زاوية غائمة
جعفـــــــر عبــــــــاس
jafasid09@hotmail.com
كن طبيب نفسك أحيانا (2)
قلت في مقالي يوم أمس إنني وعلى احترامي الشديد للأطباء وانصياعي التام لتوجيهاتهم فإنني لست من النوع الذي يهرول إلى الطبيب بمجرد إحساسه بالألم أو بخلل ما في جسمه، وكان شاهدي في ذلك أنه لو حاول الواحد منا إيجاد تفسيرات منطقية وموضوعية لإصابته بأمراض معينة، فقد يجد المفاتيح التي قد تغنيه عن زيارة الطبيب أو تعين الطبيب على التشخيص الصحيح ووصف الدواء المناسب. وتحدثت بالأمس أيضا عن معاناتي من صداع حاد في اليوم الأول من كل عطلة، ثم قلت إن ذلك ربما ينجم عن زيادة جرعة النوم في العطلات فصرت أستيقظ حتى في العطلات في المواعيد المعتادة للاستيقاظ في أيام العمل فاختفي ذلك النوع من الصداع، وتحدثت عن كيف أنني اكتشفت أن معاناتي من ألم شديد في مفصل كف يدي اليسرى نجم عن أن مكيف السيارة يضرب مباشرة وبقوة على ذلك المفصل لقربه من فتحة التكييف فصرت أعطل المكيف الأيسر في السيارة وتخلصت من الألم.
هناك علل أخرى، تستطيع أن تعرف مسبباتها، وتساعد بذلك طبيبك على تشخيصها وتوصيف الدواء لها. خذ مثلاً التهاب القولون الذي يعاني منه نحو 80 بالمائة من بني البشر، والذي حصلت فيه على الدكتوراة الفخرية بعد أن صرت مرجعاً وحجة فيه، فقد ألزمني التهاب القولون سرير المستشفى عدة مرات، وكل الأدوية المتاحة فيما يتصل بالقولون تعمل على تهدئته ولا تعالج الالتهابات فيه، وبنصيحة من أكثر من طبيب صرت أراقب نفسي: متى يهيج قولوني ويصدر تلك الأصوات المنكرة ثم يثور كما التسونامي؟ اكتشفت أن قولوني يشوف العمى ولا يشوف الملوخية، مما يدل على أنه قولون متحضر، فالملوخية تحتوي على ألياف/ سيليولوز تعجز معدة الجمل عن هضمها. وهكذا حرمت نفسي منها رغم اقتناعي بأنها من أشهى الطبخات، وأتناولها بين الحين والآخر بعد قراءة المعوذتين وتناول مضادات التهاب القولون، ثم اكتشفت بمساعدة الطب أنني أعاني من حساسية من الألبان ومشتقاتها فتجنبتها، وشيئاً فشيئا صارت عندي قائمة سوداء للمأكولات وصار قولوني أكثر هدوءاً، ومحترما بعض الشيء ولا يحرجني في الأماكن العامة.. وكان ذلك مفتاحا لاكتشاف عجيب أرجو أن يعود عليّ بالنفع المادي والدعوات الطيبة.
حرماني من الحليب ومشتقاته حملني على تناول الشاي الأحمر. ولا أحب هذا النوع من الشاي إلا وبه نعناع أو ميرمية أو هيل (حبهان كما نقول في السودان وهي اختصار محرف لـ «حب الهيل»)، أو القرنفل أو القرفة (الدارسين) ولعدم توافر معظم تلك المواد في المكتب حيث أتعاطى الشاي بكميات تجارية، فقد حرصت على الاحتفاظ بكمية من القرفة/ الدارسين المطحون في المكتب، ولأن طعمه مستساغ، صار الشاي بالقرفة شرابي المفضل، وبعد نحو ستة أشهر من طلاق الحليب ومشتقاته انتبهت إلى أنني لم أصب طوال تلك الفترة بنزلة برد رغم أنني ومنذ وعيت الأمور من حولي أصاب بها نحو 8 مرات سنوياً! هل الحليب يسبب نزلات البرد أم أن القرفة توفر الوقاية منها؟ ظللت لا أملك الإجابة، ولكنني ظللت أتعاطى الشاي بالقرفة نحو ست سنوات لم أصب خلالها بنزلة برد، ثم طرحوا في الأسواق عقارا مضادا لحساسية سكر الحليب وصرت أشرب الشاي بالحليب وأتناول الزبادي والآيسكريم مع ذلك العقار فلا يهيج قولوني، وفارقت الشاي بالقرفة وأصبت بنزلة برد محترمة بعد حصولي على ذلك العقار بشهرين فقط، فتساءلت: طيب هل الألبان تسبب نزلات البرد؟ مستحيل، لأن مليارات البشر يشربون الألبان ولم يتعرضوا لنزلات البرد بسبب ذلك! ماذا يعني هذا؟ يعني أن القرفة هي التي وفرت لي المناعة ضد أمراض البرد وتأكد لي ذلك عندما صرت أضيف القرفة في كل كوب شاي سواء أكان بالحليب أم من دونه! أنا متأكد من أن استنتاجي هذا صحيح ولكن ذلك لا يعني أن القرفة ستأتي بنفس المفعول مع أشخاص آخرين. (بالمناسبة فإن طب الأعشاب يقول إن القرفة/ الدارسين مضاد للسكر).
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك