عالم يتغير
فوزية رشيد
الفلسطينيون أقوياء مثل السماء الزرقاء!
{ غطس العالم كله مدة «سبعة أسابيع» في عجز غريب ومريب! انكشفت معه حقيقة مؤسسات المجتمع الدولي والقوانين الدولية ومبادئ الغرب وشعاراته الزائفة عن حقوق الإنسان والطفل والمرأة والصحة والتعليم! واتضح أن كل ذلك كان مجرد شعارات قد تصلح للوجاهة الاجتماعية! أو للادعاء بالتقدم والرقي، وأنها تحتكم إلى المعايير المزدوجة ونفاق المبادئ وعبودية أغلب قادة دول العالم لأجندات (النخبة الشيطانية) التي جعلت العالم كله يتفرج ويرضخ للممارسات الوحشية الصهيونية وحرب الإبادة والقتل الجماعي! دون أن يتمكن من التدخل الدولي أو الأممي عبر الأمم المتحدة، رغم الاجتماعات! لأن ببساطة هيمنة أمريكا وبريطانيا والغرب، كانت مع حرب الإبادة تلك و(الإفلاس الأخلاقي والإنساني) الذي وصم بعاره العالم كله بعد العدوان على غزة، لتطل القوانين والمبادئ والشعارات والحريات والحقوق، والإنسانية والأخلاق، وهي تنازع أنفاسها الأخيرة تحت الأنقاض وفوق الركام، مع الأطفال والنساء والشيوخ والمرضى! كانت بالفعل كارثة وإن لم يقبل «الكيان الصهيوني» (وقف العدوان نهائيا) فالعالم على موعد آخر مع البربرية والهمجية المنقولة لحظة بلحظة على الشاشات!
{ صغر العالم كثيراً في تلك (الأسابيع السبعة) ولا يزال يصغر! فيما وحدهم أهل غزة والضفة وفصائل المقاومة الفلسطينية، وحدهم هم الأقوياء ووحدهم الأحياء في عالم الزيف وديكورات التقدم والتحضر، التي أخفت خلف أقنعتها وحشية منقطعة النظير! من لمس ذلك وبذهول وصدمة وتساؤل هي شعوب العالم (من أين يأتي هؤلاء الفلسطينيون بكل هذه القوة الروحية والمعنوية والصمود، وهم محاصرون بالموت بأبشع الطرق؟! كيف يحملون جثث أطفالهم وأشلاءهم بين أيديهم ويقولون «الحمد لله»! أية معجزة هذه، وأي فعل صمود خارق للعادة يقوم به أهل غزة كل يوم، وهم تحت حصار التجويع والتعطيش والقتل في المستشفيات، ورغم ذلك يتشبثون بأرضهم ويفشلون مخطط التهجير! من هؤلاء؟!).
{ لم يقتصر الذهول على شعوب العالم وكثرة الفيديوهات حول ذلك!.. بل انسحب على «الرهائن» الذين تمت مبادلتهم بأسرى السجون «الإسرائيلية» لينقل هؤلاء الانطباعات التي بدورها أدهشت العالم! (فكيف بإمكان الرهائن أن يتعاطفوا مع مختطفيهم في الأنفاق طوال «سبعة أسابيع» وليعبّروا لهم بالشكر والامتنان)؟!
وأمام العجائب التي فجرتها «غزة» في العالم، وكشفت وفضحت حقيقة عبوديته للمتحكمين الشيطانيين! فجرت «غزة» قوة أهلها وأخلاق مقاوميها المستمدة بدورها من التعاليم الإسلامية، وفي سابقة في تاريخ الحروب والتاريخ بشكل عام، نشأت علاقات إنسانية ومودة ومحبة مع كل الرهائن الذين خرجوا، والعالم رأى وسمع المقاتل الملثم وهو يوصل الرهينة «مايا» ويقول لها مودعاً (باي مايا) وهي تردّ عليه (باي.. شكراً)! والعالم رأى صورة الأم وابنتها في الفيديو المصوّر وهما رهينتان أُطلق سراحهما وتحفظان وترددان (سورة قرآنية) وهما في حالة سكون وطمأنينة! والعالم قرأ (رسالة شكر) من الأم التي شكرت المقاومة بكلمات عرفان مهيبة، وهي تشير إلى أن ابنتها الصغيرة وهي وكل الرهائن كانوا محط عناية المقاتلين، وأن ابنتها كان يتم التعامل معها على أنها ملكة في غزة! بل إن الصغيرة طلبت بعد ذلك العودة إلى المقاتلين!
{ العالم كله قرأ أيضاً رسالة «الإسرائيلي» بالعبرية والعربية، وهو يثني على اهتمام المقاتلين بأمه المريضة البالغة من العمر (85 عاماً) وكانت تعاني من أمراض عديدة ولم تكن معها أدويتها، ولكنها حين خرجت بعد ما يقارب الشهرين كانت بصحة أفضل وقد عالجتها المقاومة بأدويتها! وليقول (إن مستشفيات إسرائيل لم تشخص مرضها جيدا ولذلك كانت أدويتهم فاشلة، فيما المقاتلون شخصّوا المرض بشكل صحيح وأعطوها الدواء المناسب) وهي رسالة شكر أخرى!
{ قصص كثيرة أخرى لا يتسع لها المجال، كشفت أمام العالم أخلاقيات المقاومة وهي «أخلاق الإسلام، فإلى جانب صلابتهم القتالية التي لقنوا عساكر العدو الصهيوني وجنوده دروساً كثيرة، فهم (إنسانيون وأخلاقيون ودمثون بأعلى الدرجات) وكل ذلك فضح في العالم ادعاءات «العدو الصهيوني» على أنهم قساة وحيوانات ونازيون ومتوحشون.. إلخ وهي الأوصاف التي انطبقت على الصهاينة في السجون وليس على فصائل المقاومة! وخاصة أن قصص «الأسرى الفلسطينيين» الذين خرجوا من سجونهم فضحت (أخلاقيات الصهاينة) وتعاملهم الوحشي معهم، ما بين ضرب وتكسير عظام وحرق وتجويع، بل وحتى مصادرة الحلوى من بيوت المفرج عنهم منعاً للاحتفال! هكذا رأى العالم الإسلام وهكذا رأى الصهيونية!
{ شعوب العالم كلها أدركت حقيقة القضية الفلسطينية، وأدركت عبر الشهادات الحيّة و(الممنوعة على «الرهان الإسرائيليين») وقليل منهم جازف وشهد وكشف الحقيقة! ولذلك (أصبحت «غزة» أيقونة العالم في طلب العدالة والصمود والشجاعة وقوة الإيمان، والأخلاق والإنسانية)! ولهذا دخل الكثيرون من كل شعوب العالم الإسلام حين رأوا النموذج له! ولهذا مجّد الفنانون والكتّاب والنخب الشعبية والمفكرون عبر العالم نضال الشعب الفلسطيني، ومقاومته الصهيونية! في أمريكا نشرت المغنية الأمريكية (كيلاني) منشوراً أشبه بقصيدة تمجّد أخلاق الفلسطينيين وقالت (لو كنت تعرف الفلسطينيين، لعرفت كم هم مسالمون، ولكنت انغمست في شخصهم اللطيف وقلوبهم المضيافة بما فيه الكفاية، لتخبر العالم كم هم محبون حتى في خضّم أحزانهم وآلامهم، إنك ستعرف الحقيقة بأن الفلسطينيين أقوياء مثل السماء الزرقاء)! وهكذا أصبح العالم يراهم!
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك