عالم يتغير
فوزية رشيد
غزة وخواء المجتمع الدولي والشرعية الدولية!
{ أمم المتحدة ومجلس أمن، ومنظمات ومؤسسات تابعة، ومؤتمرات ومحاضرات ومناقشات ومنتديات! وكل ذلك بما يمثل المجتمع الدولي الذي أثبت وتحديدا منذ حروب الغرب في أفغانستان والعراق وبقية المنطقة واليوم في «غزة» أنه (مجتمع دولي يعاني من الخواء والشلل في اتخاذ أي قرار، وترجمته إلى فعل رادع بوقف جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية)! خاصة أن هذا «المجتمع الدولي» الذي تم تقسيمه إلى (عالم حرّ وعالم نام) أو إلى دول الشمال ودول الجنوب! أثبت أن الذي يدعي أنه «عالم حرّ» هو (الأكثر عبودية) من غيره! وسنفسّر ذلك، وأنه لا يمتلك حتى حرية أن يكون قادته بشرًا كباقي البشر! وأن كل هذا (الحراك العالمي) وما يُسمى «بالنظام العالمي» هو مجرد فقاعة حين الأزمات الكبرى التي يصطنعها (المستعمرون المتحكمون)! وأنه مجرد أضحوكة ومسرحية سمجة، يتراكض على مسرحها من يسمّون أنفسهم (قادة العالم الحرّ) غير آبهين بسقوط أقنعتهم في بئر الخواء أمام العالم!
{ ولنبدأ الحكاية بسرد مبسط ولكنه غير ساذج:
الحكاية إن هذا «المجتمع الدولي» يتمثل في أعضاء دول العالم في «الأمم المتحدة»، والأمم المتحدة خاضعة من حيث (إلزامية قراراتها) «لمجلس الأمن» والذي في عضويته (خمس دول) فقط تمتلك وحدها حق «الفيتو» وهي (أمريكا، بريطانيا، الصين، روسيا، فرنسا) أما «الجمعية العمومية» فلا قرار ملزم يخضع لها رغم أنهت مشكلة من كل دول العالم!
هذه «الأمم المتحدة» هي نتاج «عصبة الأمم» التي تشكلت بعد الحرب العالمية الثانية أو خلالها! والولايات المتحدة التي حسمت تلك الحرب لصالحها بالقنبلة النووية على «هيروشيما ونجازاكي» هي أكثر دولة تتحكم في مجلس الأمن وفق مصالحها «الامبريالية»! وأكثر دولة تستخدم «الفيتو» لكل ما يناقض أجندتها! وهي أكثر دولة أيضًا استخدمت «الفيتو» ضد الحقوق الشرعية للفلسطينيين، منذ 75 عامًا! وفي المشهد الحالي هي التي تقوم مع دول غربية أخرى بالعدوان على «غزة» وبأداتها «الكيان الصهيوني»! الذي اتضح أنه ككيان منذ تأسيسه الاستعماري 1948، هو (استثناء) كما أمريكا نفسها في الدوس على كل «القوانين الدولية»، وقرارات مجلس الأمن أو المجتمع الدولي! واستثناء كذلك في ارتكاب ما يشاء من همجية ومجازر، وكما تفعل أمريكا نفسها خارج «الشرعية الدولية»، وكما يفعله الكيان اليوم في «غزة»!
{ اليوم وبما يحدث في غزة من همجية وبربرية يومية، فإن «المجتمع الدولي» ومجلس أمنه (أثبت أنه بقواه المتحكمة متواطئ مع الجرائم ضد الإنسانية)! وأن لا أحد يوقف «الكيان الصهيوني» ومجازره وجرائمه!
لا أحد لنصرة غزة وفلسطين غير شعوب العالم، التي لا قرار دولي بيدها! وحين تخلىّ العرب والمسلمون على المستوى الرسمي ونفضوا أيديهم عن مواجهة همجية «الكيان» بكل ما لديهم من وسائل وتأثير،! وتخلى أيضًا (محور المقاومة) بقيادة إيران عن أي دعم حقيقي، حسب ما ابتكروه سابقًا من مصطلح (وحدة الساحات) بقيت غزة وأهلها وحدها في مواجهة حرب الإبادة والتهجير والمآسي الإنسانية التي لا توصف بالكلمات!
{ حين يتحدث العرب (المستهدفين استعماريًّا في كل حين) عن الالتزام بالمجتمع الدولي والشرعية الدولية، فإنهم يتحدثون عن (وهم أو سراب)! لن ينصر قضاياهم أحد، طالما هم متقاعسون عن نُصرة أنفسهم! والسبب ونعود هنا إلى تبسيط الحكاية: أن أكثر من يتحكم في مجلس الأمن والأمم المتحدة ومؤسساتها، وبشكل مخالف للعدالة الدولية والشرعية الدولية هي (أمريكا وبريطانيا) وهما أكثر من يستهدف العالم بالأجندات والمخططات الشيطانية! ولكن هل هاتان الدولتان اللتان تمثلان حتى الآن (رأس النظام الدولي أو المجتمع الدولي) وفي إطاره «المختل» هل هما مستقلتان؟! وهل هما عالم حرّ فعلاً؟! الواقع الذي تم شرحه مرارًا يقول (لا)! لأنهما وغيرهما من شبكة أخطبوطية دولية في الغرب وبقية العالم، محكومين بما يُسمى بـ (النخبة الدولية أو الحكومة الدولية) التي تتحكم فيها بعض العوائل فاحشة الثراء! وتتحكم في الاقتصاد العالمي والمال (البنك الدولي وصندوق النقد الدولي) وتتحكم في الإعلام الغربي والأمريكي وتوابعهما في العالم! وتتحكم في كثير من المؤسسات والمنظمات الدولية (المخترقة والمجندة) لتنفيذ أجندة تلك (النخبة العالمية)! فإذا ما جئنا إلى الولايات المتحدة، رأس النظام الدولي الراهن، فإن المجتمع (الصناعي - العسكري) هو الذي يدير أمريكا ومصالحها ومصالح «الكارتلات» التابعة له! مثلما يدير التوجهات السياسية والمالية والإعلامية والبحثية لتصب في صالح هيمنته أي هيمنة (النخبة الشيطانية)!
هكذا ندرك أن «المجتمع الدولي» والشرعية الدولية والمؤسسات التابعة للنظام الدولي، وكل الديكور التابع، هو في حقيقته (مفرغ من داخله)! و(رهن الاستخدام) لخدمة الاستراتيجيات الكبرى لتلك (النخبة الدولية الملثمة والمتحكمة) وهي التي تدير الحروب والصراعات والأزمات، بل والكوارث الدولية البيولوجية والبيئية والأوبئة وغيرها!
الكارثة الإنسانية الكبرى في غزة والمخطط لها منذ زمن بعيد! استطاعت أن (تكشف كل الخواء والخلل والزيف) الذي يسري في العروق الجافة لهذا المجتمع الدولي، الذي انكشف مؤخرًا أمام كل شعوب العالم خواؤه الكامل وارتهانه للأجندات الاستعمارية الغربية! وكشفت «غزة» أن «الكيان الصهيوني» وهو يمارس (كل ما هو مناف للأسس النظرية السياسية والأخلاقية والإنسانية للمجتمع الدولي أو الشرعية الدولية) فإنه فضح تمامًا كل ذلك وزيفه والخديعة فيه! ولتدرك شعوب العالم أن من يرعى الوحشية القاتلة والهمجية والإرهاب في المنطقة والعالم هي (الولايات المتحدة وبريطانيا والغرب الاستعماري)! وأنه لا وجود حقيقي لأية «شرعية دولية» أو قوانين دولية أو مبادئ أخلاقية وإنسانية حاكمة، إلا حسب مصالح (المتحكمين) في هذا النظام الدولي (الخاوي) وعبر القوة الطائشة!
{ ما يحدث في «غزة» ويراه العالم كل لحظة على مدار ما يقارب الشهرين، لم يحدث قط في تاريخ البشرية أو في حروب العالم كلها! إنها وحشية خارج الوصف والخيال، وتجاوزت كما قلنا مرارًا (النازية الفاشية) لتفوق الصهيونية كل أشكال الهمجية والبربرية! وآخر منتجات تلك الهمجية ما حدث في المستشفيات في «غزة» وفي «مستشفى الشفاء» تحديدًا، وفي قصف مدرسة «الفاخورة» والنازحين إليها نيام!
ليتجلى المشهد عن فيديوهات مصورة لما حدث خارج ما يستوعبه أي عقل أو يحتمله أي قلب إنساني! فيما الولايات المتحدة أو (أداة النخبة الشيطانية الكبرى) لا تزال توقف (قرار وقف النار) عبر «الفيتو» الذي استخدمته في هذا الشأن أكثر من 3 مرات!
ولا تزال توافق على السردية الكاذبة للكيان الصهيوني (عن عمد) وتمنع دخول المساعدات بالحجم المطلوب وإدخال الوقود، وحيث المرضى والخدج ماتوا جميعًا، والآن تنتظر مع كيانها اللقيط، موت أهل غزة كلهم! والمجتمع الدولي خانع تمامًا!
{ هذا المجتمع الدولي الذي تتحكم فيه دولة هي رأس الإرهاب العالمي آن للنظام الذي يتحكم فيه وفي دوله وفي شعوبه أن يسقط تمامًا، وأن يموت في النهاية! فقد أثبت أنه (حوّل العالم كله إلى الخواء الأخلاقي والإنساني) فيما المجتمع الدولي يتفرّج على نفسه أمام مرآة غزة فلا يجد أحدًا!
ويتفرج على «الشرعية الدولية» فيراها سرابًا وخواءً! تلك الشرعية التي قد تبخرت في النهاية على أسِرّة المستشفيات، وتحت الأنقاض والركام في غزة جنبًا إلى جنب مع أشلاء الأطفال والُرضع، الذين تم قتلهم، ويتم قتل كل المدنيين معهم كل لحظة، في مجازر ومحارق لم يرَ لها العالم مثيلا!
إنه السقوط المدّوي للمجتمع الدولي والشرعية الدولية والأمم المتحدة والنظام الدولي! فكلُّه خواء!
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك