العدد : ١٧٠٤٥ - الجمعة ٢٢ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٠ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٥ - الجمعة ٢٢ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٠ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

عالم يتغير

فوزية رشيد

فوبيا الإسلام والاصطفاف العنصري!

{‭ ‬هو‭ ‬قرار‭ ‬لاتخاذ‭ ‬تدابير‭ ‬مكافحة‭ ‬كراهية‭ ‬الإسلام‭ ‬تم‭ ‬طرحه‭ ‬للتصويت‭ ‬في‭ ‬الجمعية‭ ‬العامة‭ ‬للأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬بتاريخ‭ ‬15‭/‬3‭/‬2024‭ ‬أو‭ ‬في‭ ‬اليوم‭ ‬الخامس‭ ‬من‭ ‬رمضان‭ ‬الحالي،‭ ‬وقدمته‭ ‬باكستان‭ ‬نيابة‭ ‬عن‭ ‬منظمة‭ ‬التعاون‭ ‬الإسلامي‭ ‬فكانت‭ ‬النتيجة‭ ‬أن‭ ‬صوتت‭ (‬115‭ ‬دولة‭) ‬لصالح‭ ‬مشروع‭ ‬القرار‭ ‬فيما‭ ‬امتنعت‭ (‬44‭ ‬دولة‭) ‬عن‭ ‬التصويت‭! ‬الطريف‭ ‬أن‭ ‬غالبية‭ ‬دول‭ ‬أوروبا‭ ‬هي‭ ‬التي‭ ‬امتنعت‭ ‬عن‭ ‬التصويت‭ ‬لمكافحة‭ ‬كراهية‭ ‬الإسلام‭ ‬وعلى‭ ‬رأسها‭ ‬بريطانيا‭ ‬وفرنسا‭ ‬وألمانيا‭ ‬وإيطاليا‭ ‬وإسبانيا‭ ‬وأوكرانيا‭! ‬لأن‭ ‬كراهية‭ ‬الإسلام‭ ‬هو‭ ‬الخط‭ ‬الذي‭ ‬اعتمدته‭ ‬طوال‭ ‬العقود‭ ‬الماضية‭! ‬لتنضم‭ ‬إلى‭ ‬دول‭ ‬أوروبا‭ ‬دولة‭ ‬مثل‭ ‬الهند‭ ‬التي‭ ‬يعيش‭ ‬فيها‭ ‬مئات‭ ‬الملايين‭ ‬من‭ ‬المسلمين‭! ‬ولكنها‭ ‬كالغرب‭ ‬الموبوء‭ ‬بالعنصرية‭ ‬الدينية‭ ‬هي‭ ‬تمارس‭ ‬أيضا‭ ‬ذات‭ ‬العنصرية‭ ‬الفاقعة‭ ‬ليتضح‭ ‬المشهد‭ ‬الأخير‭ ‬عن‭ ‬الاصطفاف‭ ‬العنصري‭ ‬ضد‭ ‬الإسلام‭!‬

{‭ ‬دول‭ ‬أوروبا‭ ‬الغربية‭ ‬يتوالى‭ ‬سقوط‭ ‬أقنعتها‭ ‬بشكل‭ ‬مستمر‭! ‬وخاصة‭ ‬أن‭ ‬كل‭ ‬أقنعتها‭ ‬أسقطتها‭ ‬أحداث‭ ‬غزة‭ ‬والموقف‭ ‬الذليل‭ ‬الغربي‭ ‬والتابع‭ ‬للصهيونية‭ ‬الذي‭ ‬اتخذته‭ ‬أنظمتها‭ ‬الرسمية‭ ‬من‭ ‬تلك‭ ‬الأحداث‭! ‬وبخلاف‭ ‬مع‭ ‬الرأي‭ ‬الشعبي‭ ‬الغربي‭ ‬الذي‭ ‬شهد‭ ‬بأم‭ ‬عينيه‭ ‬سقوط‭ ‬النموذج‭ ‬الحضاري‭ ‬للغرب‭ ‬والذي‭ ‬طالما‭ ‬تغنى‭ ‬بالحضارة‭ ‬والتنوير‭ ‬والحداثة‭ ‬والإنسانية‭ ‬والحقوق‭ ‬ولكنه‭ ‬في‭ ‬الامتحانات‭ ‬الكاشفة‭ ‬لتطبيقات‭ ‬هذا‭ ‬النموذج‭ ‬الغربي‭ ‬أثبت‭ ‬سقوطه‭ ‬ورسوبه‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬الامتحانات‭ ‬التي‭ ‬تعايشها‭ ‬البشرية‭ ‬منذ‭ ‬أن‭ ‬تسلط‭ ‬النموذج‭ ‬الغربي‭ ‬الاستعماري‭ ‬على‭ ‬شعوب‭ ‬العالم‭ ‬وثقافاته‭ ‬وحضاراته‭ ‬وتاريخه‭ ‬وهويته‭ ‬وأخيرا‭ ‬على‭ ‬معتقداته‭ ‬ودينه‭!‬

{‭ ‬خلال‭ ‬جلسة‭ ‬التصويت‭ ‬على‭ ‬قرار‭ ‬تدابير‭ ‬مكافحة‭ ‬كراهية‭ ‬الإسلام‭ ‬قال‭ ‬أنطونيو‭ ‬غوتيريتش‭ ‬الأمين‭ ‬العام‭ ‬للأمم‭ ‬المتحدة‭ ((‬فعالية‭ ‬اليوم‭ ‬تسلط‭ ‬الضوء‭ ‬على‭ ‬الوباء‭ ‬الخبيث‭ ‬وهو‭ (‬الإسلاموفوبيا‭) ‬الذي‭ ‬يمثل‭ ‬إنكارا‭ ‬وجهلا‭ ‬كاملين‭ ‬للإسلام‭ ‬والمسلمين‭ ‬وإسهاماتهم‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬إنكارها‭)!‬

وفي‭ ‬الواقع‭ ‬وصف‭ ‬الإسلاموفوبيا‭ ‬بالوباء‭ ‬الخبيث‭ ‬هو‭ ‬في‭ ‬مكانه‭ ‬مع‭ ‬ذكر‭ ‬أن‭ ‬فيروسات‭ ‬هذا‭ ‬الوباء‭ ‬صنعها‭ ‬الغرب‭ ‬نفسه‭ ‬لينشرها‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬العالم‭ ‬منذ‭ ‬أن‭ ‬خضع‭ ‬هذا‭ ‬الغرب‭ ‬لإدارة‭ ‬النخبة‭ ‬الشيطانية‭ ‬التي‭ ‬تقف‭ ‬ضد‭ ‬الأديان‭ ‬وتحديدا‭ ‬ضد‭ ‬الدين‭ ‬الإسلامي‭ ‬والمسلمين‭! ‬ليتضاد‭ ‬الغرب‭ ‬مع‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬اختطه‭ ‬لنفسه‭ ‬من‭ ‬ادعاءات‭ ‬علمانية‭ ‬وحضارية‭ ‬وتنويرية‭ ‬وحداثية‭ ‬وحقوقية‭ ‬ومن‭ ‬بينها‭ ‬مكافحة‭ ‬العنصرية‭ ‬الدينية‭ ‬فإذا‭ ‬به‭ ‬يقع‭ ‬على‭ ‬رأسه‭ ‬في‭ ‬فخ‭ ‬الكراهية‭ ‬الدينية‭ ‬والتحريض‭ ‬على‭ ‬التمييز‭ ‬والعداوة‭ ‬المستشرية‭ ‬والعنف‭ ‬ضد‭ ‬الإسلام‭ ‬والمسلمين‭! ‬والقصص‭ ‬حول‭ ‬ذلك‭ ‬كثيرة‭ ‬وتملأ‭ ‬مجلدات‭ ‬مكتبة‭ ‬بأكملها‭ ‬ويعرفها‭ ‬القاصي‭ ‬والداني‭!‬

{‭ ‬من‭ ‬ناحية‭ ‬أخرى‭ ‬فإن‭ ‬الامتناع‭ ‬عن‭ ‬مكافحة‭ ‬كراهية‭ ‬الإسلام‭ ‬ليس‭ ‬إنكارا‭ ‬وجهلا‭ ‬كاملين‭ ‬للإسلام‭ ‬والمسلمين‭ ‬وإسهاماتهم‭ ‬الحضارية‭ ‬والإنسانية‭ ‬الكبيرة‭ ‬في‭ ‬تاريخ‭ ‬البشرية‭ ‬بل‭ ‬هو‭ ‬إنكار‭ ‬متعمد‭ ‬من‭ ‬الغرب‭ ‬الذي‭ ‬أصلا‭ ‬بنى‭ ‬حضارته‭ ‬الراهنة‭ ‬في‭ ‬مجلدات‭ ‬العلم‭ ‬والطب‭ ‬والفلك‭ ‬والفكر‭ ‬وغيرها‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬تركه‭ ‬الإسلام‭ ‬من‭ ‬أثر‭ ‬حضاري‭ ‬كبير‭ ‬في‭ ‬الفترة‭ ‬الأندلسية‭ ‬تحديدا،‭ ‬واستنادا‭ ‬إلى‭ ‬علوم‭ ‬كبار‭ ‬العلماء‭ ‬العرب‭ ‬والمسلمين،‭ ‬الذين‭ ‬أناروا‭ ‬طريق‭ ‬الحضارة‭ ‬الإنسانية‭ ‬للغرب‭ ‬حين‭ ‬كان‭ ‬هذا‭ ‬الغرب‭ ‬غارقا‭ ‬في‭ ‬ظلام‭ ‬العصور‭ ‬الوسطى‭! ‬ويكفي‭ ‬الغرب‭ ‬ما‭ ‬كتبه‭ ‬مفكروه‭ ‬وفلاسفته‭ ‬المنصفون‭ ‬عن‭ ‬ذلك‭ ‬التأثير‭ ‬الكبير،‭ ‬بل‭ ‬الحاسم‭ ‬للإسلام‭ ‬والمسلمين،‭ ‬كما‭ ‬يكفي‭ ‬الكتب‭ ‬التي‭ ‬سجلت‭ ‬ذلك‭ ‬وبينها‭ ‬كتاب‭ (‬شمس‭ ‬الله‭ ‬تشرق‭ ‬على‭ ‬الغرب‭) ‬حول‭ ‬فضل‭ ‬العرب‭ ‬والمسلمين‭ ‬على‭ ‬أوروبا،‭ ‬للدكتورة‭ ‬‮«‬سيجريد‭ ‬هونكة‮»‬‭ ‬لنعرف‭ ‬أن‭ ‬الأمر‭ ‬والموقف‭ ‬الغربي‭ ‬العنصري‭ ‬ليس‭ ‬نابعا‭ ‬عن‭ ‬جهل‭ ‬وإنما‭ ‬عن‭ ‬كراهية‭ ‬متأصلة‭ ‬وعداوة‭ ‬متعمدة‭ ‬لما‭ ‬يمثله‭ ‬الإسلام‭ ‬من‭ ‬ضوء‭ ‬إلهي‭ ‬حقيقي‭ ‬في‭ ‬مواجهة‭ ‬ما‭ ‬يعتنقه‭ ‬الغرب‭ ‬الليبرالي‭ ‬والنيوليبرالي‭ ‬من‭ ‬توجهات‭ ‬فكرية‭ ‬وفلسفية‭ ‬غارقة‭ ‬في‭ ‬الرؤى‭ ‬المادية‭ ‬المتطرفة‭! ‬التي‭ ‬تسير‭ ‬على‭ ‬دروب‭ ‬الشيطان‭ ‬بالتوجيهات‭ ‬الإلحادية‭! ‬فترى‭ ‬في‭ ‬الإسلام‭ ‬عدوا‭ ‬وفي‭ ‬المسلمين‭ ‬أعداء،‭ ‬دون‭ ‬وضع‭ ‬أي‭ ‬اعتبار‭ ‬حتى‭ ‬للقيم‭ ‬الغربية‭ (‬المدعاة‭) ‬حول‭ ‬حرية‭ ‬المعتقد‭ ‬والدين‭ ‬والحقوق‭ ‬الإنسانية‭ ‬في‭ ‬ذلك‭! ‬

{‭ ‬هو‭ ‬اصطفاف‭ ‬عنصري‭ ‬مترسخ‭ ‬وإسلاموفوبيا‭ ‬يتم‭ ‬تكريسه‭ ‬عن‭ ‬عمد‭ ‬ودراية‭ ‬وليس‭ ‬عن‭ ‬جهل‭ ‬كما‭ ‬قال‭ ‬الأمين‭ ‬العام‭ ‬للأمم‭ ‬المتحدة‭! ‬والموقف‭ ‬الأوروبي‭ ‬من‭ ‬قرار‭ ‬مكافحة‭ ‬كراهية‭ ‬الإسلام‭ ‬معروف‭ ‬ومتوقع‭ ‬لأن‭ ‬الغرب‭ ‬نفسه‭ ‬يتبنى‭ ‬آليات‭ ‬وتدابير‭ ‬نشر‭ ‬وترسيخ‭ ‬تلك‭ ‬الكراهية‭ ‬ضد‭ ‬الإسلام‭ ‬بكل‭ ‬الطرق‭ ‬بناء‭ ‬على‭ ‬المعتقد‭ ‬الشيطاني‭ ‬وعبادة‭ ‬الشيطان‭ ‬والمنظمات‭ ‬والجمعيات‭ ‬السرية‭ ‬الشيطانية‭ ‬التي‭ ‬تنتشر‭ ‬كفيروسات‭ ‬الوباء‭ ‬الخبيث‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬عروقه‭ ‬ونمط‭ ‬تفكيره‭ ‬وفلسفته‭! ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬أوصل‭ ‬الغرب‭ ‬إلى‭ ‬انحطاطه‭ ‬الروحي‭ ‬الذي‭ ‬يعيش‭ ‬في‭ ‬مستنقعاته‭ ‬ويعمل‭ ‬على‭ ‬نشره‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬كله‭ ‬بإفلاس‭ ‬روحي‭ ‬وأخلاقي‭! ‬لا‭ ‬يمت‭ ‬إلى‭ ‬الحضارة‭ ‬الإنسانية‭ ‬الحقيقية‭ ‬ولا‭ ‬إلى‭ ‬سنن‭ ‬وقوانين‭ ‬الكون‭ ‬والإنسان‭ ‬التي‭ ‬صنعها‭ ‬الله‭ ‬ليتم‭ ‬الاحتكام‭ ‬إليها‭! ‬والغرب‭ ‬كما‭ ‬خسر‭ ‬محركه‭ ‬الروحي‭ ‬والأخلاقي‭ ‬فيما‭ ‬يشرعه‭ ‬للعالم،‭ ‬خسر‭ ‬في‭ ‬النهاية‭ ‬الادعاءات‭ ‬والشعارات‭ ‬التي‭ ‬يدعي‭ ‬أنه‭ ‬يتبناها‭ ‬حول‭ ‬الحريات‭ ‬والإنسان‭ ‬والحقوق‭! ‬فلا‭ ‬عجب‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬هذه‭ ‬الكراهية‭ ‬للإسلام‭!‬

إقرأ أيضا لـ"فوزية رشيد"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا