العدد : ١٦٨٣٩ - الثلاثاء ٣٠ أبريل ٢٠٢٤ م، الموافق ٢١ شوّال ١٤٤٥هـ

العدد : ١٦٨٣٩ - الثلاثاء ٣٠ أبريل ٢٠٢٤ م، الموافق ٢١ شوّال ١٤٤٥هـ

مقال رئيس التحرير

أنـــور عبدالرحمــــــن

فليحـــذر الـــعـــالم مـــن غياب الأمـــل فـــي الســلام

وماذا‭ ‬بعد؟

ما‭ ‬هو‭ ‬ثمن‭ ‬أرواح‭ ‬حوالي‭ ‬15‭ ‬ألف‭ ‬شهيد؟

من‭ ‬سيدفع‭ ‬نتيجة‭ ‬الدمار‭ ‬الذي‭ ‬حدث‭ ‬على‭ ‬مدار‭ ‬نحو‭ ‬50‭ ‬يوما‭ ‬من‭ ‬العدوان‭ ‬الهمجي‭ ‬على‭ ‬غزة؟

هل‭ ‬وجد‭ ‬الغرب‭ ‬في‭ ‬إعلان‭ ‬الهدنة‭ ‬المؤقتة‭ ‬مخرجا‭ ‬من‭ ‬أزمته‭ ‬الأخلاقية‭ ‬في‭ ‬دعم‭ ‬هجمات‭ ‬لا‭ ‬إنسانية؟

‭.. ‬وسيبقى‭ ‬السؤال‭ ‬دائما؛‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬السيناريو‭ ‬المناسب‭ ‬في‭ ‬اليوم‭ ‬التالي‭ ‬لانتهاء‭ ‬هذه‭ ‬الهدنة؟

أوجه‭ ‬هذه‭ ‬الأسئلة‭ ‬للرئيس‭ ‬الأمريكي‭ ‬وكل‭ ‬قادة‭ ‬الغرب،‭ ‬وأؤكد‭ ‬لهم‭ ‬أنه‭ ‬لا‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬الهدنة‭ ‬فرصة‭ ‬لالتقاط‭ ‬الأنفاس‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬استئناف‭ ‬الوحشية‭ ‬الإسرائيلية،‭ ‬أو‭ ‬إيجاد‭ ‬مخرج‭ ‬لمجرم‭ ‬الحرب‭ ‬نتنياهو‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬تسويق‭ ‬انتصار‭ ‬زائف‭ ‬لدى‭ ‬أهالي‭ ‬الأسرى‭ ‬الذين‭ ‬يشكلون‭ ‬ضغطا‭ ‬كبيرا‭ ‬عليه‭ ‬داخل‭ ‬الكيان‭ ‬الإسرائيلي‭.‬

كما‭ ‬أنه‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬اختزال‭ ‬القضية‭ ‬الفلسطينية‭ ‬في‭ ‬غزة‭ ‬فقط‭.‬

يجب‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬هذه‭ ‬الهدنة‭ ‬المؤقتة‭ ‬فرصة‭ ‬لترتيب‭ ‬الأوراق‭ ‬والعمل‭ ‬الجاد‭ ‬نحو‭ ‬وضع‭ ‬الحلول‭ ‬المستدامة‭ ‬لضمان‭ ‬عدم‭ ‬انفجار‭ ‬الأوضاع‭ ‬من‭ ‬جديد،‭ ‬وذلك‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬إقامة‭ ‬الدولة‭ ‬الفلسطينية‭ ‬المستقلة،‭ ‬وهو‭ ‬الحل‭ ‬الوحيد‭ ‬فقط‭ ‬لهذا‭ ‬الصراع‭ ‬غير‭ ‬المتكافئ‭.‬

على‭ ‬العالم‭ ‬الغربي‭ ‬الذي‭ ‬شارك‭ ‬إسرائيل‭ ‬في‭ ‬ارتكاب‭ ‬المجازر‭ ‬بحق‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني‭ ‬أن‭ ‬يتطهر‭ ‬من‭ ‬دماء‭ ‬الأبرياء‭ ‬الذين‭ ‬راحوا‭ ‬جراء‭ ‬إعطائه‭ ‬الضوء‭ ‬الأخضر‭ ‬لنتنياهو‭ ‬الذي‭ ‬عاث‭ ‬في‭ ‬الأرض‭ ‬فسادا‭ ‬وقتلا‭ ‬بدعوى‭ ‬حق‭ ‬الدفاع‭ ‬عن‭ ‬النفس‭.‬

على‭ ‬الجميع‭ ‬أن‭ ‬يدرك‭ ‬أن‭ ‬الأحداث‭ ‬التي‭ ‬جرت‭ ‬في‭ ‬غزة‭ ‬أثبتت‭ ‬فشل‭ ‬ما‭ ‬كان‭ ‬يروج‭ ‬له‭ ‬بنيامين‭ ‬نتنياهو‭ ‬للإسرائيليين‭ ‬بأن‭ ‬ممارسة‭ ‬الضغط‭ ‬على‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬ستحقق‭ ‬الأمن‭ ‬لإسرائيل،‭ ‬وهذا‭ ‬لن‭ ‬يتحقق؛‭ ‬لأن‭ ‬استمرار‭ ‬نفس‭ ‬الممارسات‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬سيكون‭ ‬بمثابة‭ ‬إعلان‭ ‬انفجار‭ ‬آخر،‭ ‬وربما‭ ‬أعظم،‭ ‬فما‭ ‬حدث‭ ‬في‭ ‬غزة‭ ‬في‭ ‬السابع‭ ‬من‭ ‬أكتوبر‭ ‬قد‭ ‬نراه‭ ‬في‭ ‬يوم‭ ‬آخر،‭ ‬ولكن‭ ‬هذه‭ ‬المرة‭ ‬في‭ ‬الضفة‭ ‬الغربية‭.‬

على‭ ‬الجميع‭ ‬أن‭ ‬يتفهم‭ ‬أن‭ ‬استمرار‭ ‬الاحتلال‭ ‬وعدم‭ ‬منح‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬حقوقهم‭ ‬هو‭ ‬اغلاق‭ ‬لماعون‭ ‬سينفجر‭ ‬في‭ ‬أي‭ ‬لحظة‭!‬

على‭ ‬الغرب‭ ‬أن‭ ‬يحذر‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬العالم‭ ‬يمر‭ ‬بأزمة‭ ‬حضارية‭ ‬ضخمة‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬ازدواجية‭ ‬المعايير‭ ‬الثقافية‭ ‬والسياسية‭ ‬والاقتصادية‭ ‬والعسكرية،‭ ‬وهذا‭ ‬ينذر‭ ‬بمزيد‭ ‬من‭ ‬الصراعات؛‭ ‬ليس‭ ‬فقط‭ ‬في‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬ولكن‭ ‬في‭ ‬مختلف‭ ‬أنحاء‭ ‬العالم‭.‬

الأسبوع‭ ‬الماضي‭ ‬استقبلنا‭ ‬في‭ ‬‮«‬أخبار‭ ‬الخليج‮»‬‭ ‬السيد‭ ‬السفير‭ ‬الألماني‭ ‬لدى‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭ ‬كليمنس‭ ‬أوغستينوس‭ ‬هاتش،‭ ‬والمتحدث‭ ‬الرسمي‭ ‬باسم‭ ‬وزارة‭ ‬الخارجية‭ ‬الألمانية‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬وشمال‭ ‬إفريقيا‭ ‬د‭. ‬دينيس‭ ‬كوميتات،‭ ‬في‭ ‬جلسة‭ ‬استمرت‭ ‬طويلا‭ ‬حول‭ ‬القضية‭ ‬الفلسطينية‭ ‬وبالتحديد‭ ‬ما‭ ‬يجري‭ ‬في‭ ‬غزة‭.‬

إنصافا؛‭ ‬كأشخاص‭ ‬غربيين،‭ ‬كانا‭ ‬على‭ ‬دراية‭ ‬تامة‭ ‬بالأحداث‭ ‬وخلفية‭ ‬القضية‭ ‬الفلسطينية‭ ‬بصورة‭ ‬عامة،‭ ‬وكانا‭ ‬يريان‭ ‬أن‭ ‬حل‭ ‬الدولتين‭ ‬وتنازلات‭ ‬من‭ ‬الطرفين‭ ‬هو‭ ‬الحل‭ ‬الممكن‭ ‬لبناء‭ ‬شرق‭ ‬أوسط‭ ‬خال‭ ‬من‭ ‬الحروب‭ ‬مستقبلا‭ ‬استنادا‭ ‬إلى‭ ‬الحدود‭ ‬الجغرافية‭ ‬قبل‭ ‬1967‭.‬

وبصفتي‭ ‬شخص‭ ‬عاصر‭ ‬فترة‭ ‬1967،‭ ‬فإننا‭ ‬نعلم‭ ‬جميعا‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬هو‭ ‬نفس‭ ‬قرار‭ ‬مجلس‭ ‬الأمن‭ ‬التابع‭ ‬للأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬رقم‭ ‬242،‭ ‬الذي‭ ‬تزامن‭ ‬مع‭ ‬إيقاف‭ ‬إطلاق‭ ‬النار‭ ‬في‭ ‬نفس‭ ‬السنة،‭ ‬لكن‭ ‬إسرائيل‭ ‬لم‭ ‬تضع‭ ‬أي‭ ‬اعتبار‭ ‬لجميع‭ ‬قرارات‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬على‭ ‬مدار‭ ‬تاريخ‭ ‬الصراع‭ ‬العربي‭ ‬الإسرائيلي،‭ ‬لأن‭ ‬الغرب‭ ‬ترددوا‭ ‬في‭ ‬فرض‭ ‬هذا‭ ‬القرار‭ ‬على‭ ‬إسرائيل،‭ ‬وظلت‭ ‬تل‭ ‬أبيب‭ ‬تبني‭ ‬المستعمرات‭ ‬والمستوطنات،‭ ‬وظلت‭ ‬تنهب‭ ‬الأراضي‭ ‬والمزارع‭ ‬الفلسطينية‭ ‬بالقوة‭ ‬القمعية‭ ‬سنة‭ ‬بعد‭ ‬سنة‭ ‬كما‭ ‬تفعل‭ ‬الآن‭.‬

إذن‭ ‬السؤال‭ ‬المطروح،‭ ‬كيف‭ ‬نستطيع‭ ‬أن‭ ‬نثق‭ ‬بأن‭ ‬موضوع‭ ‬إقرار‭ ‬حل‭ ‬الدولتين‭ ‬سيكون‭ ‬أمرا‭ ‬جديا‭ ‬هذه‭ ‬المرة؟

إننا‭ ‬نوجه‭ ‬أسئلة‭ ‬عديدة‭ ‬للدول‭ ‬الغربية،‭ ‬وخصوصا‭ ‬أمريكا‭ ‬وبريطانيا‭ ‬وفرنسا‭ ‬وألمانيا،‭ ‬كلاعبين‭ ‬أساسيين‭ ‬في‭ ‬قبول‭ ‬نظرية‭ ‬حل‭ ‬الدولتين،‭ ‬هل‭ ‬هم‭ ‬على‭ ‬استعداد‭ ‬لحماية‭ ‬الدولة‭ ‬الفلسطينية‭ ‬القادمة‭ ‬من‭ ‬شرور‭ ‬وأطماع‭ ‬إسرائيل؟‭ ‬هل‭ ‬هم‭ ‬مستعدون‭ ‬لمعاقبة‭ ‬إسرائيل‭ ‬في‭ ‬حالة‭ ‬التملص‭ ‬من‭ ‬الاتفاق؟‭ ‬أم‭ ‬أنهم‭ ‬سيعودون‭ ‬يلومون‭ ‬العرب‭ ‬والفلسطينيين‭ ‬بدعوى‭ ‬الاختراق؟

نقول‭ ‬بكل‭ ‬صراحة‭ ‬إن‭ ‬الثقة‭ ‬مع‭ ‬الأسف‭ ‬الشديد‭ ‬معدومة‭ ‬في‭ ‬الدول‭ ‬الأربع‭ ‬التي‭ ‬تتبنى‭ ‬كما‭ ‬تدعي‭ ‬فرض‭ ‬حل‭ ‬الدولتين،‭ ‬رغم‭ ‬أننا‭ ‬نرى‭ ‬تحركا‭ ‬جماعيا‭ ‬من‭ ‬وزراء‭ ‬خارجية‭ ‬دول‭ ‬من‭ ‬الجامعة‭ ‬العربية‭ ‬ومنظمة‭ ‬التعاون‭ ‬الإسلامي‭ ‬يزورون‭ ‬بلدان‭ ‬مالكي‭ ‬حق‭ ‬الفيتو‭ ‬في‭ ‬مجلس‭ ‬الأمن‭ ‬وهم‭ ‬الصين،‭ ‬وروسيا،‭ ‬وبريطانيا،‭ ‬وفرنسا‭ ‬والولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية،‭ ‬لحثهم‭ ‬على‭ ‬تبني‭ ‬مواقف‭ ‬عادلة‭ ‬تجاه‭ ‬القضية‭ ‬الفلسطينية‭.‬

في‭ ‬الوقت‭ ‬نفسه‭ ‬يجب‭ ‬على‭ ‬العرب‭ ‬جميعا‭ ‬كحكومات‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬لهم‭ ‬صوت‭ ‬موحد‭ ‬في‭ ‬المطالبة‭ ‬بتبني‭ ‬مشروع‭ ‬الدولة‭ ‬الفلسطينية‭ ‬المقبلة،‭ ‬وخصوصا‭ ‬أن‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬على‭ ‬علاقة‭ ‬متميزة‭ ‬مع‭ ‬الدول‭ ‬الغربية‭.‬

ونقول‭ ‬ونؤكد‭ ‬أن‭ ‬إنهاء‭ ‬المشكلة‭ ‬الفلسطينية‭ ‬ليس‭ ‬فقط‭ ‬نصرا‭ ‬للفلسطينيين‭ ‬وإنصافا‭ ‬لهم،‭ ‬بل‭ ‬هو‭ ‬مصلحة‭ ‬استراتيجية‭ ‬لكل‭ ‬الدول‭ ‬العربية،‭ ‬إذ‭ ‬سيجنب‭ ‬المنطقة‭ ‬أي‭ ‬أعمال‭ ‬إرهابية‭ ‬إن‭ ‬فشلت‭ ‬في‭ ‬إثبات‭ ‬الحق‭ ‬الفلسطيني‭.‬

إن‭ ‬على‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬أن‭ ‬تتفهم‭ ‬أن‭ ‬المناهج‭ ‬التعليمية‭ ‬تربي‭ ‬أجيالا‭ ‬جديدة‭ ‬قادرة‭ ‬على‭ ‬فهم‭ ‬العلوم‭ ‬بشتى‭ ‬فروعها،‭ ‬وهؤلاء‭ ‬بمثابة‭ ‬علماء‭ ‬المستقبل،‭ ‬فاليوم‭ ‬رأينا‭ ‬حماس‭ ‬رغم‭ ‬التضييق‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬استطاعت‭ ‬أن‭ ‬تقوم‭ ‬بعمل‭ ‬عسكري‭ ‬يهز‭ ‬أركان‭ ‬أحد‭ ‬أكثر‭ ‬الجيوش‭ ‬تقدما‭ ‬على‭ ‬المستويين‭ ‬التكنولوجي‭ ‬والعسكري،‭ ‬فما‭ ‬بالكم‭ ‬بالمستقبل‭ ‬الذي‭ ‬يشي‭ ‬بظهور‭ ‬أجيال‭ ‬أكثر‭ ‬تقدما‭ ‬علميا،‭ ‬إذا‭ ‬استمرت‭ ‬الأوضاع‭ ‬غير‭ ‬العادلة‭ ‬في‭ ‬فلسطين‭.‬

أما‭ ‬حديثنا‭ ‬إلى‭ ‬الإسرائيليين‭ ‬أنفسهم،‭ ‬وخصوصا‭ ‬إلى‭ ‬المعتدلين‭ ‬منهم،‭ ‬فإنه‭ ‬ليس‭ ‬من‭ ‬مصلحة‭ ‬إسرائيل‭ ‬إيصال‭ ‬أمثال‭ ‬نتنياهو‭ ‬إلى‭ ‬كرسي‭ ‬الحكم‭ ‬لأن‭ ‬هذا‭ ‬المجرم‭ ‬يشبه‭ ‬في‭ ‬إجرامه‭ ‬النازيين‭ ‬الذين‭ ‬شوهوا‭ ‬صورة‭ ‬الإنسان‭ ‬الألماني‭ ‬في‭ ‬المجتمع‭ ‬الغربي،‭ ‬وحتى‭ ‬الآن‭ ‬في‭ ‬حالة‭ ‬غضب‭ ‬الغرب‭ ‬نحو‭ ‬الألمانيين‭ ‬يصفونهم‭ ‬بالنازيين‭.‬

إن‭ ‬العسكري‭ ‬إسحاق‭ ‬رابين‭ ‬الذي‭ ‬وصل‭ ‬إلى‭ ‬كرسي‭ ‬الرئاسة‭ ‬في‭ ‬إسرائيل‭ ‬ربما‭ ‬كان‭ ‬آخر‭ ‬شخص‭ ‬يطالب‭ ‬بالتفاهمات‭ ‬والسلام‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬الكيان،‭ ‬ولكنه‭ ‬اغتيل،‭ ‬ومن‭ ‬قتله‭ ‬هم‭ ‬من‭ ‬الفيلق‭ ‬المتطرف‭ ‬في‭ ‬إسرائيل،‭ ‬لأنه‭ ‬لم‭ ‬يأت‭ ‬أحد‭ ‬من‭ ‬بعده‭ ‬منهم‭ ‬يتحدث‭ ‬عن‭ ‬السلام،‭ ‬وتصوروا‭ ‬أن‭ ‬الذي‭ ‬قتله‭ ‬هو‭ ‬شاب‭ ‬يهودي‭ ‬مهاجر‭ ‬من‭ ‬اليمن،‭ ‬فما‭ ‬بالكم‭ ‬بخطورة‭ ‬المستوطنين‭ ‬الذين‭ ‬تجلبهم‭ ‬إسرائيل‭ ‬بالآلاف‭ ‬وتقوم‭ ‬بتسليحهم‭ ‬حاليا‭.‬

يا‭ ‬بني‭ ‬إسرائيل،‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬ترحموا‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬ارحموا‭ ‬أنفسكم،‭ ‬لأن‭ ‬القضية‭ ‬الفلسطينية‭ ‬لن‭ ‬تسقط‭ ‬بالتقادم،‭ ‬بل‭ ‬تكبر‭ ‬بالصمود‭ ‬الفلسطيني،‭ ‬ويكبر‭ ‬معها‭ ‬التعاطف‭ ‬من‭ ‬شعوب‭ ‬بعيدة‭ ‬وقريبة‭ ‬كما‭ ‬لاحظتم‭ ‬في‭ ‬الأسابيع‭ ‬الماضية،‭ ‬والآن‭ ‬95%‭ ‬من‭ ‬الرأي‭ ‬العام‭ ‬العالمي‭ ‬يؤيد‭ ‬حرية‭ ‬فلسطين،‭ ‬لأن‭ ‬نتنياهو‭ ‬يؤمن‭ ‬بالانتقام‭ ‬لا‭ ‬بالسلام،‭ ‬لكن‭ ‬السؤال‭ ‬هو‭ ‬انتقام‭ ‬ممّن؟‭!‬

فمنذ‭ ‬1948‭ ‬حتى‭ ‬الآن‭ ‬أقدمت‭ ‬إسرائيل‭ ‬على‭ ‬قتل‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬100‭ ‬ألف‭ ‬فلسطيني،‭ ‬وفي‭ ‬الأسابيع‭ ‬القليلة‭ ‬الماضية‭ ‬قتلت‭ ‬الآلة‭ ‬العسكرية‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬15‭ ‬ألف‭ ‬فلسطيني‭ ‬جديد‭ ‬غالبيتهم‭ ‬من‭ ‬النساء‭ ‬والأطفال‭.‬

هذه‭ ‬الدماء‭ ‬الكثيرة‭ ‬لا‭ ‬تصنع‭ ‬السلام؛‭ ‬فالسلام‭ ‬يحتاج‭ ‬إلى‭ ‬رجال‭ ‬شجعان‭ ‬يرغبون‭ ‬في‭ ‬حقن‭ ‬دماء‭ ‬الأبرياء،‭ ‬وللأسف‭ ‬لم‭ ‬يظهر‭ ‬منهم‭ ‬أحد‭ ‬حتى‭ ‬الآن‭ ‬في‭ ‬إسرائيل‭.‬

على‭ ‬الغرب‭ ‬أن‭ ‬يفسح‭ ‬المجال‭ ‬أمام‭ ‬أصوات‭ ‬السلام،‭ ‬ولا‭ ‬يخشى‭ ‬الإرهاب‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬لكل‭ ‬صوت‭ ‬يروج‭ ‬للسلام‭ ‬العادل،‭ ‬وهذا‭ ‬هو‭ ‬ديدن‭ ‬التصرفات‭ ‬الصهيونية‭ ‬مع‭ ‬معارضي‭ ‬أجندتهم،‭ ‬فعندما‭ ‬نطق‭ ‬قبل‭ ‬أيام‭ ‬رئيس‭ ‬وزراء‭ ‬إسبانيا‭ ‬بيدرو‭ ‬سانشيز‭ ‬أمام‭ ‬معبر‭ ‬رفح‭ ‬البري‭ ‬بالحق،‭ ‬قائلا‭ ‬إنه‭ ‬حان‭ ‬الوقت‭ ‬لكي‭ ‬يعترف‭ ‬المجتمع‭ ‬الدولي‭ ‬والاتحاد‭ ‬الأوروبي‭ ‬بالدولة‭ ‬الفلسطينية،‭ ‬وأنه‭ ‬إذا‭ ‬لم‭ ‬يعترف‭ ‬الاتحاد‭ ‬الأوروبي‭ ‬بالدولة‭ ‬الفلسطينية‭ ‬فإن‭ ‬إسبانيا‭ ‬ستفعل‭ ‬ذلك،‭ ‬وتتخذ‭ ‬قرارها‭ ‬‮«‬بنفسها‮»‬،‭ ‬سارع‭ ‬قاتل‭ ‬الأطفال‭ ‬والنساء‭ ‬نتنياهو‭ ‬بإدانة‭ ‬هذه‭ ‬التصريحات‭ ‬المتزنة،‭ ‬وقام‭ ‬وزير‭ ‬الخارجية‭ ‬الكيان‭ ‬الصهيوني‭ ‬إيلي‭ ‬كوهين‭ ‬باستدعاء‭ ‬سفيري‭ ‬إسبانيا‭ ‬وبلجيكا‭ ‬في‭ ‬تل‭ ‬أبيب‭ ‬لـ«محادثة‭ ‬توبيخ‭ ‬حادة‮»‬‭ ‬بشأن‭ ‬تصريحات‭ ‬رئيسي‭ ‬وزراء‭ ‬البلدين‭.‬

هذا‭ ‬السعار‭ ‬الصهيوني‭ ‬ضد‭ ‬كل‭ ‬صوت‭ ‬يدافع‭ ‬عن‭ ‬الإنسانية‭ ‬يعيد‭ ‬إلى‭ ‬الأذهان‭ ‬ممارسات‭ ‬منظمة‭ ‬أيباك‭ (‬AIPAC‭) ‬التي‭ ‬ترعى‭ ‬اللوبي‭ ‬اليهودي‭ ‬في‭ ‬المجتمع‭ ‬الأمريكي،‭ ‬وباتت‭ ‬تشكل‭ ‬رأس‭ ‬حربة‭ ‬الإرهاب‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬لكل‭ ‬الأصوات‭ ‬المعتدلة‭ ‬التي‭ ‬تدافع‭ ‬عن‭ ‬الحق‭ ‬الفلسطيني،‭ ‬وتمارس‭ ‬أقوى‭ ‬أنواع‭ ‬الضغوط‭ ‬وتنفق‭ ‬ملايين‭ ‬الدولارات‭ ‬لضمان‭ ‬تشويه‭ ‬أي‭ ‬معارض‭ ‬لسياسات‭ ‬إسرائيل‭ ‬داخل‭ ‬الكونجرس‭ ‬الأمريكي،‭ ‬وما‭ ‬فعلته‭ ‬مع‭ ‬النائبة‭ ‬الأمريكية‭ ‬من‭ ‬أصل‭ ‬فلسطيني‭ ‬رشيدة‭ ‬طليب‭ ‬ليس‭ ‬ببعيد‭ ‬لمجرد‭ ‬اعتراضها‭ ‬على‭ ‬الدعم‭ ‬غير‭ ‬المشروط‭ ‬لإسرائيل‭ ‬في‭ ‬حربها‭ ‬بغزة‭.‬

هذا‭ ‬ما‭ ‬أكده‭ ‬أيضا‭ ‬مارك‭ ‬بوكان‭ ‬النائب‭ ‬الديمقراطي‭ ‬الممثل‭ ‬للدائرة‭ ‬الثانية‭ ‬بولاية‭ ‬ويسكونسن‭ ‬في‭ ‬مجلس‭ ‬النواب‭ ‬الأمريكي،‭ ‬عندما‭ ‬كتب‭ ‬عبر‭ ‬منصة‭ ‬‮«‬إكس‮»‬‭: ‬‮«‬لا‭ ‬أكترث‭ ‬ولا‭ ‬أخشى‭ ‬أيباك،‭ ‬أعتقد‭ ‬أنهم‭ ‬يمثلون‭ ‬وجودا‭ ‬سرطانيا‭ ‬في‭ ‬ديمقراطيتنا‭ ‬وسياستنا‭ ‬بشكل‭ ‬عام،‭ ‬وإذا‭ ‬كان‭ ‬بإمكاني‭ ‬أن‭ ‬أصبح‭ ‬جراحا‭ ‬وأقضي‭ ‬عليهم،‭ ‬فهذا‭ ‬رائع‮»‬‭.. ‬هذا‭ ‬ما‭ ‬يؤكد‭ ‬حجم‭ ‬الضغوط‭ ‬التي‭ ‬تمارسها‭ ‬هذه‭ ‬المنظمة‭ ‬على‭ ‬صناعة‭ ‬القرار‭ ‬الأمريكي،‭ ‬الذي‭ ‬مازال‭ ‬هو‭ ‬بوصلة‭ ‬القرارات‭ ‬الغربية‭ ‬حتى‭ ‬الآن‭.‬

وليحذر‭ ‬الجميع‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬غياب‭ ‬أفق‭ ‬السلام‭ ‬سينشر‭ ‬الكراهية،‭ ‬التي‭ ‬هي‭ ‬وقود‭ ‬العنف،‭ ‬وما‭ ‬رأيناه‭ ‬من‭ ‬ستيوارت‭ ‬سيلدوويتز‭ ‬مستشار‭ ‬الرئيس‭ ‬الأمريكي‭ ‬الأسبق‭ ‬باراك‭ ‬أوباما،‭ ‬من‭ ‬اعتداء‭ ‬على‭ ‬بائع‭ ‬الأطعمة‭ ‬المصري‭ ‬الجنسية‭ ‬في‭ ‬نيويورك،‭ ‬مرددا‭ ‬عبارات‭ ‬معادية‭ ‬للإسلام‭ ‬وفلسطين،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يدق‭ ‬ناقوس‭ ‬خطر‭ ‬حقيقي‭ ‬تجاه‭ ‬بعض‭ ‬العقليات‭ ‬الغربية‭ ‬التي‭ ‬تدفع‭ ‬العالم‭ ‬في‭ ‬دوامة‭ ‬التطرف‭ ‬والعنف‭ ‬في‭ ‬غياب‭ ‬السلام،‭ ‬وذلك‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬حالة‭ ‬عالمية‭ ‬من‭ ‬الاكتئاب‭ ‬والعجز‭ ‬من‭ ‬عدم‭ ‬القدرة‭ ‬على‭ ‬وقف‭ ‬عجلة‭ ‬القتل‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬بحق‭ ‬الأبرياء‭ ‬في‭ ‬فلسطين‭.‬

إقرأ أيضا لـ"أنـــور عبدالرحمــــــن"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا