العدد : ١٦٨٣٧ - الأحد ٢٨ أبريل ٢٠٢٤ م، الموافق ١٩ شوّال ١٤٤٥هـ

العدد : ١٦٨٣٧ - الأحد ٢٨ أبريل ٢٠٢٤ م، الموافق ١٩ شوّال ١٤٤٥هـ

زاوية غائمة

جعفـــــــر عبــــــــاس

jafasid09@hotmail.com

كيف تعرف أنك عربي

قال‭ ‬الرئيس‭ ‬السوداني‭ ‬المخلوع‭ ‬عمر‭ ‬البشير‭ ‬في‭ ‬ذات‭ ‬حوار‭ ‬صحفي،‭ ‬إنه‭ ‬لولا‭ ‬الرسائل‭ ‬الطريفة‭ ‬التي‭ ‬تأتيه‭ ‬عبر‭ ‬واتساب‭ ‬لـ«طرشق‮»‬،‭ ‬وهي‭ ‬كلمة‭ ‬عامية‭ ‬سودانية‭ ‬تعني‭ ‬‮«‬الانفجار‮»‬،‭ ‬وقبل‭ ‬عصر‭ ‬الهواتف‭ ‬الذكية‭ ‬بقليل‭ ‬كان‭ ‬البريد‭ ‬الالكتروني‭ ‬الأداة‭ ‬التي‭ ‬يتم‭ ‬عبرها‭ ‬تبادل‭ ‬الرسائل‭ ‬الجادة‭ ‬والهازلة،‭ ‬ومن‭ ‬بين‭ ‬طريف‭ ‬الرسائل‭ ‬التي‭ ‬مازالت‭ ‬تجد‭ ‬الرواج‭ ‬تلك‭ ‬التي‭ ‬تطرح‭ ‬السؤال‭: ‬‮«‬كيف‭ ‬تعرف‭ ‬أنك‭ ‬عربي‮»‬،‭ ‬والإجابة‭ ‬هي‭: ‬أنت‭ ‬عربي‭ ‬إذا‭ ‬كنت‭ ‬مطالبا‭ ‬بمناداة‭ ‬جميع‭ ‬أصدقاء‭ ‬وزملاء‭ ‬والدك‭ ‬بـ‮«‬يا‭ ‬عمي‮»‬،‭ ‬وهناك‭ ‬نحو‭ ‬60‭ ‬امرأة‭ ‬عليك‭ ‬أن‭ ‬تنادي‭ ‬كل‭ ‬منهن‭ ‬بـ‭ ‬‮«‬يا‭ ‬خالتي‭/‬عمتي‮»‬،‭ ‬بس‭ ‬عندي‭ ‬نصيحة‭ ‬للشباب‭ ‬لأن‭ ‬مجتمعاتنا‭ ‬تلزمهم‭ ‬بمخاطبة‭ ‬من‭ ‬يكبرونهم‭ ‬سنا‭ ‬من‭ ‬الجنسين‭ ‬بادئين‭ ‬بـ«عمي‭/ ‬خالي‭/ ‬عمتي‭/ ‬خالتي‭: ‬بعض‭ ‬النساء‭ ‬حتى‭ ‬لو‭ ‬تجاوزن‭ ‬الستين،‭ ‬وخاطبتهن‭ ‬بـ«عمتي‮»‬‭ ‬وأنت‭ ‬في‭ ‬العشرين‭ ‬أو‭ ‬دونها،‭ ‬سيردون‭ ‬عليك‭: ‬عمى‭ ‬يعميك‭.. ‬يا‭ ‬خالتي‭.. ‬يخلخل‭ ‬ضروسك‮»‬‭.‬

نعود‭ ‬الى‭ ‬مواصفات‭ ‬الشخص‭ ‬العربي،‭ ‬فعلى‭ ‬سبيل‭ ‬المثال‭ ‬فالعربي‭ ‬يزورك‭ ‬في‭ ‬بيتك‭ ‬لخمس‭ ‬دقائق‭ ‬فقط‭ ‬لأنه‭ ‬على‭ ‬عجل‭ ‬ولديه‭ ‬ارتباطات‭ ‬مهمة،‭ ‬ولكنه‭ ‬يقف‭ ‬معك‭ ‬عند‭ ‬باب‭ ‬بيتك‭ ‬لنحو‭ ‬عشرين‭ ‬دقيقة،‭ ‬وقبل‭ ‬أيام‭ ‬استقبلت‭ ‬زوجتي‭ ‬وفدا‭ ‬نسائيا‭ ‬جاء‭ ‬لتهنئتها‭ ‬في‭ ‬أمر‭ ‬ما‭. ‬واستخدمت‭ ‬كلمة‭ ‬‮«‬وفد‮»‬‭ ‬لأن‭ ‬أصواتهن‭ ‬كانت‭ ‬عالية‭ ‬ومتداخلة‭ ‬حتى‭ ‬حسبت‭ ‬أنهن‭ ‬يشاركن‭ ‬في‭ ‬جلسة‭ ‬للجمعية‭ ‬العمومية‭ ‬للأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬عبر‭ ‬الأقمار‭ ‬الصناعية،‭ ‬ويحاولن‭ ‬إسكات‭ ‬مندوب‭ ‬إسرائيل‭. ‬ثم‭ ‬خفتت‭ ‬الأصوات‭ ‬وأدركت‭ ‬أن‭ ‬الوفد‭ ‬غادر‭ ‬البيت،‭ ‬ولكن‭ ‬زوجتي‭ ‬لم‭ ‬تعد‭ ‬إلى‭ ‬قواعدها‭ ‬إلا‭ ‬بعد‭ ‬نحو‭ ‬نصف‭ ‬ساعة‭ ‬من‭ ‬اللحظة‭ ‬التي‭ ‬اختفت‭ ‬فيها‭ ‬أصوات‭ ‬الزائرات،‭ ‬وعرفت‭ ‬أن‭ ‬الوفد‭ ‬المستعجل‭ ‬قضى‭ ‬نصف‭ ‬الساعة‭ ‬تلك‭ ‬قرب‭ ‬باب‭ ‬البيت،‭ ‬فسألت‭ ‬زوجتي‭: ‬إن‭ ‬شاء‭ ‬الله‭ ‬تكونوا‭ ‬وصلتم‭ ‬لتسوية‭ ‬لموضوع‭ ‬الحرب‭ ‬في‭ ‬السودان‭ ‬وسوريا‭ ‬وليبيا‭ ‬وأوكرانيا‭ ‬وبرنامج‭ ‬إيران‭ ‬النووي؟

فيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بي‭ ‬شخصيا،‭ ‬فإنني‭ ‬واضح‭ ‬مع‭ ‬أقاربي‭ ‬وأصدقائي‭: ‬على‭ ‬من‭ ‬يستأذن‭ ‬مغادراً‭ ‬بيتي‭ ‬ألا‭ ‬يتلكأ‭ ‬عند‭ ‬الباب‭ ‬وينطلق‭ ‬في‭ ‬حفظ‭ ‬الله‭ ‬ورعايته،‭ ‬أما‭ ‬إذا‭ ‬فتح‭ ‬موضوعا‭ ‬جديدا‭ ‬عند‭ ‬الباب‭ ‬فإنني‭ ‬أقترح‭ ‬عليه‭ ‬بكل‭ ‬‮«‬بياخة‮»‬‭ ‬إما‭ ‬أن‭ ‬يعود‭ ‬فيجلس‭ ‬بالداخل‭ ‬لمواصلة‭ ‬الكلام،‭ ‬أو‭ ‬يكمله‭ ‬لاحقا‭ ‬باتصال‭ ‬هاتفي‭ ‬أو‭ ‬بالواتساب‭. ‬ولكن‭ ‬كل‭ ‬هذا‭ ‬كوم‭ ‬والمكالمات‭ ‬الهاتفية‭ ‬كوم‭ ‬آخر،‭ ‬وتكمن‭ ‬المشكلة‭ ‬دائماً‭ ‬في‭ ‬كيفية‭ ‬اختتام‭ ‬المكالمات،‭ ‬لأنك‭ ‬والموجود‭ ‬على‭ ‬الطرف‭ ‬الآخر‭ ‬تقولون‭ ‬نحو‭ ‬15‭ ‬مرة‭ ‬عبارات‭ ‬الوداع‭ ‬من‭ ‬نوع‭: ‬مع‭ ‬السلامة‭.. ‬‮«‬باي‮»‬‭.. ‬في‭ ‬أمان‭ ‬الله‭.. ‬طيب‭ ‬نشوفك‭.. ‬طيب‭ ‬سلام‭ ‬عليكم‭.. ‬سلَّم‭ ‬على‭ ‬الأهل‭.. ‬لا‭ ‬تنقطع‭ ‬عنا‭.. ‬تأمر‭ ‬بشيء‭.. ‬ما‭ ‬تحرمنا‭ ‬من‭ ‬صوتك‭! ‬ورغم‭ ‬ان‭ ‬عبارات‭ ‬الوداع‭ ‬واضحة‭ ‬ومتفق‭ ‬ومتعارف‭ ‬عليها‭ ‬إلا‭ ‬أنها‭ ‬لم‭ ‬تعد‭ ‬كافية‭ ‬لإنهاء‭ ‬الحديث،‭ ‬فيستمر‭ ‬طرفا‭ ‬المكالمة‭ ‬في‭ ‬ممارسة‭ ‬البكش‭ ‬الهاتفي‭ ‬نحو‭ ‬ثلاث‭ ‬دقائق‭ ‬بعد‭ ‬انتهاء‭ ‬موضوع‭ ‬المكالمة‭ ‬الأصلي‭.‬

وأنت‭ ‬عربي‭ ‬إذا‭ ‬كانت‭ ‬زوجتك‭ ‬أو‭ ‬أمك‭ ‬تناديك‭ ‬لتناول‭ ‬وجبة‭: ‬يا‭ ‬فلان‭ ‬الغداااااااا،‭ ‬وفي‭ ‬البيت‭ ‬المجاور‭ ‬يرفع‭ ‬عم‭ ‬مصطفى‭ ‬حاجبيه‭ ‬بطريقة‭ ‬المذيع‭ ‬أحمد‭ ‬منصور‭ ‬متسائلا‭ ‬في‭ ‬سره‭: ‬منذ‭ ‬متى‭ ‬صارت‭ ‬امرأة‭ ‬ترفع‭ ‬الأذان؟‭ ‬ثم‭ ‬يستدرك‭: ‬ولو‭.. ‬بس‭ ‬هذا‭ ‬مو‭ ‬وقت‭ ‬صلاة،‭.. ‬وتكون‭ ‬أنت‭ ‬المعني‭ ‬بالنداء‭ ‬في‭ ‬غرفة‭ ‬تبعد‭ ‬مترين‭ ‬عن‭ ‬الأم‭ ‬أو‭ ‬الزوجة‭. ‬وبنفس‭ ‬الدرجة‭ ‬فأنت‭ ‬عربي‭ ‬إذا‭ ‬كان‭ ‬والداك‭ ‬لا‭ ‬يعرفان‭ ‬ان‭ ‬تكنولوجيا‭ ‬الاتصالات‭ ‬الهاتفية‭ ‬تطورت،‭ ‬ويتكلمان‭ ‬هاتفياً‭ ‬مع‭ ‬شخص‭ ‬يقيم‭ ‬في‭ ‬نفس‭ ‬المدينة‭ ‬أو‭ ‬القرية‭ ‬فتحسب‭ ‬أن‭ ‬جميع‭ ‬من‭ ‬يتواصلون‭ ‬معهم‭ ‬‮«‬سمعهم‭ ‬ثقيل‮»‬،‭ ‬والغريب‭ ‬في‭ ‬الأمر‭ ‬هو‭ ‬ان‭ ‬النساء‭ ‬أكثر‭ ‬ميلا‭ ‬إلى‭ ‬الحديث‭ ‬الأقرب‭ ‬إلى‭ ‬الصراخ‭ ‬خلال‭ ‬المكالمات‭ ‬الهاتفية،‭ ‬ولكنهن‭ ‬وفي‭ ‬نفس‭ ‬الوقت‭ ‬قادرات‭ ‬على‭ ‬التخاطب‭ ‬همساً‭ ‬عبر‭ ‬الهاتف‭ ‬إذا‭ ‬كان‭ ‬الأمر‭ ‬يتعلق‭ ‬بأسرار‭ ‬أو‭ ‬نميمة،‭ ‬فتكون‭ ‬جالسا‭ ‬قرب‭ ‬الواحدة‭ ‬منهن‭ ‬ولا‭ ‬تسمع‭ ‬حرفاً‭ ‬واحدا‭ ‬بينما‭ ‬المرأة‭ ‬على‭ ‬الطرف‭ ‬الآخر‭ ‬تسمع‭ ‬كل‭ ‬شيء‭ ‬بوضوح‭.‬

أما‭ ‬الشبان‭ ‬والشابات‭ ‬الذين‭ ‬يمارسون‭ ‬الحب‭ ‬اللاسلكي‭ ‬في‭ ‬ساعات‭ ‬متأخرة‭ ‬من‭ ‬الليل،‭ ‬فلا‭ ‬شك‭ ‬عندي‭ ‬في‭ ‬أن‭ ‬آذانهم‭ ‬مرتبطة‭ ‬بأقمار‭ ‬صناعية‭ ‬تتولى‭ ‬نقل‭ ‬همساتهم،‭ ‬وللبنات‭ ‬بالذات‭ ‬قدرة‭ ‬عجيبة‭ ‬على‭ ‬الكلام‭ ‬الهامس،‭ ‬وقد‭ ‬تكون‭ ‬جالسا‭ ‬على‭ ‬بعد‭ ‬بوصات‭ ‬من‭ ‬إحداهن‭ ‬في‭ ‬مطار‭ ‬أو‭ ‬مكتب،‭ ‬وتظل‭ ‬هي‭ ‬توشوش‭ ‬وتبتسم،‭ ‬ومهما‭ ‬كنت‭ ‬فضوليا‭ ‬وقمت‭ ‬بتركيب‭ ‬إيريال‭ ‬في‭ ‬أذنك‭ ‬فلن‭ ‬تلتقط‭ ‬حرفا‭ ‬مما‭ ‬تقوله‭.‬

إقرأ أيضا لـ"جعفـــــــر عبــــــــاس"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا