العدد : ١٧٠٤٥ - الجمعة ٢٢ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٠ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٥ - الجمعة ٢٢ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٠ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

زاوية غائمة

جعفـــــــر عبــــــــاس

jafasid09@hotmail.com

عن طرفي الحرب العائلية

تعج‭ ‬الأسافير‭ ‬بحكايات‭ ‬معظمها‭ ‬مفبرك‭ ‬عن‭ ‬الحروب‭ ‬المستعرة‭ ‬بين‭ ‬الأزواج‭ (‬الزوج‭ ‬في‭ ‬اللغة‭ ‬للمذكر‭ ‬والمؤنث‭)‬،‭ ‬يحاول‭ ‬فيها‭ ‬الرجل‭ ‬تصوير‭ ‬الزوجة‭ ‬على‭ ‬انها‭ ‬تعشق‭ ‬الطن‭ ‬والزن‭ ‬والنق‭ ‬والشكوى،‭ ‬بينما‭ ‬يتم‭ ‬فيها‭ ‬تصوير‭ ‬الرجل‭ ‬على‭ ‬أنه‭ ‬سبهلل‭ ‬وغير‭ ‬منضبط‭ ‬وغير‭ ‬مسؤول،‭ ‬وإلى‭ ‬الطرفين‭ ‬أهدي‭ ‬حكاية‭ ‬الأمريكية‭ ‬لورا‭ ‬دويل‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬تسيء‭ ‬معاملة‭ ‬زوجها،‭ ‬وترغمه‭ ‬على‭ ‬القيام‭ ‬بكل‭ ‬المهام‭ ‬المنزلية،‭ ‬بل‭ ‬تهينه‭ ‬أمام‭ ‬الضيوف،‭ ‬لمجرد‭ ‬أنها‭ ‬اكتشفت‭ ‬أنه‭ ‬شخص‭ ‬هادئ‭ ‬وغير‭ ‬مشاكس،‭ ‬فقررت‭ ‬ليس‭ ‬أن‭ ‬تجعله‭ ‬خاتما‭ ‬في‭ ‬إصبعها‭ ‬بل‭ ‬نعلا‭ ‬في‭ ‬قدمها،‭ ‬ولكن‭ ‬المستر‭ ‬دويل‭ ‬بدأ‭ ‬ينفر‭ ‬منها‭ ‬ومن‭ ‬البيت‭ ‬ولا‭ ‬يقيم‭ ‬وزنا‭ ‬لكلامها‭ ‬أو‭ ‬مشاعرها،‭ ‬فغيرت‭ ‬أسلوب‭ ‬التعامل‭ ‬معه،‭ ‬ثم‭ ‬توصلت‭ ‬إلى‭ ‬نظرية‭ ‬مفادها‭ ‬أن‭ ‬طاعة‭ ‬الزوجة‭ ‬الكاملة‭ ‬للزوج‭ ‬ضمان‭ ‬لاستمرار‭ ‬ونجاح‭ ‬الزواج‭.‬

بعض‭ ‬الرجال‭ ‬لا‭ ‬تنفع‭ ‬معهم‭ ‬الزوجة‭ ‬مهما‭ ‬كانت‭ ‬طيبة‭ ‬ومطيعة‭ ‬وبنت‭ ‬ناس‭ (‬أليس‭ ‬كل‭ ‬إنسان‭ ‬حتى‭ ‬لو‭ ‬كان‭ ‬سيئ‭ ‬الخلق‭ ‬والسلوك‭ ‬ابن‭ ‬ناس؟‭) ‬فكثير‭ ‬من‭ ‬الرجال‭ ‬يصعب‭ ‬إرضاؤهم،‭ ‬فهم‭ ‬لا‭ ‬يحبون‭ ‬الزوجة‭ ‬الذكية‭ ‬ويعتبرونها‭ ‬متعالية،‭ ‬ويقول‭ ‬الرجال‭ ‬إنه‭ ‬إذا‭ ‬كانت‭ ‬النساء‭ ‬يتحلين‭ ‬بأي‭ ‬قدر‭ ‬من‭ ‬الذكاء‭ ‬فكيف‭ ‬تكون‭ ‬أزرار‭ ‬قمصانهن‭ (‬بلوزاتهن‭) ‬من‭ ‬الخلف؟‭ ‬أما‭ ‬إذا‭ ‬كانت‭ ‬الزوجة‭ ‬غبية‭ ‬فإنهم‭ ‬‮«‬يستعرون‮»‬‭ ‬منها،‭ ‬ومن‭ ‬يقرأ‭ ‬في‭ ‬الصحف‭ ‬العربية‭ ‬والخليجية‭ ‬بالذات‭ ‬المعارك‭ ‬الكلامية‭ ‬حول‭ ‬الزواج‭ ‬بالجامعيات‭ ‬يحسب‭ ‬أن‭ ‬الفتاة‭ ‬الجامعية‭ ‬كائن‭ ‬غير‭ ‬آدمي‭ ‬منبّت‭ ‬وبلا‭ ‬جذور،‭ ‬وإذا‭ ‬تزوجت‭ ‬بها‭ ‬فستكتشف‭ ‬أنها‭ ‬لا‭ ‬تحسن‭ ‬شيئا‭ ‬سوى‭ ‬الحديث‭ ‬عن‭ ‬أفلاطون،‭ ‬والنظرية‭ ‬النسبية‭ ‬ونقد‭ ‬الشعر‭ ‬عند‭ ‬قدامة‭ ‬بن‭ ‬جعفر‭ (‬أنا‭ ‬بريء‭ ‬منه،‭ ‬لا‭ ‬هو‭ ‬ابني‭ ‬ولا‭ ‬أنا‭ ‬أعرفه‭ ‬سوى‭ ‬من‭ ‬كتب‭ ‬نقد‭ ‬الشعر‭ ‬القديمة‭).‬

مع‭ ‬أن‭ ‬البنات‭ ‬الجامعيات‭ ‬في‭ ‬واقع‭ ‬الأمر‭ ‬طيبات‭ ‬وبسيطات،‭ ‬منا‭ ‬وفينا،‭ ‬ونتاج‭ ‬الكبسة‭ ‬المدرسية‭ ‬التي‭ ‬يتم‭ ‬حشو‭ ‬عقولهن‭ ‬بها،‭ ‬أي‭ ‬أنهن‭ ‬مثلنا‭ ‬ببغاوات‭ ‬عقولهن‭ ‬في‭ ‬آذانهن‭! ‬ولكنها‭ ‬عقدة‭ ‬التعالي‭ ‬عند‭ ‬الرجل‭ ‬الشرقي‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬يرضى‭ ‬بزوجة‭ ‬إلا‭ ‬إذا‭ ‬كانت‭ ‬دونه‭ ‬فهما‭ ‬وإدراكاً،‭ ‬ومع‭ ‬هذا،‭ ‬فإذا‭ ‬تواضعت‭ ‬الزوجة‭ ‬اعتبر‭ ‬ذلك‭ ‬ضعة‭ ‬واحتقرها،‭ ‬وقد‭ ‬فضح‭ ‬كل‭ ‬ذلك‭ ‬تلميذ‭ ‬صغير‭ ‬كان‭ ‬في‭ ‬زيارة‭ ‬مدرسية‭ ‬لحديقة‭ ‬الحيوان،‭ ‬فعندما‭ ‬شاهد‭ ‬غزالة‭ -‬وكانت‭ ‬تلك‭ ‬أول‭ ‬مرة‭ ‬يشاهد‭ ‬فيها‭ ‬ذلك‭ ‬الحيوان‭ ‬الجميل‭- ‬سأل‭ ‬مدرسه‭: ‬ما‭ ‬هذا‭ ‬الحيوان‭ ‬يا‭ ‬أستاذ؟‭ ‬فأراد‭ ‬المدرس‭ ‬أن‭ ‬يلتزم‭ ‬بنظرية‭ ‬تربوية‭ ‬تحض‭ ‬على‭ ‬عدم‭ ‬تقديم‭ ‬أجوبة‭ ‬جاهزة‭ ‬لأسئلة‭ ‬التلاميذ‭ ‬فقال‭: ‬اسم‭ ‬هذا‭ ‬الحيوان‭ ‬هو‭ ‬نفس‭ ‬الاسم‭ ‬الذي‭ ‬ينادي‭ ‬به‭ ‬أبوك‭ ‬أمك‭!! ‬هنا‭ ‬صاح‭ ‬التلميذ‭ ‬مستنكراً‭: ‬هل‭ ‬تظن‭ ‬أنني‭ ‬لا‭ ‬أعرف‭ ‬شكل‭ ‬الحمارة؟

وبالطبع‭ ‬فهناك‭ ‬الزوجة‭ ‬التي‭ ‬توصل‭ ‬زوجها‭ ‬إلى‭ ‬السجن‭ ‬أو‭ ‬إلى‭ ‬القبر‭ ‬فيدخلهما‭ ‬وهو‭ ‬يدندن‭ ‬طربا،‭ ‬وكان‭ ‬صاحبنا‭ ‬متزوجا‭ ‬بامرأة‭ ‬من‭ ‬تلك‭ ‬الفصيلة‭ ‬وظل‭ ‬على‭ ‬فراش‭ ‬الموت‭ ‬عدة‭ ‬أيام‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬يذوق‭ ‬طعاما‭ ‬أو‭ ‬شرابا،‭ ‬وذات‭ ‬مساء‭ ‬تسللت‭ ‬إلى‭ ‬خياشيمه‭ ‬رائحة‭ ‬طعام‭ ‬أخاذة،‭ ‬فتحامل‭ ‬على‭ ‬نفسه‭ ‬وجلس‭ ‬على‭ ‬الفراش‭ ‬ثم‭ ‬سحب‭ ‬ساقيه‭ ‬ووقف‭ ‬عليهما‭ ‬بصعوبة،‭ ‬وكادت‭ ‬قواه‭ ‬–الخائرة‭ ‬أصلا–تنهار‭ ‬عندما‭ ‬أدرك‭ ‬أن‭ ‬رائحة‭ ‬الطعام‭ ‬تأتيه‭ ‬من‭ ‬الطابق‭ ‬الأرضي‭ ‬للبيت،‭ ‬ولكن‭ ‬وطأة‭ ‬الجوع‭ ‬وإغراء‭ ‬رائحة‭ ‬الطعام‭ ‬حملاه‭ ‬على‭ ‬الزحف‭ ‬حتى‭ ‬السلم‭ ‬الذي‭ ‬يسميه‭ ‬البعض‭ ‬الدرج،‭ ‬فرأى‭ ‬عدة‭ ‬أصناف‭ ‬من‭ ‬الأطعمة،‭ ‬ليس‭ ‬من‭ ‬بينها‭ ‬الكبسة‭ ‬الرتيبة‭ ‬أو‭ ‬الفول‭ ‬السمج،‭ ‬فواصل‭ ‬الزحف‭ ‬على‭ ‬مؤخرته‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬أمسك‭ ‬بطرف‭ ‬الطاولة‭ ‬ومد‭ ‬يده‭ ‬لتناول‭ ‬قطعة‭ ‬لحم‭ ‬حمراء،‭ ‬هنا‭ ‬فوجئ‭ ‬بضربة‭ ‬شديدة‭ ‬على‭ ‬يده‭ ‬بمغرفة‭ ‬الطعام‭ ‬وجاءه‭ ‬صوت‭ ‬زوجته‭: ‬هذا‭ ‬للمعزين‭!‬

وأختم‭ ‬زاوية‭ ‬اليوم‭ ‬بحكاية‭ ‬زوج‭ ‬أمريكي‭ ‬قرر‭ ‬مصالحة‭ ‬زوجته‭ ‬بعد‭ ‬طول‭ ‬خصام،‭ ‬وسبقها‭ ‬إلى‭ ‬ميامي‭ ‬في‭ ‬فلوريدا‭ ‬في‭ ‬الصيف‭ ‬ليعد‭ ‬لها‭ ‬استقبالا‭ ‬حافلا،‭ ‬ثم‭ ‬بعث‭ ‬إليها‭ ‬رسالة‭ ‬بالبريد‭ ‬الإلكتروني‭ ‬على‭ ‬العنوان‭ ‬الخطأ،‭ ‬ووصلت‭ ‬الرسالة‭ ‬إلى‭ ‬سيدة‭ ‬كانت‭ ‬قد‭ ‬فقدت‭ ‬زوجها‭ ‬قبل‭ ‬يوم‭ ‬واحد‭ ‬وما‭ ‬إن‭ ‬قرأتها‭ ‬حتى‭ ‬وقعت‭ ‬ميتة‭ ‬أمام‭ ‬الكمبيوتر،‭ ‬وعلى‭ ‬الشاشة‭ ‬وجد‭ ‬أقاربها‭ ‬رسالة‭ ‬تقول‭: ‬وصلت‭ ‬هنا‭ ‬قبل‭ ‬قليل‭.. ‬الحر‭ ‬لا‭ ‬يطاق‭.. ‬سأكون‭ ‬في‭ ‬انتظارك‭ ‬مساء‭ ‬اليوم‭.‬

إقرأ أيضا لـ"جعفـــــــر عبــــــــاس"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا