العدد : ١٦٨٤١ - الخميس ٠٢ مايو ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٣ شوّال ١٤٤٥هـ

العدد : ١٦٨٤١ - الخميس ٠٢ مايو ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٣ شوّال ١٤٤٥هـ

زاوية غائمة

جعفـــــــر عبــــــــاس

jafasid09@hotmail.com

هل هي فعلا كروية وتدور؟

كتبت‭ ‬كثيرا‭ ‬محتجا‭ ‬على‭ ‬قبولنا‭ ‬بعض‭ ‬ما‭ ‬فرضه‭ ‬علينا‭ ‬الغرب‭ ‬من‭ ‬معلومات‭ ‬من‭ ‬بينها‭ ‬مثلا‭ ‬أن‭ ‬قرية‭ ‬غرينتش‭ ‬في‭ ‬إنجلترا‭ ‬تقع‭ ‬في‭ ‬منتصف‭ ‬الكرة‭ ‬الأرضية،‭ ‬مع‭ ‬ان‭ ‬مدرسي‭ ‬الرياضيات‭ ‬قالوا‭ ‬لنا‭ ‬إن‭ ‬للكرة‭ ‬بلايين‭ ‬البلايين‭  ‬المراكز،‭ ‬ثم‭ ‬سكتنا‭ ‬على‭ ‬زعم‭ ‬الغربيين‭ ‬بأن‭ ‬الأرض‭ ‬التي‭ ‬نعيش‭ ‬فيها‭ ‬عبارة‭ ‬عن‭ ‬كرة‭ ‬كاملة‭ ‬الاستدارة،‭ ‬وربما‭ ‬جاء‭ ‬هذا‭ ‬الزعم‭ ‬لتبرير‭ ‬تلاعب‭ ‬الغرب‭ ‬بتلك‭ ‬الكرة،‭ ‬وجاء‭ ‬مؤخرا‭ ‬في‭ ‬تقرير‭ ‬نشرته‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الصحف‭ ‬الأمريكية‭ ‬أن‭ ‬معظم‭ ‬الأمريكيين‭ ‬لا‭ ‬يعرفون‭ ‬أن‭ ‬الارض‭ ‬تدور‭ ‬حول‭ ‬الشمس‭ ‬سنوياً،‭ ‬وقد‭ ‬أطربني‭ ‬هذا‭ ‬التقرير‭ ‬وأعاد‭ ‬لي‭ ‬ثقتي‭ ‬بنفسي،‭ ‬لأنني‭ ‬لم‭ ‬أكن‭ ‬أعرف‭ ‬أصلاً‭ ‬أن‭ ‬الأرض‭ ‬تدور‭ ‬حول‭ ‬الشمس‭ ‬سنويا،‭ ‬لأن‭ ‬مدرس‭ ‬الجغرافيا‭ ‬لم‭ ‬يخبرني‭ ‬بذلك،‭ ‬واكتفى‭ ‬بالقول‭ ‬إن‭ ‬الأرض‭ ‬تدور‭ ‬حول‭ ‬نفسها‭ ‬يومياً،‭ (‬وكنت‭ ‬أحسب‭ ‬أن‭ ‬قطرات‭ ‬الندى‭ ‬على‭ ‬أوراق‭ ‬الشجر‭ ‬هي‭ ‬إفراز‭ ‬العرق‭ ‬الذي‭ ‬يتصبب‭ ‬من‭ ‬الأرض‭ ‬بسبب‭ ‬الدوران‭ ‬ذاك‭) ‬وربما‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬الأرض‭ ‬تقوم‭ ‬بأكثر‭ ‬من‭ ‬ذلك‭ ‬على‭ ‬عهدنا‭ ‬بالدراسة،‭ ‬اقصد‭ ‬أنها‭ ‬ربما‭ ‬بدأت‭ ‬تدور‭ ‬حول‭ ‬الشمس‭ ‬سنوياً‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬غادر‭ ‬جيلنا‭ ‬المدارس‭. ‬وسر‭ ‬سعادتي‭ ‬هو‭ ‬أن‭ ‬جهلي‭ ‬بتلك‭ ‬‮«‬الحقيقة‮»‬‭ ‬ليس‭ ‬عيباً‭ ‬طالما‭ ‬أن‭ ‬معظم‭ ‬الأمريكيين‭ ‬يشاركونني‭ ‬فيه‭. ‬وعلى‭ ‬كل‭ ‬حال،‭ ‬فإنني‭ ‬أعتقد‭ ‬أن‭ ‬قيام‭ ‬الأرض‭ ‬بالدوران‭ ‬حول‭ ‬الشمس‭ ‬إهدار‭ ‬للطاقة‭ ‬و«لف‭ ‬ودوران‮»‬‭ ‬على‭ ‬الفاضي،‭ ‬وكان‭ ‬أجدر‭ ‬بالأرض‭ ‬أن‭ ‬تركز‭ ‬جهودها‭ ‬على‭ ‬أنشطة‭ ‬وحركات‭ ‬ذات‭ ‬جدوى،‭ ‬ويا‭ ‬حبذا‭ ‬لو‭ ‬توقفت‭ ‬عن‭ ‬الدوران‭ ‬بكافة‭ ‬أشكاله‭ ‬نهائياً‭ ‬طالما‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬الدوران‭ ‬لن‭ ‬يسفر‭- ‬مثلا‭- ‬عن‭ ‬تبادل‭ ‬السودان‭ ‬والسويد‭ ‬مواقعهما،‭ ‬وانتقال‭ ‬الأردن‭ ‬‭ ‬مثلا‭ ‬‭ ‬إلى‭ ‬جنوب‭ ‬المحيط‭ ‬الهادي‭. ‬فلو‭ ‬كان‭ ‬دورانها‭ ‬يأتي‭ ‬بمثل‭ ‬تلك‭ ‬النتائج‭ ‬بحيث‭ ‬تتبادل‭ ‬الدول‭ ‬المواقع‭ ‬لسمع‭ ‬به‭ ‬الأمريكيون‭ ‬ولما‭ ‬عاش‭ ‬كاتب‭ ‬هذه‭ ‬السطور‭ ‬‮«‬معقداً‮»‬‭ ‬لأنه‭ ‬لا‭ ‬يصدق‭ ‬معظم‭ ‬ما‭ ‬يقال‭ ‬عن‭ ‬حركة‭ ‬الأرض‭.‬

وأقول‭ ‬لكم‭ ‬مجددا‭ ‬إنني‭ ‬لست‭ ‬مقتنعاً‭ ‬تماماً‭ ‬بأن‭ ‬الأرض‭ ‬كروية،‭ ‬وأنها‭ ‬تتحرك،‭ ‬وقد‭ ‬يقول‭ ‬البعض‭ ‬إن‭ ‬التأكيد‭ ‬القاطع‭ ‬لكروية‭ ‬الأرض‭ ‬هو‭ ‬شهادة‭ ‬رواد‭ ‬الفضاء،‭ ‬والصور‭ ‬التي‭ ‬التقطتها‭ ‬الأقمار‭ ‬الصناعية‭ ‬لكوكب‭ ‬الأرض‭. ‬وفيما‭ ‬يتعلق‭ ‬برواد‭ ‬الفضاء،‭ ‬فليس‭ ‬من‭ ‬المستبعد‭ ‬أنهم‭ ‬أدلوا‭ ‬بشهاداتهم‭ ‬تلك‭ ‬خوفاً‭ ‬من‭ ‬فقدان‭ ‬وظائفهم،‭ ‬يعني‭ ‬إذا‭ ‬لم‭ ‬يؤكد‭ ‬الواحد‭ ‬منهم‭ ‬كروية‭ ‬الأرض‭ ‬فقد‭ ‬يتم‭ ‬إنهاء‭ ‬خدماته‭. ‬كما‭ ‬أنني‭ ‬لا‭ ‬أستبعد‭ ‬وقوعهم‭ ‬تحت‭ ‬تأثير‭ ‬المخدرات،‭ ‬فليس‭ ‬معقولاً‭ ‬أن‭ ‬يقبل‭ ‬شخص‭ ‬في‭ ‬كامل‭ ‬قواه‭ ‬العقلية‭ ‬أن‭ ‬يسافر‭ ‬داخل‭ ‬أنبوب‭ ‬أو‭ ‬‮«‬ماسورة‮»‬‭ ‬إلى‭ ‬الفضاء‭ ‬الخارجي‭. ‬ورغم‭ ‬أنني‭ ‬استخدمت‭ ‬الطائرة‭ ‬عشرات‭ ‬المرات،‭ ‬إلا‭ ‬أنني‭ ‬ما‭ ‬زلت،‭ ‬إلى‭ ‬يومنا‭ ‬هذا‭ ‬أصاب‭ ‬بالإسهال‭ ‬والأرق‭ ‬قبل‭ ‬السفر‭ ‬بالطائرة‭ ‬بيومين،‭ ‬وفي‭ ‬كل‭ ‬مرة‭ ‬أضع‭ ‬فيها‭ ‬رجلي‭ ‬على‭ ‬سلم‭ ‬الطائرة‭ ‬أحاول‭ ‬قراءة‭ ‬ما‭ ‬تيسر‭ ‬من‭ ‬سورة‭ ‬‮«‬يس‮»‬‭ ‬أو‭ ‬‮«‬آية‭ ‬الكرسي‮»‬،‭ ‬فلا‭ ‬تسعفني‭ ‬ذاكرتي‭ ‬إلا‭ ‬بسورة‭ ‬‮«‬الزلزلة‮»‬‭ ‬‮«‬إذا‭ ‬زلزلت‭ ‬الأرض‭ ‬زلزالها‭ ‬وأخرجت‭ ‬الأرض‭ ‬أثقالها‭..‬‮»‬،‭ ‬ثم‭ ‬تتجسد‭ ‬أمامي‭ ‬مشاهد‭ ‬القيامة‭ ‬فتصاب‭ ‬أطرافي‭ ‬بالتنميل‭ ‬والخدر‭. ‬وكثيرون‭ ‬يعتقدون‭ ‬أنني‭ ‬أحب‭ ‬الموسيقار‭ ‬المصري‭ ‬الراحل‭ ‬محمد‭ ‬عبد‭ ‬الوهاب‭ ‬تقديراً‭ ‬لموهبته‭. ‬خطأ،‭ ‬فأنا‭ ‬أحبه‭ ‬أساساً‭ ‬لأنه‭ ‬كان‭ ‬رجلا‭ ‬عاقلا‭ ‬ويكره‭ ‬الطائرات‭ ‬ولا‭ ‬يتعامل‭ ‬معها‭.‬

وقد‭ ‬قلت‭ ‬عبر‭ ‬زاويتي‭ ‬هذه‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬مرة‭ ‬أنني‭ ‬كنت‭ ‬أعتقد‭ ‬أن‭ ‬الأوزون‭ ‬من‭ ‬مشتقات‭ ‬البترول‭. ‬ثم‭ ‬توهمت‭ ‬بعض‭ ‬الوقت‭ ‬أنه‭ ‬نوع‭ ‬من‭ ‬الفاكهة،‭ ‬وعرفت‭ ‬مؤخراً‭ ‬أنه‭ ‬‮«‬شيء‮»‬‭ ‬موجود‭ ‬في‭ ‬طبقات‭ ‬الجو‭ ‬العليا،‭ ‬وأنه‭ ‬يمنع‭ ‬عنا‭ ‬الأشعة‭ ‬فوق‭ ‬البنفسجية،‭ ‬ولا‭ ‬أدري‭ ‬لماذا‭ ‬يتحسر‭ ‬الغربيون‭ ‬على‭ ‬زوال‭ ‬الأوزون‭ ‬طالما‭ ‬يحرمنا‭ ‬من‭ ‬تلك‭ ‬الإشعاعات‭ ‬ذات‭ ‬الاسم‭ ‬الشاعري‭.‬

وخلال‭ ‬إقامتي‭ ‬في‭ ‬لندن،‭ ‬طرق‭ ‬باب‭ ‬بيتي‭ ‬بائع‭ ‬متجول‭ ‬ظل‭ ‬يثرثر‭ ‬معي‭ ‬طوال‭ ‬نصف‭ ‬ساعة‭ ‬كي‭ ‬يقنعني‭ ‬بأن‭ ‬أشتري‭ ‬بضاعته‭ ‬بالأقساط،‭ ‬وبعد‭ ‬أن‭ ‬افرنقع‭ ‬البائع‭ ‬وانطلق‭ ‬بحثا‭ ‬عن‭ ‬فريسة‭ ‬أخرى،‭ ‬سألتني‭ ‬ابنتي‭ ‬الصغيرة‭ ‬عن‭ ‬تلك‭ ‬البضاعة‭ ‬فقلت‭ ‬لها‭ ‬إنها‭ ‬‮«‬انسايكلوبيديا‮»‬‭ ‬وترجمتها‭ ‬بالعربية‭ ‬‮«‬موسوعة‭/ ‬دائرة‭ ‬المعارف‮»‬‭ ‬وأوضحت‭ ‬لصغيرتي‭ ‬أنها‭ ‬أحدث‭ ‬نسخة،‭ ‬ولكنها‭ ‬قالت‭ ‬لي‭: ‬‮«‬بابا‭.. ‬لا‭ ‬داعي‭ ‬للانسايكلوبيديا‭ ‬أو‭ ‬غيرها‭ ‬حتى‭ ‬ولو‭ ‬بالأقساط‭. ‬لماذا‭ ‬لا‭ ‬تكتفي‭ ‬بالتويوتا‭ ‬التي‭ ‬عندك‭ ‬طالما‭ ‬أنها‭ ‬تؤدي‭ ‬الغرض‮»‬‭. ‬طبعت‭ ‬قبلة‭ ‬طويلة‭ ‬على‭ ‬جبهتها‭ ‬وقلت‭ ‬لها‭: ‬عاشت‭ ‬تويوتا‭.. ‬ويسقط‭ ‬الأوزون‭ ‬والانسايكلوبيديا‭.. ‬والأمريكان‭!‬

إقرأ أيضا لـ"جعفـــــــر عبــــــــاس"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا