العدد : ١٧٠٤٥ - الجمعة ٢٢ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٠ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٥ - الجمعة ٢٢ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٠ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

عالم يتغير

فوزية رشيد

أول إبادة جماعية على الهواء!

{‭ ‬أكد‭ ‬المتحدث‭ ‬السابق‭ ‬باسم‭ ‬الأونروا،‭ ‬‮«‬كريس‭ ‬جينيس‮»‬‭ (‬إن‭ ‬حرب‭ ‬غزة‭ ‬تعد‭ ‬أول‭ ‬إبادة‭ ‬جماعية‭ ‬تُبث‭ ‬على‭ ‬الهواء‭ ‬مباشرة‭)!‬

إذ‭ ‬عبر‭ ‬الحروب‭ ‬كلها‭ ‬في‭ ‬التاريخ‭ ‬كنا‭ ‬نقرأ‭ ‬في‭ ‬الكتب‭ ‬عن‭ ‬الفظائع‭ ‬التي‭ ‬يرتكبها‭ ‬المحتلون،‭ ‬في‭ ‬الأراضي‭ ‬التي‭ ‬يحتلونها،‭ ‬من‭ ‬جرائم‭ ‬حرب‭ ‬ومجازر‭ ‬وإبادة‭ ‬قرى‭ ‬وقتل‭ ‬كل‭ ‬أهاليها،‭ ‬ولكن‭ ‬كان‭ ‬ذلك‭ ‬يبقى‭ ‬في‭ ‬الذاكرة‭ ‬كقصص‭ ‬وسرديات‭ ‬لوحشية‭ ‬الغزاة،‭ ‬وتذكار‭ ‬لما‭ ‬فعله‭ (‬الفايكنج‭)‬كمثال‭ ‬وحروب‭ ‬الاستعمار‭ ‬الغربي‭ ‬بعدهم،‭ ‬من‭ ‬وحشية‭ ‬في‭ ‬حق‭ ‬الشعوب‭! ‬ولكن‭ ‬أيضًا‭ ‬هي‭ ‬المرة‭ ‬الأولى‭ ‬التي‭ ‬يرى‭ ‬فيها‭ ‬العالم‭ ‬كله،‭ ‬بكل‭ ‬شعوبه،‭ ‬شرقًا‭ ‬وغربًا،‭ ‬ما‭ ‬تم‭ ‬ولا‭ ‬يزال‭ ‬يتم‭ ‬من‭ ‬‮«‬إبادة‭ ‬جماعية‮»‬‭ ‬يتم‭ ‬بثها‭ ‬على‭ ‬الفضائيات‭ ‬وعلى‭ ‬الهواء‭ ‬مباشرة‭! ‬ربما‭ ‬ذلك‭ ‬وما‭ ‬انتشر‭ ‬على‭ ‬وسائل‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي،‭ ‬أسهم‭ ‬في‭ ‬تحرّك‭ ‬شعوب‭ ‬العالم‭ ‬ضدّ‭ ‬‮«‬الكيان‭ ‬الصهيوني‮»‬‭ ‬وهو‭ ‬أيضًا‭ ‬ما‭ ‬كشف‭ ‬حقيقته‭ ‬وتحديدًا‭ ‬للشعوب‭ ‬في‭ ‬الغرب،‭ ‬فثارت‭ ‬المدن‭ ‬الغربية‭ ‬وربما‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬غيرها‭ ‬للتنديد‭ ‬بما‭ ‬يحدث‭ ‬من‭ ‬جرائم‭ ‬وإبادة‭ ‬والمطالبة‭ ‬بوقفها‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬يستمع‭ ‬سادة‭ ‬أمريكا‭ ‬والغرب‭ ‬إلى‭ ‬مطالب‭ ‬شعوب‭ ‬العالم‭ ‬وشعوبهم‭ ‬لذلك‭ ‬النداء‭ ‬العاجل‭ ‬الذي‭ ‬تكرّر‭ ‬عبر‭ ‬الشهور‭ ‬الأخيرة‭ ‬دون‭ ‬استجابة‭! ‬فلا‭ ‬الكيان‭ ‬يوقف‭ ‬حربه‭ ‬الهمجية،‭ ‬ولا‭ ‬الغرب‭ ‬يوقف‭ ‬دعمه‭ ‬العسكري‭! ‬بل‭ ‬وكما‭ ‬تفعل‭ ‬أمريكا،‭ ‬مزج‭ ‬الغرب‭ ‬بين‭ ‬تصريحات‭ ‬إنشائية‭ ‬حول‭ ‬السلام‭ ‬وقيام‭ ‬دولتين،‭ ‬فيما‭ ‬الدعم‭ ‬العسكري‭ ‬لارتكاب‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬المجازر‭ ‬مستمر‭!‬

{‭ ‬ما‭ ‬يقارب‭ ‬الـ‭ ‬5‭ ‬أشهر‭ ‬وآلة‭ ‬القتل‭ ‬الصهيونية‭ ‬تمارس‭ ‬الإبادة‭ ‬الجماعية،‭ ‬وتعمل‭ ‬بكل‭ ‬الوسائل‭ ‬على‭ ‬الحصار‭ ‬والتجويع‭ ‬والتهجير،‭ ‬وكل‭ ‬ذلك‭ ‬يتم‭ ‬على‭ ‬مرأى‭ ‬ومسمع‭ ‬من‭ ‬العالم‭!‬

ولكن‭ ‬اللافت‭ ‬في‭ ‬الأمر‭ ‬أن‭ ‬أصوات‭ ‬الرفض‭ ‬والاحتجاج‭ ‬الصارخ‭ ‬لم‭ ‬تعد‭ ‬قوية‭ ‬كما‭ ‬في‭ ‬الشهر‭ ‬الأول‭ ‬والثاني‭! ‬ولكأن‭ ‬البث‭ ‬المباشر‭ ‬عمل‭ ‬‮«‬إعلاميًّا‮»‬‭ ‬على‭ (‬تخدير‭ ‬أعصاب‭ ‬الشعوب‭) ‬التي‭ ‬ملتّ‭ ‬من‭ ‬عجزها‭ ‬على‭ ‬فعل‭ ‬شيء‭! ‬كما‭ ‬أنها‭ ‬اعتادت‭ ‬الوحشية‭ ‬القاتلة‭ ‬التي‭ ‬يمارسها‭ ‬الكيان‭ ‬الصهيوني‭ ‬بفعل‭ ‬التكرار‭! ‬حتى‭ ‬أصبح‭ ‬المتلقي‭ ‬في‭ ‬أغلب‭ ‬الدول‭ ‬وكأنه‭ ‬قد‭ ‬دخل‭ ‬مرحلة‭ ‬‮«‬التعايش‮»‬‭ ‬مع‭ ‬المجازر‭ ‬والإبادة‭ ‬والقتل‭ ‬اليومي‭! ‬حيث‭ ‬كل‭ ‬يوم‭ ‬يتجاوز‭ ‬العدد‭ ‬‮«‬مئة‭ ‬شخص‮»‬‭ ‬بعد‭ ‬مرور‭ ‬الشهور‭ ‬الطويلة،‭ ‬وهذا‭ ‬أخطر‭ ‬شيء‭ ‬يحدث‭ ‬في‭ ‬‮«‬حرب‭ ‬الإبادة‭ ‬الجماعية‮»‬‭ ‬التي‭ ‬داس‭ ‬الكيان‭ ‬فيها‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬القيم‭ ‬الإنسانية‭ ‬والأخلاقية‭ ‬والحقوقية،‭ ‬وأصبح‭ ‬البث‭ ‬المباشر‭ ‬على‭ ‬الهواء‭ ‬على‭ ‬مدار‭ ‬الـ‭ ‬24‭ ‬ساعة،‭ ‬وكأنها‭ ‬مشاهد‭ ‬لفيلم‭ ‬كابوسي‭ ‬وليس‭ ‬لواقع‭ ‬فظيع‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬السكوت‭ ‬عليه‭!‬

{‭ ‬قصص‭ ‬وحكايات‭ ‬وسرديات‭ ‬لشخوص‭ ‬أغلبها‭ ‬من‭ ‬الأطفال‭ ‬والنساء‭ ‬تتراكم‭ ‬في‭ ‬ذاكرة‭ ‬أبشع‭ ‬حرب‭ ‬للإبادة‭ ‬والتطهير‭ ‬العِرقي‭ ‬والتهجير‭ ‬يتم‭ ‬ارتكابها،‭ ‬لتتحوّل‭ ‬وجوه‭ ‬ضحايا‭ ‬هذه‭ ‬الحرب‭ ‬إلى‭ (‬لعنة‭) ‬تصيب‭ ‬البشرية‭ ‬كلها‭ ‬بسبب‭ ‬‮«‬كيان‭ ‬استيطاني‮»‬‭ ‬يريد‭ ‬الغرب‭ ‬الاستعماري‭ ‬بقيادة‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة،‭ ‬عدم‭ ‬توقفه‭ ‬أو‭ ‬إيقاف‭ ‬مجازره‭ ‬رغم‭ ‬ما‭ ‬يتم‭ ‬بثه‭ ‬مباشرة‭ ‬كل‭ ‬يوم‭!‬

وحدهم‭ ‬المدافعون‭ ‬الحقيقيون‭ ‬عن‭ ‬الإنسانية‭ ‬وحقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬وحق‭ ‬الشعوب‭ ‬في‭ ‬الحرية‭ ‬والاستقلال‭ ‬والمقاومة‭ ‬للمحتل،‭ ‬هم‭ ‬من‭ ‬يواصلون‭ ‬اليوم‭ ‬ما‭ ‬بدأوه‭ ‬بحرارة‭ ‬العقل‭ ‬والقلب‭ ‬من‭ ‬دعم‭ ‬معنوي‭ ‬وسياسي‭ ‬وحقوقي‭ ‬لا‭ ‬يملكون‭ ‬غيره،‭ ‬وكما‭ ‬كانوا‭ ‬يفعلون‭ ‬خلال‭ ‬الأسابيع‭ ‬الأولى‭ ‬لهذه‭ ‬الحرب‭ ‬البشعة‭!‬

{‭ ‬هي‭ ‬المرة‭ ‬الأولى‭ ‬عبر‭ ‬تاريخ‭ ‬كل‭ ‬الحروب‭ ‬التي‭ ‬تواجه‭ ‬البشرية‭ ‬كلها‭ ‬نفسها‭ ‬ومبادئها‭ ‬وحقيقة‭ ‬إنسانيتها‭! ‬مثلما‭ ‬يواجه‭ ‬‮«‬النظام‭ ‬الدولي‮»‬‭ ‬وكل‭ ‬مؤسساته‭ ‬المختلة‭ ‬حقيقة‭ ‬نفسه‭ ‬وهذا‭ ‬النظام‭ ‬الاستعماري‭ ‬البشع،‭ ‬الذي‭ ‬يقوده‭ ‬الغرب،‭ ‬لتصبح‭ ‬المواجهة‭ ‬مباشرة‭ ‬بين‭ ‬تطلعات‭ ‬الشعوب،‭ ‬وحقيقة‭ ‬ما‭ ‬يجري‭ ‬على‭ ‬الأرض‭ ‬وفي‭ ‬الواقع‭! ‬بعيدًا‭ ‬عن‭ ‬الشعارات‭ ‬الزائفة‭ ‬للإنسانية‭ ‬والحقوق‭ ‬والمبادئ‭ ‬والقوانين‭ ‬الدولية‭! ‬ولكأنها‭ ‬المرة‭ ‬الأولى‭ ‬أيضًا‭ ‬في‭ ‬تاريخ‭ ‬بشاعة‭ ‬حرب‭ ‬الإبادة،‭ ‬التي‭ ‬تدرك‭ ‬فيها‭ ‬الشعوب‭ ‬كلها‭ ‬أنها‭ (‬مأسورة‭) ‬بدورها‭ ‬لظلم‭ ‬هذا‭ ‬‮«‬النظام‭ ‬الدولي‮»‬‭ ‬التي‭ ‬استخرجت‭ ‬الحرب‭ ‬الدائرة‭ ‬حقيقة‭ ‬البشاعة‭ ‬التي‭ ‬يعمل‭ ‬نظامه‭ ‬من‭ ‬خلالها‭! ‬حيث‭ ‬لا‭ ‬قيمة‭ ‬للإنسان‭ ‬المقتول‭ ‬وإن‭ ‬وصل‭ ‬تعداده‭ ‬إلى‭ ‬المئات‭ ‬والآلاف‭ ‬وعشرات‭ ‬الآلاف‭! ‬ولا‭ ‬قيمة‭ ‬للأخلاق‭ ‬وقوانين‭ ‬الحروب،‭ ‬حين‭ ‬يمارس‭ ‬المحتل‭ ‬أفظع‭ ‬جرائمه‭ ‬أمام‭ ‬العالم‭ ‬وببث‭ ‬مباشرة‭ ‬ولا‭ ‬أحد‭ ‬يوقفه‭!‬

{‭ ‬هذه‭ ‬الحرب،‭ ‬حرب‭ ‬غزة،‭ ‬علامة‭ ‬فارقة‭ ‬في‭ ‬تاريخ‭ ‬البشرية‭ ‬بسبب‭ ‬الانفتاح‭ ‬الإعلامي‭ ‬الكبير‭ ‬وامتزاجه‭ ‬بإعلام‭ ‬العالم‭ ‬الافتراضي‭ ‬ونقل‭ ‬ما‭ ‬يجري،‭ ‬مما‭ ‬يجعل‭ ‬الاحتيال‭ ‬على‭ ‬البشاعة‭ ‬والتزوير‭ ‬والخطابات‭ ‬الزائفة‭ ‬المتعلقة‭ ‬بما‭ ‬يجري،‭ ‬وصمة‭ ‬عار‭ ‬للعالم‭ ‬كله‭ ‬الذي‭ ‬دخل‭ ‬نظامه‭ ‬طور‭ ‬‮«‬الانحلال‭ ‬الأخلاقي‭ ‬والإنساني‮»‬،‭ ‬وطور‭ ‬التناقض‭ ‬الكاشف‭ ‬بين‭ ‬موقف‭ ‬الشعوب‭ ‬وموقف‭ ‬الدول‭ ‬بشكل‭ ‬عام‭!‬،‭ ‬حتى‭ ‬لم‭ ‬يبق‭ ‬في‭ ‬غزة‭ ‬ومن‭ ‬غزة‭ ‬إلا‭ ‬وجوه‭ ‬الأطفال‭ ‬التي‭ ‬علقّت‭ ‬ولا‭ ‬تزال‭ ‬تعلقّ‭ ‬بمآسيها‭ ‬جرس‭ ‬الإنذار‭ ‬لكل‭ ‬البشرية‭!‬

وبأن‭ ‬زمن‭ ‬وحشية‭ ‬جديدة‭ ‬بدأ‭ ‬يطلّ‭ ‬على‭ ‬العالم‭ ‬وعلى‭ ‬الهواء‭ ‬مباشرة‭ ‬ببث‭ ‬حيّ‭ ‬إن‭ ‬استمر‭ ‬هذا‭ ‬النظام‭ ‬الدولي‭! ‬

إقرأ أيضا لـ"فوزية رشيد"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا