عالم يتغير
فوزية رشيد
«الفيتو» وأشباح الحرب العالمية الثانية!
{ رغم أن العالم دخل منذ ما يقارب (ربع قرن) الألفية الثالثة، إلا أن مخلفات «الحرب العالمية الثانية» منتصف أربعينيات القرن الماضي لا تزال تحكم العالم، وخاصة تقسيمات القوى فيه، والرؤى الاستعمارية القديمة! والتي رغم كل التطوّرات وتغيرّ موازين القوى العالمية، إلا أنها تستمدّ قوتها من الفرضيات والأجندات) التي أورثتها بريطانيا للولايات المتحدة! ومنها واجهتها (الاستيطانية والاستعمارية في الشرق الأوسط) وهي واجهة تتمثل في «الكيان الصهيوني» المدعوم بشكل مطلق من الولايات المتحدة، وأم الخبائث في العالم «بريطانيا»!
{ أحد أهم تلك المخلفات الناتجة من الحرب العالمية الثانية، هي «الهيكلية» المرسومة بإتقان للأمم المتحدة ولمجلس الأمن، بما يتيح استمرار التسلط الأمريكي / الغربي على العالم وقضاياه!
فيكفي في كل القرارات أن ترفع أمريكا «الفيتو» لكي يتعطل التنفيذ! وهذا ما حدث مع مشروع «القرار الجزائري» في مجلس الأمن مؤخرًا الداعي إلى وقف النار في غزة! ورغم تصويت (13 عضوا من أصل 15) لصالح القرار وتحفظ «بريطانيا»، إلا أن سطوة «الفيتو» القامع حال دون تمرير القرار، وهو الفيتو الأمريكي «الرابع» منذ بداية العدوان البربري على غزة والموصوف بحرب الإبادة الجماعية!
{ الأحوال الكارثية في غزة وفي كل المناحي بات يعرفها الجميع، وبما يمثِلّ وصمة عار كبرى غير مسبوقة في كل الحروب على جبين العالم، الذي يقف الغرب فيها متواطئًا بشكل أو بآخر، فيما بقية العالم لا يزال في حالة العجز أمام محاولاته لإيقاف تلك الإبادة الجماعية!
كل العالم بات يدرك اليوم أنها «حرب أمريكية» باليد «الإسرائيلية»! وأن أمريكا ترسم أجندتها في منطقة الشرق الأوسط بالدماء الفلسطينية ومآسي غزة والضفة! وأن التعنتّ الصهيوني لقادة «الكيان» ناجم من الدعم العسكري الأمريكي، ومعه الدعم السياسي والإعلامي واللوجيستي، إلى جانب «الفيتو» الذي يقف كل مرة ضدّ إيقاف الإبادة والمجازر والتهجير والتدمير، بحجة القضاء على حماس!
حتى أصبحت تلك «الحُجّة» ذائبة في الإرهاب غير المسبوق لدولة الكيان الصهيوني، الذي فاق كل تصوّر للوحشية غير المسبوقة أيضًا في تاريخ الحروب!
{ إن الولايات المتحدة التي حازت في نهاية الحرب العالمية الثانية على مكتسبات تلك الحرب، لا تزال تفرض بعد مرور (ثمانين عامًا) ورغم المتغيرات الدولية والعالمية، ذات (المنطلقات التقسيمية الاستعمارية) التي تقف في وجه تطلعات العالم وشعوبه ودوله وبشكل قسري! ليتواصل معه التدمير العالمي لكل المواثيق والقوانين والمبادئ الدولية والمؤسسات الأممية، التي تم تفصيلها منذ منتصف القرن الماضي، لتناسب «الأجندة الاستعمارية الغربية» وتسلطها على رقاب الدول والشعوب! وتكييف «المواثيق الدولية» بما يخدم استمرار ذلك التسلط القامع لتطلعات التغيير، وتحرّر الدول واستقلاليتها ونيل حقوقها المشروعة كما هو حق الشعب الفلسطيني!
{ لقد كرس «الغرب الإمبريالي» نفسه بقيادة الولايات المتحدة كسيّد يستعبد الدول والشعوب، وينهب ثرواتها، ويتوسّع في سيطرته وكأن لا رادع ولا قوانين ولا مواثيق ولا شرعية دولية! ولذلك هو يشن (الحروب غير المشروعة) ومنها ما حدث في أفغانستان والعراق، وعديد من دول المنطقة، وآخرها ما يحدث اليوم في «غزة» التي سالت فيها الدماء حتى غطت وجه العالم كله! ورغم ذلك فإن الولايات المتحدة باليد «الإسرائيلية» تريد رسم خارطة جديدة للمنطقة العربية، ليكون فيها «الكيان الاستيطاني» هو القوة الضاربة! ولا بأس في سبيل تحقيق تلك الغاية أن يُباد شعب بأكمله، أو أن يتم تجويعه وتهجيره من وطنه، وكل شيء مباح للكيان! ولا بأس فيه وبعد ذلك بعض توابل التصريحات والوعود الزائفة! والحديث الممل عن الإرهاب، في ظل الإرهاب الأمريكي نفسه! للقضاء على أية «مقاومة» في فلسطين تعيق مشروعه «الشرق أوسطي» أو تعيق غايات تسلطه في طريق صراعه الضاري مع القوى العالمية الأخرى! إنهاء القضية الفلسطينية وقواها المقاومة هو هدف رئيسي اليوم!
{ مرارًا وتكرارًا ذات السيناريو إذًا يتكرّر باستخدام «الفيتو»، والجزائر أو غيرها تعلم مسبقًا بأمر هذا «الفيتو»، الذي بدوره أسقط كل أقنعة أمريكا منذ عقود، رغم ذلك استخدامه يستمرّ! وإن لم يتحرّر العالم من مخلفات «الحرب العالمية الثانية» فإن تلك المخلفات الاستعمارية ستبقى حبلاً في رقبته، يجرّه طوال الوقت إلى الكوارث بل ويخنقه!
وهذا ما تفعله الولايات المتحدة (رأس الإرهاب والشرّ العالمي) ومعها جوقة غربية على رأسها بريطانيا!
المطلوب ليس فقط وقف إطلاق النار، ووقف جرائم الحرب في غزة، بل المطلوب هو (التحرّر العالمي) من (أشباح الحرب العالمية الثانية) حتى لا يدخل حربًا أكثر كارثية هي «الحرب العالمية الثانية» لتستمر ذات «الأشباح» في سيطرتها وهيمنتها وخنقها للعالم!
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك