زاوية غائمة
جعفـــــــر عبــــــــاس
jafasid09@hotmail.com
الشوكولاتة تتحدى الطب
رغم أنني شديد الاحترام للطب والأطباء، وأحرص على اتباع كل التوجيهات الصادرة عنهم بشأن إجراءات تفادي العلل والشفاء منها، إلا أنني أشك في أنهم يتعمدون ترويعنا وتخويفنا وحرماننا من كثير من الطيبات، وعلى مر السنين ظل الأطباء يحذروننا من الأبيضين: الملح والسكر، واللذين لا يستقيم طعام أو شراب بدونهما، ثم إذا بهم يخرجون علينا بـ«الأبيضات» الثلاثة بإضافة الدقيق/ الطحين إلى القائمة، وشيئا فشيئا ضمت قائمة المحظورات الفواكه، وقلنا لهم: كيف يكون ذلك يا جماعة وقد ظللتم تنصحوننا عبر السنين بالإكثار من الخضراوات والفاكهة؟ فقالوا: إن الفواكه تحتوي على سكر الفركتوز، الذي لا فرق بينه وبين الغلوكوز من ناحية الامتصاص، لأنه يتم امتصاص الفركتوز من بطانة الأمعاء الدقيقة ليصل إلى مجرى الدم كالغلوكوز تمامًا. وكل ما هناك هو أن سكر الفركتوز يرفع مستوى السكر في الدم بشكل تدريجي وليس له تأثير مباشر على إفراز الأنسولين كما هو الحال مع الغلوكوز.
وشكوت قبل أيام من قيام طبيب تربطني به علاقة ود قوية بـ«الغدر» بي، عندما رشحني إلى النوع الثاني من مرض السكري (يعني حتى في السكري استكثر عليّ النوع «الأول»)، أي قال إنني على أعتاب ذلك المرض (وصفت ذلك بالغدر لأننا جميعا نعتبر تشخيص أمراضنا من قبل الأطباء اتهاما، ونقول: الدكتور اتهمني بزائدة أو فتاق، إلخ)، ثم أعطاني قائمة بالممنوعات حوت كل ما تشتهيه النفس السوية، وأكثر ما ألّمني هو أنه جعل البطيخ والشمام والمنقة (المانجو) والتمر على رأس قائمة الممنوعات إلا بجرعات متناهية الصغر، وهكذا وفي غضون ستة أشهر فقدت تسعة كيلوغرامات من وزني الذي ظل ثابتا في منطقة 72-74 كيلو طوال ربع القرن المنصرم، ولو واصلت الالتزام بتوجيهاته، فمعنى ذلك أنني سأصبح «فص ملح وداب»، في غضون نحو ثلاث سنوات (حسرة على شبابي).
ولعل صديقي الطبيب الذي تسبب في نهش لحمي وشحمي وغيره من الأطباء سيعانون من الاكتئاب الجماعي الوبائي، بعد أن أثبت باحثون في مجال التغذية أن حلوى الشوكولاتة توفر الوقاية من أمراض الأوردة والشرايين، وكما قلت أعلاه، ليس مرد الاكتئاب ذاك هو أن الأطباء يريدون لنا أن نعاني من كوكتيل من الأمراض، بل إنهم مغرمون بحرماننا من كل ما تشتهيه النفس من أطعمة ومشروبات، وأصبحت موضة أن تذهب إلى الطبيب لتشكو من تسيُّب حنفية الأنف، فيطلب منك أن تصعد إلى الميزان، فتقول الممرضة إن وزنك 55 كيلوجراما فيكشر الطبيب عن أنيابه، ويأمرك بالتوقف عن أكل الخبز والأرز والمكرونة والموز واللحم والخضراوات، وينصحك بعدم تناول المشروبات التي تحوي السكر، ثم يضيف: أما إذا أكلت أي نوع من الحلوى، فإن جيوبك الأنفية ستمتلئ بالسوس والديدان وستعاني من طفح مجاري الأنف مما قد يستوجب إغلاق أو استئصال إحدى فتحتيه!!
المهم بإمكانكم الآن -وعلى مسؤوليتي- أن تتعاملوا مع الشوكولاتة على النحو التالي: إصبعان على الريق. وإصبع قبل الغداء وثلاثة قبل النوم، ثم تنام بقلب جامد واثقا من أن الشوكولاتة ستحرس قلبك حتى الصباح. أما إذا تسببت الشوكولاتة في ارتفاع نسبة السكر في دمك فعليك بالجبن الأبيض كامل الدسم!! وإذا سبب لك الجبن ارتفاعا في ضغط الدم والكوليسترول فعليك بالصلاة لأنها منجاة (إذا كنت من النوع الذي لا يصلي إلا عند «الزنقة»). وعلى المرأة ألا تخشى من عواقب تعاطي الشوكولاتة بكميات تجارية، ولها في نساء النيجر أسوة حسنة، لأنهن يتسابقن على اكتناز اللحم والشحم، وهناك جوائز سنوية لأكثر نساء النيجر شحمًا!! وبالمناسبة فإن تناول أصبع شوكولاتة خلال الرحلات الجوية الطويلة يوفر قدرا طيبا من الحماية من DVT الذي هو تجلط الشريان العميق.
وأهم معلومة هي أن الشوكولاتة التي تصلح لتسييل الدم، وتنظم الدورة الدموية هي الصنف الأسود (فكفوا عن استخدام عبارات سخيفة مثل: مستقبلك/ نهارك أسود).
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك