبقرية‭ ‬فإنني‭ ‬أعتقد‭ ‬انه‭ ‬من‭ ‬الممكن‭ ‬القضاء‭ ‬على‭ ‬الفئران‭ ‬بخلطة‭ ‬من‭ ‬أم‭ ‬علي‭ ‬والفراولة‭. ‬أما‭ ‬البعوض‭ ‬فيمكن‭ ‬القضاء‭ ‬عليه‭ ‬برش‭ ‬المستنقعات‭ ‬بعصير‭ ‬المانجو‭ ‬وعطور‭ ‬شانيل‭. ‬قال‭ ‬اقتل‭ ‬الصراصير‭ ‬بالسكر‭ ‬والفانيلا‭ ‬قال‭! ‬

هناك‭ ‬استخفاف‭ ‬بالعقل‭ ‬وقواعد‭ ‬البحث‭ ‬العلمي‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬العربي‭ ‬ومن‭ ‬ثم‭ ‬لا‭ ‬يمر‭ ‬يوم‭ ‬دون‭ ‬ان‭ ‬يعلن‭ ‬أحدهم‭ ‬عن‭ ‬اكتشاف‭ ‬علاج‭ ‬ناجع‭ ‬لمرض‭ ‬ما‭ ‬او‭ ‬حل‭ ‬ناجز‭ ‬لمشكلة‭ ‬ما،‭ ‬قبل‭ ‬سنوات‭ ‬كان‭ ‬هناك‭ ‬معرض‭ ‬للمستحضرات‭ ‬الطبية‭ ‬في‭ ‬قاعة‭ ‬الصداقة‭ ‬في‭ ‬الخرطوم،‭ ‬وفي‭ ‬كشك‭ ‬صغير‭ ‬وجدت‭ ‬لافتة‭ ‬كبيرة‭ ‬تقول‭: ‬جهاز‭ ‬الساموراي‭ ‬لعلاج‭ ‬الضعف‭ ‬الجنسي‭ ‬عند‭ ‬الرجال،‭ ‬وركبتني‭ ‬العفاريت‭ ‬عندما‭ ‬اكتشفت‭ ‬ان‭ ‬المكلف‭ ‬ببيع‭ ‬ذلك‭ ‬الجهاز‭ ‬فتاة،‭ ‬وبلؤم‭ ‬متعمد‭ ‬وقفت‭ ‬أمامها‭ ‬وسألتها‭: ‬كيف‭ ‬يعمل‭ ‬الجهاز‭. ‬فمدت‭ ‬لي‭ ‬ورقة‭ ‬لأقرأ‭ ‬طريقة‭ ‬استخدامه،‭ ‬فقلت‭ ‬لها‭: ‬أنا‭ ‬أمي‭ ‬لا‭ ‬أقرأ‭ ‬ولا‭ ‬أكتب‭ ‬وأريد‭ ‬منك‭ ‬شرحا‭ ‬يقنعني‭ ‬بشراء‭ ‬الجهاز،‭ ‬وكادت‭ ‬المسكينة‭ ‬أن‭ ‬تدخل‭ ‬في‭ ‬غيبوبة،‭ ‬فقلت‭ ‬لها‭: ‬أنا‭ ‬لا‭ ‬أريد‭ ‬شراء‭ ‬الجهاز‭ ‬بل‭ ‬أعرف‭ ‬أنه‭ ‬‮«‬كلام‭ ‬فارغ‮»‬‭ ‬لأنه‭ ‬لو‭ ‬كان‭ ‬فيه‭ ‬رجاء‭ ‬لسمع‭ ‬به‭ ‬كل‭ ‬العالم‭ ‬ثم‭ ‬أضفت‭: ‬يا‭ ‬بنت‭ ‬الناس‭ ‬لا‭ ‬تقبلي‭ ‬تسويق‭ ‬بضاعة‭ ‬ينبغي‭ ‬حتى‭ ‬للرجال‭ ‬ان‭ ‬يخجلوا‭ ‬من‭ ‬الحديث‭ ‬عنها‭ ‬في‭ ‬مكان‭ ‬عام‭.. ‬وكتبت‭ ‬مقالا‭ ‬عن‭ ‬تلك‭ ‬الواقعة‭ ‬في‭ ‬جريدة‭ ‬سودانية،‭ ‬فوصلتني‭ ‬رسالة‭ ‬إيميل‭ ‬يتهمني‭ ‬صاحبها‭ ‬بالجهل‭ ‬والغباء‭ ‬لأنني‭ ‬لا‭ ‬أفهم‭ ‬في‭ ‬‮«‬الطب‮»‬،‭ ‬وأوضح‭ ‬في‭ ‬الرسالة‭ ‬أنه‭ ‬أخصائي‭ ‬طب‭ ‬بديل‭ ‬وذكر‭ ‬اسمه،‭ ‬ولسوء‭ ‬حظه‭ ‬استضافتني‭ ‬إذاعة‭ ‬محلية‭ ‬في‭ ‬نفس‭ ‬ذلك‭ ‬اليوم‭ ‬فقلت‭ ‬على‭ ‬الهواء‭: ‬يا‭ ‬فلان‭ ‬الفلاني‭ ‬الذي‭ ‬يقوم‭ ‬بتسويق‭ ‬الساموراي‭ ‬أنت‭ ‬مستهبل‭ ‬وبلطجي‭ ‬وعديم‭ ‬الضمير‭ ‬وأنا‭ ‬أتحداك‭ ‬علنا‭ ‬أن‭ ‬ترفع‭ ‬دعوى‭ ‬قضائية‭ ‬ضدي‭ ‬بإشانة‭ ‬السمعة‭. ‬ولم‭ ‬أسمع‭ ‬منه‭ ‬بعدها‭ ‬لا‭ ‬خيرا‭ ‬ولا‭ ‬شراً‭.‬

إقرأ أيضا لـ"جعفـــــــر عبــــــــاس"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا