العدد : ١٦٩٢٧ - السبت ٢٧ يوليو ٢٠٢٤ م، الموافق ٢١ محرّم ١٤٤٦هـ

العدد : ١٦٩٢٧ - السبت ٢٧ يوليو ٢٠٢٤ م، الموافق ٢١ محرّم ١٤٤٦هـ

زاوية غائمة

جعفـــــــر عبــــــــاس

jafasid09@hotmail.com

أبوشلاخ البرمائي (3)

نبقى‭ ‬مع‭ ‬رواية‭ ‬أبو‭ ‬شلاخ‭ ‬البرمائي‭ ‬لغازي‭ ‬القصيبي،‭ ‬والتي‭ ‬فيها‭ ‬يوظف‭ ‬القصيبي‭ ‬موهبته‭ ‬الشعرية‭ ‬لاختزال‭ ‬وتكثيف‭ ‬المواقف‭ ‬والآراء،‭ ‬ولكن‭ ‬وبما‭ ‬أن‭ ‬أبا‭ ‬شلاخ‭ ‬نال‭ ‬حظاً‭ ‬قليلا‭ ‬من‭ ‬التعليم‭ (‬لا‭ ‬عليك‭ ‬انه‭ ‬حصل‭ ‬على‭ ‬دكتوراه‭ ‬من‭ ‬أمريكا‭)‬،‭ ‬فما‭ ‬كان‭ ‬ممكنا‭ ‬أن‭ ‬يقول‭ ‬شعرا‭ ‬فصيحا،‭ ‬وكانت‭ ‬تلك‭ ‬فرصة‭ ‬ذهبية‭ ‬للقصيبي‭ ‬ليؤكد‭ ‬طول‭ ‬باعه‭ ‬في‭ ‬الشعر‭ ‬النبطي،‭ ‬أي‭ ‬العامي،‭ ‬ويحمد‭ ‬له‭ ‬أنه‭ ‬حرص‭ ‬على‭ ‬تشكيل‭ ‬الكلمات‭ ‬في‭ ‬قصائده‭ ‬النبطية‭ ‬الكاريكاتيرية‭ ‬لفائدة‭ ‬القارئ‭ ‬غير‭ ‬الملم‭ ‬بلهجات‭ ‬الخليج‭ ‬والجزيرة‭ ‬العربية،‭ ‬كما‭ ‬نجح‭ ‬القصيبي‭ ‬إيما‭ ‬نجاح‭ ‬في‭ ‬توظيف‭ ‬العامية‭ ‬في‭ ‬الحوار‭ ‬بظرف‭ ‬رفيع‭ ‬يعكس‭ ‬إدراكه‭ ‬لمواطن‭ ‬بلاغياتها،‭ ‬وما‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬دماغك‭ ‬مقدودا‭ ‬من‭ ‬صخر‭ ‬فإنك‭ ‬ستخرج‭ ‬عن‭ ‬وقارك‭ ‬عندما‭ ‬تستمع‭ ‬إلى‭ ‬تشرتشل‭ ‬وروزفلت‭ ‬ومارلين‭ ‬مونرو‭ ‬وترومان‭ ‬يتحدثون‭ ‬عن‭ ‬البعارين‭ ‬والتمور‭ ‬والحمير‭.‬

يقول‭ ‬أبو‭ ‬شلاخ‭ ‬وهو‭ ‬مثل‭ ‬‮«‬الزين‮»‬‭ ‬بطل‭ ‬رواية‭ ‬عرس‭ ‬الزين‭ ‬للأديب‭ ‬السوداني‭ ‬الراحل‭ ‬الطيب‭ ‬صالح،‭ ‬حباه‭ ‬الله‭ ‬بقلب‭ ‬رحب‭ ‬يتسع‭ ‬لكل‭ ‬حسناء‭.. ‬يقول‭ ‬عندما‭ ‬طاح‭ ‬صريع‭ ‬غرام‭ ‬الحسناء‭ ‬الأمريكية‭ ‬آن‭ ‬ماري‭: ‬‮«‬لما‭ ‬شفتك‭ ‬قلت‭ ‬طز‭ ‬في‭ ‬الإنجليز‮»‬،‭ ‬ولعلمكم‭ ‬فـ«طز‮»‬‭ ‬ليست‭ ‬كلمة‭ ‬نابية‭ ‬بل‭ ‬تركية‭ ‬تعني‭ ‬‮«‬الملح‮»‬،‭ ‬ويقال‭ ‬إن‭ ‬الباشبزق‭ (‬جباة‭ ‬الضرائب‭ ‬الأتراك‭)‬،‭ ‬وكان‭ ‬مشهودا‭ ‬لهم‭ ‬بالقسوة،‭ ‬كانوا‭ ‬يعتبرون‭ ‬الملح‭ ‬سلعة‭ ‬تافهة‭ ‬ولا‭ ‬يفرضون‭ ‬عليها‭ ‬ضرائب،‭ ‬فكان‭ ‬التاجر‭ ‬الذي‭ ‬يتعرض‭ ‬لمداهمة‭ ‬منهم‭ ‬يقول‭ ‬عن‭ ‬محتوى‭ ‬بعض‭ ‬متجره‭ ‬المخبأة‭ ‬في‭ ‬أكياس‭ ‬‮«‬طز‮»‬،‭ ‬أي‭ ‬ملح،‭ ‬وشيئا‭ ‬فشيئا‭ ‬صارت‭ ‬الكلمة‭ ‬تستخدم‭ ‬تعبيرا‭ ‬عن‭ ‬الاستخفاف‭ ‬بالناس‭ ‬والأشياء‭.‬

ولكن‭ ‬ما‭ ‬أن‭ ‬يرى‭ ‬يعقوب‭ ‬أبو‭ ‬شلاخ‭ ‬ريتا‭ ‬حتى‭ ‬ينسى‭ ‬جميع‭ ‬من‭ ‬طرقن‭ ‬قلبه‭ ‬قبلها‭..‬

عطيني‭ ‬بوسة‭ ‬يا‭ ‬ريتا‭ ‬

ترى‭ ‬بوستك‭ ‬فيري‭ ‬سويتا

والقارئ‭ ‬بين‭ ‬سطور‭ ‬التشليخات‭ ‬القصيبية،‭ ‬يجد‭ ‬فيها‭ ‬نوستالجيا‭ ‬تجاه‭ ‬منطقة‭ ‬الهفوف‭ ‬التي‭ ‬نشأ‭ ‬فيها‭ ‬الكاتب،‭ ‬فرغم‭ ‬أنه‭ ‬غادر‭ ‬تلك‭ ‬المنطقة‭ ‬منذ‭ ‬عقود‭ ‬طويلة‭ ‬فإنه‭ ‬لم‭ ‬ينس‭ ‬تفاصيل‭ ‬الحياة‭ ‬فيها،‭ ‬ولخص‭ ‬ذلك‭ ‬في‭ ‬قصيدة‭ ‬له‭ ‬نشرتها‭ ‬بعض‭ ‬الصحف‭ ‬السعودية‭ ‬سمى‭ ‬فيها‭ ‬الهفوف‭ ‬أم‭ ‬النخيل‭:‬

طال‭ ‬الفراق‭ ‬وعذري‭ ‬ما‭ ‬انوء‭ ‬به

يا‭ ‬أم‭ ‬طفلك‭ ‬مكبول‭ ‬بما‭ ‬حمَلا

يا‭ ‬أم‭ ‬ردي‭ ‬على‭ ‬قلبي‭ ‬طفولته

وأرجعي‭ ‬لي‭ ‬شبابا‭ ‬ناعما‭ ‬أفلا

أشكو‭ ‬إليك‭ ‬من‭ ‬الستين‭ ‬ما‭ ‬خَضَبت

من‭ ‬لي‭ ‬بشيب‭ ‬إذا‭ ‬عاتبته‭ ‬نصلا

تهامس‭ ‬الغيد‭ ‬‮«‬ياعمي‮»‬‭ ‬فوا‭ ‬أسفا

أصير‭ ‬عمّاً‭ ‬وكنت‭ ‬اليافع‭ ‬الغزلا

وهل‭ ‬يستطيع‭ ‬أحد‭ ‬أن‭ ‬يرثي‭ ‬القصيبي‭ ‬بصدق‭ ‬كما‭ ‬فعل‭ ‬حبيبه‭ ‬الراحل‭ ‬عبدالرحمن‭ ‬رفيع‭ ‬عليهما‭ ‬رحمات‭ ‬الله‭:‬

سأكتب‭ ‬عنه‭ ‬اليوم‭ ‬كي‭ ‬أظهر‭ ‬الفضلا

ومن‭ ‬ذا‭ ‬الذي‭ ‬في‭ ‬فضله‭ ‬يدعي‭ ‬الجهلا

سأكتب‭ ‬عن‭ ‬غازي‭ ‬فتى‭ ‬الشعر‭ ‬هائما

بحب‭ ‬‮«‬أوال‮»‬‭ ‬ينشد‭ ‬البحر‭ ‬والنخلا

ستبقى‭ ‬على‭ ‬ثغر‭ ‬الزمان‭ ‬رواية

وتبلى‭ ‬الليالي‭ ‬الفانيات‭ ‬ولا‭ ‬تبلى

إقرأ أيضا لـ"جعفـــــــر عبــــــــاس"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا