العدد : ١٧٠٤٨ - الاثنين ٢٥ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٣ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٨ - الاثنين ٢٥ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٣ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

الرأي الثالث

محميد المحميد

malmahmeed7@gmail.com

المكاسب الإسرائيلية من التمثيلية الإيرانية

معظم‭ ‬العقلاء‭ ‬والعارفين‭ ‬ببواطن‭ ‬الأمور،‭ ‬ومن‭ ‬يجيد‭ ‬قراءة‭ ‬الأوضاع‭ ‬والمستجدات،‭ ‬يدرك‭ ‬تماما‭ ‬أن‭ ‬المكاسب‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬من‭ ‬التمثيلية‭ ‬الإيرانية،‭ ‬بصواريخها‭ ‬وطائراتها‭ ‬المسيرة،‭ ‬جاءت‭ ‬بمثابة‭ ‬‮«‬قبلة‭ ‬الحياة‮»‬‭ ‬والمنقذ‭ ‬للحكومة‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬الحالية،‭ ‬كما‭ ‬أنها‭ ‬خففت‭ ‬من‭ ‬الضغط‭ ‬الدولي‭ ‬على‭ ‬إسرائيل،‭ ‬جراء‭ ‬ما‭ ‬يحدث‭ ‬في‭ ‬غزة،‭ ‬بل‭ ‬وجلبت‭ ‬لها‭ ‬التأييد‭ ‬والدعم‭.‬

بالأمس‭ ‬كتب‭ ‬الأستاذ‭ ‬مصطفى‭ ‬بكري‭ ‬تحليلا‭ ‬واقعيا‭ ‬حول‭ ‬الموضوع‭ ‬قائلا‭: ‬إن‭ ‬المتابع‭ ‬لمجرى‭ ‬السياسة‭ ‬الإيرانية‭ ‬وتعاملاتها‭ ‬مع‭ ‬الأحداث‭ ‬الراهنة‭ ‬في‭ ‬المنطقة،‭ ‬وتحديدًا‭ ‬منذ‭ ‬عملية‭ ‬‮«‬طوفان‭ ‬الأقصى‮»‬‭ ‬يدرك‭ ‬أن‭ ‬طهران‭ ‬لن‭ ‬تجازف‭ ‬وتخوض‭ ‬حربًا‭ ‬قوية،‭ ‬قد‭ ‬تقودها‭ ‬إلى‭ ‬سيناريوهات‭ ‬أخطر،‭ ‬تدفع‭ ‬بها‭ ‬إلى‭ ‬الصدام‭ ‬مع‭ ‬حلفاء‭ ‬إسرائيل،‭ ‬وفي‭ ‬مقدمتهم‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬وبريطانيا‭.‬

وأن‭ ‬المواجهة‭ ‬الإيرانية‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬دائمًا‭ ‬ما‭ ‬تجري‭ ‬بشكل‭ ‬محدود‭ ‬وغير‭ ‬مباشر‭ ‬وقصير،‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬من‭ ‬التفاهم‭ ‬غير‭ ‬المعلن،‭ ‬وأنه‭ ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬مرور‭ ‬القضية‭ ‬الفلسطينية‭ ‬بأحداث‭ ‬جسام‭ ‬طيلة‭ ‬العقود‭ ‬الماضية،‭ ‬لم‭ ‬تتورط‭ ‬إيران‭ ‬بشكل‭ ‬مباشر‭ ‬في‭ ‬القتال‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬الفلسطينيين،‭ ‬وإنما‭ ‬انحصر‭ ‬دورها‭ ‬في‭ ‬الدفع‭ ‬ببعض‭ ‬أذرعها‭ ‬في‭ ‬المنطقة،‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬تتحمل‭ ‬إيران‭ ‬المسؤولية‭ ‬عن‭ ‬ذلك‭.‬

من‭ ‬الكاسب‭ ‬ومن‭ ‬الخاسر؟‭ ‬سؤال‭ ‬طرحه‭ ‬الأستاذ‭ ‬مصطفى‭ ‬بكري،‭ ‬وكانت‭ ‬هذه‭ ‬هي‭ ‬الإجابة‭: ‬إن‭ ‬عملية‭ ‬الهجوم‭ ‬بعيدة‭ ‬عن‭ ‬عنصر‭ ‬المفاجأة،‭ ‬كما‭ ‬أن‭ ‬الهجوم‭ ‬جاء‭ ‬في‭ ‬أعقاب‭ ‬مفاوضات‭ ‬جرت‭ ‬بين‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬وإيران‭ ‬لتحديد‭ ‬سقف‭ ‬الهجوم،‭ ‬ويرى‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬المراقبين‭ ‬أن‭ ‬الضربة‭ ‬الإيرانية،‭ ‬ما‭ ‬هي‭ ‬إلا‭ ‬محاولة‭ ‬لحفظ‭ ‬ماء‭ ‬الوجه،‭ ‬وخاصة‭ ‬أن‭ ‬القيادة‭ ‬الإيرانية‭ ‬لا‭ ‬تريد‭ ‬أن‭ ‬تظهر‭ ‬بمظهر‭ ‬الضعيف‭ ‬أمام‭ ‬حلفائها‭ ‬في‭ ‬المنطقة،‭ ‬وأمام‭ ‬الرأي‭ ‬العام‭ ‬الإيراني‭ ‬بالداخل،‭ ‬وان‭ ‬الهجمة‭ ‬الإيرانية‭ ‬جاءت‭ ‬لأسباب‭ ‬انتقامية‭ ‬وردًا‭ ‬على‭ ‬الضربة‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬للقنصلية‭ ‬الإيرانية‭ ‬في‭ ‬دمشق،‭ ‬ولا‭ ‬علاقة‭ ‬لها‭ ‬بالعدوان‭ ‬الحاصل‭ ‬على‭ ‬قطاع‭ ‬غزة‭.‬

كما‭ ‬أن‭ ‬الهجمة‭ ‬الإيرانية‭ ‬تسببت‭ ‬في‭ ‬حشد‭ ‬القوى‭ ‬الغربية‭ ‬مجددًا‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬إسرائيل،‭ ‬فباتت‭ ‬وكأنها‭ ‬ضحية‭ ‬لعدوان‭ ‬إيراني‭ ‬مباشر،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬استدعى‭ ‬صدور‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬البيانات‭ ‬التي‭ ‬أعلنت‭ ‬تضامنها‭ ‬مع‭ ‬إسرائيل‭ ‬وإدانتها‭ ‬لإيران،‭ ‬وهو‭ ‬أمر‭ ‬تسبب‭ ‬في‭ ‬تراجع‭ ‬قضية‭ ‬استمرار‭ ‬العدوان‭ ‬على‭ ‬غزة،‭ ‬وتصدر‭ ‬المشهد‭ ‬الإيراني،‭ ‬باعتباره‭ ‬الخطر‭ ‬الأكبر‭ ‬على‭ ‬إسرائيل‭ ‬التي‭ ‬تتعرض‭ ‬لحروب‭ ‬من‭ ‬الداخل‭ ‬ومن‭ ‬الخارج‭.‬

يقول‭ ‬الأستاذ‭ ‬سليمان‭ ‬جودة‭ ‬في‭ ‬مقاله‭ ‬بالأمس‭ ‬في‭ ‬جريدة‭ ‬‮«‬المصري‭ ‬اليوم‮»‬‭: ‬أي‭ ‬عبث‭ ‬إيراني‭ ‬هذا؟‭ ‬وأي‭ ‬استخفاف‭ ‬بعقول‭ ‬الناس؟،‭ ‬وأي‭ ‬ضحك‭ ‬على‭ ‬الذقون؟،‭ ‬وأي‭ ‬ضحك‭ ‬على‭ ‬النفس؟،‭ ‬وأي‭ ‬ضحك‭ ‬على‭ ‬الإيرانيين‭ ‬أنفسهم؟‭.. ‬إن‭ ‬إسرائيل‭ ‬عندما‭ ‬حولت‭ ‬مبنى‭ ‬القنصلية‭ ‬الإيرانية‭ ‬في‭ ‬دمشق‭ ‬إلى‭ ‬تراب،‭ ‬وعندما‭ ‬أتت‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬الذين‭ ‬كانوا‭ ‬بداخلها‭.. ‬لم‭ ‬تهلل‭ ‬مسبقًا،‭ ‬ولم‭ ‬تعلن‭ ‬مُقدمًا،‭ ‬ولم‭ ‬تملأ‭ ‬الأجواء‭ ‬صخبًا،‭ ‬ولكن‭ ‬الدنيا‭ ‬نامت‭ ‬ثم‭ ‬استيقظت‭ ‬على‭ ‬مبنى‭ ‬القنصلية،‭ ‬وقد‭ ‬تمت‭ ‬تسويته‭ ‬بالأرض‭!‬

أما‭ ‬حكومة‭ ‬المرشد‭ ‬فلأن‭ ‬الدعاية‭ ‬أداة‭ ‬أساسية‭ ‬من‭ ‬أدواتها‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬من‭ ‬حولها،‭ ‬فإنها‭ ‬قادت‭ ‬عملية‭ ‬دعائية‭ ‬من‭ ‬الدرجة‭ ‬الأولى،‭ ‬وأوهمت‭ ‬كل‭ ‬الذين‭ ‬تابعوا‭ ‬عمليتها‭ ‬بأنها‭ ‬ذاهبة‭ ‬إلى‭ ‬ضرب‭ ‬إسرائيل‭ ‬انتقامًا‭ ‬لتدمير‭ ‬القنصلية،‭ ‬فلما‭ ‬بلغت‭ ‬العملية‭ ‬منتهاها،‭ ‬تبين‭ ‬لكل‭ ‬متابع‭ ‬أنه‭ ‬كان‭ ‬أمام‭ ‬عمل‭ ‬دعائي‭ ‬في‭ ‬المقام‭ ‬الأول،‭ ‬لا‭ ‬عمل‭ ‬عسكري‭ ‬حقيقي‭ ‬بأي‭ ‬مقياس‭!.‬

إيران‭ ‬مستعدة‭ ‬للقتال‭ ‬حتى‭ ‬آخر‭ ‬جندي‭ ‬من‭ ‬جنود‭ ‬وكلائها‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭.. ‬فهؤلاء‭ ‬هُم‭ ‬حطبها‭ ‬الذي‭ ‬تحرقه‭.. ‬ولكنها‭ ‬ليست‭ ‬مستعدة‭ ‬للقتال‭ ‬بنفسها،‭ ‬ولا‭ ‬بجنودها،‭ ‬ولا‭ ‬بأبنائها‭.. ‬وإذا‭ ‬شئت‭ ‬فراجع‭ ‬وقائع‭ ‬عمليتها‭ ‬‮«‬الفشنك‮»‬‭ ‬بالمعنى‭ ‬العسكري‭!.‬

إقرأ أيضا لـ"محميد المحميد"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا