عالم يتغير
فوزية رشيد
أول إبادة جماعية على الهواء!
{ أكد المتحدث السابق باسم الأونروا، «كريس جينيس» (إن حرب غزة تعد أول إبادة جماعية تُبث على الهواء مباشرة)!
إذ عبر الحروب كلها في التاريخ كنا نقرأ في الكتب عن الفظائع التي يرتكبها المحتلون، في الأراضي التي يحتلونها، من جرائم حرب ومجازر وإبادة قرى وقتل كل أهاليها، ولكن كان ذلك يبقى في الذاكرة كقصص وسرديات لوحشية الغزاة، وتذكار لما فعله (الفايكنج)كمثال وحروب الاستعمار الغربي بعدهم، من وحشية في حق الشعوب! ولكن أيضًا هي المرة الأولى التي يرى فيها العالم كله، بكل شعوبه، شرقًا وغربًا، ما تم ولا يزال يتم من «إبادة جماعية» يتم بثها على الفضائيات وعلى الهواء مباشرة! ربما ذلك وما انتشر على وسائل التواصل الاجتماعي، أسهم في تحرّك شعوب العالم ضدّ «الكيان الصهيوني» وهو أيضًا ما كشف حقيقته وتحديدًا للشعوب في الغرب، فثارت المدن الغربية وربما أكثر من غيرها للتنديد بما يحدث من جرائم وإبادة والمطالبة بوقفها دون أن يستمع سادة أمريكا والغرب إلى مطالب شعوب العالم وشعوبهم لذلك النداء العاجل الذي تكرّر عبر الشهور الأخيرة دون استجابة! فلا الكيان يوقف حربه الهمجية، ولا الغرب يوقف دعمه العسكري! بل وكما تفعل أمريكا، مزج الغرب بين تصريحات إنشائية حول السلام وقيام دولتين، فيما الدعم العسكري لارتكاب المزيد من المجازر مستمر!
{ ما يقارب الـ 5 أشهر وآلة القتل الصهيونية تمارس الإبادة الجماعية، وتعمل بكل الوسائل على الحصار والتجويع والتهجير، وكل ذلك يتم على مرأى ومسمع من العالم!
ولكن اللافت في الأمر أن أصوات الرفض والاحتجاج الصارخ لم تعد قوية كما في الشهر الأول والثاني! ولكأن البث المباشر عمل «إعلاميًّا» على (تخدير أعصاب الشعوب) التي ملتّ من عجزها على فعل شيء! كما أنها اعتادت الوحشية القاتلة التي يمارسها الكيان الصهيوني بفعل التكرار! حتى أصبح المتلقي في أغلب الدول وكأنه قد دخل مرحلة «التعايش» مع المجازر والإبادة والقتل اليومي! حيث كل يوم يتجاوز العدد «مئة شخص» بعد مرور الشهور الطويلة، وهذا أخطر شيء يحدث في «حرب الإبادة الجماعية» التي داس الكيان فيها على كل القيم الإنسانية والأخلاقية والحقوقية، وأصبح البث المباشر على الهواء على مدار الـ 24 ساعة، وكأنها مشاهد لفيلم كابوسي وليس لواقع فظيع لا يمكن السكوت عليه!
{ قصص وحكايات وسرديات لشخوص أغلبها من الأطفال والنساء تتراكم في ذاكرة أبشع حرب للإبادة والتطهير العِرقي والتهجير يتم ارتكابها، لتتحوّل وجوه ضحايا هذه الحرب إلى (لعنة) تصيب البشرية كلها بسبب «كيان استيطاني» يريد الغرب الاستعماري بقيادة الولايات المتحدة، عدم توقفه أو إيقاف مجازره رغم ما يتم بثه مباشرة كل يوم!
وحدهم المدافعون الحقيقيون عن الإنسانية وحقوق الإنسان وحق الشعوب في الحرية والاستقلال والمقاومة للمحتل، هم من يواصلون اليوم ما بدأوه بحرارة العقل والقلب من دعم معنوي وسياسي وحقوقي لا يملكون غيره، وكما كانوا يفعلون خلال الأسابيع الأولى لهذه الحرب البشعة!
{ هي المرة الأولى عبر تاريخ كل الحروب التي تواجه البشرية كلها نفسها ومبادئها وحقيقة إنسانيتها! مثلما يواجه «النظام الدولي» وكل مؤسساته المختلة حقيقة نفسه وهذا النظام الاستعماري البشع، الذي يقوده الغرب، لتصبح المواجهة مباشرة بين تطلعات الشعوب، وحقيقة ما يجري على الأرض وفي الواقع! بعيدًا عن الشعارات الزائفة للإنسانية والحقوق والمبادئ والقوانين الدولية! ولكأنها المرة الأولى أيضًا في تاريخ بشاعة حرب الإبادة، التي تدرك فيها الشعوب كلها أنها (مأسورة) بدورها لظلم هذا «النظام الدولي» التي استخرجت الحرب الدائرة حقيقة البشاعة التي يعمل نظامه من خلالها! حيث لا قيمة للإنسان المقتول وإن وصل تعداده إلى المئات والآلاف وعشرات الآلاف! ولا قيمة للأخلاق وقوانين الحروب، حين يمارس المحتل أفظع جرائمه أمام العالم وببث مباشرة ولا أحد يوقفه!
{ هذه الحرب، حرب غزة، علامة فارقة في تاريخ البشرية بسبب الانفتاح الإعلامي الكبير وامتزاجه بإعلام العالم الافتراضي ونقل ما يجري، مما يجعل الاحتيال على البشاعة والتزوير والخطابات الزائفة المتعلقة بما يجري، وصمة عار للعالم كله الذي دخل نظامه طور «الانحلال الأخلاقي والإنساني»، وطور التناقض الكاشف بين موقف الشعوب وموقف الدول بشكل عام!، حتى لم يبق في غزة ومن غزة إلا وجوه الأطفال التي علقّت ولا تزال تعلقّ بمآسيها جرس الإنذار لكل البشرية!
وبأن زمن وحشية جديدة بدأ يطلّ على العالم وعلى الهواء مباشرة ببث حيّ إن استمر هذا النظام الدولي!
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك