زاوية غائمة
جعفـــــــر عبــــــــاس
jafasid09@hotmail.com
علاج بالطنجرة والفرن
بينما نصب اللعنات آناء الليل وأطراف النهار على الغرب وأهله، ونصمهم بالفسوق والكفر والضلال، فإننا نضع ثقتنا فيهم في أمور كثيرة، بل يكاد يكون هناك اجماع عربي بأن كل منتج ذي اصل غربي هو بالضرورة الأفضل، ولكن تلك الثقة في الغرب تصل أحيانا الى حد اعتبار كل ما هو عربي «متخلفا» مقارنة بما هو غربي، ولهذا أصبح العلاج في الخارج صرعة عربية، لأن مغني الحي لا يطرب، رغم ان قواعد الطب واحدة في الغرب والشرق والشمال والجنوب، فعلى مدار السنة يتدفق العرب على العواصم الأوربية وأمريكا، للتداوي من البواسير، ولاستئصال اللوزتين، ونتف الحواجب، ولا يدرك العرب «المستشفون» في الغرب، أن الأمر فيه الكثير من التجارة والشطارة، وخير دليل على ذلك أن معظم أطباء شارع هارلي ستريت الشهير بعياداته في لندن، يعرفون الكثير من العبارات العربية: شلونك؟ كيف حالك؟ زين؟ ما شاللا (ما شاء الله)، بل إن بعضهم يقدم الشاي والقهوة مجانا في صالات الانتظار وهذه عادة عربية بحتة.
ولا يدرك المرضى العرب الذين يلجأون الى أطباء الغرب لعلاج الامساك والاسهال، أن الفضائح الطبية هناك أنتن من نتنياهو، ومن الأمثلة على ذلك اكتشاف أن مستشفى يحتفظ بقلوب وأعضاء مئات الأطفال المتوفين لإجراء تجارب ودراسات عليها دون علم ذويهم، ولما سئل الطبيب الذي عثروا لديه على ستة الاف عضو بشري عن دوافعه، تعلل بأنه لم تكن لديه ميزانية كافية لحيازة أعضاء بشرية لإجراء التشريح والدراسات عليها، وبالتالي فعيال الناس الموتى كانوا قيد التخزين في ثلاجات المستشفى بينما تسلم أهليهم أكياسا مليئة بالشاش وقطع القماش والبلاستيك.
واليوم أبشركم بصرعة طبية جديدة من روسيا لعلاج التهاب الكبد والسرطان، وبقية الأمراض الناجمة عن تلف الخلايا، وعليك عزيزي المريض أن تسافر إلى نوفوسيبريسك في شرق روسيا، وتسلم نفسك للأطباء هناك ليطبخوك دون بصل أو بهار، لأن طريقتهم في العلاج تقوم على وضع المريض في طنجرة، أي حلة، أي قدر به ماء مغلي إلى أن ترتفع درجة حرارة جسمه إلى نحو 43 درجة مئوية، ولأن الإنسان يموت إذا سخن جسمه بتلك الدرجة، فإنه يتم تخدير المريض بحيث لا يتأثر بارتفاع حرارة جسمه إلى 43 درجة، وهي الدرجة التي يقول أطباء نوفوسيبريسك، إن الخلايا المريضة تموت عندها، ولا أعتقد أن المريض العربي بحاجة إلى تخدير لأنه قادر على تحمل أي درجة حرارة لأن جلده سميك، وبارد ولا «يتبربر» بالبرودة، أو «يتحرحر بالحرورة»، وهناك في الغرب جهاز التداوي بالأوزون، وبالبقاء داخل الجهاز لنحو ساعة يتخلص جسمك من الشيخوخة ولا حاجة إلى تزوير شهادات الميلاد لاكتساب شباب زائف. المهم أن جهاز التداوي بالأوزون هذا بات جزءاً من ديكور العديد من البيوت في عدد من القارات، وهناك تقارير بأن الكثيرين أصيبوا بالشيخوخة المبكرة نتيجة لإساءة استخدام هذا الجهاز. ويتطلب التداوي بجهاز الأوزون الدخول في جوفه، ولا أفهم كيف يرضى عاقل لنفسه أن يجلس داخل جهاز أصم وأبكم ينغلق عليه! ذات مرة تشكك طبيب حاقد في سلامة بنيتي التحتية وقال إنه يعتقد أن الجزء الأسفل من سلسلتي الفقرية مهلهل ومفكك وأمرني بتصويره بشيء اسمه الرنين المغناطيسي، وفي اليوم المحدد ذهبت إلى حيث ذلك الجهاز الذي لم أكن قد رأيته من قبل، وأمروني بالاستلقاء ثم كتفوني وحشروني في جوفه، فبدأت أصيح: يمه ألحقيني.. ولكنها لم تلحقني، لسبب بسيط، ألا وهو أن الجهاز عبارة عن ورشة يتدرب عليها عمال غير مهرة: طاخ طراخ.. كركرك.. كلنكلن.. وفقدت الوعي ومعه قواي العقلية... كما ابتل جسمي، ربما من إفراز العرق وربما... بلاش فضايح! لهذا فإنني أعتقد أن من يغلق جهاز الأوزون على نفسه بأي ذريعة بطل أو.. (قول انت بأه)!
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك