العدد : ١٧٠٤٥ - الجمعة ٢٢ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٠ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٥ - الجمعة ٢٢ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٠ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

عالم يتغير

فوزية رشيد

بين توحيد الصفوف الفلسطينية وتفعيل منظمة التحرير؟

{‭ ‬أحداث‭ ‬غزة‭ ‬التي‭ ‬تجاوزت‭ ‬كل‭ ‬ألم‭ ‬بالكوارث‭ ‬التي‭ ‬حلتّ‭ ‬بها‭ ‬وبأهلها،‭ ‬تضيف‭ ‬ألمًا‭ ‬آخر‭ ‬لكل‭ ‬من‭ ‬يتابع‭ ‬الظروف‭ ‬القاهرة‭ ‬فيها،‭ ‬ومن‭ ‬كل‭ ‬شعوب‭ ‬العالم،‭ ‬التي‭ ‬تشعر‭ ‬بالعجز‭ ‬لفعل‭ ‬شيء‭ ‬لإيقاف‭ ‬العدوان‭ ‬الوحشي،‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬يزال‭ ‬يفتك‭ ‬بالأطفال‭ ‬والنساء‭ ‬والشيوخ‭ ‬والشباب‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬استثناء‭! ‬فيما‭ ‬الكيان‭ ‬الصهيوني‭ ‬يتصرّف‭ ‬وكأن‭ ‬ما‭ ‬يقوم‭ ‬به‭ ‬في‭ ‬حرب‭ ‬الإبادة‭ ‬التي‭ ‬يسلطها‭ ‬على‭ ‬غزة،‭ ‬هي‭ ‬مهمته‭ ‬‮«‬المقدسة‮»‬‭ ‬دون‭ ‬وازع‭ ‬إنساني‭ ‬أو‭ ‬أخلاقي‭! ‬حتى‭ ‬تحوّلت‭ ‬المشاهد‭ ‬الكارثية‭ ‬هناك‭ ‬إلى‭ ‬كابوس‭ ‬يؤرق‭ ‬كل‭ ‬صاحب‭ ‬ضمير‭ ‬حيّ‭ ‬في‭ ‬العالم‭!‬

*‭ ‬بات‭ ‬واضحًا‭ ‬اليوم‭ ‬من‭ ‬يقبع‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬المأساة‭ ‬ومن‭ ‬يتحرّك‭ ‬في‭ ‬ضوئها‭ ‬من‭ ‬الدول‭! ‬وقد‭ ‬أصبحت‭ ‬الغيوم‭ ‬السوداء‭ ‬تظلل‭ ‬العالم‭ ‬كله‭ ‬ودوله‭ ‬وشعوبه،‭ ‬وهي‭ ‬ترى‭ ‬حجم‭ (‬الاستقواء‭ ‬الصهيوني‭ ‬للكيان‭) ‬على‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬خطه‭ ‬هذا‭ ‬العالم‭ ‬من‭ ‬قوانين‭ ‬ومبادئ،‭ ‬وما‭ ‬خطته‭ ‬المنظمات‭ ‬من‭ ‬أسس‭ ‬إنسانية‭ ‬وحقوقية‭ ‬وأخلاقية‭! ‬فإذا‭ ‬بها‭ ‬جميعًا‭ ‬أمام‭ ‬ما‭ ‬يحدث‭ ‬في‭ ‬‮«‬غزة‮»‬‭ ‬مجرد‭ ‬حبر‭ ‬على‭ ‬ورق‭! ‬لكأن‭ ‬الإنسانية‭ ‬سجينة‭ ‬في‭ ‬عزلتها‭! ‬

والبشرية‭ ‬تعيش‭ ‬حالة‭ ‬‮«‬استعباد‭ ‬عالمي‮»‬‭ ‬غير‭ ‬مسبوق‭!‬

{‭ ‬الجميع‭ ‬يطل‭ ‬على‭ ‬المآسي‭ ‬التي‭ ‬أصابت‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني‭ ‬منذ‭ ‬1948،‭ ‬فيستجمع‭ ‬أوراقها‭ ‬معًا‭ ‬لتختزل‭ ‬نفسها‭ ‬فيما‭ ‬يجري‭ ‬منذ‭ ‬ما‭ ‬يقارب‭ ‬الخمسة‭ ‬أشهر،‭ ‬بوجه‭ ‬لم‭ ‬يعرفه‭ ‬العالم‭ ‬كله‭ ‬من‭ ‬الوحشية‭ ‬والعنصرية‭ ‬والإبادة‭ ‬والتجويع‭ ‬وقتل‭ ‬الأطفال‭ ‬والنساء،‭ ‬ووحدها‭ ‬‮«‬غزة‮»‬‭ ‬تعرف‭ ‬حجم‭ ‬المُصاب‭ ‬لأنها‭ ‬تعايش‭ ‬كوارثه‭ ‬كل‭ ‬لحظة‭!‬

ووحدهم‭ ‬الفلسطينيون‭ ‬يدركون‭ ‬أن‭ ‬العالم‭ ‬أكثر‭ ‬عجزًا‭ ‬منهم،‭ ‬وأقل‭ ‬صبرًا‭ ‬واحتمالاً‭ ‬وإيمانًا‭! ‬ولذلك‭ ‬هم‭ ‬يواجهون‭ ‬العالم‭ ‬وأباطرة‭ ‬الغرب،‭ ‬الذين‭ ‬كما‭ ‬اغتصبوا‭ ‬وطنًا‭ ‬ليس‭ ‬لهم‭ ‬ليعطوه‭ ‬هدية‭ ‬لصهاينة‭ ‬العالم‭! ‬فإنهم‭ (‬يريدون‭ ‬اليوم‭ ‬انتزاع‭ ‬الروح‭ ‬الفلسطينية‭ ‬وهويتها‭ ‬وتاريخها‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬الأرض‭)!‬

حتى‭ ‬تجرأ‭ ‬وزير‭ ‬‮«‬الأمن‭ ‬القومي‭ ‬الإسرائيلي‮»‬‭ ‬ليقول‭ ‬بصلافة‭ ‬منقطعة‭ ‬النظير‭ ‬إنه‭ (‬لا‭ ‬يوجد‭ ‬شعب‭ ‬فلسطيني‭! ‬هذا‭ ‬اختراع‭ ‬جديد‭!). ‬وحتى‭ ‬يقول‭ ‬‮«‬نتنياهو‮»‬‭ (‬لا‭ ‬يوجد‭ ‬شيء‭ ‬اسمه‭ ‬دولة‭ ‬فلسطينية،‭ ‬هذا‭ ‬وهم‭)! ‬

{‭ ‬بهذين‭ ‬القولين‭ ‬للوزير‭ ‬‮«‬الإسرائيلي‮»‬‭ ‬ولرئيس‭ ‬‮«‬حكومة‭ ‬الاحتلال‭ ‬الصهيوني‮»‬،‭ ‬انكشفت‭ ‬أسس‭ ‬ما‭ ‬يدور‭ ‬اليوم‭ ‬في‭ ‬غزة،‭ ‬وأن‭ ‬الهدف‭ ‬هو‭ ‬القضاء‭ ‬على‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني‭ ‬وعلى‭ ‬قضيته،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬أكده‭ ‬‮«‬بايدن‮»‬‭ ‬بأن‭ (‬لا‭ ‬استقرار‭ ‬في‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬اعتراف‭ ‬دول‭ ‬المنطقة‭ ‬بالدولة‭ ‬اليهودية‭)! ‬أي‭ ‬بفلسطين‭ ‬خالية‭ ‬من‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬لتكون‭ ‬خالصة‭ ‬لليهود‭ ‬وحدهم‭!‬

أما‭ ‬ماذا‭ ‬يُقال‭ ‬في‭ ‬توصيف‭ ‬هذا،‭ ‬فقد‭ ‬قيل‭ ‬الكثير‭ ‬ولا‭ ‬داعي‭ ‬للتكرار‭ ‬لأن‭ ‬التكرار‭ ‬الزائف‭ ‬قائم‭ ‬أصلاً‭ ‬في‭ ‬التصريحات‭ ‬والاجتماعات‭ (‬الزائفة‭) ‬حول‭ ‬حلّ‭ ‬الدولتين‭!‬

اليوم‭ ‬ليس‭ ‬أمام‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني‭ ‬و«قواه‭ ‬الوطنية‮»‬‭ ‬إلا‭ ‬توحيد‭ ‬صفوفه،‭ ‬وإعادة‭ ‬تفعيل‭ ‬دور‭ ‬‮«‬منظمة‭ ‬التحرير‭ ‬الفلسطينية‮»‬‭ ‬ونبذ‭ ‬كل‭ ‬انقسام،‭ ‬والعودة‭ ‬إلى‭ ‬مفاعيل‭ ‬الثورة‭ ‬الفلسطينية،‭ ‬كما‭ ‬بدأت‭ ‬منذ‭ ‬عقود‭ ‬طويلة‭! ‬هم‭ ‬وحدهم‭ ‬القادرون‭ ‬على‭ ‬إعادة‭ ‬ترتيب‭ ‬الأوراق‭ ‬الوطنية‭ ‬خارج‭ ‬حسابات‭ ‬ما‭ ‬بعد‭ ‬‮«‬اتفاقية‭ ‬أوسلو،‭ ‬لأن‭ ‬القادم‭ ‬بالنسبة‭ ‬إليهم‭ ‬وإلى‭ ‬كل‭ ‬فلسطين،‭ ‬هو‭ ‬الأكثر‭ ‬شراسة‭ ‬لتنفيذ‭ ‬أجندة‭ ‬الاحتلال‭ ‬الصهيوني‭ ‬والغرب‭ ‬الاستعماري،‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬يريد‭ ‬شيئًا‭ ‬يذكِّره‭ ‬بوجود‭ ‬شعب‭ ‬فلسطيني‭ ‬أو‭ ‬قضية‭ ‬فلسطينية‭ ‬أو‭ ‬وطن‭ ‬فلسطيني‭!‬

ولم‭ ‬يبق‭ ‬أمام‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني‭ ‬إلا‭ ‬العودة‭ ‬إلى‭ ‬أبجديات‭ ‬نضاله‭ ‬الأولى،‭ ‬وإلى‭ ‬لمّ‭ ‬صفوفه‭ ‬بعد‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬أصابه،‭ ‬وقد‭ ‬تركه‭ ‬الجميع‭ ‬وحيدًا‭ ‬في‭ ‬خندقه‭!‬

{‭ ‬ما‭ ‬تسبب‭ ‬به‭ ‬الانقسام‭ ‬الفلسطيني‭ ‬كثير‭ ‬وأثره‭ ‬فادح،‭ ‬وتداعياته‭ ‬خطيرة‭ ‬داخل‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني‭ ‬نفسه،‭ ‬مثلما‭ ‬على‭ ‬المحيط‭ ‬العربي‭ ‬والدولي‭! ‬لم‭ ‬يعد‭ ‬هناك‭ ‬وقت‭ ‬لرفاهية‭ ‬العجز‭ ‬أو‭ ‬التراجع،‭ ‬إن‭ ‬أرادت‭ ‬القوى‭ ‬الوطنية‭ ‬الفلسطينية‭ ‬وفصائلها‭ ‬تحرير‭ ‬الأرض‭ ‬والحصول‭ ‬على‭ ‬الحقوق‭ ‬المسلوبة،‭ ‬وتفادي‭ ‬القضاء‭ ‬على‭ ‬القضية‭ ‬الفلسطينية‭ ‬برمتها‭! ‬كل‭ ‬ما‭ ‬سبق‭ ‬حرب‭ ‬الإبادة‭ ‬على‭ ‬غزة‭ ‬في‭ ‬كفة،‭ ‬وما‭ ‬بعدها‭ ‬في‭ ‬كفة‭ ‬أخرى،‭ ‬بالنسبة‭ ‬إلى‭ ‬تقرير‭ ‬المصير‭ ‬الفلسطيني‭ ‬ووطنه‭ ‬التاريخي،‭ ‬الذي‭ ‬يُراد‭ ‬اليوم‭ ‬سلبه‭ ‬بالكامل‭ ‬منه،‭ (‬بأجندة‭ ‬استعمارية‭ ‬شرق‭ ‬أوسطية‭) ‬لم‭ ‬تتوقف‭ ‬منذ‭ ‬‮«‬سايكس‭ ‬‭ ‬بيكو‮»‬‭!‬

{‭ ‬لا‭ ‬عذر‭ ‬للفصائل‭ ‬الفلسطينية‭ ‬بعد‭ ‬اليوم‭ ‬إن‭ ‬لم‭ ‬تُوحّد‭ ‬خطاها،‭ ‬وإن‭ ‬لم‭ ‬تعد‭ ‬إلى‭ ‬أبجدية‭ ‬خطابها‭ ‬الأول‭ ‬بعد‭ ‬اغتصاب‭ ‬وطنها‭!‬

وإن‭ ‬لم‭ ‬تثبت‭ ‬للعالم‭ ‬كله‭ ‬أنها‭ ‬لن‭ ‬تتراجع‭ ‬عن‭ ‬قضيتها،‭ ‬وأول‭ ‬الطريق‭ ‬لذلك‭ ‬وحدة‭ ‬صفوفها‭ ‬في‭ ‬وجه‭ ‬كل‭ ‬الأجندات‭ ‬والمخططات‭ ‬التي‭ ‬تعمل‭ ‬على‭ ‬سلب‭ ‬الروح‭ ‬منها‭!‬

لا‭ ‬قيمة‭ ‬اليوم‭ ‬لحديث‭ ‬‮«‬حلّ‭ ‬الدولتين‮»‬‭ ‬فلم‭ ‬تعد‭ ‬هناك‭ ‬أرض‭ ‬تُقام‭ ‬عليها‭ ‬الدولة‭! ‬ولا‭ ‬نية‭ ‬لا‭ ‬لكيان‭ ‬الاحتلال‭ ‬ولا‭ ‬للغرب‭ ‬الاستعماري‭ ‬في‭ ‬إقامة‭ ‬دولة‭ ‬قابلة‭ ‬للحياة‭ ‬للفلسطينيين‭! ‬كل‭ ‬ذلك‭ ‬الكلام‭ ‬والحديث‭ ‬المهترئ‭ ‬عن‭ ‬حلّ‭ ‬الدولتين،‭ ‬مجرد‭ ‬إضافة‭ ‬لتضييع‭ ‬الوقت‭ ‬منذ‭ ‬‮«‬اتفاقيات‭ ‬أوسلو‮»‬‭! (‬فإن‭ ‬لم‭ ‬يسدّ‭ ‬الفلسطينيون‭ ‬أنفسهم‭ ‬ثغرات‭ ‬نضالهم‭ ‬الوطني،‭ ‬فلن‭ ‬يفعل‭ ‬ذلك‭ ‬لهم‭ ‬أحد‭)!‬

لا‭ ‬بدّ‭ ‬من‭ ‬‮«‬رؤية‭ ‬فلسطينية‭ ‬جديدة‮»‬‭ ‬تتناسب‭ ‬مع‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬مطروح‭ ‬من‭ ‬أجندات‭ ‬ومخططات،‭ ‬لتصفية‭ ‬القضية،‭ ‬بل‭ ‬واغتصاب‭ ‬كامل‭ ‬الأرض‭ ‬الفلسطينية،‭ ‬لتكون‭ ‬لليهود‭ ‬وحدهم‭! ‬وذلك‭ ‬أصبح‭ ‬اليوم‭ ‬من‭ ‬خطابات‭ ‬‮«‬العلنية‮»‬‭ ‬وليس‭ ‬‮«‬السرّ‮»‬‭ ‬للقادة‭ ‬الصهاينة‭ ‬في‭ ‬فلسطين‭ ‬وفي‭ ‬العالم‭ ‬الغربي،‭ ‬الذي‭ ‬يتصرف‭ ‬كالخروف‭ ‬المنقاد‭ ‬لحبل‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭! ‬فهل‭ ‬تقوم‭ ‬القوى‭ ‬الفلسطينية‭ ‬بما‭ ‬هو‭ ‬عنصر‭ ‬بقاء‭ ‬لها‭ ‬ولشعبها‭ ‬وأرضها‭!‬

إقرأ أيضا لـ"فوزية رشيد"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا