العدد : ١٦٨٣٦ - السبت ٢٧ أبريل ٢٠٢٤ م، الموافق ١٨ شوّال ١٤٤٥هـ

العدد : ١٦٨٣٦ - السبت ٢٧ أبريل ٢٠٢٤ م، الموافق ١٨ شوّال ١٤٤٥هـ

زاوية غائمة

جعفـــــــر عبــــــــاس

jafasid09@hotmail.com

وداعا لفاتورة الكهرباء

أبارك‭ ‬لنفسي‭ ‬ولكم‭ ‬أن‭ ‬الله‭ ‬مد‭ ‬في‭ ‬أيامنا‭ ‬وشهدنا‭ ‬رجب،‭ ‬وأسأله‭ ‬أن‭ ‬نشهد‭ ‬ما‭ ‬يليه‭ ‬من‭ ‬شعبان‭ ‬ورمضان‭ ‬وأعياد‭ ‬كثيرة،‭ ‬وعن‭ ‬المثل‭ ‬الشائع‭ ‬عش‭ ‬رجب‭ ‬تر‭ ‬العجب،‭ ‬قيل‭ ‬إن‭ ‬الحارث‭ ‬بن‭ ‬عباد‭ ‬بن‭ ‬ضبيعة‭ ‬بن‭ ‬قيس‭ ‬بن‭ ‬ثعلبه،‭ ‬طلق‭ ‬زوجته‭ ‬وهو‭ ‬كبير‭ ‬السن‭ ‬لأنها‭ ‬أصبحت‭ ‬لا‭ ‬تطيق‭ ‬العيش‭ ‬معه،‭ ‬ثم‭ ‬تزوجت‭ ‬من‭ ‬طلقها‭ ‬برجل‭ ‬آخر،‭ ‬أعطته‭ ‬من‭ ‬الحب‭ ‬ما‭ ‬لم‭ ‬تمنحه‭ ‬للحارث،‭ ‬وعندما‭ ‬التقى‭ ‬الحارث‭ ‬بزوجها‭ ‬الجديد،‭ ‬قال‭ ‬له‭: ‬عش‭ ‬رجبا‭ ‬تر‭ ‬عجبا؛‭ ‬أي‭ ‬بتعاقب‭ ‬السنوات،‭ ‬وعندما‭ ‬تبلغ‭ ‬من‭ ‬الكبر‭ ‬مبلغًا،‭ ‬سترى‭ ‬تقلبها‭ ‬عليك،‭ ‬وهجرها‭ ‬لك‭.‬

تلك‭ ‬مقدمة‭ ‬لموضوع‭ ‬اليوم‭ ‬وأبدأ‭ ‬بالحديث‭ ‬عن‭ ‬الانتشار‭ ‬الوبائي‭ ‬للهاتف‭ ‬الجوال،‭ ‬حيث‭ ‬لم‭ ‬نعد‭ ‬نحسب‭ ‬مجنونا‭ ‬من‭ ‬يمشي،‭ ‬أو‭ ‬يجلس‭ ‬داخل‭ ‬سيارته‭ ‬منفردا‭ ‬وهو‭ ‬يكلم‭ ‬نفسه،‭ ‬بل‭ ‬صرنا‭ ‬نفترض‭ ‬أنه‭ ‬يحشر‭ ‬سماعة‭ ‬في‭ ‬أذنه‭ ‬ويتكلم‭ ‬والهاتف‭ ‬في‭ ‬جيبه‭ ‬أو‭ ‬قريب‭ ‬من‭ ‬مقعده،‭ ‬ولكن‭ ‬كيف‭ ‬يكون‭ ‬موقفك‭ ‬إزاء‭ ‬شخص‭ ‬تراه‭ ‬وسلك‭ ‬يمتد‭ ‬من‭ ‬ذراعه‭ ‬أو‭ ‬عنقه‭ ‬وينغرس‭ ‬في‭ ‬هاتفه‭ ‬الجوال‭ ‬وهو‭ ‬يمشي‭ ‬أو‭ ‬يجلس‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬يتكلم؟

مختبرات‭ ‬سانديا‭ ‬الأمريكية‭ ‬توصلت‭ ‬بعد‭ ‬دراسات‭ ‬مطولة‭ ‬إلى‭ ‬استنتاج‭ ‬بان‭ ‬جسم‭ ‬الإنسان‭ ‬يولد‭ ‬طاقة‭ ‬كهربائية‭ ‬تكفي‭ ‬لشحن‭ ‬الهاتف‭ ‬الجوال،‭ ‬بل‭ ‬وتشغيل‭ ‬بعض‭ ‬الأجهزة‭ ‬الإلكترونية‭ ‬والكهربائية‭ ‬الأخرى،‭ ‬فالدهون‭ ‬تشكل‭ ‬نحو‭ ‬13‭ ‬بالمائة‭ ‬من‭ ‬إجمالي‭ ‬وزن‭ ‬الإنسان،‭ ‬وهي‭ ‬قادرة‭ ‬على‭ ‬إنتاج‭ ‬طاقة‭ ‬كهربائية‭ ‬قوة‭ ‬11‭ ‬ألف‭ ‬وات‭/‬ساعة،‭ ‬وبما‭ ‬أن‭ ‬الجسم‭ ‬يستهلك‭ ‬فقط‭ ‬3300‭ ‬وات،‭ ‬فمعنى‭ ‬ذلك‭ ‬أننا‭ ‬نملك‭ ‬فائضاً‭ ‬من‭ ‬الطاقة‭ ‬الكهربائية،‭ ‬ومع‭ ‬هذا‭ ‬نترك‭ ‬شركات‭ ‬الكهرباء‭ ‬تستغلنا‭ ‬وتقاسمنا‭ ‬ما‭ ‬عندنا‭ ‬من‭ ‬مال‭.‬

هناك‭ ‬من‭ ‬يبيع‭ ‬كليته‭ ‬أو‭ ‬قرنية‭ ‬عينه‭ ‬كي‭ ‬يحصل‭ ‬على‭ ‬مال،‭ ‬فلماذا‭ ‬لا‭ ‬يقوم‭ ‬الغلابة‭ ‬أمثالنا‭ ‬بزيادة‭ ‬رصيدهم‭ ‬من‭ ‬الدهون،‭ ‬لإنتاج‭ ‬الطاقة‭ ‬لتشغيل‭ ‬ثلاجة‭ ‬أو‭ ‬مصباح‭ ‬في‭ ‬البيت‭ ‬أو‭ ‬حتى‭ ‬بيع‭ ‬الفائض‭ ‬للجيران،‭ ‬فالباحثون‭ ‬في‭ ‬تلك‭ ‬المختبرات‭ ‬نجحوا‭ ‬في‭ ‬تطوير‭ ‬إبرة‭ ‬زجاجة‭ ‬رفيعة‭ ‬للغاية‭ ‬بحيث‭ ‬لا‭ ‬يحس‭ ‬الإنسان‭ ‬بوخزها‭ ‬عندما‭ ‬يغرسها‭ ‬في‭ ‬جسمه،‭ ‬وتقوم‭ ‬تلك‭ ‬الإبرة‭ ‬بتحويل‭ ‬الجلوكوز‭ ‬إلى‭ ‬طاقة‭ ‬كهربائية‭. ‬يعني‭ ‬موبايلك‭ ‬صار‭ ‬يوشوش‭ ‬لأنه‭ ‬بحاجة‭ ‬إلى‭ ‬شحن،‭ ‬فتذهب‭ ‬إلى‭ ‬محل‭ ‬حلويات‭: ‬أدينا‭ ‬نص‭ ‬كيلو‭ ‬بسبوسة‭.. ‬خليها‭ ‬كيلو‭.. ‬وكمان‭ ‬كيلو‭ ‬أم‭ ‬علي‭.. ‬وتلهط‭ ‬تلك‭ ‬الأشياء‭ ‬وتوصل‭ ‬الجوال‭ ‬بالسلك‭ ‬المغروس‭ ‬في‭ ‬جسمك‭ ‬فـ‭(‬يلعلع‭) ‬صوته‭.‬

وليس‭ ‬في‭ ‬الأمر‭ ‬ما‭ ‬يثير‭ ‬العجب،‭ ‬فالعلم‭ ‬يعرف‭ ‬منذ‭ ‬مئات‭ ‬السنين‭ ‬ان‭ ‬السكر‭ ‬مصدر‭ ‬مهم‭ ‬للطاقة‭ ‬للكائنات‭ ‬الحية،‭ ‬وجسم‭ ‬الإنسان‭ ‬أقدر‭ ‬من‭ ‬أي‭ ‬آلة‭ ‬على‭ ‬استخلاص‭ ‬تلك‭ ‬الطاقة‭ ‬بفضل‭ ‬ما‭ ‬فيه‭ ‬من‭ ‬إنزيمات،‭ ‬وهناك‭ ‬كلام‭ ‬كثير‭ ‬جاء‭ ‬في‭ ‬تقرير‭ ‬مختبرات‭ ‬سانديا‭ ‬تلك‭ ‬لم‭ ‬أفهمه‭ ‬ولن‭ ‬أوجع‭ ‬به‭ ‬رؤوسكم،‭ ‬ولكن‭ ‬خلاصته‭ ‬هي‭ ‬أنه‭ ‬من‭ ‬الممكن‭ ‬الاستفادة‭ ‬من‭ ‬الطاقة‭ ‬الفائضة‭ ‬في‭ ‬الجسم‭ ‬لأغراض‭ ‬صناعية‭ ‬بسيطة،‭ ‬بل‭ ‬وأكدت‭ ‬دراسات‭ ‬علماء‭ ‬المختبرات‭ ‬إمكان‭ ‬شفط‭ ‬الجلكوز‭ ‬الزائد‭ ‬عن‭ ‬حاجة‭ ‬الجسم،‭ ‬ما‭ ‬يوفر‭ ‬وقاية‭ ‬للمصابين‭ ‬بالسكري‭ ‬ضد‭ ‬نوبات‭ ‬وغيبوبات‭ ‬السكري،‭ ‬ويحول‭ ‬دون‭ ‬السمنة‭ ‬والتكرُّش،‭ ‬يعني‭ ‬تأكل‭ ‬على‭ ‬كيفك‭ ‬وتحرق‭ ‬فائض‭ ‬السكريات‭ ‬أو‭ ‬تشفطه‭ ‬على‭ ‬كيفك‭.‬

في‭ ‬معظم‭ ‬البيوت‭ ‬العربية‭ ‬هناك‭ ‬خادمة،‭ ‬ووجود‭ ‬الخادمة‭ ‬في‭ ‬البيت‭ ‬صار‭ ‬أحيانا‭ ‬من‭ ‬باب‭ ‬الوجاهة‭ ‬الاجتماعية،‭ ‬وهناك‭ ‬من‭ ‬يتباهون‭ ‬بأن‭ ‬في‭ ‬بيوتهم‭ ‬بدل‭ ‬الخادمة‭ ‬سبع،‭ ‬بينما‭ ‬عدد‭ ‬أفراد‭ ‬الأسرة‭ ‬أربعة‭ ‬فقط،‭ ‬بل‭ ‬صارت‭ ‬بعض‭ ‬الأسر‭ ‬الفقيرة‭ ‬أيضاً‭ ‬تحرص‭ ‬على‭ ‬امتلاك‭ ‬الخادمة‭ ‬من‭ ‬باب‭ (‬نحن‭ ‬مو‭ ‬أقل‭ ‬من‭ ‬عيال‭ ‬صنقور‭)‬،‭ ‬ولكن‭ ‬توليد‭ ‬الكهرباء‭ ‬من‭ ‬أجسام‭ ‬الناس‭ ‬سيدخلنا‭ ‬إلى‭ ‬عصر‭ ‬جديد‭ ‬في‭ ‬عالم‭ ‬العمالة‭ ‬المنزلية‭: ‬يا‭ ‬جوليا‭.. ‬وينك‭ ‬يا‭ ‬زفت‭.. ‬تعالي‭ ‬أبغي‭ ‬أشحن‭ ‬الموبايل‭! ‬وتأتي‭ ‬جوليا‭ ‬ويتم‭ ‬وصلها‭ ‬بأسلاك‭ ‬تمتد‭ ‬إلى‭ ‬الموبايل،‭ ‬وتجلس‭ ‬جوليا‭ ‬مثل‭ ‬أبي‭ ‬الهول‭ ‬نحو‭ ‬ساعة‭ ‬ثم‭ ‬تصدر‭ ‬إليها‭ ‬الأوامر‭: ‬يللا‭ ‬خلاص‭ ‬روحي‭ ‬خلصي‭ ‬شغل‭ ‬المطبخ،‭ ‬ولو‭ ‬اتصل‭ ‬فيني‭ ‬أحد‭ ‬قولي‭ ‬خرجت‭.. ‬وللا‭ ‬أقولك،‭ ‬قولي‭ ‬ماتت‭.. ‬ويدخل‭ ‬ضيف‭ ‬دعوته‭ ‬إلى‭ ‬الطعام‭ ‬وبصحبته‭ ‬شخص‭ ‬مبهدل‭ ‬فيقول‭ ‬لك‭ ‬معليش‭ ‬جبت‭ ‬وياي‭ ‬كومار‭ ‬الدب‭ ‬هذا،‭ ‬منشان‭ ‬بطارية‭ ‬السيارة‭ ‬ضعيفة‭.‬

وتفاديا‭ ‬لتهمة‭ ‬الاتجار‭ ‬بالبشر‭ ‬وشفط‭ ‬كهرباء‭ ‬من‭ ‬جوليا‭ ‬وكومار‭ ‬بلا‭ ‬مقابل‭ ‬إضافي،‭ ‬عليك‭ ‬بالأكلات‭ (‬المؤنثة‭): ‬الكبسة‭ ‬والكنافة‭ ‬وأم‭ ‬علي‭ ‬والكوارع‭ ‬والبقلاوة‭ ‬والبسبوسة‭ ‬والزلابية‭ ‬والمهياوة‭ ‬والقشطة‭ (‬أرجو‭ ‬من‭ ‬النساء‭ ‬عدم‭ ‬اتهامي‭ ‬بالتحامل‭ ‬عليهن،‭ ‬فأن‭ ‬تكون‭ ‬معظم‭ ‬الأشياء‭ ‬المؤدية‭ ‬الى‭ ‬تراكم‭ ‬الدهون‭ ‬والكوليسترول‭ ‬في‭ ‬الجسم‭ ‬مؤنثة،‭ ‬هذا‭ ‬أمر‭ ‬الله‭)‬

إقرأ أيضا لـ"جعفـــــــر عبــــــــاس"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا