العدد : ١٧٠٤٥ - الجمعة ٢٢ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٠ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٥ - الجمعة ٢٢ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٠ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

زاوية غائمة

جعفـــــــر عبــــــــاس

jafasid09@hotmail.com

نقلونا من مصاف القردة إلى الخنازير

أكدت‭ ‬جميع‭ ‬الحفريات‭ ‬والدراسات‭ ‬أن‭ ‬أجداد‭ ‬جميع‭ ‬بني‭ ‬البشر‭ ‬من‭ ‬القارة‭ ‬التي‭ ‬صارت‭ ‬تعرف‭ ‬بإفريقيا،‭ ‬وفي‭ ‬مقابلة‭ ‬مع‭ ‬شبكة‭ ‬سي‭ ‬إن‭ ‬إن‭ ‬الأمريكية‭ ‬في‭ ‬مطلع‭ ‬ديسمبر‭ ‬الجاري‭ ‬أكد‭ ‬فريق‭ ‬من‭ ‬علماء‭ ‬الإنثروبولوجيا‭ (‬علم‭ ‬السلالات‭ ‬والأنساب‭) ‬أن‭ ‬الأفارقة‭ ‬من‭ ‬جنوب‭ ‬الصحراء‭ ‬الكبرى‭ ‬هم‭ ‬نسل‭ ‬آدم‭ ‬وحواء‭ ‬الأصليون،‭ ‬وكان‭ ‬لذلك‭ ‬وقع‭ ‬خاص‭ ‬لدي‭ ‬بوصفي‭ ‬ناطقا‭ ‬باسم‭ ‬النوبيين‭ ‬والإثيوبيين‭ ‬والحوتيين‭- ‬والطوارق‭ ‬والهوتو‭ ‬والزولو‭ ‬والتوتسي‭ ‬والبيبسي،‭ ‬ولكن‭ ‬ماذا‭ ‬أفعل‭ ‬في‭ ‬الإمبريالية‭ ‬العالمية‭ ‬التي‭ ‬ظلت‭ ‬تستهدفني‭ ‬وتجهض‭ ‬تطلعاتي‭. (‬الحوتيون‭ ‬نفر‭ ‬من‭ ‬السودان‭ ‬من‭ ‬عشاق‭ ‬مطرب‭ ‬راحل‭ ‬اسمه‭ ‬محمود‭ ‬عبد‭ ‬العزيز‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬يلقب‭ ‬بـ«الحوت‮»‬‭).‬

ففي‭ ‬ذات‭ ‬يوم‭ ‬أحد‭ ‬قريب‭ ‬طرحت‭ ‬علينا‭ ‬‮«‬الصنداي‭ ‬تايمز‮»‬‭ (‬لعن‭ ‬الله‭ ‬حاملها‭ ‬وشاريها‭) ‬بتقرير‭ ‬يقول‭ ‬إن‭ ‬الكائن‭ ‬الذي‭ ‬انحدر‭ ‬منه‭ ‬الإنسان‭ ‬‮«‬خنزير‮»‬‭ ‬كان‭ ‬يعيش‭ ‬في‭ ‬صحراء‭ ‬جنوب‭ ‬إفريقيا،‭ ‬في‭ ‬العصر‭ ‬ما‭ ‬قبل‭ ‬الجيوراسي‭. ‬يعني‭ ‬قالوا‭ ‬جدكم‭ ‬كان‭ ‬قردا‭ ‬فسكتنا‭ ‬على‭ ‬مضض،‭ ‬ولكن‭ ‬‮«‬خنزير»؟‭ ‬لا‭ ‬هذه‭ ‬كثيرة‭ ‬وكبيرة Too Much.‭ ‬هل‭ ‬يستطيع‭ ‬أحدكم‭ ‬أن‭ ‬يقنعني‭ ‬أن‭ ‬جدة‭ ‬ليلي‭ ‬علوي‭ ‬وباميلا‭ ‬أندرسون‭ ‬‮«‬خنزيرة‮»‬؟‭ ‬مستحيل‭.. ‬بالطبع‭ ‬هذا‭ ‬لا‭ ‬ينفي‭ ‬أن‭ ‬بعض‭ ‬الناس‭ ‬‮«‬خنازير‮»‬‭ ‬حتى‭ ‬إن‭ ‬كان‭ ‬أسلافهم‭ ‬‮«‬أولاد‭ ‬ناس‮»‬‭.‬

يعني‭ ‬لو‭ ‬ترددت‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬المزاعم‭ ‬بعد‭ ‬ألف‭ ‬سنة‭ ‬وذكر‭ ‬العلماء‭ ‬وقتها‭ ‬أنهم‭ ‬عثروا‭ ‬على‭ ‬أحفوريات‭ ‬في‭ ‬بريطانيا‭ ‬تدل‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬أصل‭ ‬الإنسان‭ ‬‮«‬خروف‮»‬‭ ‬لكان‭ ‬ذلك‭ ‬معقولا،‭ ‬لأن‭ ‬الجماعة‭ ‬الذين‭ ‬عملوا‭ ‬على‭ ‬استنساخ‭ ‬أول‭ ‬كائن‭ ‬حي‭ (‬النعجة‭ ‬دوللي‭). ‬والجماعة‭ ‬التي‭ ‬تعمل‭ ‬على‭ ‬زرع‭ ‬جينات‭ ‬بشرية‭ ‬في‭ ‬النعاج‭ ‬والخنازير،‭ ‬لن‭ ‬يتوقفوا‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬ينتجوا‭ ‬كائنا‭ ‬هجينا‭ ‬تغلب‭ ‬عليه‭ ‬صفات‭ ‬وخصائص‭ ‬النعاج‭. ‬ولعلكم‭ ‬تذكرون‭ ‬الجهود‭ ‬الخيرة‭ ‬التي‭ ‬قام‭ ‬بها‭ ‬مواطن‭ ‬يمني‭ ‬لتزويج‭ ‬كبشه‭ ‬بالآنسة‭ ‬دوللي‭ ‬واتصالاته‭ ‬بالمسؤولين‭ ‬الدوليين‭ ‬والسفراء‭ ‬الأجانب‭ ‬في‭ ‬صنعاء‭ ‬لإتمام‭ ‬تلك‭ ‬الزيجة،‭ ‬ولكن‭ ‬ماذا‭ ‬نفعل‭ ‬مع‭ ‬الغرب‭ ‬المتغطرس؟‭ ‬لقد‭ ‬رفضت‭ ‬دوللي‭ ‬الكبش‭ ‬اليمني‭ ‬بحجة‭ ‬أنه‭ ‬لا‭ ‬يجيد‭ ‬الانكليزية‭ ‬وأنه‭ ‬غير‭ ‬كفء‭! ‬وواقع‭ ‬الأمر‭ ‬أن‭ ‬دوللي‭ (‬ماتت‭ ‬في‭ ‬فبراير‭ ‬2003‭) ‬كانت‭ ‬عنصرية‭ ‬مثل‭ ‬أسيادها،‭ ‬ورفضت‭ ‬الخروف‭ ‬الصنعاني‭ ‬لأنه‭ ‬أسمر‭ ‬البشرة‭.‬

على‭ ‬كل‭ ‬حال‭ ‬دوللي‭ ‬كانت‭ ‬هي‭ ‬الخاسرة،‭ ‬فلو‭ ‬أتت‭ ‬لتعيش‭ ‬بين‭ ‬ظهرانينا‭ ‬لما‭ ‬أحست‭ ‬بالغربة‭ ‬أو‭ ‬أي‭ ‬نوع‭ ‬من‭ ‬التمييز،‭ ‬لأنها‭ ‬كانت‭ ‬ستجد‭ ‬نفسها‭ ‬محاطة‭ ‬بملايين‭ ‬‮«‬النعاج‮»‬‭ ‬الوديعة‭ ‬التي‭ ‬تأكل‭ ‬التبن‭ ‬وتساق‭ ‬إلى‭ ‬حتوفها‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬تقول‭ ‬‮«‬بِغم‮»‬،‭ ‬نعاج‭ ‬مبرمجة‭ ‬بحيث‭ ‬لا‭ ‬تخرج‭ ‬من‭ ‬زرائبها‭ ‬حتى‭ ‬لو‭ ‬تركوا‭ ‬لها‭ ‬الأبواب‭ ‬مفتوحة‭. ‬بل‭ ‬إن‭ ‬دوللي‭ ‬كانت‭ ‬ستحظى‭ ‬بمعاملة‭ ‬خاصة‭ ‬لأن‭ ‬النعاج‭ ‬عندنا‭ ‬وأسيادها‭ ‬ضعيفون‭ ‬أمام‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬أوروبي‭ ‬وغربي،‭ ‬وعندنا‭ ‬يتبجح‭ ‬زيد‭ ‬أو‭ ‬عبيد‭ ‬بأن‭ ‬كلبه‭ ‬من‭ ‬هولندا‭. ‬طيب‭ ‬وأنا‭ ‬كلبي‭ ‬من‭ ‬أم‭ ‬درمان‭ ‬وينبح‭. ‬ويتبول‭ ‬على‭ ‬عمود‭ ‬الكهرباء‭ ‬كما‭ ‬الهولندي‭. ‬على‭ ‬كل‭ ‬حال‭ ‬سأصطحب‭ ‬كلبي‭ ‬معي‭ ‬إلى‭ ‬أمريكا‭ ‬بعدما‭ ‬تعطيني‭ ‬‮«‬القرعة‮»‬‭ ‬البطاقة‭ ‬الخضراء‭. ‬وهناك‭ ‬في‭ ‬أمريكا‭ ‬سأقوم‭ ‬باستنساخ‭ ‬كلاب‭ ‬كثيرة‭ ‬منه‭ ‬وإعادتها‭ ‬إلى‭ ‬الوطن‭ ‬العربي‭ ‬لتنهش‭ ‬لحوم‭ ‬النعاج‭ ‬الوديعة‭.‬

وإذا‭ ‬لم‭ ‬تأخذني‭ ‬القرعة‭ ‬إلى‭ ‬أمريكا‭ ‬فلربما‭ ‬أذهب‭ ‬إلى‭ ‬إسرائيل‭ (‬الكيان‭ ‬الصهيوني‭ ‬سابقًا‭) ‬لأعيش‭ ‬في‭ ‬أمن‭ ‬وسلام‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬الجليل‭ ‬بالتحديد،‭ ‬حيث‭ ‬أقام‭ ‬المهاريشي‭ ‬يوغي‭ ‬قرية‭ ‬ضخمة‭ ‬‮«‬للتأمل‮»‬‭ ‬تتسع‭ ‬لسبعة‭ ‬آلاف‭ ‬شخص‭ ‬يتعلمون‭ ‬فيها‭ ‬‮«‬قتل‭ ‬العداوة‭ ‬بدلاً‭ ‬من‭ ‬قتل‭ ‬العدو‮»‬،‭ ‬وتقول‭ ‬وكالات‭ ‬الأنباء‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬القرية‭ ‬أجمل‭ ‬من‭ ‬أوسلو،‭ ‬التي‭ ‬هي‭ ‬مسقط‭ ‬رأس‭ ‬اتفاق‭ ‬غزة‭ - ‬أريحا،‭ ‬الذي‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬قط‭ ‬مريحا‭ ‬للفلسطينيين،‭ ‬ثم‭ ‬ها‭ ‬هي‭ ‬إسرائيل‭ ‬تدك‭ ‬غزة‭ ‬من‭ ‬أقصاها‭ ‬الى‭ ‬أقصاها،‭ ‬بهدف‭ ‬معلن‭ ‬هو‭ ‬‮«‬تحقيق‭ ‬السلام‮»‬‭ ‬ولهذا‭ ‬تستهدف‭ ‬الأطفال‭ ‬لعلمها‭ ‬أن‭: ‬أجمل‭ ‬الأطفال‭ ‬قادمون‭ ‬ساعة‭ ‬فساعة‭/ ‬عيونهم‭ ‬أشد‭ ‬من‭ ‬عيوننا‭ ‬بريقا‭ / ‬صدورهم‭ ‬بما‭ ‬وهبت‭ ‬أكثر‭ ‬اتساعا‭/ ‬وحينما‭ ‬يكبرون‭ ‬يا‭ ‬أبي‭ ‬سيوفهم‭ ‬تزيد‭ ‬من‭ ‬سيوفك‭ ‬الطوال‭ ‬طولا‭/ ‬لأن‭ ‬بذرة‭ ‬الحياة‭ ‬ليست‭ ‬الرصاص‭/ ‬لأن‭ ‬بذرة‭ ‬الحياة‭ ‬ليست‭ ‬الرصاص

والمجد‭ ‬لأطفال‭ ‬غزة‭ ‬والزيتون‭.‬

إقرأ أيضا لـ"جعفـــــــر عبــــــــاس"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا