زاوية غائمة
جعفـــــــر عبــــــــاس
jafasid09@hotmail.com
وله في التبغ كلام (2)
ولليوم الثالث على التوالي نبقى مع صديقي الداعية الإسلامي المصري الدكتور عبدالسلام البسيوني، الذي ينتمي إلى مدرسة الراحل علي الطنطاوي رحمه الله، وليس من شاكلة الوعاظ الذين يخطبون وهم زعلانين، ومعظم كلامهم ويل وثبور، وينسون أن هناك جنة أُعدّت للمتقين، حتى رفع البعض شعار: الشعب يريد تغيير الإمام، وقد تناولت بالأمس جانبا مما أورده عن التدخين، بعيدا عن التحليل والتحريم، موردا أقوال المتغزلين بالتبغ، وأقوال الجهات الصحية التي تلعن خاش التبغ والمتتبغين، ونواصل اليوم استكمال عرض ما قاله الشعراء في «محاسن» التبغ:
الشاعر الطبيب، حمد وصْل العصيمي، سعودي الجنسية، قال مخاطبا المدام: دعيني أدخن لا تمنعيني / ولا تقفيِ بين تبغي وبيني / فأنت وهذي السجارة يا سيدتي / تقتسمانِ سنيني / فنصفي إليها ونصفي إليك/ فلا تظلميها ولا تظلميني/ دعيني أدخنُ لا تمنعيني / ولا تُغضبيها رجاءً ولا تُغضبيني / فتلكَ التي في يميني / بها سِرُّ شعري/ دعيني أدخن إني بتبغي / أحارب جرحًا / أحارب قُبحاً بوجه السنين / هبيني أقلعت عنها هبيني / فكيف ساُقلعُ عنك / عن الحُب يا نور عيني؟! تقولين إن السجارة تُحرق صدري / فأنت التي تُحرقيني / وأنتِ التي تُطفئيني حُبًّا / وأنت التي تُشعليني (على كل مدخن تنقنق زوجته بشأن السجائر أن يحفظ أبيات البكش هذه، لأنها ستجعل الزوجة تنسطل بالنيكوتين اللفظي وتكف عن النقنقة).
ثم يعرج شيخ عبدالسلام على ما قاله نزار قباني (شاعر المرأة) على لسان حبيبته (أنظر مجانية الألقاب عند العرب، فإذا كان نزار شاعر المرأة، فمن هو شاعر الرجل؟ طه حسين عميد الأدب. من هو وكيل عريف الأدب؟ حافظ إبراهيم شاعر النيل فهل كان احمد شوقي شاعر الأمازون؟ ثم إن شوقي نفسه أمير الشعراء فمن هو ملكهم أو ولي عهده؟ وأم كلثوم كوكب الشرق، ومن هي كوكب الجنوب، وعبدالحليم حافظ العندليب الأسمر فهل هناك عندليب بمبي أو تركواز؟)، ما علينا ولنسمع ما تقوله هذه الفتاة لحبيبها النيكوتيني: واصل تدخينك، يغريني / رجلٌ في لحظة تدخين / ما أشهى تبغك والدنيا تستقبل أول تشرين / (شكرا نزار فهذا يوم مولد سي. دي. أبو الجعافر) دخن .. لا أروع من رجلٍ / يفنى في الركن .. ويفنيني / أشعل واحدةً.. من أخرى / أشعلها من جمر عيوني / ورمادك ضعه على كفي / نيرانك ليست تؤذيني (هل هذه حبيبة أم مصفحة؟) / أحرقني.. أحرق بي بيتي/ وتصرف فيه كمجنون / فأنا كامرأة.. يكفيني / أن أشعر أن هناك يداً / تتسلل من خلف المقعد / كي تمسح رأسي وجبيني (هذه قليلة حياء فقد نسيت أمر السيجارة وصارت تتمنى الهبش والخمش).
وماذا قال شاعر العراق الكبير معروف الرصافي عن التدخين: وربّ بيضاءِ قيدِ الأصبع احترقت / في الكفّ وهي احتراق في الحشاشات/ إن مَرّ بين شفاه القوم أسودها / ألقي اصفرارًا على بيض الثنيّات / وليتها كان هذا حظّ شاربها / بل قد تفُتّ بكفّيه المرارات/ عوائد عمّت الدنيا مصائبُها/ وإنما أنا في تلك المصيبات.. ثم اقرأوا كلامه المليان فيتامين: لو لم يكُ الدهر سوقًا راج باطلها / ما راجتِ الخمر في سوق التجارات/ ولا استمرّ دخان التَبغ منتشرًا / بين الورى وهو مطلوب كأقوات/ لو استطعت جعلت التبغ محتكَرًا/ حتى يَبيعوه قيراطًا ببدْرات / فيستريحَ فقير القوم منه / ولا يُبْلى به غير مُثرٍ ذي سفاهات/ الحُرّ من خرق العادات مُنْتَهِجًا نهج الصواب ولو ضدّ الجماعات.
قلت لكم إن من صاغ هذا الكلام داعية إسلامي معروف ثم انظر كيف يصل الى مقصده دون تهديد القارئ بالويل والثبور يوم النشور!
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك