العدد : ١٦٨٤٣ - السبت ٠٤ مايو ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٥ شوّال ١٤٤٥هـ

العدد : ١٦٨٤٣ - السبت ٠٤ مايو ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٥ شوّال ١٤٤٥هـ

زاوية غائمة

جعفـــــــر عبــــــــاس

jafasid09@hotmail.com

وله في التبغ كلام (1)

نبقى‭ ‬اليوم‭ ‬أيضا‭ ‬مع‭ ‬صديقي‭ ‬العت،‭ ‬الشيخ‭ ‬الدكتور‭ ‬عبسلام‭ (‬عبد‭ ‬السلام‭) ‬البسيوني‭ ‬وهو‭ ‬داعية‭ ‬إسلامي‭ ‬مصري،‭ ‬هناك‭ ‬من‭ ‬يعتبره‭ ‬ظلاميا‭ ‬رجعيا‭ ‬متخلفا‭ (‬أنا‭ ‬من‭ ‬الذين‭ ‬كانوا‭ ‬يصفونه‭ ‬بالـ‭ ‬‮«‬تخلف‮»‬،‭ ‬فالرجل‭ ‬فلاح‭ ‬صعيدي‭ ‬ورغم‭ ‬شهاداته‭ ‬الجامعية‭ ‬وعصاميته‭ ‬التي‭ ‬جعلته‭ ‬يتقن‭ ‬الإنجليزية‭ ‬بالعون‭ ‬الذاتي،‭ ‬فقد‭ ‬ظل‭ ‬يتهيب‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬التكنولوجيا،‭ ‬ثم‭ - ‬سبحان‭ ‬الله‭ - ‬صار‭ ‬ماهرا‭ ‬وحاذقا‭ ‬في‭ ‬استخدام‭ ‬الكمبيوتر‭ ‬والانترنت‭)‬،‭ ‬وهناك‭ ‬شيوخ‭ ‬يتهمونه‭ ‬بأنه‭ ‬ليبرالي،‭ ‬لأنه‭ ‬يعشق‭ ‬الفنون‭ ‬والأدب‭ (‬قال‭ ‬لي‭: ‬كثير‭ ‬من‭ ‬الموسيقى‭ ‬حلال‭ ‬بس‭ ‬ما‭ ‬تقولش‭ ‬لحد‭ ‬إني‭ ‬قلت‭ ‬كدا‭)‬،‭ ‬وما‭ ‬جعل‭ ‬البسيوني‭ ‬يدخل‭ ‬قلوب‭ ‬الناس،‭ ‬أنه‭ ‬باسم‭ ‬على‭ ‬الدوام،‭ ‬ولا‭ ‬يجد‭ ‬حرجا‭ ‬في‭ ‬سرد‭ ‬الطرائف‭ ‬والنكات‭ ‬في‭ ‬ثنايا‭ ‬الخطب‭ ‬الدينية‭.‬

تعالوا‭ ‬معي‭ ‬نتصفح‭ ‬جانبا‭ ‬من‭ ‬دراسة‭ ‬له‭ ‬عن‭ ‬التدخين،‭ ‬وكلي‭ ‬ثقة‭ ‬في‭ ‬أنكم‭ ‬ستستمتعون‭ ‬بقراء‭ ‬الشذرات‭ ‬التالية‭ ‬منه‭: ‬بعض‭ ‬المشايخ‭ ‬الذين‭ ‬يخزّنون،‭ ‬أو‭ ‬يحششون،‭ ‬أو‭ ‬يتنبلون،‭ ‬أو‭ ‬يدخنون‭ ‬يقولون‭ ‬إن‭ ‬أكل‭ ‬النبات‭ ‬أو‭ ‬تعاطيه‭ - ‬ومنه‭ ‬الدخان‭ ‬وأخواته‭ - ‬سُنَّة؛‭ ‬وبعض‭ ‬المشايخ‭ ‬المدخنين‭ ‬يقول‭ ‬إن‭ ‬التدخين‭ ‬في‭ ‬أقصاه‭ ‬مكروه‭ ‬لا‭ ‬حرام‭..  ‬وبعض‭ ‬المتصوفة‭ ‬يرون‭ ‬التحشيش‭ ‬سلطنة،‭ ‬وبعض‭ ‬العامة‭ ‬يقولون‭: ‬لو‭ ‬كان‭ ‬حرام‭ ‬فاحنا‭ ‬بنحرقه،‭ ‬ولو‭ ‬حلال‭ ‬أدينا‭ ‬بنشربه‭! ‬و‮«‬يزعلون‮»‬‭ ‬جدًّا‭ ‬لو‭ ‬هوجمت‭ ‬شركات‭ ‬السجائر،‭ ‬فما‭ ‬ذنب‭ ‬العاملين‭ ‬فيها‭ ‬وعائلاتهم،‭ (‬يا‭ ‬عيني‭)‬،‭ ‬و‭ (‬قطع‭ ‬الأعناق‭ ‬ولا‭ ‬قطع‭ ‬الأرزاق‭)‬،‭ ‬و‭(‬عض‭ ‬قلبي‭ ‬ولا‭ ‬تعض‭ ‬رغيفي‭)!‬

‮«‬وقال‭ ‬الشيخ‭ ‬الغزالي‭ ‬رحمه‭ ‬الله‭ ‬إن‭ ‬من‭ ‬المتناقضات‭ ‬الباعثة‭ ‬على‭ ‬الحزن،‭ ‬أن‭ ‬المسلم‭ ‬ينفق‭ ‬أوقاتًا‭ ‬وأموالاً‭ ‬طائلة‭ ‬في‭ ‬الزواج،‭ ‬ثم‭ ‬بعد‭ ‬ذلك‭ ‬كله‭ ‬يقول‭ ‬عليه‭ ‬الطلاق‭ ‬إن‭ ‬عاد‭ ‬إلى‭ ‬التدخين،‭ ‬ثم‭ ‬يدخن،‭ ‬وتذهب‭ ‬امرأته‭ ‬في‭ ‬سيجارة،‭ ‬وينهار‭ ‬بيت‭ ‬أنفق‭ ‬في‭ ‬إقامته‭ ‬الكثير‭!‬‮»‬،‭ ‬‮«‬وقال‭ ‬تشرشل‭ ‬‭ ‬وكان‭ ‬مدخنًا‭ ‬للغليون‭ (‬البايب‭): ‬المدخن‭ ‬الشره‭ ‬الذي‭ ‬يقرأ‭ ‬الكثير‭ ‬عن‭ ‬أخطار‭ ‬التدخين،‭ ‬لا‭ ‬بد‭ ‬أن‭ ‬يقلع‭ ‬يومًا‭ ‬عن‭ ‬القراءة‭! ‬وقال‭ ‬مارك‭ ‬توين‭: ‬الإقلاع‭ ‬عن‭ ‬التدخين‭ ‬هو‭ ‬أسهل‭ ‬شيء،‭ ‬فقد‭ ‬قمت‭ ‬بذلك‭ ‬ألوف‭ ‬المرات‭! ‬وقال‭ ‬راي‭ ‬كمفارت‭: ‬على‭ ‬كل‭ ‬مدخن‭ ‬أن‭ ‬يفكر‭ ‬في‭ ‬المستقبل،‭ ‬فكل‭ ‬نفثة‭ ‬دخان‭ ‬هي‭ (‬تكة‭) ‬تقربنا‭ ‬من‭ ‬قنبلة‭ ‬زمنية‭ ‬رهيبة‭ ‬العواقب،‭ ‬وقال‭ ‬بعضهم‭: ‬التدخين‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬إلا‭ ‬هواية‭ ‬في‭ ‬العشرين‭/ ‬وإدمان‭ ‬في‭ ‬الثلاثين‭/ ‬وهبوط‭ ‬بالقلب‭ ‬في‭ ‬الأربعين‭/ ‬وتصلب‭ ‬بالشرايين‭ ‬في‭ ‬الخمسين‭/ ‬وموت‭ ‬مؤكد‭ ‬في‭ ‬الستين‭/ ‬والسبب‭ - ‬دائماً‭ - ‬مادة‭ ‬النيكوتين‭. ‬وقيل‭ ‬إن‭ ‬فوائده‭ ‬ثلاث‭: ‬المدخن‭ ‬لا‭ ‬تصيبه‭ ‬الشيخوخة‭/ ‬ولا‭ ‬يُسرق‭ ‬منزله‭ ‬أبدًا‭/ ‬وتهرب‭ ‬منه‭ ‬الكلاب‭! ‬والسبب‭ ‬لعدم‭ ‬إصابته‭ ‬بالشيخوخة،‭ ‬أنه‭ ‬يموت‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬زال‭ ‬شابًّا،‭ ‬ولا‭ ‬يُسرق‭ ‬منزله،‭ ‬لكثرة‭ ‬سعاله‭ ‬طوال‭ ‬الليل،‭ ‬فيخشى‭ ‬اللصوص‭ ‬الاقتراب‭ ‬من‭ ‬منزله‭! ‬وتهرب‭ ‬منه‭ ‬الكلاب‭: ‬لأنه‭ ‬دائمًا‭ ‬يتكئ‭ ‬على‭ ‬عصاه‭!‬

تقول‭ ‬منظمة‭ ‬الصحة‭ ‬العالمية‭ ‬إنّ‭ ‬التدخين‭ ‬المباشر‭ ‬والسلبي‭ ‬يقتل‭ ‬نحو‭ ‬عشرة‭ ‬أشخاص‭ ‬في‭ ‬الدقيقة،‭ ‬ويسبب‭ ‬‮«‬عالميا‮»‬،‭ ‬1,4 مليون‭ ‬حالة‭ ‬وفاة‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬عام‭! ‬وأشارت‭ ‬الدراسات‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬30‭ ‬مليون‭ ‬شخص‭ ‬ينضمون‭ ‬إلى‭ ‬قافلة‭ ‬المدخنين‭ ‬كلّ‭ ‬عام،‭ ‬ويتوقع‭ ‬الخبراء‭ ‬أن‭ ‬يموت‭ ‬قرابة‭ ‬النصف‭ ‬من‭ ‬أولئك‭ ‬بسبب‭ ‬عادة‭ ‬التدخين‭! ‬

مدح‭ ‬بعض‭ ‬الشعراء‭ ‬السيجارة‭ ‬وتغزل‭ ‬بها‭ ‬تغافلاً‭ ‬أو‭ ‬تظرفًا،‭ ‬ومنهم‭ ‬الشاعر‭ ‬فوزي‭ ‬المعلوف،‭ ‬فاقرأ‭: ‬تراني‭ ‬دومًا‭ ‬واللفافة‭ ‬في‭ ‬فمي‭ / ‬تمامًا‭ ‬كتقبيل‭ ‬الفراشة‭ ‬للورد‭ / ‬وألثمها‭ ‬لا‭ ‬لثمة‭ ‬الوجد‭ ‬إنما‭ / ‬تضوّع‭ ‬منها‭ ‬الحب‭ ‬في‭ ‬نفحة‭ ‬الند‭ / ‬فتبعث‭ ‬حولي‭ ‬زفرةً‭ ‬من‭ ‬دخانها‭ / ‬وتبعث‭ ‬أنفاس‭ ‬الصبابة‭ ‬عن‭ ‬عمد‭.. ‬وقال‭ ‬أحدهم‭: ‬أقبّلها‭ ‬في‭ ‬اليوم‭ ‬مليون‭ ‬قبلة‭ ‬***‭ ‬فلا‭ ‬أستحي‭ ‬منها‭.. ‬ولا‭ ‬هي‭ ‬تمنعُ‭ / ‬كأني‭ ‬بها‭ ‬عذراء‭ ‬برت‭ ‬بحبها‭ ‬***‭ ‬فلا‭ ‬هي‭ ‬ترويني‭.. ‬ولا‭ ‬أنا‭ ‬أشبع‭ / ‬تموت‭ ‬على‭ ‬ثغري‭ ‬البريء‭ ‬شهيدة *** فأحرق‭ ‬أنفاسي‭ ‬بخورًا‭ ‬يضوَّع

ونواصل‭ ‬غدا‭ ‬بمشيئة‭ ‬الله،‭ ‬إذ‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬تبغ‭ ‬القمشة‭ ‬البذيء‭ ‬الذي‭ ‬شفطته‭ ‬في‭ ‬شمال‭ ‬السودان،‭ ‬ثم‭ ‬التبغ‭ ‬الفرجيني‭ ‬الفاخر‭ ‬الذي‭ ‬نهلت‭ ‬منه‭ ‬لاحقا،‭ ‬قد‭ ‬جاب‭ ‬خبري،‭ ‬رغم‭ ‬إقلاعي‭ ‬عن‭ ‬التدخين‭ ‬رسميا‭ ‬قبل‭ ‬أكثر‭ ‬ربع‭ ‬قرن

إقرأ أيضا لـ"جعفـــــــر عبــــــــاس"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا