العدد : ١٦٨٣٩ - الثلاثاء ٣٠ أبريل ٢٠٢٤ م، الموافق ٢١ شوّال ١٤٤٥هـ

العدد : ١٦٨٣٩ - الثلاثاء ٣٠ أبريل ٢٠٢٤ م، الموافق ٢١ شوّال ١٤٤٥هـ

الرأي الثالث

محميد المحميد

malmahmeed7@gmail.com

الاتجار بالأشخاص.. «الوقاية خير من المكافحة»

يقول‭ ‬‮«‬توماس‭ ‬أديسون‮»‬‭ ‬مخترع‭ ‬الكهرباء‭: ((‬وجدت‭ ‬ألف‭ ‬طريقة‭ ‬فاشلة‭ ‬لا‭ ‬تضيء‭ ‬المصباح،‭ ‬ثم‭ ‬وجدت‭ ‬طريقة‭ ‬واحدة‭ ‬يعمل‭ ‬بها‭ ‬المصباح‭)).. ‬فهل‭ ‬نحن‭ ‬بحاجة‭ ‬للوصول‭ ‬إلى‭ ‬ألف‭ ‬طريقة‭ ‬غير‭ ‬ناجحة،‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬التصدي‭ ‬لبعض‭ ‬ظواهر‭ ‬مجتمعية‭ ‬سلبية،‭ ‬والوقاية‭ ‬منها،‭ ‬والقضاء‭ ‬عليها‭..‬؟‭!‬

ثمة‭ ‬قضية‭ ‬مستمرة،‭ ‬وجريمة‭ ‬متكررة،‭ ‬من‭ ‬ذات‭ ‬النوع‭ ‬والأسلوب‭ ‬والشكل،‭ ‬وتحت‭ ‬ذات‭ ‬المسمى،‭ ‬آن‭ ‬لنا‭ ‬أن‭ ‬نفكر‭ ‬في‭ ‬وضع‭ ‬حلول‭ ‬حازمة‭ ‬ومستدامة،‭ ‬تنفيذية‭ ‬وتشريعية،‭ ‬عمالية‭ ‬وحقوقية،‭ ‬للقضاء‭ ‬عليها‭ ‬وبترها‭ ‬وإنهائها،‭ ‬ذلك‭ ‬أن‭ ‬في‭ ‬استمرارها‭ ‬إعاقة‭ ‬للمسيرة‭ ‬المباركة،‭ ‬وتشويه‭ ‬للصورة‭ ‬الحضارية‭ ‬لبلادنا‭.‬

كم‭ ‬مرة‭ ‬نقرأ‭ ‬عن‭ ‬خبر‭ ‬إلقاء‭ ‬القبض‭ ‬ومحاكمة‭ ‬أشخاص‭ ‬من‭ ‬دول‭ ‬معينة‭ ‬ومحددة،‭ ‬يقومون‭ ‬باستغلال‭ ‬وخداع‭ ‬بعض‭ ‬النساء‭ ‬والفتيات‭ ‬الأجنبيات،‭ ‬وجلبهن‭ ‬للبلاد‭ ‬بحجة‭ ‬العمل،‭ ‬ثم‭ ‬يقعن‭ ‬في‭ ‬شباك‭ ‬‮«‬الدعارة‮»‬‭ ‬والاتجار‭ ‬بالأشخاص‭..‬؟‭ ‬كم‭ ‬يكلف‭ ‬هذا‭ ‬العمل‭ ‬من‭ ‬جهود‭ ‬وميزانية‭ ‬وإشغال‭ ‬لمؤسسات‭ ‬الدولة‭ ‬ولجانها‭..‬؟‭ ‬كم‭ ‬يشكل‭ ‬هذا‭ ‬العمل‭ ‬من‭ ‬ملاحظات‭ ‬على‭ ‬وضع‭ ‬بلادنا‭ ‬وجهودها‭ ‬الحثيثة‭ ‬في‭ ‬مكافحة‭ ‬الاتجار‭ ‬بالأشخاص؟‭ ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬وجود‭ ‬تقارير‭ ‬تشيد‭ ‬بجهود‭ ‬المكافحة،‭ ‬ولكن‭ ‬الجميع‭ ‬ينشد‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬أفضل،‭ ‬وهو‭ ‬القضاء‭ ‬على‭ ‬المسألة‭ ‬برمتها،‭ ‬وليس‭ ‬مكافحتها‭ ‬فقط‭..‬؟‭ ‬ثم‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬دور‭ ‬السفارات‭ ‬الأجنبية‭ ‬التي‭ ‬يكثر‭ ‬أفراد‭ ‬بلادها‭ ‬في‭ ‬الوقوع‭ ‬في‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬القضايا‭ ‬المتكررة‭ ‬وآلية‭ ‬التصدي‭ ‬لها‭..‬؟‭  ‬

هي‭ ‬سلسلة‭ ‬من‭ ‬الجهود‭ ‬المترابطة،‭ ‬والمفترض‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬متعاونة،‭ ‬متناسقة‭ ‬ومتكاملة،‭ ‬لأن‭ ‬في‭ ‬استمرار‭ ‬هذه‭ ‬القضية،‭ ‬استمرارا‭ ‬لظاهرة‭ ‬غير‭ ‬إنسانية‭ ‬وغير‭ ‬حضارية،‭ ‬ولربما‭ ‬كان‭ ‬في‭ ‬نهج‭ ‬‮«‬الوقاية‭ ‬خير‭ ‬من‭ ‬العلاج‮»‬،‭ ‬أفضل‭ ‬سبيل،‭ ‬بدلا‭ ‬من‭ ‬الاكتفاء‭ ‬بنهج‭ ‬المكافحة‭ ‬والمحاسبة،‭ ‬بعد‭ ‬وقوع‭ ‬المشكلة‭ ‬والضحايا‭.‬

من‭ ‬واجبنا‭ ‬أن‭ ‬نتساءل‭: ‬هل‭ ‬هناك‭ ‬ثغرة‭ ‬ما‭ ‬في‭ ‬آلية‭ ‬دخول‭ ‬الضحايا‭ ‬سواء‭ ‬في‭ ‬التأشيرة‭ ‬السياحية‭ ‬أو‭ ‬غيرها؟‭ ‬معظم‭ ‬القضايا‭ ‬تؤكد‭ ‬أن‭ ‬هؤلاء‭ ‬دخلوا‭ ‬البلاد‭ ‬بعد‭ ‬إبلاغهم‭ ‬من‭ ‬المحتالين‭ ‬بتوفير‭ ‬فرصة‭ ‬للعمل‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬ما،‭ ‬فمن‭ ‬الذي‭ ‬أعطى‭ ‬هؤلاء‭ ‬الصلاحية؟‭ ‬ومن‭ ‬الذي‭ ‬يقف‭ ‬وراءهم؟‭ ‬ألا‭ ‬تلاحظون‭ ‬تكرار‭ ‬ذات‭ ‬الأسلوب‭ ‬في‭ ‬ذات‭ ‬القضية‭ ‬المتكررة‭ ‬والمستمرة‭..!! ‬فأين‭ ‬الخلل‭..‬؟

وفقا‭ ‬للتعريف‭ ‬الدولي‭ ‬فإن‭ ‬مفهوم‭ ‬‮«‬الاتجار‭ ‬بالأشخاص‮»‬‭ ‬له‭ ‬أنواع‭ ‬وأشكال‭ ‬عديدة،‭ ‬ولربما‭ ‬الأبرز‭ ‬فيها‭ ‬والظاهر‭ ‬منها‭ ‬في‭ ‬مجتمعنا‭ ‬هو‭: ‬‮«‬الاستغلال‭ ‬الجنسي‮»‬،‭ ‬فيما‭ ‬أنواع‭ ‬أخرى‭ ‬لا‭ ‬توجد‭ ‬لدينا‭ ‬ولله‭ ‬الحمد،‭ ‬بفضل‭ ‬الجهود‭ ‬المضاعفة‭ ‬والوعي‭ ‬المجتمعي‭ ‬والمنظومة‭ ‬القانونية،‭ ‬مثل‭: ‬العمالة‭ ‬المجانية،‭ ‬أو‭ ‬الممارسات‭ ‬الشبيهة‭ ‬بالرق،‭ ‬أو‭ ‬استعباد‭ ‬الأشخاص‭ ‬بهدف‭ ‬الاستخدام‭ ‬الجسماني‭ ‬ونزع‭ ‬الأعضاء‭. ‬

في‭ ‬30‭ ‬من‭ ‬شهر‭ ‬يوليو‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬عام،‭ ‬تحتفل‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬باليوم‭ ‬العالمي‭ ‬لمكافحة‭ ‬الاتجار‭ ‬بالأشخاص،‭ ‬وفي‭ ‬كل‭ ‬مرة‭ ‬نستذكر‭ ‬الجهود‭ ‬الوطنية،‭ ‬ودورها‭ ‬الفاعل‭ ‬في‭ ‬حماية‭ ‬وتعزيز‭ ‬حقوق‭ ‬الإنسان،‭ ‬والمراكز‭ ‬المتقدمة،‭ ‬وما‭ ‬تمتاز‭ ‬به‭ ‬بلادنا‭ ‬من‭ ‬منظومة‭ ‬شاملة،‭ ‬ودور‭ ‬فاعل‭ ‬لمؤسسات‭ ‬الدولة‭ ‬والمجتمع‭ ‬المدني،‭ ‬ولكن‭ ‬هل‭ ‬تم‭ ‬القضاء‭ ‬على‭ ‬الجريمة‭..‬؟

من‭ ‬أبجديات‭ ‬النجاح‭ ‬للوصول‭ ‬إلى‭ ‬الهدف‭ ‬المنشود،‭ ‬بجانب‭ ‬الإصرار‭ ‬والاجتهاد،‭ ‬هو‭ ‬تغيير‭ ‬الأسلوب‭ ‬والطريقة،‭ ‬فلربما‭ ‬كانت‭ ‬الطرق‭ ‬والإجراءات‭ ‬المتبعة‭ ‬لم‭ ‬تحقق‭ ‬النجاح‭ ‬للوصول‭ ‬إلى‭ ‬الهدف،‭ ‬وفي‭ ‬القضاء‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬الظاهرة‭.. ‬ومن‭ ‬الواضح‭ ‬جدا‭ ‬أننا‭ ‬بحاجة‭ ‬إلى‭ ‬تغيير‭ ‬الإجراءات‭ ‬وتطويرها‭ ‬لمعالجة‭ ‬القضية‭.. ‬والأهم‭ ‬هو‭ ‬الوقاية‭ ‬منها‭ ‬بدلا‭ ‬من‭ ‬مكافحتها‭.. ‬ولنا‭ ‬في‭ ‬مقولة‭ ‬‮«‬توماس‭ ‬أديسون‮»‬‭ ‬خير‭ ‬برهان‭.‬

إقرأ أيضا لـ"محميد المحميد"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا