العدد : ١٧٠٤٥ - الجمعة ٢٢ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٠ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٥ - الجمعة ٢٢ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٠ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

عالم يتغير

فوزية رشيد

قمة الرسائل والبيت مشتعل!

{‭ ‬حين‭ ‬انعقدت‭ ‬‮«‬القمة‭ ‬العربية‭ ‬الإسلامية‮»‬‭ ‬السبت‭ ‬الماضي،‭ ‬بتعداد‭ (‬57‭ ‬دولة‭) ‬فإن‭ ‬التأكيد‭ ‬الذي‭ ‬جاء‭ ‬في‭ ‬القمة‭ ‬على‭ (‬وحدة‭ ‬الموقف‭ ‬العربي‭ ‬الإسلامي‭ ‬من‭ ‬حرب‭ ‬الإبادة‭ ‬على‭ ‬‮«‬غزة‮»‬‭)‬،‭ ‬هو‭ ‬تأكيد‭ ‬في‭ ‬محله،‭ ‬ولكنه‭ ‬وقع‭ ‬كعادة‭ ‬القمم‭ ‬في‭ ‬إطاره‭ ‬‮«‬الرمزي‮»‬‭ ‬وفي‭ ‬إطار‭ (‬إرسال‭ ‬الرسائل‭) ‬للقوى‭ ‬الكبرى‭ ‬والمجتمع‭ ‬الدولي‭ ‬والأمم‭ ‬المتحدة‭!‬

وهي‭ ‬وغيرها‭ ‬الجهات‭ ‬التي‭ ‬تمثل‭ ‬‮«‬النظام‭ ‬الدولي‭ ‬الراهن‮»‬‭ ‬بمعية‭ (‬57‭ ‬دولة‭ ‬عربية‭ ‬وإسلامية‭) ‬تقع‭ ‬في‭ ‬تمثيل‭ (‬ثلث‭ ‬دول‭ ‬العالم‭) ‬تقريبًا‭! ‬ولذلك‭ ‬كان‭ ‬المؤمل‭ ‬أن‭ ‬يتم‭ ‬اتخاذ‭ (‬قرارات‭ ‬نافذة‭) ‬و‭(‬فرضها‭) ‬على‭ ‬بقية‭ ‬المجتمع‭ ‬الدولي،‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬تفهم‭ ‬قواه‭ ‬الكبرى‭ (‬الداعمة‭ ‬والمشاركة‭) ‬في‭ ‬الحرب‭ ‬على‭ ‬‮«‬غزة‮»‬‭ ‬إلا‭ ‬لغة‭ ‬القوة‭ ‬وتضرّر‭ ‬المصالح‭! ‬خاصة‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬الذي‭ ‬فيه‭ (‬يحترق‭ ‬البيت‭ ‬الفلسطيني‭) ‬في‭ ‬غزة‭ ‬بشكل‭ ‬كبير‭ ‬جرّاء‭ ‬الحرب‭ ‬الوحشية‭ ‬غير‭ ‬المسبوقة‭! ‬والمذابح‭ ‬والمجازر‭ ‬والتطهير‭ ‬العِرقي‭ ‬والتهجير‭ ‬القسري،‭ ‬بعد‭ ‬هدم‭ ‬البيوت‭ ‬والمستشفيات‭ ‬والكثير‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬جرائم‭ ‬الحرب‭ ‬والجرائم‭ ‬ضدّ‭ ‬الإنسانية‭! ‬ورغم‭ ‬ذلك‭ ‬وبعد‭ ‬مرور‭ ‬ما‭ ‬يقارب‭ ‬الـ‭ (‬40‭ ‬يومًا‭) ‬فالفيتو‭ ‬الأمريكي‭ ‬والبريطاني‭ ‬يمنع‭ ‬صدور‭ ‬أي‭ ‬قرار‭ ‬لوقف‭ ‬إطلاق‭ ‬النار‭ ‬بشكل‭ ‬نهائي،‭ ‬ولكأن‭ ‬ما‭ ‬يحدث‭ ‬في‭ ‬‮«‬غزة‮»‬‭ ‬و‮«‬الضفة‭ ‬الغربية‮»‬‭ ‬معها،‭ ‬هو‭ ‬مجرد‭ ‬بروفات‭ ‬لفيلم‭ ‬رعب‭ ‬أو‭ ‬فيلم‭ ‬حرب‭ ‬هوليوودي‭!‬

{‭ ‬هذا‭ ‬المجتمع‭ ‬الدولي‭ (‬بكل‭ ‬مؤسساته‭ ‬ومنظماته‭) ‬والذي‭ ‬أثبت‭ ‬سقوطه‭ ‬في‭ ‬مستنقع‭ (‬اللاإنسانية‭) ‬كخلاصة‭ ‬لتحكمّ‭ ‬بعض‭ ‬القوى‭ ‬الشيطانية‭ ‬فيه‭! ‬لا‭ ‬يفهم‭ ‬مغزى‭ ‬الرسائل‭ ‬ولا‭ ‬يكترث‭ ‬بها‭! ‬بل‭ ‬هو‭ ‬يعطي‭ ‬الوقت،‭ ‬كل‭ ‬الوقت،‭ ‬ويميّع‭ ‬الزمن،‭ ‬لاستمرار‭ ‬الكيان‭ ‬الصهيوني‭ ‬في‭ ‬جرائم‭ ‬الحرب‭ ‬التي‭ ‬يقوم‭ ‬بها،‭ ‬فيما‭ ‬البيت‭ ‬الفلسطيني‭ ‬يحترق‭! ‬والأطفال‭ ‬يتحوّلون‭ ‬إلى‭ ‬أشلاء‭! ‬والمستشفيات‭ ‬إلى‭ ‬مواقع‭ ‬للمعارك‭ ‬والقصف‭! ‬حتى‭ ‬أصبح‭ ‬تعداد‭ ‬المرشحين‭ ‬للموت‭ ‬بسبب‭ ‬نقص‭ ‬الأدوية‭ ‬والمعدات‭ ‬الطبية‭ ‬ومولدات‭ ‬الطاقة‭ ‬لعدم‭ ‬وجود‭ ‬الغاز،‭ ‬سيتم‭ ‬احتسابه‭ ‬خلال‭ ‬أيام‭ (‬بعشرات‭ ‬الآلاف‭) ‬من‭ ‬المرضى‭ ‬الشهداء،‭ ‬أي‭ ‬أكثر‭ ‬بكثير‭ ‬ممن‭ ‬استشهدوا‭ ‬رغم‭ ‬ضخامة‭ ‬عددهم‭!‬

{‭ ‬ما‭ ‬جاء‭ ‬في‭ ‬بيان‭ ‬القمة‭ ‬هو‭ (‬رهن‭ ‬الوقت‭ ‬أو‭ ‬الزمن‭ ‬القادم‭) ‬كإجراءات‭ ‬وتحركات،‭ ‬ولكنه‭ ‬الوقت‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬تمتلكه‭ ‬‮«‬غزة‮»‬‭ ‬لكي‭ ‬يصمد‭ ‬أهلها‭ ‬ومرضاها‭ ‬أمام‭ ‬الموت‭! ‬هي‭ ‬قرارات‭ ‬لو‭ ‬جاءت‭ ‬كخطاب‭ ‬في‭ ‬وقت‭ ‬عادي‭ ‬كان‭ ‬بالإمكان‭ ‬التمحيص‭ ‬فيها‭ ‬لمعرفة‭ ‬مدى‭ ‬صلابتها‭ ‬أو‭ ‬رخاوتها،‭ ‬ولكن‭ ‬وفي‭ ‬المشهد‭ ‬الذي‭ ‬يستمر‭ ‬فيه‭ ‬الكيان‭ ‬على‭ ‬مدى‭ (‬40‭ ‬يومًا‭) ‬في‭ ‬القصف‭ ‬المكثف،‭ ‬ويعرقل‭ ‬أي‭ ‬مفاوضات‭ ‬لتبادل‭ ‬الأسرى‭ ‬بحجة‭ ‬القضاء‭ ‬على‭ ‬‮«‬حماس‮»‬‭ ‬الذي‭ ‬لن‭ ‬يحدث‭ ‬كما‭ ‬يريده‭ ‬الكيان‭! ‬ويعطل‭ ‬فيه‭ ‬وصول‭ ‬ودخول‭ ‬المساعدات‭ ‬بما‭ ‬فيها‭ ‬الطبية‭ ‬والأغذية‭ ‬والماء،‭ ‬ويمارس‭ ‬التهجير‭ ‬القسري‭ ‬لسكان‭ ‬شمال‭ ‬غزة،‭ ‬نحو‭ ‬الجنوب،‭ ‬في‭ (‬بقعة‭ ‬قابلة‭ ‬لكل‭ ‬أشكال‭ ‬الانفجار‭ ‬والأوبئة‭ ‬والأمراض‭)‬،‭ ‬فإن‭ ‬ما‭ ‬نتج‭ ‬من‭ ‬قرارات‭ ‬عن‭ (‬القمة‭ ‬العربية‭ ‬الإسلامية‭) ‬لا‭ ‬ترقى‭ ‬إلى‭ ‬مستوى‭ ‬الحدث‭ ‬ولا‭ ‬كارثيته‭ ‬كل‭ ‬يوم‭! ‬ولا‭ ‬المأساة‭ ‬التي‭ ‬يعيشها‭ ‬أهل‭ ‬‮«‬غزة‮»‬‭ ‬سواء‭ ‬في‭ ‬الحصار‭ ‬تحت‭ ‬القصف‭ (‬لمن‭ ‬لم‭ ‬ينزح‭) ‬أو‭ ‬في‭ ‬حصار‭ ‬المستشفيات‭ ‬والمدارس‭ ‬ومراكز‭ ‬الايواء،‭ ‬التي‭ ‬يتم‭ ‬قصفها‭ ‬في‭ ‬مشهد‭ ‬لا‭ ‬مثيل‭ ‬له‭! ‬أو‭ ‬حتى‭ ‬في‭ ‬مأساة‭ ‬النازحين‭ ‬نحو‭ ‬الجنوب‭ ‬بما‭ ‬يذكر‭ ‬بنزوح‭ ‬48‭ ‬أو‭ ‬النكبة‭ ‬الفلسطينية‭ ‬الأولى‭!‬

وهذه‭ ‬المرة‭ ‬هي‭ ‬محاولة‭ ‬الكيان‭ ‬والغرب‭ ‬الاستعماري‭ (‬تصفية‭ ‬القضية‭ ‬الفلسطينية‭) ‬بحرب‭ ‬الإبادة‭ ‬أمام‭ ‬مرأى‭ ‬ومسمع‭ ‬العالم‭ ‬كله،‭ ‬بمن‭ ‬فيه‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬والإسلامية‭ ‬التي‭ ‬أكدت‭ ‬أن‭ ‬القضية‭ ‬الفلسطينية‭ ‬قضيتها‭ ‬المركزية‭!‬

{‭ ‬لا‭ ‬أحد‭ ‬يريد‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬أو‭ ‬الإسلامية‭ ‬القيام‭ ‬بأي‭ ‬‮«‬عمل‭ ‬عسكري‮»‬‭! ‬ولكن‭ ‬هذه‭ ‬الدول‭ ‬الـ57،‭ ‬تمتلك‭ ‬من‭ ‬القوة‭ ‬والتأثير،‭ ‬ما‭ ‬دامت‭ ‬قد‭ ‬اجتمعت‭ ‬وتوحدت‭ ‬في‭ ‬قمة‭ ‬واحدة،‭ ‬ما‭ ‬يجعل‭ ‬القوى‭ ‬الكبرى‭ ‬توقف‭ ‬الحرب‭ ‬وإطلاق‭ ‬النار‭ ‬إن‭ ‬شعرت‭ ‬بقوة‭ (‬الموقف‭ ‬العملي‭) ‬أو‭ ‬اتخاذ‭ ‬أية‭ ‬إجراءات‭ ‬عملية‭ ‬سواء‭ ‬دبلوماسية‭ ‬أو‭ ‬سياسية‭ ‬أو‭ ‬اقتصادية‭! ‬وليس‭ ‬أيضًا‭ ‬المقصود‭ ‬بالاقتصادية‭ ‬استخدام‭ ‬النفط‭ ‬كسلاح،‭ ‬ولكن‭ ‬أن‭ ‬تقوم‭ ‬بكل‭ ‬ما‭ ‬تملك‭ ‬في‭ ‬التأثير‭ ‬في‭ ‬الكيان‭ ‬الصهيوني‭ ‬والتجارة‭ ‬معه،‭ ‬أو‭ ‬الاستثمار‭ ‬في‭ ‬الغرب،‭ ‬ما‭ ‬يجعل‭ ‬الكيان‭ ‬والغرب‭ ‬يوقفان‭ ‬المجازر‭ ‬وحرب‭ ‬الإبادة‭ ‬ويدركان‭ ‬أن‭ ‬حل‭ ‬القضية‭ ‬بشكل‭ ‬عادل‭ ‬أمر‭ ‬لابد‭ ‬منه‭! ‬أما‭ ‬المطالبات‭ ‬والمناشدات‭ ‬وتشكيل‭ ‬لجنة‭ ‬لإقناع‭ ‬القوى‭ ‬المؤثرة‭ ‬المشاركة‭ ‬تحديدًا‭ ‬في‭ ‬الحرب‭ ‬على‭ ‬غزة،‭ ‬والاستنكار‭ ‬وغير‭ ‬ذلك‭ ‬من‭ ‬خطاب،‭ ‬فإنه‭ ‬لا‭ ‬يؤثر‭ ‬بل‭ ‬يجعل‭ ‬الكيان‭ ‬أكثر‭ ‬ضراوة‭ ‬في‭ ‬همجيته‭ ‬وجرائمه‭ ‬ضد‭ ‬الإنسانية‭!‬

{‭ ‬ولهذا‭ ‬لن‭ ‬نناقش‭ ‬ما‭ ‬صدر‭ ‬عن‭ ‬‮«‬القمة‭ ‬العربية‭ ‬الإسلامية‮»‬‭ ‬من‭ ‬قرارات‭ ‬أو‭ ‬بيان‭ ‬ختامي،‭ ‬لأن‭ ‬توقع‭ ‬الشعوب‭ ‬العربية‭ ‬التي‭ ‬ترى‭ ‬عبر‭ ‬الساعة‭ ‬ما‭ ‬يحدث‭ ‬من‭ ‬مآس‭ ‬حتمًا‭ ‬كان‭ ‬يتوقع‭ (‬اتخاذ‭ ‬إجراءات‭ ‬عملية‭ ‬سريعة‭) ‬ذات‭ ‬تأثير‭ ‬حقيقي‭ ‬في‭ ‬الكيان‭ ‬والغرب‭!‬

خاصة‭ ‬وأن‭ ‬كل‭ ‬شعوب‭ ‬العالم،‭ ‬تخرج‭ ‬إلى‭ ‬الشوارع‭ ‬بشكل‭ ‬يومي،‭ ‬وأكبر‭ ‬التظاهرات‭ ‬الضاغطة‭ ‬هي‭ ‬في‭ ‬الدول‭ ‬الغربية‭ ‬المشاركة‭ ‬في‭ ‬الحرب‭ ‬على‭ ‬‮«‬غزة‮»‬‭ ‬مثل‭ (‬أمريكا‭ ‬وبريطانيا‭ ‬وفرنسا‭ ‬وألمانيا‭)‬،‭ ‬وهو‭ ‬المناخ‭ ‬الملائم‭ ‬لكي‭ ‬يتخذ‭ ‬العرب‭ ‬والمسلمون‭ (‬أصحاب‭ ‬القرار‭)‬،‭ ‬إجراءات‭ ‬عملية‭ ‬تسهم‭ ‬في‭ ‬ضغط‭ ‬حقيقي‭ ‬على‭ ‬تلك‭ ‬الدول‭ ‬خاصة‭ ‬وعلى‭ ‬الغرب‭ ‬عامة،‭ ‬وانعكاس‭ ‬ذلك‭ ‬على‭ ‬الكيان‭ ‬الصهيوني‭ ‬المجرم‭! ‬أما‭ ‬لغة‭ (‬الرسائل‭ ‬غير‭ ‬المباشرة‭) ‬فبإمكان‭ ‬هذا‭ ‬الغرب‭ ‬والكيان،‭ ‬أن‭ ‬يترجموها‭ ‬باعتبارها‭ ‬تدور‭ ‬في‭ (‬اللاموقف‭ ‬القوي‭ ‬من‭ ‬العرب‭ ‬والمسلمين‭) ‬وبالتالي‭ ‬يتم‭ ‬الاستمرار‭ ‬في‭ ‬صناعة‭ ‬‮«‬المحرقة‭ ‬الفلسطينية‮»‬‭! ‬أما‭ ‬رسائل‭ ‬السلام‭ ‬في‭ ‬وقت‭ ‬وحشية‭ ‬الطرف‭ ‬الآخر‭ ‬في‭ ‬جرائم‭ ‬حربه،‭ ‬فبدورها‭ ‬يتم‭ ‬تغيرها‭ ‬من‭ ‬جانبه‭ ‬أن‭ ‬الأمور‭ ‬باقية‭ ‬في‭ ‬مسارها‭ ‬معه،‭ ‬رغم‭ ‬كل‭ ‬فعل‭ ‬ولا‭ ‬يزال‭ ‬يفعل‭!‬

إقرأ أيضا لـ"فوزية رشيد"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا