زاوية غائمة
جعفـــــــر عبــــــــاس
jafasid09@hotmail.com
كيف تعرف أنك عربي
قال الرئيس السوداني المخلوع عمر البشير في ذات حوار صحفي، إنه لولا الرسائل الطريفة التي تأتيه عبر واتساب لـ«طرشق»، وهي كلمة عامية سودانية تعني «الانفجار»، وقبل عصر الهواتف الذكية بقليل كان البريد الالكتروني الأداة التي يتم عبرها تبادل الرسائل الجادة والهازلة، ومن بين طريف الرسائل التي مازالت تجد الرواج تلك التي تطرح السؤال: «كيف تعرف أنك عربي»، والإجابة هي: أنت عربي إذا كنت مطالبا بمناداة جميع أصدقاء وزملاء والدك بـ«يا عمي»، وهناك نحو 60 امرأة عليك أن تنادي كل منهن بـ «يا خالتي/عمتي»، بس عندي نصيحة للشباب لأن مجتمعاتنا تلزمهم بمخاطبة من يكبرونهم سنا من الجنسين بادئين بـ«عمي/ خالي/ عمتي/ خالتي: بعض النساء حتى لو تجاوزن الستين، وخاطبتهن بـ«عمتي» وأنت في العشرين أو دونها، سيردون عليك: عمى يعميك.. يا خالتي.. يخلخل ضروسك».
نعود الى مواصفات الشخص العربي، فعلى سبيل المثال فالعربي يزورك في بيتك لخمس دقائق فقط لأنه على عجل ولديه ارتباطات مهمة، ولكنه يقف معك عند باب بيتك لنحو عشرين دقيقة، وقبل أيام استقبلت زوجتي وفدا نسائيا جاء لتهنئتها في أمر ما. واستخدمت كلمة «وفد» لأن أصواتهن كانت عالية ومتداخلة حتى حسبت أنهن يشاركن في جلسة للجمعية العمومية للأمم المتحدة عبر الأقمار الصناعية، ويحاولن إسكات مندوب إسرائيل. ثم خفتت الأصوات وأدركت أن الوفد غادر البيت، ولكن زوجتي لم تعد إلى قواعدها إلا بعد نحو نصف ساعة من اللحظة التي اختفت فيها أصوات الزائرات، وعرفت أن الوفد المستعجل قضى نصف الساعة تلك قرب باب البيت، فسألت زوجتي: إن شاء الله تكونوا وصلتم لتسوية لموضوع الحرب في السودان وسوريا وليبيا وأوكرانيا وبرنامج إيران النووي؟
فيما يتعلق بي شخصيا، فإنني واضح مع أقاربي وأصدقائي: على من يستأذن مغادراً بيتي ألا يتلكأ عند الباب وينطلق في حفظ الله ورعايته، أما إذا فتح موضوعا جديدا عند الباب فإنني أقترح عليه بكل «بياخة» إما أن يعود فيجلس بالداخل لمواصلة الكلام، أو يكمله لاحقا باتصال هاتفي أو بالواتساب. ولكن كل هذا كوم والمكالمات الهاتفية كوم آخر، وتكمن المشكلة دائماً في كيفية اختتام المكالمات، لأنك والموجود على الطرف الآخر تقولون نحو 15 مرة عبارات الوداع من نوع: مع السلامة.. «باي».. في أمان الله.. طيب نشوفك.. طيب سلام عليكم.. سلَّم على الأهل.. لا تنقطع عنا.. تأمر بشيء.. ما تحرمنا من صوتك! ورغم ان عبارات الوداع واضحة ومتفق ومتعارف عليها إلا أنها لم تعد كافية لإنهاء الحديث، فيستمر طرفا المكالمة في ممارسة البكش الهاتفي نحو ثلاث دقائق بعد انتهاء موضوع المكالمة الأصلي.
وأنت عربي إذا كانت زوجتك أو أمك تناديك لتناول وجبة: يا فلان الغداااااااا، وفي البيت المجاور يرفع عم مصطفى حاجبيه بطريقة المذيع أحمد منصور متسائلا في سره: منذ متى صارت امرأة ترفع الأذان؟ ثم يستدرك: ولو.. بس هذا مو وقت صلاة،.. وتكون أنت المعني بالنداء في غرفة تبعد مترين عن الأم أو الزوجة. وبنفس الدرجة فأنت عربي إذا كان والداك لا يعرفان ان تكنولوجيا الاتصالات الهاتفية تطورت، ويتكلمان هاتفياً مع شخص يقيم في نفس المدينة أو القرية فتحسب أن جميع من يتواصلون معهم «سمعهم ثقيل»، والغريب في الأمر هو ان النساء أكثر ميلا إلى الحديث الأقرب إلى الصراخ خلال المكالمات الهاتفية، ولكنهن وفي نفس الوقت قادرات على التخاطب همساً عبر الهاتف إذا كان الأمر يتعلق بأسرار أو نميمة، فتكون جالسا قرب الواحدة منهن ولا تسمع حرفاً واحدا بينما المرأة على الطرف الآخر تسمع كل شيء بوضوح.
أما الشبان والشابات الذين يمارسون الحب اللاسلكي في ساعات متأخرة من الليل، فلا شك عندي في أن آذانهم مرتبطة بأقمار صناعية تتولى نقل همساتهم، وللبنات بالذات قدرة عجيبة على الكلام الهامس، وقد تكون جالسا على بعد بوصات من إحداهن في مطار أو مكتب، وتظل هي توشوش وتبتسم، ومهما كنت فضوليا وقمت بتركيب إيريال في أذنك فلن تلتقط حرفا مما تقوله.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك