الرأي الثالث
محميد المحميد
malmahmeed7@gmail.com
نواف الأحمد.. أمير التواضع والإنسانية
التواضع خلق رفيع، وهو احترام الناس وعدم الترفع عليهم.. وقال عنه الرسول الكريم: «ما تواضع أحد لله، إلا رفعه الله».. وحينما سُئل التابعي الجليل الحسن البصري: أي شيء التواضع؟ قال: يخرج المرء من بيته فلا يلقى مسلما إلا ظن أنه خير منه.
ذات يوم سأل أحد المذيعين، سمو الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح أمير دولة الكويت الراحل عن المواقف التي تؤثر فيه؟ أجاب قائلا: «حينما أرى شيخا كبيرا يطلب المساعدة في أي شي، أو طفلا مريضا يتألم، فهذا الذي يؤثر فيني، ولا أطيق أن أرى إنسانا، إلا معافا ومستجابا لطلبه».. وحينما سأله المذيع: متى آخر مرة أخذت فيها إجازة رسمية؟ أجاب قائلا: «إنني أعشق الكويت، ولا أحب السفر للخارج، وآخر إجازة رسمية أخذتها كانت في عام 1975».
يروي أحد البرلمانيين في مجلس الأمة الكويتي، وكان أحد أبرز الشخصيات التي تنتقد أداء الحكومة، أنه تقدم بطلب لعلاج عدد من المرضى إلى سمو الأمير الراحل حينما كان وزيرا، وكان البرلماني يتصور أن طلبه لن يوافق عليه نظرا لمواقفه السياسية، ولكن الشيخ نواف رحمه الله أبلغه بأنه قد وافق على الطلب فورا، لأن حاجات المواطنين ليست مجالا للمشاحنة السياسية، بل ويؤكد النائب الكويتي أن سموه رحمه الله كان دائم السؤال عن صحة المرضى.
ولا يزال أهل الكويت يتذكرون ما قاله رحمه الله حينما تقلد منصب وزير الشؤون الاجتماعية في 2 أبريل 1991، في أول حكومة بعد تحرير الكويت من الغزو الغاشم: «أنا جندي أقبل العمل في أي مكان يضعني فيه سمو أمير البلاد». وقد سارع سموه إلى اتخاذ قرارات إنسانية لرعاية الأرامل والأيتام والمسنين، كما استحدث مستشفى خاصا لنزلاء دور الرعاية.
وحينما تولى سموه رحمه الله مقاليد الحكم وأصبح أميرا للبلاد، نشر سمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، على حسابه في «تويتر»: «دعواتنا بالتوفيق والسداد لصاحب السمو الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح أمير دولة الكويت.. تواضعه وبساطته وقربه من الناس، جزء من قيم أسرة آل الصباح الكريمة»..
ولطالما كانت صور ومشاهد حضور الأمير الراحل في مساجد دولة الكويت الشقيقة، ووقوفه للصلاة بين الناس، والسلام عليهم والتوقف معهم وتبادل الحديث بكل أريحية وتواضع، محل تقدير واعتزاز لدى الجميع.. ويذكر أهالي مسجد بلال بن رباح في الكويت، ذلك المسجد الذي بناه سمو الأمير الراحل، أنه في أحد الأيام وكان الطقس حارا، وبعد أن قام سموه بالسلام على المصلين، أمر أن توزع كل المشروبات الباردة عليهم، ومن حسابه الخاص.. ولا يزال أهالي المسجد يحتفظون بالكرسي الذي كان يصلي عليه، والمصحف الشريف الذي يقرأ منه، وقد تداول الناس بالأمس صورة الكرسي والمصحف، إجلالا واحتراما ووفاء للأمير الراحل.
تبقى نقطة مهمة، توقف عندها الكثير من المحللين السياسيين، خاصة الغربيين منهم، أن الانتقال في الحكم، الهادئ والدستوري، في دولة الكويت وفي الدول الخليجية عموما، درس رفيع للدول والشعوب، وكيف يكون قيم الحب والولاء من الشعوب للقادة والحكام والبلاد.. هذا السر العجيب الذي تتمناه كل شعوب العالم.
واليوم نحن على ثقة تامة، بأن دولة الكويت الشقيقة، ستمضي قدما في مسيرة العمل والإنجاز.. وأن سمو الأمير الشيخ مشعل الأحمد الصباح هو خير خلف لخير سلف.. وأن ما بناه الأمير الراحل نواف الأحمد الصباح سيظل شاهدا وشامخا، لدولة قوية وآمنة، متماسكة ومزدهرة.
رحل الشيخ نواف الأحمد.. أمير التواضع والإنسانية، وترك سيرة عطرة، وبصمات خالدة، وإسهامات بارزة، لبلده وشعبه وأمته.. وندعو المولى عز وجل له بالرحمة والمغفرة، وأن يسكنه فسيح جناته.. وخالص التعازي وصادق المواساة للكويت الحبيبة.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك