العدد : ١٧٠٤٨ - الاثنين ٢٥ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٣ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٨ - الاثنين ٢٥ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٣ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

زاوية غائمة

جعفـــــــر عبــــــــاس

jafasid09@hotmail.com

لهم الملايين ولي الملاليم *

مع‭ ‬قرب‭ ‬نهاية‭ ‬كل‭ ‬عام‭ ‬تقويمي‭ (‬وأكرر‭ ‬للمرة‭ ‬الـ66653‭ ‬إن‭ ‬الصحيح‭ ‬هو‭ ‬ان‭ ‬نقول‭ ‬عما‭ ‬نسميه‭ ‬بالعام‭ ‬الميلادي‭ ‬إنه‭ ‬عام‭ ‬تقويمي‭ ‬calendar year)،‭ ‬المهم‭ ‬أنني‭ ‬وعند‭ ‬نهايات‭ ‬السنة‭ ‬ابحث‭ ‬عن‭ ‬أبرز‭ ‬ما‭ ‬حدث‭ ‬فيها‭ ‬من‭ ‬إخفاقات‭ ‬ونجاحات‭ ‬وأحداث‭ ‬مهمة،‭ ‬ولسبب‭ ‬لا‭ ‬أفهمه‭ ‬فإنني‭ ‬حريص‭ ‬أيضا‭ ‬على‭ ‬الاطلاع‭ ‬على‭ ‬القائمة‭ ‬السنوية‭ ‬لأثرياء‭ ‬العالم‭ ‬وتحديدا‭ ‬المليارديرات‭ ‬في‭ ‬مجلة‭ ‬فوربس‭ ‬الأمريكية،‭ ‬ومنذ‭ ‬بضعة‭ ‬أيام‭ ‬وأنا‭ ‬مشغول‭ ‬بقراءة‭ ‬ملحق‭ ‬أصدرته‭ ‬صحيفة‭ ‬‮«‬صنداي‭ ‬تايمز‮»‬‭ ‬اللندنية،‭ ‬عن‭ ‬أغنى‭ ‬الأغنياء‭ ‬على‭ ‬أمل‭ ‬أن‭ ‬ينتقل‭ ‬فيروس‭ ‬الشراء‭ ‬إلى‭ ‬جسمي‭ ‬عبر‭ ‬الاحتكاك‭ ‬المباشر‭ ‬بأسماء‭ ‬وصور‭ ‬الأغنياء،‭ ‬وكلما‭ ‬رأيت‭ ‬المليارديرات‭ ‬بوجوههم‭ ‬المكرمشة‭ ‬والمجعدة‭ ‬صحت‭: ‬خلاص‭ ‬يا‭ ‬جماعة‭ ‬شبعتم‭ ‬بملايينكم‭ ‬المتلتلة،‭ ‬فأعطوني‭ ‬بعض‭ ‬‮«‬الكسور‮»‬‭ ‬من‭ ‬ثرواتكم‭ ‬لأخرج‭ ‬مما‭ ‬أنا‭ ‬فيه‭ ‬من‭ ‬تلتلة‭ (‬التلتلة‭ ‬في‭ ‬السودان‭ ‬هي‭ ‬البهدلة‭ ‬والشيء‭ ‬المتلتل‭ ‬هو‭ ‬الكثير‭ ‬عددا‭).‬

الله‭ ‬يرحمك‭ ‬يا‭ ‬أبي،‭ ‬يعني‭ ‬لو‭ ‬أنشأت‭ ‬مصنعا‭ ‬للسيارات‭ ‬أو‭ ‬الطائرات‭ ‬أو‭ ‬حتى‭ ‬مطبعة‭ ‬بدلاً‭ ‬من‭ ‬إدارة‭ ‬مطعم‭ ‬بائس‭ ‬في‭ ‬مدينة‭ ‬كوستي،‭ ‬لما‭ ‬كنت‭ ‬اليوم‭ ‬ألهث‭ ‬وراء‭ ‬بيل‭ ‬غيتس‭ ‬وعوانس‭ ‬هوليوود‭ ‬ذوات‭ ‬المال‭ ‬وبعض‭ ‬الجمال‭. ‬ومع‭ ‬هذا‭ ‬فقد‭ ‬قرأت‭ ‬ذلك‭ ‬الملحق‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬تحرقني‭ ‬نيران‭ ‬الحسد،‭ ‬ولكن‭ ‬ما‭ ‬إن‭ ‬قرأت‭ ‬تقريرًا‭ ‬في‭ ‬جريدة‭ ‬‮«‬أوبزيرفر‮»‬‭ ‬حول‭ ‬مليونيرات‭ ‬بريطانيا‭ ‬دون‭ ‬سن‭ ‬الثلاثين‭ ‬حتى‭ ‬احمرت‭ ‬خدودي‭ ‬من‭ ‬الحسد‭ ‬والحقد‭ (‬تخيل،‭ ‬أي‭ ‬درجة‭ ‬من‭ ‬الحسد‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تجعل‭ ‬خد‭ ‬زول‭ ‬مثلي‭ ‬–‭ ‬أنظر‭ ‬صورتي‭ -‬يكتسب‭ ‬اللون‭ ‬الأحمر؟‭)‬،‭ ‬ولد‭ ‬صايع‭ ‬اسمه‭ ‬دان‭ ‬مكميلان‭ ‬ورث‭ ‬عن‭ ‬أبيه‭ ‬200‭ ‬مليون‭ ‬جنيه‭ ‬إسترليني‭ ‬يعني‭ ‬زيليون‭ ‬تريليون‭ ‬جنيه‭ ‬سوداني‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬يفعل‭ ‬شيئًا‭!! ‬الله‭ ‬يرحمك‭ ‬يا‭ ‬أبي‭: ‬ماذا‭ ‬أورثتني؟‭ ‬أفواها‭ ‬كلما‭ ‬ملأتها‭ ‬صاحت‭ ‬مثل‭ ‬جهنم‭: ‬هل‭ ‬من‭ ‬مزيد؟‭ ‬منزلا‭ ‬متهالكا‭ ‬كله‭ ‬أزقة‭ ‬وحواري‭ ‬وكأنما‭ ‬رسم‭ ‬خريطته‭ ‬مخترع‭ ‬المكرونة‭ ‬الأسباغيتي؟‭ ‬سقفه‭ ‬يطقطق‭ ‬في‭ ‬الصيف‭ ‬مسبحا‭ ‬بحمد‭ ‬الله،‭ ‬حتى‭ ‬خشينا‭ ‬ان‭ ‬يسجد‭ ‬فبعناه‭ ‬طلبا‭ ‬للسلامة‭.‬

أما‭ ‬أيرل‭ ‬آيفي‭ ‬فقد‭ ‬ورث‭ ‬عن‭ ‬أبيه‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬ملياري‭ ‬جنيه‭ ‬إسترليني،‭ ‬يعني‭ ‬لو‭ ‬أعطاني‭ ‬ألف‭ ‬جنيه‭ ‬يوميا‭ ‬نستطيع‭ ‬أن‭ ‬نعيش‭ ‬أنا‭ ‬وهو‭ ‬وأحفادنا‭ ‬في‭ ‬بحبوحة‭ ‬طوال‭ ‬القرن‭ ‬الحادي‭ ‬والعشرين،‭ ‬وبثروة‭ ‬كهذه‭ (‬ألف‭ ‬جنيه‭ ‬إسترليني‭ ‬يوميا‭) ‬سأستنسخ‭ ‬نفسي‭ ‬لأعطيها‭ ‬فرصة‭ ‬أن‭ ‬تعيش‭ ‬طفولة‭ ‬منعمة‭ ‬لاستمتع‭ ‬باللعب‭ ‬بالدمي‭ ‬والالكترونيات‭ ‬بدلاً‭ ‬من‭ ‬اللعب‭ ‬بالطين‭ ‬الذين‭ ‬كنا‭ ‬نأكل‭ ‬نصفه‭.‬

ومن‭ ‬بين‭ ‬مليونيرات‭ ‬بريطانيا‭ ‬وأحد‭ ‬مسلم‭ ‬اسمه‭ ‬طاهر‭ ‬محسن‭ ‬جمع‭ ‬27‭ ‬مليون‭ ‬جنيه‭ ‬إسترليني‭ ‬من‭ ‬بيع‭ ‬الكمبيوترات،‭ ‬ومنذ‭ ‬عشرين‭ ‬سنة‭ ‬وأنا‭ ‬أبيع‭ ‬المقالات‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬أتمكن‭ ‬من‭ ‬جمع‭ ‬17‭ ‬ألف‭ ‬دولار،‭ ‬مع‭ ‬أن‭ ‬المقالات‭ ‬من‭ ‬إعدادي‭ ‬وإنتاجي‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬أن‭ ‬طاهر‭ ‬يبيع‭ ‬جهد‭ ‬وإنتاج‭ ‬الآخرين‭!! ‬يخيل‭ ‬إليّ‭ ‬أن‭ ‬المشكلة‭ ‬تكمن‭ ‬في‭ ‬الجينات‭ ‬وجوازات‭ ‬السفر‭!! ‬يعني‭ ‬لو‭ ‬قمت‭ ‬ببيع‭ ‬كمبيوترات‭ ‬في‭ ‬السودان‭ ‬قد‭ ‬أجمع‭ ‬27‭ ‬مليون‭ ‬جنيه‭ ‬سوداني‭ (‬نحو‭ ‬3‭ ‬آلاف‭ ‬إسترليني‭)‬،‭ ‬يعني‭ ‬مفيش‭ ‬فايدة‭!! ‬والحل؟‭.. ‬الحل‭ ‬هو‭ ‬أن‭ ‬أحصل‭ ‬على‭ ‬جواز‭ ‬سفر‭ ‬لدولة‭ ‬عضو‭ ‬في‭ ‬حلف‭ ‬الناتو‭ ‬أي‭ ‬الأطلسي‭!! ‬ولكن‭ ‬كيف؟‭ ‬لا‭ ‬بد‭ ‬من‭ ‬عملية‭ ‬زرع‭ ‬جلد‭ ‬أبيض‭ ‬ونقل‭ ‬رأس،‭ ‬أي‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬رأس‭ ‬أشقر‭ ‬بأنف‭ ‬لا‭ ‬يحتل‭ ‬نصف‭ ‬الوجه‭! ‬ونقل‭ ‬رأس‭ ‬أبيض‭ ‬إلى‭ ‬جسمي‭ ‬من‭ ‬شخص‭ ‬مات‭ ‬دماغيا،‭ ‬معقولة‭ ‬في‭ ‬أحد‭ ‬جوانبها،‭ ‬ولكنها‭ ‬تعني‭ ‬أن‭ ‬أخضع‭ ‬للذبح‭ ‬في‭ ‬مستشفى‭ ‬أوروبي،‭ ‬ولكن‭ ‬من‭ ‬يضمن‭ ‬لي‭ ‬أنهم‭ ‬سيذبحونني‭ ‬بالطريقة‭ ‬الحلال،‭ ‬ثم‭ ‬ان‭ ‬اكتساب‭ ‬رأس‭ ‬أبيض‭ ‬على‭ ‬جسم‭ ‬أسمر‭ ‬كاكاوي‭ ‬ستجعل‭ ‬شكلي‭ ‬مخيفا،‭ ‬وبالتالي‭ ‬لا‭ ‬بد‭ ‬أن‭ ‬ينقلوا‭ ‬لي‭ ‬جلد‭ ‬شخص‭ ‬أبيض‭ ‬بعد‭ ‬تقشير‭ ‬جلدي‭ ‬كالح‭ ‬اللون،‭ ‬وليفعلوا‭ ‬ذلك‭ ‬لا‭ ‬بد‭ ‬من‭ ‬سلخ‭ ‬جلد‭ ‬ذلك‭ ‬الشخص،‭ ‬ولو‭ ‬أعطوني‭ ‬كنوز‭ ‬الدنيا‭ ‬وكان‭ ‬بقائي‭ ‬على‭ ‬قيد‭ ‬الحياة‭ ‬يتوقف‭ ‬على‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬جلد‭ ‬آدمي‭ ‬بغيض‭ ‬الى‭ ‬نفسي‭ ‬مثل‭ ‬نتنياهو،‭ ‬لرفضت‭.‬

بالمناسبة‭ ‬يوم‭ ‬1‭ ‬سبتمبر‭ ‬الذي‭ ‬مضى‭ ‬كان‭ ‬ذكرى‭ ‬يوم‭ ‬مولدي،‭ ‬وكما‭ ‬ظللت‭ ‬أقول‭ ‬كل‭ ‬عام‭: ‬لو‭ ‬كان‭ ‬فيكم‭ ‬خير‭ ‬يا‭ ‬قراء‭ ‬وقارئات،‭ ‬وكل‭ ‬واحد‭ ‬منكم‭ ‬دفع‭ ‬دينارا‭ ‬إضافيا‭ ‬عند‭ ‬شراء‭ ‬نسخة‭ ‬من‭ ‬الجريدة‭ ‬أو‭ ‬الاطلاع‭ ‬على‭ ‬النسخة‭ ‬الإلكترونية،‭ ‬كانت‭ ‬حصتي‭ ‬منها‭ ‬بضعة‭ ‬آلاف‭ ‬من‭ ‬الدنانير‭ ‬البحرينية‭ ‬التي‭ ‬ستجعلني‭ ‬مليارديرا‭ ‬عند‭ ‬ترجمتها‭ ‬الى‭ ‬الجنيه‭ ‬السوداني‭.‬

* المليم‭ ‬في‭ ‬العملتين‭ ‬المصرية‭ ‬والسودانية‭ ‬يساوي‭ ‬واحدا‭ ‬على‭ ‬الألف‭ ‬من‭ ‬الجنيه‭.‬

إقرأ أيضا لـ"جعفـــــــر عبــــــــاس"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا