العدد : ١٦٨٤٥ - الاثنين ٠٦ مايو ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٧ شوّال ١٤٤٥هـ

العدد : ١٦٨٤٥ - الاثنين ٠٦ مايو ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٧ شوّال ١٤٤٥هـ

عالم يتغير

فوزية رشيد

أمريكا ومُلهي الرعيان!

{‭ ‬وأنا‭ ‬أتأمل‭ ‬جولات‭ ‬المبعوثين‭ ‬الأمريكيين‭ ‬إلى‭ ‬دول‭ ‬المنطقة‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬العدوان‭ ‬الغاشم‭ ‬على‭ ‬غزة‭ (‬عدوان‭ ‬الكيان‭ ‬الصهيوني‭ ‬وأمريكا‭ ‬والغرب‭) ‬وآخر‭ ‬أولئك‭ ‬المبعوثين‭ ‬كان‭ ‬وزير‭ ‬الخارجية‭ ‬الأمريكي‭ ‬‮«‬بلينكن‮»‬‭ ‬للدول‭ ‬العربية‭ ‬في‭ ‬جولته‭ ‬الخامسة،‭ ‬لم‭ ‬أجد‭ ‬ما‭ ‬يصف‭ ‬حالته‭ ‬والحالة‭ ‬الأمريكية‭ ‬بشكل‭ ‬عام،‭ ‬كتلك‭ ‬التغريدة‭ ‬التي‭ ‬تفاعل‭ ‬معها‭ ‬عدد‭ ‬كبير‭ ‬من‭ ‬النشطاء‭ ‬على‭ ‬مواقع‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي،‭ ‬وكانت‭ ‬التغريدة‭ ‬للعراقي‭ ‬‮«‬سالم‭ ‬الجميلي‮»‬‭ ‬الذي‭ ‬قارن‭ ‬باحترافية‭ ‬بين‭ ‬‮«‬بلينكن‮»‬‭ ‬في‭ ‬جولته‭ ‬الخامسة‭ ‬منذ‭ ‬العدوان،‭ ‬وبين‭ ‬الطائر‭ ‬المعروف‭ ‬باسم‭ ‬‮«‬مُلهي‭ ‬الرعيان‮»‬‭!‬

{‭ ‬المغرد‭ ‬يقول‭ ‬في‭ ‬تغريدته‭: ‬‮«‬هناك‭ ‬طائر‭ ‬اسمه‭ (‬مُلهي‭ ‬الرعيان‭)‬،‭ ‬هذا‭ ‬الطائر‭ ‬يطير‭ ‬مسافات‭ ‬قصيرة‭ ‬بين‭ ‬2‭ ‬و10‭ ‬أمتار،‭ ‬ويستهدف‭ ‬الرعيان‭ ‬أي‭ ‬رعاة‭ ‬الغنم،‭ ‬وعند‭ ‬ما‭ ‬يقترب‭ ‬راعي‭ ‬الغنم‭ ‬منه‭ ‬ويهم‭ ‬بإمساكه‭ ‬يقفز‭ ‬الطائر‭ ‬مسافة‭ ‬أمتار،‭ ‬ثم‭ ‬يركض‭ ‬الراعي‭ ‬خلفه‭ ‬ليمسكه‭ ‬ظنًا‭ ‬منه‭ ‬أن‭ ‬الطير‭ ‬متعب،‭ ‬فيقفز‭ ‬الطير‭ ‬مسافة‭ ‬أخرى،‭ ‬وهكذا‭ ‬تتكرر‭ ‬الحالة‭ ‬حتى‭ ‬يأخذ‭ ‬الراعي‭ ‬بعيدًا‭ ‬عن‭ ‬غنمه‭ ‬ثم‭ ‬يأتي‭ (‬الذئب‭) ‬ويعيث‭ ‬بالغنم‭ ‬خرابًا‭! ‬ويعلق‭ ‬المغرد‭ ‬بأن‭ ‬وزير‭ ‬الخارجية‭ ‬الأمريكي‭ ‬يمارس‭ ‬الدور‭ ‬نفسه‭! ‬إذ‭ ‬يقوم‭ ‬بدور‭ (‬مُلهي‭ ‬العرب‭) ‬يقفز‭ ‬من‭ ‬دولة‭ ‬إلى‭ ‬دولة‭ ‬يدعو‭ ‬إلى‭ ‬وقف‭ ‬العنف‭ ‬حتى‭ ‬تسحق‭ ‬إسرائيل‭ ‬غزة‮»‬‭!‬

{‭ ‬في‭ ‬الواقع‭ ‬وفي‭ ‬الوقت‭ ‬الذي‭ ‬يواصل‭ ‬فيه‭ ‬الكيان‭ ‬الصهيوني‭ ‬حرب‭ ‬الإبادة‭ ‬ضد‭ ‬غزة‭ ‬ومجازره‭ ‬اليومية،‭ ‬وحيث‭ ‬كل‭ ‬يوم‭ ‬يتراوح‭ ‬عدد‭ ‬الشهداء‭ ‬في‭ ‬غزة‭ ‬ما‭ ‬بين‭ ‬300‭ ‬وأكثر‭ ‬بكثير،‭ ‬فإن‭ ‬دور‭ ‬المبعوثين‭ ‬الأمريكيين‭ ‬هو‭ (‬إلهاء‭) ‬العالم‭ ‬بالتصريحات‭ ‬وإلهاء‭ ‬العرب‭ ‬تحديدًا‭ ‬في‭ ‬جولات‭ ‬متواصلة،‭ ‬حتى‭ ‬يواصل‭ ‬الكيان‭ ‬مجازره‭ ‬اليومية‭ ‬وكأن‭ ‬لا‭ ‬شيء‭ ‬يحدث‭! ‬تلك‭ ‬التصريحات‭ ‬والحديث‭ ‬عن‭ ‬حل‭ ‬الدولتين‭ ‬وعن‭ ‬ما‭ ‬بعد‭ ‬العدوان‭ ‬على‭ ‬غزة،‭ ‬يتم‭ ‬تصريفها‭ ‬كأمر‭ ‬واقع‭ ‬في‭ ‬خانة‭ ‬الإلهاء‭ ‬وتبادل‭ ‬الأدوار‭ ‬مع‭ ‬الكيان‭! ‬وفي‭ ‬خانة‭ (‬النفاق‭ ‬السياسي‭ ‬والإنساني‭)! ‬وحيث‭ ‬يُبدي‭ ‬‮«‬بلينكن‮»‬‭ ‬في‭ ‬جولته‭ ‬الأخيرة‭ ‬رقته‭ ‬الإنسانية‭ ‬الزائفة‭ ‬تجاه‭ ‬مأساة‭ ‬المراسل‭ ‬والصحفي‭ (‬الدحدوح‭) ‬وينسى‭ ‬في‭ ‬ذات‭ ‬الوقت‭ ‬أن‭ ‬يتأمل‭ ‬الأعداد‭ ‬اليومية‭ ‬والمئات‭ ‬من‭ ‬الأطفال‭ ‬والنساء،‭ ‬الذين‭ ‬يسقطون‭ ‬تحت‭ ‬القصف‭ ‬الذي‭ ‬تشارك‭ ‬فيه‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة،‭ ‬وتدعم‭ ‬فيه‭ ‬العدوان‭ ‬وحرب‭ ‬الإبادة‭! ‬ولا‭ ‬تقبل‭ ‬وقف‭ ‬إطلاق‭ ‬النار‭ ‬الذي‭ ‬يطالب‭ ‬به‭ ‬العالم‭ ‬كله‭! ‬بل‭ ‬وتستخدم‭ ‬‮«‬الفيتو‮»‬‭ ‬الإجرامي‭ ‬الشهير‭ ‬لأمريكا،‭ ‬وستعيد‭ ‬استخدامه‭ ‬ضدّ‭ ‬‮«‬محكمة‭ ‬العدل‭ ‬الدولية‮»‬‭ ‬التي‭ ‬تناقش‭ ‬دعوى‭ ‬حرب‭ ‬الإبادة‭ ‬‮«‬الإسرائيلية‮»‬‭ ‬في‭ ‬غزة،‭ ‬وما‭ ‬ينتظره‭ ‬العالم‭ ‬هو‭ ‬قرارها‭ ‬لوقف‭ ‬إطلاق‭ ‬النار‭.‬

{‭ ‬إن‭ ‬‮«‬مُلهي‭ ‬الرعيان‮»‬‭ ‬الأمريكي‭ ‬يتفوق‭ ‬في‭ ‬الحقيقة‭ ‬في‭ ‬دوره‭ ‬على‭ ‬الطائر‭ ‬نفسه،‭ ‬لأنه‭ ‬هنا‭ ‬هو‭ ‬‮«‬المُلهي‮»‬‭ ‬وهو‭ ‬‮«‬الذئب‮»‬‭ ‬وهو‭ ‬الذي‭ ‬بنفسه‭ ‬يمارس‭ ‬أبشع‭ ‬جرائم‭ ‬الإبادة‭ ‬ضدّ‭ ‬الأطفال‭ ‬والنساء،‭ ‬وهذه‭ ‬المرة‭ ‬بيد‭ ‬الكيان‭ ‬الصهيوني‭ ‬والدعم‭ ‬المطلق‭ ‬المقدّم‭ ‬له‭! ‬ويأكل‭ ‬الأخضر‭ ‬واليابس‭ ‬في‭ ‬غزة‭ ‬ويبيد‭ ‬وينشر‭ ‬الخراب‭ ‬والموت‭ ‬والجوع،‭ ‬ويتفرج‭ ‬بدم‭ ‬بارد‭ ‬على‭ ‬المجازر‭ ‬ضد‭ ‬البشر،‭ ‬وليس‭ ‬ضدّ‭ (‬الغنم‭)‬،‭ ‬كما‭ ‬يفعل‭ ‬الطائر‭! ‬وكأنه‭ ‬يخدم‭ ‬الذئب‭ ‬الشرس‭ ‬وهو‭ ‬يفترس‭ ‬الأغنام،‭ ‬حيث‭ ‬تكاثر‭ ‬الذئاب‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭! ‬القصة‭ ‬هنا‭ ‬هي‭ (‬الإلهاء‭) ‬عن‭ ‬كل‭ ‬القوانين‭ ‬الدولية‭ ‬والحقوقية‭ ‬والإنسانية‭ ‬ومواصلة‭ ‬الدوس‭ ‬عليها‭! ‬وحيث‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬تستعد‭ ‬كما‭ ‬يطرح‭ ‬الخبراء‭ ‬لاستخدام‭ ‬‮«‬الفيتو‭ ‬المجرم‮»‬،‭ ‬في‭ ‬حال‭ ‬اتخذت‭ ‬‮«‬محكمة‭ ‬العدل‭ ‬الدولية‮»‬‭ (‬قرارًا‭ ‬طارئًا‭ ‬وإلزاميًا‭) ‬بوقف‭ ‬العدوان‭ ‬الصهيوني‭ ‬على‭ ‬غزة‭!‬

ولهذا‭ ‬تأتي‭ ‬التصريحات‭ ‬الأمريكية‭ ‬‮«‬المُلهية‮»‬‭ ‬للعرب‭ ‬وللعالم،‭ ‬والولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬قبل‭ ‬غيرها‭ ‬تعرف‭ ‬جيدًا‭ ‬أن‭ ‬تصريحاتها‭ ‬هي‭ ‬فقط‭ ‬للاستهلاك‭ ‬العالمي‭ ‬والعربي‭ ‬إعلاميًا‭! ‬وأن‭ ‬هدفها‭ ‬أن‭ ‬يواصل‭ ‬مجرم‭ ‬الحرب‭ ‬الصهيوني‭ ‬عدوانه‭ ‬ومجازره‭ ‬وإبادته‭ ‬للشعب‭ ‬الفلسطيني‭ ‬في‭ ‬غزة،‭ ‬وإعطاءه‭ ‬الوقت‭ ‬الكافي‭ ‬الذي‭ ‬يتم‭ ‬تمديده‭ ‬كل‭ ‬مرة‭ ‬ومع‭ ‬كل‭ ‬جولة‭ ‬للمبعوثين‭ ‬الأمريكيين‭ ‬ولا‭ ‬شيء‭ ‬غير‭ ‬ذلك‭!‬

{‭ ‬أمريكا‭ ‬تريد‭ (‬استعادة‭ ‬وضع‭ ‬اليد‭ ‬على‭ ‬الملف‭ ‬الفلسطيني‭)! ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬فقدت‭ ‬مصداقيتها‭ ‬تماما‭ ‬في‭ ‬الوصول‭ ‬لأي‭ ‬حلّ‭ ‬حقيقي‭ ‬للقضية‭ ‬الفلسطينية‭! ‬وبعد‭ ‬أن‭ ‬أصاب‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬والعرب‭ ‬اليأس‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬تأتي‭ ‬جولات‭ ‬أو‭ ‬تصريحات‭ ‬أو‭ ‬الاتفاقيات‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬ترعاها‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة،‭ ‬بأي‭ ‬حلّ‭! ‬هي‭ ‬تريد‭ ‬مواصلة‭ ‬الدور‭ ‬بأن‭ ‬تدير‭ ‬اللعبة‭ ‬كالسابق‭ ‬وتعتبر‭ (‬التصريحات‭ ‬الزائفة‭ ‬والمنافقة‭ ‬سياسيًا‭ ‬وإنسانيًا‭) ‬هي‭ ‬المهمة‭ ‬السامية‭ ‬مجددًا‭ ‬والكافية‭ ‬للتعاطي‭ ‬مع‭ ‬الجرائم‭ ‬الصهيونية‭ ‬ضدّ‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬سواء‭ ‬في‭ ‬غزة‭ ‬أو‭ ‬في‭ ‬الضفة‭ ‬الغربية‭! ‬ولهذا‭ ‬فإن‭ ‬الجولات‭ ‬المكوكية‭ ‬أو‭ ‬قفزات‭ (‬طائر‭ ‬ملهي‭ ‬الرُعيان‭) ‬الأمريكي‭ ‬ستكون‭ ‬قادرة‭ ‬على‭ ‬إبطاء‭ ‬ردات‭ ‬الفعل‭ ‬الغاضبة‭ ‬على‭ ‬المستوى‭ ‬العربي‭ ‬والعالمي‭! ‬ولا‭ ‬تدرك‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬أن‭ ‬‮«‬غزة‮»‬‭ ‬استطاعت‭ ‬أن‭ ‬تسقط‭ ‬كل‭ ‬الأقنعة‭ ‬وتكشف‭ ‬كل‭ ‬آليات‭ ‬الزيف‭ ‬في‭ ‬مؤسسات‭ ‬ومنظمات‭ ‬‮«‬النظام‭ ‬الغربي‭ ‬الاستعماري‮»‬‭ ‬وتُعرّي‭ ‬التلاعب‭ ‬الأمريكي‭ ‬والغربي‭ ‬وجرائم‭ ‬الحرب‭ ‬التي‭ ‬يقوم‭ ‬بها‭ ‬الغرب‭ ‬في‭ ‬العالم‭! ‬وآخرها‭ ‬هذا‭ ‬الدعم‭ ‬المطلق‭ ‬والمفتوح‭ ‬لجرائم‭ ‬الكيان‭ ‬الصهيوني‭ ‬وحرب‭ ‬الإبادة‭ ‬التي‭ ‬يقوم‭ ‬بها‭ ‬في‭ ‬غزة‭ ‬والضفة‭ ‬الغربية‭ ‬رغم‭ ‬الاحتقان‭ ‬العالمي‭ ‬لهذا‭ ‬الدور‭!‬

وفي‭ ‬الوقت‭ ‬الذي‭ ‬يواصل‭ ‬فيه‭ ‬طائر‭ ‬‮«‬مُلهي‭ ‬الرعيان‮»‬‭ ‬الأمريكي‭ ‬مهمته‭ ‬في‭ ‬تسويق‭ ‬الزيف‭ ‬والخداع،‭ ‬لا‭ ‬يدرك‭ ‬أن‭ ‬العالم‭ ‬كله‭ ‬أيضًا‭ ‬يراه‭ (‬الذئب‭ ‬الوحشي‭ ‬الكبير‭) ‬الذي‭ ‬يقتل‭ ‬البشر‭ ‬ويلتهم‭ ‬الأطفال‭ ‬والنساء‭ ‬بشهية‭ ‬لا‭ ‬تكلّ‭ ‬ولا‭ ‬تملّ‭!‬

لقد‭ ‬سقطت‭ ‬كل‭ ‬الأقنعة‭ ‬تحت‭ ‬أقدام‭ ‬‮«‬غزة‮»‬‭ ‬والشعب‭ ‬الفلسطيني‭ ‬الذي‭ ‬أثار‭ ‬العالم‭ ‬بصموده،‭ ‬حتى‭ ‬أصبح‭ ‬أيقونة‭ ‬العالم‭ ‬في‭ ‬المظلومية‭ ‬وطلب‭ ‬الحرية‭ ‬والعدالة،‭ ‬كما‭ ‬لم‭ ‬يحدث‭ ‬قط‭ ‬في‭ ‬التاريخ‭ ‬تجاه‭ ‬أي‭ ‬قضية‭ ‬تحولت‭ ‬بجدارة‭ ‬إلى‭ ‬قضية‭ ‬كل‭ ‬شعوب‭ ‬العالم‭ ‬وأحراره‭!‬

إقرأ أيضا لـ"فوزية رشيد"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا