عالم يتغير
فوزية رشيد
كيان استيطاني ومشروع توسعي.. ما العمل؟
{ «إسرائيل» (كيان استعماري استيطاني للغرب)، ولذلك هو كيان لا حدود له! لأن حدوده مفتوحة لتضم دولاً عربية أخرى تمثل بالنسبة له «الحلم الأسطوري» الذي كتبه (حاخامات اليهود) بأيديهم في «التلمود»! والذي بنت الصهيونية أساطيرها الملفقة حوله، لتحقيق أطماعها «الاستعمارية» في المنطقة! وعينها على الموقع الاستراتيجي والطاقة والثروات الأخرى! وما الكيان الصهيوني الاستيطاني إلا أداة أمريكا والغرب لتحقيق ذلك! وحيث تمهيد الأرض العربية مستمر منذ زمن طويل! وتفتيت المنطقة وإضعاف دولها، واقتطاع أجزاء من جغرافيتها، ونهب ثرواتها هو الهدف الأصلي «القديم الجديد»! الذي به خدعت «يهود العالم» بالنظرية الصهيونية منذ «هرتزل» في أواخر القرن التاسع عشر! لترمي بهم في أرض هي ليست لهم! فيتخلص الغرب منهم من جهة (المسألة اليهودية)! ويتم تحقيق تلك (الأجندة الاستعمارية) في النهاية من جهة أخرى! واليوم تدور اللعبة ذاتها في «غزة» حول (الغاز) المكتشف بكميات كبيرة في ساحل غزة، فيما العرب يفتقدون رؤية استراتيجية يدركون بها أبعاد ما يحدث!
{ مثل هذا «الكيان المصطنع» لا يؤمن سواء من حيث آليات تأسيسه أو نزعته «التوسعية» بالسلام والاستقرار ضمن حدوده الراهنة و(حل القضية الفلسطينية حلاً عادلاً)، لأن في ذلك نهاية لطموحه العدواني وطموح الغرب الاستعماري تجاه المنطقة العربية! وما حرب الإبادة والتهجير في غزة، إلا تدور وتتزامن معها ما يدور في الضفة الغربية، للاستحواذ على أرض فلسطين التاريخية كلها لليهود وحدهم أولاً!
ولهذا أيّا كان الخلاف حول «حماس» من حيث (التوجه أو التمويل والتدريب) فهي في النهاية (مجرد فصيل من فصائل المقاومة الفلسطينية)، والشعب الفلسطيني لم تتوقف مقاومته منذ (75 عاماً) وهي مقاومة مشروعة للاحتلال، وحق مشروع لكل الشعوب المحتلة حسب «القانون الدولي»! ولكن الأهم أن هذه «المقاومة الفلسطينية» هي التي (تعرقل حاليا المشروع الاستعماري الأكبر للكيان وللغرب بقيادة أمريكا) وقد تخلت إيران عن حماس! ولهذا يراد التخلص منها كمقاومة سواء في غزة أو الضفة، وإن كان العنوان لذلك التخلص هو «حماس» والرد على ما حدث في (7 أكتوبر)!
{ الطريف في الاحتلال الصهيوني أنه أسس قيام كيانه المغتصب، ليس على أساس أنه احتلال! وإنما على أساس (ادعاء تاريخي أسطوري ملفق) بموجبه تم اغتصاب فلسطين كوطن هو حق لشعب غيره وهو الشعب الفلسطيني ومنذ آلاف السنين! وهذا ما يعقّد صورة «الاحتلال الصهيوني لفلسطين» قياساً بالاحتلالات الأخرى! ولا يشبه في ذلك إلا ما حدث في أمريكا وتأسيسها على حساب السكان الأصليين «الهنود الحمر»! وما حدث في أستراليا أيضاً من خلال بريطانيا الاستعمارية! وهو ما يحاول أن يفعله «المستعمر الصهيوني» في فلسطين اليوم، من خلال صناعة «نكبة ثانية» بعد النكبة الأولى عام 48!
{ المقاومة في «غزة» والضفة الغربية، هي (مقاومة فصائل عديدة ومختلفة) وإن كانت «حماس» أبرزها! وهذه (المقاومة الشعبية الباسلة للاحتلال)، رغم كل الويلات التي يعانيها وعاناها الشعب الفلسطيني في «غزة» وفي «الضفة»، فإنها في الحقيقة وحدها اليوم التي (تعرقل المشروع الاستعماري الصهيوني الغربي) الذي أعلن كل مخططاته منذ سنوات طويلة! ويعمل اليوم على تنفيذها (بسرعة) قبل أن تحدث المتغيرات والتحولات العالمية تجاه (نظام عالمي جديد) متعدّد الأقطاب! وحيث بالنسبة للكيان الصهيوني وللغرب «غزة» هي البداية! وهي الغاز والاستثمار ونقطة التوسع الصهيوني لتحقيق إسرائيل الكبرى! بعد طرد الفلسطينيين من غزة والضفة نحو سيناء والأردن! ثم التوسع لاحقاً في جغرافيا دول عربية أخرى! دخلت خرائط التخطيط بدءاً من (فلسطين كلها لليهود) وصولاً إلى لبنان وسوريا والعراق ومصر والسعودية! وحسب تصورات «خرائط التقسيم» ذاتها فيما الدول العربية في غياب عن اتخاذ استراتيجية عربية لمواجهة ذلك، لأنها بالأصل لا تملكها!
{ بحسب هذا التصور الصهيوني لدول المنطقة بعد الانتهاء من فلسطين، فإن المنطق يقول إن من (المصلحة العربية العليا) ألا ينجح المخطط الصهيوني في غزة وفي الضفة أو في فلسطين لأن نجاحه يعني فتح الشهية الصهيونية نحو (الامتداد التوسعي) الذي يدخل في صلب معتقدهم «التلمودي» نحو حدود دول عربية أخرى!
ومهما قال «الصهيوني الغربي» إن من مصلحة العرب دعم «إسرائيل» للقضاء على «حماس» والمقاومة الفلسطينية ككل فإنه كاذب و(حالياً وتحديداً حالياً) فإن القضاء على المقاومة وتصفية القضية الفلسطينية، هو بشكل استراتيجي ضد المصالح العربية والوجودية، وضد جغرافيا الدول العربية التي تعمل ماكينة المخططات الصهيونية على اختطافها لاحقاً.
{ لكل ذلك يتم توزيع الأدوار عسكريا وسياسياً بين الكيان الصهيوني والغرب في مرحلة تكاذب علني والذي نزلت قواه الكبرى ببارجاتها وغواصاتها النووية في المنطقة! ولذلك لا يريد «الغرب الصهيوني» إيقاف الحرب على غزة، مهما كانت الكلفة ومهما تمت إبادة الأبرياء! ومهما تواصل ضغط الشعوب في الغرب! لأن في فشلهم في «غزة» وفي فلسطين، يعني فشل مشروعهم وأجندتهم التوسعية والاستعمارية! وليس فقط فشل الكيان الصهيوني، بعد انكشاف وجهه الهمجي والنازي والفاشي للعالم كله!
ولهذا فإن (مسألة تهجير الفلسطينيين) خارج فلسطين، لا بد من إفشاله! مثلما يجب على العرب مساعدة أهل «غزة» و«الضفة» على الصمود، وهو ما تعيه مصر بشكل جيد وكذلك الأردن، رغم أن (الرؤية العربية الكلية) لا تزال ضبابية، حول الكيان نفسه باعتبار أنه قابل للسلام والاستقرار ضمن حدوده، والتطبيع معه!
{ هناك حرب حتمية في النهاية بين العرب والكيان الصهيوني، وهذا ما قاله «كيسنجر» 2012، باعتقاد أن تلك الحرب الكبرى أو «هرمجدون» ستنتهي لصالح الصهيونية العالمية والغرب و«المتنورين الماسون»! فيما يؤمن العرب والمسلمون ككل أن النهاية في تلك الحرب هي لصالحهم والسبب في زوال الكيان الصهيوني، وأنها حرب آخر الزمان! وأن وعد الله لهم هو الانتصار إن نصروا الله!
أما مسألة (السلام وحلّ الدولتين) فقد قضى عليها «الكيان» مسبقاً، وأصبحت غير قابلة للتحقق! لأن (الدائرة الجهنمية) التي تتفاعل فيها «الطموحات الصهيونية»، تبدأ وتنتهي (بعدم السماح للعرب وللدول «السنية» تحديداً بالاستقرار والتنمية والنهضة والقوة) ومن يعتقد غير ذلك فهو إما واهم، أو أنه لم يقرأ جيداً ما فعله ويفعله «الغرب الصهيوني» في المنطقة وتجاه الدول العربية! و«نتنياهو» كرّر مراراً (إنها الحرب الطويلة والمستمرة) وقبلها حمل خارطة الشرق الأوسط الجديد بين يديه وفي الأمم المتحدة، وأمام مرأى ومسمع العرب والعالم كله!
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك