الرأي الثالث
محميد المحميد
malmahmeed7@gmail.com
وكالة «الأونروا».. الحكم قبل المداولة
((نحن نقدم المساعدة، الحماية والمناصرة لأكثر من خمسة ملايين وتسعمائة ألف من لاجئي فلسطين)).. بهذه العبارة تعرف وكالة «الأونروا» نفسها، وهي وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل لاجئي فلسطين.. ولكن ما حصل لها اليوم من خلال إعلان عدد من الدول بوقف التمويل عنها، بحجة وجود موظفين يدعمون فلسطين، من دون التأكد والتثبت من الاتهام الذي ساقته إسرائيل ضدهم، يؤكد أن الحكم هنا جاء «قبل المداولة» وليس «بعد المداولة» كما هو معروف في النظام القانوني والقضائي.
موقف تلك الدول الداعم لإسرائيل، جاء مع قرارات محكمة العدل الدولية، بشأن جريمة الإبادة الجماعية الإسرائيلية ضد الشعب الفلسطيني، وتعلن وقوفها مع الإبادة الجماعية وتضرب بعرض الحائط القانون الدولي الإنساني، في الوقت التي تعلن فيه بعض من تلك الدول أنها «تفكر» في الاعتراف بدولة فلسطين.. في ازدواجية جديدة لم تعرفها البشرية قط.
بالأمس كتب الأستاذ الفاضل «سليمان جودة» في جريدة المصري اليوم، مقالا حول الموضوع بعنوان ((الحكم قبل المداولة))، وقد جاء فيه: ((عشنا نعرف أن القضاة في أي محكمة يتداولون القضية المنظورة أمامهم، ثم ينطقون بالحكم في المرحلة التالية.. ولكن ما جرى مع وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين كان هو العكس على طول الخط!.. فهذه الوكالة الشهيرة بوكالة الأونروا ترعى خمسة ملايين و900 ألف لاجئ فلسطيني يقيمون في 58 مخيمًا في 5 أقاليم، وهي إحدى وكالات منظمة الأمم المتحدة.
وبغير الرعاية التي تقدمها الوكالة لهذا العدد الضخم من اللاجئين، يتحولون إلى أيتام، فضلًا عما يواجهونه في مخيماتهم من تعاسة يعرفها كل متابع لأحوالهم.. وما كاد الجيش يذيع نبأ اشتراك عدد من موظفي الوكالة في دعم الشعب الفلسطيني، حتى أعلنت الولايات المتحدة وكندا وأستراليا وإيطاليا وبريطانيا وقف تمويلها للوكالة.. ثم تبعتها دول أخرى.. وهكذا أصبحت الأونروا في عين العاصفة، وهكذا وجدت نفسها مُعلقة في الهواء بغير سند كما عاشت من قبل على طول تاريخها.
إسرائيل تكلمت عن موظفين في الوكالة، لا عن موظفيها كلهم، وبالتالي، فالعدل يقول إن الأمر في حاجة إلى تحقيق أولًا، ومن بعدها يمكن معاقبة الموظفين الذين شاركوا في الهجوم، لا أن تتعرض الوكالة لعقاب جماعي غير عادل، وغير منصف، ليس فقط لها، ولكن لملايين اللاجئين الذين ترعاهم في أوضاعهم البائسة.. فالتعميم خطيئة كبيرة في هذه القضية وكذلك في سواها.
نعرف أن قضية اللاجئين قضية مؤرقة لإسرائيل لأن أي حل نهائي لقضية فلسطين يضع قضيتهم على رأس القضايا، التي لا بد من أن تكون ضمن الحل النهائي.. وربما لهذا السبب سارعت تل أبيب تغذي ما أذاعه جيشها، وكأنه حقيقة لا تقبل النقض بأي حال!.
صدر الحكم قبل المداولة من الدول الخمس على الوكالة، التي لا يستغنى عنها كل لاجئ، فبدَت الدول الخمس والدول التي سارت في ركابها منساقة لما تقوله إسرائيل تمامًا، وكأنها دول لا عقل فيها يتصرف بشيء من المنطق أو بشيء من العدالة)).
ولتضاف اليوم مأساة «الأونروا» إلى مسلسل المآسي التي يعيشها الشعب الفلسطيني الشقيق، ويشهدها العالم مذهولا.. كل دقيقة ولحظة.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك