العدد : ١٧٠٤٥ - الجمعة ٢٢ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٠ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٥ - الجمعة ٢٢ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٠ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

عالم يتغير

فوزية رشيد

هل عاد التحايل الأمريكي على القضية الفلسطينية؟!

{‭ ‬منذ‭ ‬زمن‭ ‬وهم‭ ‬يحاولون‭ ‬تصفية‭ ‬القضية‭ ‬الفلسطينية‭! ‬ولكن‭ ‬فلسطين‭ ‬وقضيتها‭ ‬وحكاية‭ ‬شعبها‭ ‬عادت‭ ‬إلى‭ ‬المسرح‭ ‬العالمي‭ ‬بقوة‭ ‬منذ‭ ‬العدوان‭ ‬الصهيوني‭ ‬على‭ ‬غزة‭ ‬وجرائم‭ ‬الحرب‭ ‬والإبادة‭ ‬الجماعية‭! ‬4‭ ‬أشهر‭ ‬من‭ ‬البربرية‭ ‬وصمود‭ ‬أهل‭ ‬غزة،‭ ‬أحرجا‭ ‬الكيان‭ ‬الصهيوني‭ ‬وكشف‭ ‬مآلات‭ ‬الدعم‭ ‬والإسناد‭ ‬الأمريكي‭ ‬والغربي،‭ ‬لأن‭ ‬ذلك‭ ‬الصمود‭ ‬كان‭ ‬خارج‭ ‬كل‭ ‬التوقعات‭ ‬الصهيونية‭!‬

كل‭ ‬شعوب‭ ‬العالم‭ ‬تطالب‭ ‬بالعدالة‭ ‬للشعب‭ ‬الفلسطيني‭ ‬والقصاص‭ ‬من‭ ‬مجرمي‭ ‬الحرب‭ ‬في‭ ‬الكيان‭ ‬الصهيوني‭ ‬والداعمين‭ ‬له،‭ ‬لذلك‭ ‬عادت‭ ‬أمريكا‭ ‬ومعها‭ ‬الجوقة‭ ‬الغربية‭ ‬متمثلاً‭ ‬في‭ ‬‮«‬الاتحاد‭ ‬الأوروبي‮»‬‭ ‬التابع،‭ (‬للترويج‭ ‬لحل‭ ‬الدولتين‭) ‬وسرعان‭ ‬ما‭ ‬بذخ‭ ‬الإعلام‭ ‬الغربي‭ ‬والعربي‭ ‬بأخبار‭ ‬‮«‬خطة‭ ‬السلام‭ ‬الأمريكية‮»‬‭! ‬أو‭ ‬الصفقة‭ ‬الجديدة‭ ‬في‭ ‬‮«‬مؤتمر‭ ‬باريس‮»‬‭ ‬الذي‭ ‬ضم‭ ‬في‭ ‬اجتماعاته‭ ‬أطرافًا‭ ‬أمريكية‭ ‬وإسرائيلية‭ ‬وقطرية‭ ‬ومصرية،‭ ‬لتبدأ‭ ‬مع‭ ‬الصفقة‭ ‬سلسلة‭ ‬جديدة‭ ‬من‭ ‬التحايل‭ ‬الأمريكي‭ ‬على‭ ‬القضية‭ ‬الفلسطينية‭ ‬استكمالاً‭ ‬لما‭ ‬هو‭ ‬معتاد‭ ‬خلال‭ ‬العقود‭ ‬الماضية‭! ‬اتفاقيات‭ ‬وحتى‭ ‬التوقيع‭ ‬على‭ ‬الورق‭ ‬ثم‭ ‬اكتشاف‭ ‬السراب‭ ‬والدوران‭ ‬مجددًا‭ ‬حول‭ ‬الطاحونة‭!‬

{‭ ‬بعد‭ ‬4‭ ‬أشهر‭ ‬من‭ ‬عدوان‭ ‬وحشي‭ ‬على‭ ‬غزة‭ ‬وأهلها‭ ‬أدركت‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬أنها‭ ‬أمام‭ ‬مهمة‭ (‬إنقاذ‭ ‬الكيان‭ ‬الصهيوني‭ ‬من‭ ‬نفسه‭)‬،‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬خسر‭ ‬عسكريًا‭ ‬في‭ ‬القضاء‭ ‬على‭ ‬حماس‭ ‬وتحرير‭ ‬الرهائن،‭ ‬مثلما‭ ‬خسر‭ ‬سياسيًا‭ ‬وإعلاميًا‭ ‬وقانونيًا‭ ‬وإنسانيًا‭ ‬وأخلاقيًا‭ ‬أمام‭ ‬شعوب‭ ‬العالم‭! ‬وما‭ ‬حققه‭ ‬هو‭ ‬التدمير‭ ‬الممنهج‭ ‬لكل‭ ‬‮«‬البنية‭ ‬التحتية‮»‬‭ ‬في‭ ‬غزة،‭ ‬وقتل‭ ‬وإصابة‭ (‬100‭ ‬ألف‭ ‬فلسطيني‭) ‬حتى‭ ‬الآن،‭ ‬معظمهم‭ ‬من‭ ‬الأطفال‭ ‬والنساء‭ ‬بجرائم‭ ‬حرب‭ ‬لا‭ ‬تزال‭ ‬قيد‭ ‬النظر‭ ‬في‭ ‬‮«‬محكمة‭ ‬العدل‭ ‬الدولية‮»‬‭ ‬في‭ ‬ضوء‭ ‬استمرار‭ ‬الاحتجاج‭ ‬الشعبي‭ ‬العالمي‭!‬

{‭ ‬من‭ ‬يعرف‭ ‬خارطة‭ ‬الطريق‭ ‬الأمريكية‭ ‬الصهيونية‭ ‬تجاه‭ ‬فلسطين‭ ‬وقضية‭ ‬شعبها،‭ ‬يعرف‭ ‬أن‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬لطالما‭ ‬مارست‭ (‬الخداع‭ ‬السياسي‭ ‬والدبلوماسي‭) ‬وتحايلت‭ ‬على‭ ‬الحقوق‭ ‬الفلسطينية‭ ‬والوصول‭ ‬إلى‭ ‬حل‭ ‬عادل‭ ‬للقضية‭!‬

فما‭ ‬مواصفات‭ (‬الدولة‭) ‬التي‭ ‬يتم‭ ‬الترويج‭ ‬لها‭ ‬للتحايل‭ ‬على‭ ‬الضغوط‭ ‬التي‭ ‬يواجهها‭ ‬الكيان‭ ‬والغرب‭ ‬لإيقاف‭ ‬العدوان‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬يزال‭ ‬يحصد‭ ‬أرواح‭ ‬المدنيين‭ ‬ويدّمر‭ ‬في‭ ‬غزة‭ ‬كما‭ ‬يحلو‭ ‬للصهاينة؟‭!‬

يريدون‭ ‬دولة‭ (‬خالية‭ ‬الدسم،‭ ‬ممزّقة‭ ‬بالمستوطنات‭) ‬التي‭ ‬تتصاعد‭ ‬مشروعات‭ ‬إقامة‭ ‬المزيد‭ ‬والمزيد‭ ‬منها‭ ‬في‭ ‬الضفة‭ ‬وهذه‭ ‬المرة‭ ‬في‭ ‬غزة‭ ‬كما‭ ‬يخططون‭! ‬يريدون‭ (‬دولة‭ ‬منزوعة‭ ‬السلاح‭ ‬ومن‭ ‬دون‭ ‬أية‭ ‬مقاومة‭ ‬للمحتل‭)‬،‭ ‬وحيث‭ ‬لا‭ ‬يوجد‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬كله‭ ‬دولة‭ ‬منزوعة‭ ‬السلاح‭! ‬هناك‭ ‬مناطق‭ ‬منزوعة‭ ‬السلاح‭ ‬لا‭ ‬دول‭!‬

يريدون‭ (‬دولة‭ ‬منزوعة‭ ‬السيادة‭ ‬والاستقلالية‭ ‬والحرية‭ ‬السياسية‭ ‬والاقتصادية‭)! ‬ويريدون‭ ‬‮«‬القدس‮»‬‭ ‬بترتيبات‭ ‬تبقيها‭ ‬تحت‭ ‬حكم‭ ‬وسيطرة‭ ‬الكيان‭ ‬الصهيوني‭! ‬ولا‭ ‬أحد‭ ‬في‭ ‬الإدارة‭ ‬الأمريكية‭ ‬يتحدث‭ ‬عن‭ ‬حدود‭ ‬الرابع‭ ‬من‭ ‬يونيو‭ ‬حزيران‭ ‬67،‭ ‬وهي‭ ‬22%‭ ‬مما‭ ‬تبقى‭ ‬للفلسطينيين‭! ‬ولا‭ ‬عن‭ ‬العاصمة‭ ‬القدس‭! ‬المستوطنات‭ ‬مستمرة‭ ‬وباقية،‭ ‬و75%‭ ‬من‭ ‬الأرض‭ ‬في‭ ‬الضفة‭ ‬الغربية‭ ‬تحت‭ ‬قبضة‭ ‬‮«‬الاحتلال‭ ‬الصهيوني‮»‬‭! ‬فعن‭ ‬أي‭ ‬حل‭ ‬للدولتين‭ ‬يتحدثون‭ ‬إذًا؟‭!‬

{‭ ‬إنها‭ ‬‮«‬الطبخة‭ ‬المسمومة‮»‬‭ ‬المغطاة‭ ‬بعسل‭ ‬الوعود‭ ‬والاتفاقيات‭ ‬وحتى‭ ‬التوقيعات‭! ‬حتى‭ ‬يتم‭ ‬إنقاذ‭ ‬الكيان‭ ‬الصهيوني‭ ‬من‭ ‬مأزقه‭ ‬وتحقيق‭ ‬أهدافه‭ ‬بالتحايل‭ ‬السياسي‭!‬

الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬تعمل‭ ‬على‭ (‬تشكيل‭ ‬مسرح‭ ‬جديد‭ ‬للشرق‭ ‬الأوسط‭)‬،‭ ‬كما‭ ‬يعرف‭ ‬الجميع‭ ‬للحفاظ‭ ‬على‭ ‬بقاء‭ ‬الكيان‭ ‬الصهيوني‭ (‬قويًا‭) ‬وتحقيق‭ ‬إدماجه‭ ‬في‭ ‬الوسط‭ ‬العربي‭ ‬بشكل‭ ‬كامل‭ ‬عبر‭ ‬‮«‬التطبيع‮»‬‭! ‬لكأن‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬والاتحاد‭ ‬الأوروبي‭ ‬يريدان‭ (‬تحقيق‭ ‬نصر‭ ‬للكيان‭ ‬الصهيوني‭ ‬عبر‭ ‬السياسة‭ ‬والدبلوماسية‭) ‬وكما‭ ‬حدث‭ ‬مع‭ ‬مسار‭ ‬المفاوضات‭ ‬والسلام‭ ‬بعد‭ ‬‮«‬أوسلو‮»‬‭ ‬فإن‭ ‬‮«‬نتنياهو‮»‬‭ ‬يريد‭ ‬اتساع‭ ‬نطاق‭ ‬‮«‬التطبيع‮»‬‭ ‬بأي‭ ‬ثمن،‭ ‬خاصة‭ ‬أنه‭ ‬مرهون‭ ‬ليس‭ (‬بتنفيذ‭ ‬فوري‭ ‬وعملي‭ ‬وحقيقي‭) ‬لقيام‭ ‬دولة‭ ‬فلسطينية،‭ ‬وإنما‭ ‬مجرد‭ ‬وعود‭ ‬وورق‭ ‬وتواقيع‭! ‬بانتظار‭ ‬رئيس‭ ‬أمريكي‭ ‬جديد،‭ ‬يغيرّ‭ ‬مسار‭ ‬اللعبة‭ ‬كلها‭ ‬بما‭ ‬يخصّ‭ ‬القضية،‭ ‬ولكن‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬العرب‭ ‬قد‭ ‬دخلوا‭ ‬في‭ ‬التطبيع‭! ‬وبذلك‭ ‬يكون‭ ‬الكيان‭ ‬الصهيوني‭ ‬قد‭ ‬حقق‭ ‬أهدافه‭! ‬ويكون‭ ‬‮«‬بايدن‮»‬‭ ‬قد‭ ‬أظهر‭ ‬لناخبيه‭ ‬أنه‭ ‬أوقف‭ ‬الحرب‭ ‬وإن‭ ‬لفترة‭ ‬ووعد‭ ‬بدولة‭ ‬فلسطينية‭ ‬وحقق‭ ‬التطبيع‭ ‬مع‭ ‬العرب‭!‬

{‭ ‬هو‭ ‬تصوّر‭ ‬أمريكي‭ ‬للخروج‭ ‬من‭ ‬مأزق‭ ‬غزة‭ ‬لحل‭ ‬القضية‭ ‬عبر‭ ‬صفقة‭ ‬بها‭ ‬‮«‬خداع‭ ‬كبير‮»‬‭ ‬والرهان‭ ‬على‭ ‬الزمن‭ ‬بعد‭ ‬ذلك‭! ‬لن‭ ‬يفشل‭ ‬هذا‭ ‬التصور‭ ‬إلا‭ ‬بتشبث‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬بنضالهم،‭ ‬خاصة‭ ‬أنهم‭ ‬والعرب‭ ‬يدركون‭ ‬أن‭ ‬حلّ‭ ‬الدولتين‭ ‬انتهى‭ ‬عمليًا‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬العنصرية‭ ‬السارية‭ ‬منذ‭ ‬البداية‭ ‬في‭ ‬الكيان‭ ‬الصهيوني‭ ‬وعدم‭ ‬القبول‭ ‬بسلام‭ ‬حقيقي‭ ‬وشامل‭!‬

ولهذا‭ ‬لن‭ ‬يتحقق‭ ‬عبر‭ (‬الصفقة‭ ‬الأمريكية‭ ‬‭ ‬الغربية‭) ‬قيام‭ ‬دولة‭ ‬فلسطينية‭ ‬على‭ ‬حدود‭ ‬4‭ ‬يونيو‭ ‬67‭! ‬ولن‭ ‬يتحقق‭ ‬إنهاء‭ ‬المستوطنات‭ ‬وإزالتها‭!‬

ولا‭ ‬الاعتراف‭ ‬‮«‬الإسرائيلي‮»‬‭ ‬بدولة‭ ‬كاملة‭ ‬السيادة‭ ‬والاستقلالية،‭ ‬وعودة‭ ‬اللاجئين‭! ‬والقدس‭ ‬عاصمة‭ ‬للدولة‭ ‬الفلسطينية‭! ‬لن‭ ‬يتحقق‭ ‬ذلك‭ ‬إلا‭ ‬باستمرار‭ ‬النضال‭ ‬الفلسطيني‭ ‬والمقاومة‭ ‬بالسلاح‭! ‬

ولهذا‭ ‬المرشح‭ ‬من‭ ‬جولات‭ ‬‮«‬بلينكن‮»‬‭ ‬والحل‭ ‬الأمريكي‭ ‬هو‭ ‬عودة‭ (‬التحايل‭) ‬السياسي‭ ‬والدبلوماسي‭ ‬كما‭ ‬قلنا،‭ ‬والهدف‭ ‬إعادة‭ ‬المنطقة‭ ‬العربية‭ ‬إلى‭ (‬معادلة‭ ‬التطبيع‭) ‬قبل‭ ‬7‭ ‬أكتوبر‭ ‬2023‭! ‬وتقوية‭ ‬الكيان‭ ‬الصهيوني‭ ‬وعودة‭ ‬‮«‬القيادة‭ ‬الأمريكية‭ ‬المركزية‮»‬‭ ‬وسياسة‭ ‬‮«‬إدارة‭ ‬الصراعات‮»‬،‭ ‬وليس‭ ‬حلها،‭ ‬لتعود‭ ‬المنطقة‭ ‬إلى‭ ‬استمرار‭ ‬‮«‬عدم‭ ‬الاستقرار‮»‬‭! ‬لو‭ ‬كانت‭ ‬سياسة‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭! ‬استقرار‭ ‬المنطقة‭ ‬وسلاحها‭ ‬ونموها،‭ ‬فإنها‭ ‬لن‭ ‬تكون‭ ‬هي‭ ‬نفسها‭ ‬التي‭ ‬عرفها‭ ‬ويعرفها‭ ‬العالم‭ ‬كقوة‭ ‬إمبريالية‭ ‬استعمارية،‭ ‬تمارس‭ ‬الخداع‭ ‬والتحايل‭ ‬لتحقيق‭ ‬أجنداتها‭!‬

إقرأ أيضا لـ"فوزية رشيد"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا