الرأي الثالث
محميد المحميد
malmahmeed7@gmail.com
فجأة.. اكتشفوا أن الحوثي «إرهابي»..!!
لطالما طالبت دول مجلس التعاون الخليجي وجامعة الدول العربية العالم أجمع بتصنيف جماعة الحوثي «منظمة إرهابية» جراء الهجمات العدوانية المسلحة ضد دول الخليج العربي واليمن الشقيق.
ولطالما استشهد عدد من الرجال البواسل لقوة دفاع البحرين وقوات التحالف العربي في ميدان العزة والكرامة والدفاع عن الأمة، بسبب الأعمال الإرهابية من الجماعة الحوثية، بجانب ما تقوم به هذه الجماعة من عنف وتدمير ضد اليمن واليمنيين الأبرياء.
ولكن ظلت الإدارة الأمريكية تراوح مكانها وتتحايل، وتؤجل اتخاذ القرار، إلى أن أطلقت جماعة الحوثي دفعات من الصواريخ والطائرات المسيرة نحو إسرائيل، عندها بدأت أصوات في الكونغرس الأمريكي تدعو إلى العودة عن قرار رفع اسم «الحوثيين» كمنظمة إرهابية، واتخاذ قرار جديد باعتبارهم بالفعل حركة إرهابية.
يقول الأستاذ عماد أديب عن هذا الموضوع في مقاله المنشور في جريدة البيان الإماراتية: جاء في المشروع المقدم من نواب الكونغرس الأمريكي أن الحوثيين بنشاطهم الأمني والعسكري أصبحوا يهددون أمن البحر الأحمر، وأمن حلفاء الولايات المتحدة في المنطقة.
يا الله.. وكأن الأمريكيين الآن فقط قد اكتشفوا أن حركة الحوثي هي إرهابية، وتقوم بنشاط تخريبي في المنطقة، وأنها ذراع للمشروعات الشريرة للحرس الثوري في طهران.
هذه المرة ثبتت الرؤية عند واشنطن بأن حركة الحوثي إرهابية، ليس لأسباب موضوعية، ولكن لأنها هذه المرة لا تمارس الاعتداء على أهداف في السعودية أو الإمارات، ولكن لأنها توجه أعمالها العسكرية تجاه إسرائيل.
منذ خمس سنوات، ونحن نصرخ ليل نهار بأن حركة الحوثي حركة مستلبة الإرادة السياسية، وتمارس العدوان ضد شعبها أولاً، وضد جيرانها ثانياً، بأوامر من المشغل الرئيس لها، وهو الحرس الثوري الإيراني، ولم تسمع إدارة بايدن ذلك الصراخ وهذه الأصوات، وقررت رفع اسم حركة الحوثي من قائمة الإرهاب.. وحينما سألنا: لماذا فعلتم ذلك؟ جاء رد إدارة بايدن، لأننا نريد أن نلعب دور الوسيط السياسي والدبلوماسي لتحقيق السلام في اليمن، وذلك لا يمكن أن يتم دون أن نكون على علاقة حوار مع الحوثي.. فهل أوقف ذلك مشاريع الحوثي؟ الإجابة: لا.. ولكن الذي أدى بالدرجة الأولى إلى قبول الهدنة وتبادل الأسرى هو العلاقات التي تحسنت بين طهران ودول الخليج العربي، والتي توجت باتفاق بكين بين إيران والسعودية.
إدارة بايدن من أكثر الإدارات التي تعاملت حتى الآن بارتباك مع ملفات الشرق الأوسط. وأخطر ما جاء في الفكر الاستراتيجي لهذه الإدارة أنها قررت إعطاء المركز الأول في الاهتمام الاستراتيجي لمنطقة المحيط الباسيفيكي وشرق بحر الصين، بدلاً من الشرق الأوسط.. وجاءت الأحداث تتوالى، لتثبت لفريق بايدن الخطأ في هذا المنظور. وها هي حرب غزة تحتل الصدارة الاستراتيجية، بدلاً من الحرب الروسية – الأوكرانية.. حسابات فريق بايدن.. تثبت كل يوم افتقارها إلى الرؤية العميقة، التي يمكن أن تخدم مصالح واشنطن، وتساعد حلفاءها التاريخيين في المنطقة.
وها هي إدارة بايدن بالأمس تعلن التفكير بالهدنة الإنسانية المؤقتة مع رفض وقف إطلاق النار الإسرائيلية..! أي أن أمريكا تقول: سنواصل قتلكم، وسنعطيكم بعض الماء والأكل والأدوية.. فأي إنسانية وأي هدنة هذه..؟؟
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك