زاوية غائمة
جعفـــــــر عبــــــــاس
jafasid09@hotmail.com
لا للخنزرة
تم زرع قلوب خنازير في ثلاثة أشخاص في الولايات المتحدة خلال الشهور القليلة الماضية، وقوبل الأمر بالتهليل، بينما يعتبر الأمريكان الخنزير رمزا للوساخة، ورافق نبأ تلك «الزراعة»، العودة الى الحديث عن أصل الانسان، والشائع في الدوائر العلمية هو الأفارقة من جنوب الصحراء الكبرى هم نسل آدم وحواء الأصليون، ولهذا الأمر وقع خاص لدي بوصفي ناطقا باسم النوبيين والأثيوبيين والطوارق والهوتو والزولو والتوتسي والبيبسي (اكيد هناك قبيلة إفريقية تحمل هذا الاسم)، ولكن ماذا أفعل في الإمبريالية العالمية التي ظلت تستهدفني وتجهض تطلعاتي.
طلعت علينا جريدة صنداي تايمز اللندنية (لعن الله حاملها وشاريها)، قبل أيام قليلة بتقرير يقول إن الكائن الذي انحدر منه الإنسان «خنزير» كان يعيش في صحراء جنوب إفريقيا في العصر ما قبل الجيوراسي. يعني قالوا: جدكم كان قردا فسكتنا على مضض، ولكن «خنزير». لا، هذه كثيرة وكبيرة TOO MUCH.. هل يستطيع أحدكم أن يقنعني أن جد ليلي علوي وبنات كاردشيان «خنزير»؟ مستحيل. بالطبع هذا لا ينفي أن بعض الناس «خنازير» أو حلاليف ومفردها حلوف، حتى وإن كان أسلافهم «أولاد ناس».
يعني لو ترددت مثل هذه المزاعم بعد ألف سنة، وذكر العلماء وقتها أنهم عثروا على أحفوريات في بريطانيا تدل على أن أصل الإنسان «خروف» لكان ذلك معقولا، لأن الجماعة الذين عملوا على استنساخ النعجة دوللي، والجماعة التي تعمل على زرع جينات بشرية في النعاج والخنازير، لن يتوقفوا قبل أن ينتجوا كائنا هجينا تغلب عليه صفات وخصائص النعاج، وقد حكيت وكتبت من قبل عن الجهود الخيرة التي قام بها مواطن يمني لتزويج خروفه بالآنسة دوللي واتصالاته بالمسؤولين الدوليين والسفراء الأجانب في صنعاء لإتمام تلك الزيجة. ولكن ماذا نفعل مع الغرب المتغطرس؟ لقد رفضت دوللي الكبش اليمني بحجة أنه لا يجيد الانكليزية وأنه غير كفء! وواقع الأمر أن دوللي عنصرية مثل أسيادها، ورفضت الخروف الصنعاني لأنه أسمر البشرة.
على كل حال دوللي كانت هي الخاسرة، فلو أتت لتعيش بين ظهرانينا لما أحست بالغربة أو أي نوع من التمييز، لأنها كانت ستجد نفسها محاطة بملايين «النعاج» الوديعة التي تأكل التبن وتساق إلى حتوفها دون أن تقول «بِغِم أو بااااع». نعاج مبرمجة بحيث لا تخرج من زرائبها حتى لو تركوا لها الأبواب مفتوحة.. بل وأن دوللي كانت ستحظى بمعاملة خاصة لأن النعاج عندنا وأسيادها ضعيفون أمام كل ما هو أوروبي. وعندنا يتبجح زيد أو عبيد بأن كلبه من هولندا.. طيب وأنا كلبي من أم درمان وينبح.. ويتبول على عمود الكهرباء كما الهولندي.. على كل حال سأصطحب كلبي معي إلى أمريكا بعدما تعطيني «القرعة» البطاقة الخضراء.. وهناك في أمريكا سأقوم باستنساخ كلاب كثيرة منه وإعادتها إلى الوطن العربي لتنهش لحوم النعاج الوديعة.
وإذا لم تأخذني القرعة إلى أمريكا فلربما أذهب إلى إسرائيل (الكيان الصهيوني سابقًا) لأعيش في أمن وسلام في منطقة الجليل بالتحديد، حيث أقام المهاريشي يوغي قرية ضخمة «للتأمل» تتسع لسبعة آلاف شخص سيتعلمون «قتل العداوة بدلاً من قتل العدو»، وتقول وكالات الأنباء أن هذه القرية «ستكون أجمل من أوسلو!!»، ولماذا أوسلو بالتحديد؟ لأنها مسقط رأس الاتفاق التعيس الذي أدى إلى قيام سلطة فلسطينية بلا سلطة على الأرض، بل هأنذا أنذر بأن أي عدوان على قرية المهاريشي سيعتبر عدوانا على لاس فيغاس، ولاشك أنكم تدركون عاقبة الاعتداء على لاس فيغاس.
وأود أن أبشر الإخوة الفلسطينيين بأن جميع مشاكلهم ستحل بقيام هذه القرية التي اسمها الرسمي «حكومة واحدة لعالم واحد».. يعني لا معنى للاستمرار في المطالبة بجلاء الإسرائيليين عن الضفة الغربية لأن الحالة ستصبح «واحدة».. ثم أن فلسطينيي الشتات الداخلي والخارجي يخضعون الآن لأكثر من ستين حكومة وسلطة.. ولكنهم وفي تلك القرية سيخضعون لحجة السلام مهاريشي يوغي وحده، الذي كان وإلى عهد قريب يوحي اسمه بأنه شخصية في أفلام الرسوم المتحركة، تماما كما كنت أعتقد أن «الأوزون» أكلة إيطالية، في حين أن ابنتي تقول أنه اسم فرقة موسيقية.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك