العدد : ١٦٨٤١ - الخميس ٠٢ مايو ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٣ شوّال ١٤٤٥هـ

العدد : ١٦٨٤١ - الخميس ٠٢ مايو ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٣ شوّال ١٤٤٥هـ

زاوية غائمة

جعفـــــــر عبــــــــاس

jafasid09@hotmail.com

كلنا مفكرون

نحن‭ ‬شعوب‭ ‬توزع‭ ‬الألقاب‭ ‬بسخاء،‭ ‬فهذا‭ ‬عميد‭ ‬الأدب‭ ‬وتلك‭ ‬سفيرة‭ ‬لبنان‭ ‬إلى‭ ‬النجوم‭ ‬وذاك‭ ‬زعيم‭ ‬الأمة،‭ ‬وأحس‭ ‬بعض‭ ‬الصحفيين‭ ‬بالحاجة‭ ‬الى‭ ‬مسميات‭ ‬تتسم‭ ‬بالفخامة،‭ ‬فصاروا‭ ‬يقدمون‭ ‬أنفسهم‭ ‬في‭ ‬التلفزيونات‭ ‬كـ«محللين‭ ‬سياسيين‮»‬،‭ ‬أما‭ ‬أكثر‭ ‬الألقاب‭ ‬تعرضا‭ ‬لسوء‭ ‬الاستخدام‭ ‬فهو‭ ‬‮«‬مفكر‮»‬‭ ‬الذي‭ ‬يفوز‭ ‬به‭ ‬نفر‭ ‬قليل‭ ‬جدا‭ ‬مع‭ ‬انه‭ ‬لا‭ ‬أحد‭ ‬يعرف‭ ‬ماذا‭ ‬يؤهلهم‭ ‬للفوز‭ ‬به،‭ ‬وشخصيا‭ ‬اعتقد‭ ‬انني‭ ‬مفكر،‭ ‬بدليل‭ ‬أنني‭ ‬قلّ‭ ‬أن‭ ‬اهنأ‭ ‬بنوم‭ ‬مريح‭ ‬من‭ ‬فرط‭ ‬التفكير‭ ‬في‭ ‬مستقبلي‭ ‬بوصفي‭ ‬كاتبا‭ ‬واعدا‭ ‬صاعدا،‭ ‬وفيفي‭ ‬عبده‭ ‬أيضًا‭ ‬مفكرة‭ ‬لأنها‭ ‬تخطط‭ ‬لحفلاتها‭ ‬وحركاتها‭ ‬وملابسها،‭ ‬باختصار،‭ ‬كلنا‭ ‬مفكرون‭ ‬ومفكرات‭ ‬باستثناء‭ ‬مقدمات‭ ‬برامج‭ ‬البث‭ ‬المباشر‭ ‬التلفزيونية،‭ ‬اللواتي‭ ‬يتكلمن‭ ‬ثم‭ ‬يفكرن‭ ‬في‭ ‬ما‭ ‬قلنه،‭ ‬والدليل‭ ‬القاطع‭ ‬على‭ ‬أنني‭ ‬مفكر‭ ‬هو‭ ‬الدراسة‭ ‬التي‭ ‬أعددتها‭ ‬عن‭ ‬مستقبل‭ ‬الشيشة‭ ‬بعد‭ ‬الاجتياح‭ ‬الروسي‭ ‬للشيشان،‭ ‬و«تأثير‭ ‬طالبان‭ ‬على‭ ‬الحركة‭ ‬الطلابية‭ ‬في‭ ‬السويد‮»‬،‭ ‬ولكن‭ ‬لا‭ ‬أفهم‭ ‬سر‭ ‬إحجام‭ ‬وسائل‭ ‬الإعلام‭ ‬العربية‭ ‬عن‭ ‬تقديمي‭ ‬للجمهور‭ ‬كمفكر‭.‬

وقرأت‭ ‬استطلاعا‭ ‬لآراء‭ ‬‮«‬علماء‭ ‬ومفكرين‮»‬‭ ‬عرب‭ ‬حول‭ ‬الزواج‭ ‬والطلاق‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬العربي،‭ ‬واقترح‭ ‬من‭ ‬أدلوا‭ ‬بدلائهم‭ ‬حول‭ ‬هذين‭ ‬الموضوعين‭ ‬إدخال‭ ‬تعديلات‭ ‬على‭ ‬عقود‭ ‬الزواج،‭ ‬بما‭ ‬يكفل‭ ‬حقوق‭ ‬الزوجة،‭ ‬وكنت‭ ‬قد‭ ‬سبقت‭ ‬الجميع‭ ‬عندما‭ ‬اقترحت‭ ‬في‭ ‬ذات‭ ‬ندوة،‭ ‬أن‭ ‬تتضمن‭ ‬عقود‭ ‬الزواج‭ ‬تحميل‭ ‬أهل‭ ‬الزوجة‭ ‬تكاليف‭ ‬الصيانة‭ ‬التي‭ ‬تخضع‭ ‬لها‭ ‬الزوجة‭ ‬في‭ ‬هيكلها‭ ‬العظمي‭ ‬وجهازي‭ ‬الهضم‭ ‬والتنفس‭ ‬وذلك‭ ‬طوال‭ ‬السنوات‭ ‬السبع‭ ‬عشرة‭ ‬الأولى‭ ‬من‭ ‬الزواج،‭ ‬وتحميل‭ ‬الزوج‭ ‬نفقات‭ ‬علاج‭ ‬الزوجة‭ ‬فقط‭ ‬في‭ ‬ما‭ ‬يصيب‭ ‬قلبها‭ ‬وكبدها‭ ‬من‭ ‬منطلق‭ ‬أن‭ ‬أوجاع‭ ‬الكبد‭ ‬والقلب‭ ‬عند‭ ‬النساء‭ ‬يتسبب‭ ‬فيها‭ ‬الرجال‭. ‬

وبكل‭ ‬عدم‭ ‬تواضع‭ ‬أقول‭ ‬إنني‭ ‬صاحب‭ ‬خبرة‭ ‬زوجية‭ ‬عالية،‭ ‬ولست‭ ‬بحاجة‭ ‬إلى‭ ‬نصيحة‭ ‬من‭ ‬عالم‭ ‬سوسيولوجي‭ ‬أو‭ ‬سايكولوجي‭ (‬استخدام‭ ‬المصطلح‭ ‬الإفرنجي‭ ‬ضروري‭ ‬للهيبة‭ ‬والوقار‭ ‬اللازمين‭ ‬لاكتساب‭ ‬لقب‭ ‬مفكر‭)‬،‭ ‬كي‭ ‬أفتي‭ ‬في‭ ‬مسائل‭ ‬الزواج‭ ‬والطلاق،‭ ‬أو‭ ‬الدفاع‭ ‬عن‭ ‬حقوق‭ ‬الرجال‭ ‬الذين‭ ‬أصبحوا‭ ‬مجرد‭ ‬شوارب‭ ‬لا‭ ‬تهش‭ ‬ولا‭ ‬تنش‭ ‬ولا‭ ‬تعرف‭ ‬الفرق‭ ‬بين‭ ‬العصيدة‭ ‬والمش‭ (‬بكسر‭ ‬الميم‭). ‬وفحوى‭ ‬الاستطلاع‭ ‬يصور‭ ‬الرجل‭ ‬العربي‭ ‬كوحش‭ ‬كاسر‭ ‬مع‭ ‬أنه‭ ‬في‭ ‬حقيقة‭ ‬الأمر‭ ‬غلبان‭ ‬مثل‭ ‬سرحان‭ ‬عبد‭ ‬البصير،‭ ‬والملاحظ‭ ‬أن‭ ‬جميع‭ ‬الكتاب‭ ‬يعمدون‭ ‬إلى‭ ‬تداول‭ ‬عبارات‭ ‬تمجد‭ ‬المرأة‭ ‬على‭ ‬حساب‭ ‬الرجل‭ ‬ومن‭ ‬ذلك‭ ‬ترديد‭: ‬وراء‭ ‬كل‭ ‬رجل‭ ‬عظيم‭ ‬امرأة،‭ ‬هذا‭ ‬كلام‭ ‬فارغ،‭ ‬وإذا‭ ‬تبجحت‭ ‬امرأة‭ ‬بأنها‭ ‬جعلت‭ ‬من‭ ‬زوجها‭ ‬مليونيرا،‭ ‬فتأكد‭ ‬من‭ ‬أنه‭ ‬كان‭ ‬مليارديرا‭ ‬قبل‭ ‬الزواج،‭ ‬ولا‭ ‬يستطيع‭ ‬رجل‭ ‬عربي‭ ‬أن‭ ‬يعرف‭ ‬على‭ ‬وجه‭ ‬التحديد‭ ‬كم‭ ‬كلفه‭ ‬الزواج‭ ‬لأن‭ ‬الحبل‭ ‬على‭ ‬الجرار،‭ ‬ويظل‭ ‬المسكين‭ ‬يدفع‭ ‬تكاليف‭ ‬الزواج‭ ‬إلى‭ ‬أقرب‭ ‬الأجلين‭: ‬الموت‭ ‬أو‭ ‬الطلاق‭.‬

‭ ‬وتردد‭ ‬النساء‭ ‬مقولات‭ ‬كثيرة‭ ‬للحط‭ ‬من‭ ‬قدر‭ ‬الرجال،‭ ‬ومنها‭ ‬أن‭ ‬العقاب‭ ‬الرادع‭ ‬لمن‭ ‬تخطف‭ ‬زوج‭ ‬امرأة‭ ‬أخرى‭ ‬هو‭ ‬السماح‭ ‬لها‭ ‬بالاحتفاظ‭ ‬به‭. ‬أو‭ ‬ما‭ ‬تناقلته‭ ‬الصحف‭ ‬البريطانية‭ ‬مؤخرا‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬امرأة‭ ‬نشرت‭ ‬إعلانا‭ ‬مبوبا‭ ‬قالت‭ ‬فيه‭: ‬‮«‬مطلوب‭ ‬زوج‮»‬،‭ ‬فجاءتها‭ ‬مئات‭ ‬الرسائل‭ ‬المتشابهة‭ ‬النصوص‭: ‬خذي‭ ‬زوجي‭! ‬ولعل‭ ‬المرأة‭ ‬الوحيدة‭ ‬التي‭ ‬أنصفت‭ ‬الرجل‭ ‬بشكل‭ ‬غير‭ ‬مباشر‭ ‬هي‭ ‬الممثلة‭ ‬الراحلة‭ ‬جاجا‭ (‬وليس‭ ‬زازا‭) ‬غابور‭ ‬التي‭ ‬لم‭ ‬تستطع‭ ‬حصر‭ ‬الرجال‭ ‬الذين‭ ‬تزوجت‭ ‬بهم‭ ‬واعترفت‭ ‬بأنها‭ ‬‮«‬ربة‭ ‬بيت‮»‬‭ ‬ممتازة‭ ‬لأنها‭ ‬كلما‭ ‬طلقت‭ ‬رجلاً‭ ‬استولت‭ ‬على‭ ‬بيته‭ ‬وأصبحت‭ ‬هي‭ ‬‮«‬ربته‮»‬،‭ ‬أي‭ ‬مالكته،‭ ‬فالزواج‭ ‬عندها‭ ‬يتعلق‭ ‬بالحب‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬أن‭ ‬الطلاق‭ ‬يتعلق‭ ‬بالمال‭.‬

وعيوب‭ ‬الرجل‭ ‬العربي‭ ‬بسيطة،‭ ‬ومنها‭ ‬زوغان‭ ‬العين،‭ ‬ويعاب‭ ‬عليه‭ ‬أنه‭ ‬ديكتاتور‭ ‬في‭ ‬بيته،‭ ‬ولكن‭ ‬لا‭ ‬ذنب‭ ‬له‭ ‬في‭ ‬ذلك،‭ ‬لأن‭ ‬ذلك‭ ‬حق‭ ‬مكتسب،‭ ‬فالديكتاتورية‭ ‬وقف‭ ‬على‭ ‬الرجال،‭ ‬يتدكتر‭ ‬عليهم‭ ‬أولياء‭ ‬الأمور‭ ‬فيتدكترون‭ ‬على‭ ‬نسائهم‭ ‬وذريتهم،‭ ‬ولأن‭ ‬كلامي‭ ‬هذا‭ ‬سيثير‭ ‬غيظ‭ ‬النساء،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬هدفت‭ ‬إليه،‭ ‬فإنني‭ ‬اختتم‭ ‬خواطري‭ ‬المبعثرة‭ ‬هذه‭ ‬بحكاية‭ ‬طريفة‭ ‬لزوج‭ ‬أمريكي،‭ ‬كان‭ ‬‮«‬يذاكر‮»‬‭ ‬من‭ ‬وراء‭ ‬زوجته‭ ‬واستيقظ‭ ‬ضميره‭ ‬فقرر‭ ‬أن‭ ‬يصطحبها‭ ‬إلى‭ ‬شواطئ‭ ‬فلوريدا،‭ ‬وسبق‭ ‬زوجته‭ ‬بيومين‭ ‬إلى‭ ‬المصيف‭ ‬لاستئجار‭ ‬وإعداد‭ ‬مسكن،‭ ‬وبعد‭ ‬إكمال‭ ‬المهمة،‭ ‬جلس‭ ‬ليكتب‭ ‬لها‭ ‬رسالة‭ ‬الكترونية،‭ ‬ثم‭ ‬اكتشف‭ ‬أنه‭ ‬لا‭ ‬يحتفظ‭ ‬بعنوانها‭ ‬وأجهد‭ ‬ذاكرته‭ ‬ووضع‭ ‬العنوان‭ ‬الذي‭ ‬أسعفته‭ ‬به‭ ‬الذاكرة،‭ ‬ولكنه‭ ‬كان‭ ‬العنوان‭ ‬الخطأ،‭ ‬ووصلت‭ ‬الرسالة‭ ‬إلى‭ ‬عجوز‭ ‬فقدت‭ ‬الزوج‭ ‬قبل‭ ‬يوم‭ ‬واحد،‭ ‬ما‭ ‬أن‭ ‬قرأتها‭ ‬حتى‭ ‬سقطت‭ ‬جثة‭ ‬هامدة،‭ ‬واندفع‭ ‬ذووها‭ ‬إلى‭ ‬حيث‭ ‬سقطت‭ ‬ليجدوا‭ ‬على‭ ‬شاشة‭ ‬الكمبيوتر‭ ‬رسالة‭ ‬نصها‭: ‬زوجتي‭ ‬العزيزة،‭ ‬وصلت‭ ‬قبل‭ ‬قليل‭ ‬وأعددت‭ ‬المكان‭ ‬لاستقبالك‭ ‬غدًا‭. ‬التوقيع‭ (‬زوجك‭ ‬العزيز‭)‬،‭ ‬وملاحظة‭ ‬أسفل‭ ‬التوقيع‭: ‬الحرارة‭ ‬هنا‭ ‬فوق‭ ‬ما‭ ‬تصورت‭!‬

إقرأ أيضا لـ"جعفـــــــر عبــــــــاس"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا