زاوية غائمة
جعفـــــــر عبــــــــاس
jafasid09@hotmail.com
نقلونا من مصاف القردة إلى الخنازير
أكدت جميع الحفريات والدراسات أن أجداد جميع بني البشر من القارة التي صارت تعرف بإفريقيا، وفي مقابلة مع شبكة سي إن إن الأمريكية في مطلع ديسمبر الجاري أكد فريق من علماء الإنثروبولوجيا (علم السلالات والأنساب) أن الأفارقة من جنوب الصحراء الكبرى هم نسل آدم وحواء الأصليون، وكان لذلك وقع خاص لدي بوصفي ناطقا باسم النوبيين والإثيوبيين والحوتيين- والطوارق والهوتو والزولو والتوتسي والبيبسي، ولكن ماذا أفعل في الإمبريالية العالمية التي ظلت تستهدفني وتجهض تطلعاتي. (الحوتيون نفر من السودان من عشاق مطرب راحل اسمه محمود عبد العزيز الذي كان يلقب بـ«الحوت»).
ففي ذات يوم أحد قريب طرحت علينا «الصنداي تايمز» (لعن الله حاملها وشاريها) بتقرير يقول إن الكائن الذي انحدر منه الإنسان «خنزير» كان يعيش في صحراء جنوب إفريقيا، في العصر ما قبل الجيوراسي. يعني قالوا جدكم كان قردا فسكتنا على مضض، ولكن «خنزير»؟ لا هذه كثيرة وكبيرة Too Much. هل يستطيع أحدكم أن يقنعني أن جدة ليلي علوي وباميلا أندرسون «خنزيرة»؟ مستحيل.. بالطبع هذا لا ينفي أن بعض الناس «خنازير» حتى إن كان أسلافهم «أولاد ناس».
يعني لو ترددت مثل هذه المزاعم بعد ألف سنة وذكر العلماء وقتها أنهم عثروا على أحفوريات في بريطانيا تدل على أن أصل الإنسان «خروف» لكان ذلك معقولا، لأن الجماعة الذين عملوا على استنساخ أول كائن حي (النعجة دوللي). والجماعة التي تعمل على زرع جينات بشرية في النعاج والخنازير، لن يتوقفوا قبل أن ينتجوا كائنا هجينا تغلب عليه صفات وخصائص النعاج. ولعلكم تذكرون الجهود الخيرة التي قام بها مواطن يمني لتزويج كبشه بالآنسة دوللي واتصالاته بالمسؤولين الدوليين والسفراء الأجانب في صنعاء لإتمام تلك الزيجة، ولكن ماذا نفعل مع الغرب المتغطرس؟ لقد رفضت دوللي الكبش اليمني بحجة أنه لا يجيد الانكليزية وأنه غير كفء! وواقع الأمر أن دوللي (ماتت في فبراير 2003) كانت عنصرية مثل أسيادها، ورفضت الخروف الصنعاني لأنه أسمر البشرة.
على كل حال دوللي كانت هي الخاسرة، فلو أتت لتعيش بين ظهرانينا لما أحست بالغربة أو أي نوع من التمييز، لأنها كانت ستجد نفسها محاطة بملايين «النعاج» الوديعة التي تأكل التبن وتساق إلى حتوفها دون أن تقول «بِغم»، نعاج مبرمجة بحيث لا تخرج من زرائبها حتى لو تركوا لها الأبواب مفتوحة. بل إن دوللي كانت ستحظى بمعاملة خاصة لأن النعاج عندنا وأسيادها ضعيفون أمام كل ما هو أوروبي وغربي، وعندنا يتبجح زيد أو عبيد بأن كلبه من هولندا. طيب وأنا كلبي من أم درمان وينبح. ويتبول على عمود الكهرباء كما الهولندي. على كل حال سأصطحب كلبي معي إلى أمريكا بعدما تعطيني «القرعة» البطاقة الخضراء. وهناك في أمريكا سأقوم باستنساخ كلاب كثيرة منه وإعادتها إلى الوطن العربي لتنهش لحوم النعاج الوديعة.
وإذا لم تأخذني القرعة إلى أمريكا فلربما أذهب إلى إسرائيل (الكيان الصهيوني سابقًا) لأعيش في أمن وسلام في منطقة الجليل بالتحديد، حيث أقام المهاريشي يوغي قرية ضخمة «للتأمل» تتسع لسبعة آلاف شخص يتعلمون فيها «قتل العداوة بدلاً من قتل العدو»، وتقول وكالات الأنباء أن هذه القرية أجمل من أوسلو، التي هي مسقط رأس اتفاق غزة - أريحا، الذي لم يكن قط مريحا للفلسطينيين، ثم ها هي إسرائيل تدك غزة من أقصاها الى أقصاها، بهدف معلن هو «تحقيق السلام» ولهذا تستهدف الأطفال لعلمها أن: أجمل الأطفال قادمون ساعة فساعة/ عيونهم أشد من عيوننا بريقا / صدورهم بما وهبت أكثر اتساعا/ وحينما يكبرون يا أبي سيوفهم تزيد من سيوفك الطوال طولا/ لأن بذرة الحياة ليست الرصاص/ لأن بذرة الحياة ليست الرصاص
والمجد لأطفال غزة والزيتون.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك