عالم يتغير
فوزية رشيد
هل تغيّر الشعوب الغربية معادلة الحرب على غزة؟!
{ من الواضح أن الشعوب الغربية التي عانت كثيراً من سيطرة (المؤسسات الصهيونية) على حكومات بلادها! بدأت تدرك مع «حرب الإبادة على غزة، أكثر بكثير مما كانت تدركه سابقاً! في رفضها مثلاً للإجراءات المشدّدة وحقيقة اللقاحات أثناء أزمة «جائحة كورونا»! ما جعلها تخرج في مظاهرات بعشرات الآلاف رفضاً لذلك! كما أن إدراكها واقع (التبعية لدى الحكومات الغربية) لأجندة «الحرب البيولوجية» المفروضة على العالم، انتقل إلى إدراك تبعية أكبر لقيادة الولايات المتحدة، في الحرب التي استنزفت موارد أوروبا وهي الحرب في أوكرانيا، لمجرد إخضاع «الدب الروسي» واستنزافه! فتم استنزاف دول الاتحاد الأوروبي أكثر من روسيا! لتتفاقم أزمات الطاقة والغاز والغذاء والبطالة! ولتتدهور الميزانيات العامة لدى القوى الكبرى في الاتحاد الأوروبي، ولتشتعل مجدداً المظاهرات الشعبية في شوارع مدن وعواصم الغرب، رفضاً للاستمرار في تلك الحرب!
{ من تلك الخلفية التي تزايد معها (الوعي الشعبي الغربي) ضد مواقف حكوماتها، جاءت الحرب على غزّة لتفجّر (مخزون الغضب هذه المرة)! والشعوب الغربية تلاحظ أن (التآكل الحضاري)، والأزمات المتفاقمة تجلت في سقوط آخر وأكبر، وهو (السقوط الأخلاقي للمنظومة الغربية!) في تعاملها مع الكيان الصهيوني، ودعمها له في حرب الإبادة وفي المجازر والمذابح والتطهير العرقي، بما ينافي كل المبادئ الدولية والأممية! وبما ينافي شعارات الغرب حول حقوق الإنسان والعدالة! لتدرك أن (المؤسسات الحاكمة) ليست فقط مجرد «تابعة»، بل هي (شيطانية) في تعاملها مع الكوارث الإنسانية في غزة، ومع مجمل القضية الفلسطينية! التي بدأت الشعوب الغربية تعيد قراءة جذورها! لتكتشف حجم الظلم الواقع على الشعب الفلسطيني! من ذلك التراكم في انكشاف «المؤسسات الحاكمة» في الغرب أمام شعوبها، وصولاً إلى (السقوط الأخلاقي) وهي تدعم المجازر والمذابح في غزة وفي فلسطين، خرجت الشعوب الغربية في أمريكا وأوروبا، تملأ شوارع العواصم بتظاهرات غير مسبوقة! تتزايد كل مرة، حتى وصلت التظاهرة الأخيرة في لندن إلى (800 ألف متظاهر!) وكما حدث في باريس ونيويورك وحتى برلين رغم التشديدات، في مشهد مهول لتحرك الشعوب ضد (الصهيونية) ونصرة لفلسطين، وفي كل مكان في العالم! وأصبحت الأغنية السويدية حول ذلك (ترند) لدى كل الشعوب!
{ الآن في الولايات المتحدة تتفاقم أزمة الحكم، وتتصاعد الاحتجاجات ضد الحرب على غزة، حتى وصل الأمر إلى استقالة أصحاب مناصب عالية في الخارجية الأمريكية! وموظفو الخارجية وقّع منهم حوالي (100 موظف) على بيان للرئيس الأمريكي تقول له (أنت كاذب! أوقفوا الحرب على غزة)! بل إنه وللمرة الأولى وبشكل غير مسبوق يخرج الآلاف من اليهود (بين حاخامات وأشخاص ينتمون إلى الصهيونية ومن اتجاهات أيديولوجية أخرى) ليعلنوا في شوارع أمريكا براءتهم من «إسرائيل» وليهتفوا لفلسطين! مظاهرات «اليهود» الأمريكيين لم تكن مرة واحدة، بل هي تتصاعد مع تصاعد ما تفعله الحكومة الأمريكية أو (الحكومة الخفية) من الدعم المطلق للكيان الصهيوني، لقتل وإبادة الشعب الفلسطيني أمام مرأى ومسمع العالم كله!
{ ما يحدث اليوم في الولايات المتحدة وفي عواصم أوروبا ومدنها، هو (ضغط شعبي غير مسبوق) أثار دهشة الكيان الصهيوني ومؤسسات الحكم في الغرب! وهم لا يدركون أن الشعوب الغربية استيقظت مؤخراً وبشكل لافت! للتناقضات الخطيرة التي يعاني منها «قادة الغرب» تجاه مبادئ الحضارة الغربية (المزعومة)! وقد أثار (السقوط الأخلاقي) كل ما في البِركة الآسنة من خداع وكذب وتمويه! وفجّر الاحتقان الشعبي وسخطه بالكامل هذه المرة، بما لا يمكن العودة عنه لاحقاً! وإنما بممارسة المزيد من الضغط (لتغيير معادلة الحرب على غزة) وحيث أعلام فلسطين الكبيرة تتوج كل المظاهرات الشعبية في الغرب، ومثلها صور الأطفال والرضع والخدج، الذين يتم القضاء عليهم كل لحظة بدم بارد! لا يملك أحد في العالم حجم تلك البرودة ونوعها من الوحشية المنقطعة النظير! بل ألّف المتظاهرون أغاني كثيرة حول فلسطين وكل شعب بلغته! حتى أصبح الموقف المضاد من (الصهيونية) شعاراً مرفوعاً في كل تظاهرة، جنباً إلى جنب مع شعار الحرية لفلسطين!
{ «غزة» والحرب عليها، عرّت الكثير سواء في البلاد العربية أو الإسلامية أو في الغرب بقيادة الولايات المتحدة! وإذا ما استمر الضغط الشعبي في الغرب، فإن أمريكا في حرج كبير، وهي تعدّ لانتخاباتها القادمة، وحيث المرشح ليس فقط تغيير المخططات الصهيونية الراهنة في فلسطين، وإنما سيطول التغيير كثيراً من الوجوه السياسية الحاكمة، وخاصة بعد أن وعت الشعوب أنها ألعوبة وتابعة في وعيها لزيف الإعلام والسياسة الغربية! فهل تغيّر الضغوط الشعبية مسلسل المخططات الغربية، وقد وعت أن «الصهيونية» سبب بلائها وبلاء العالم؟! ربما.. نتمنى ذلك أو نتمنى سرعة الإنجاز فيه!
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك